التحولات في الحركات الإسلامية: 6 سنوات ما بعد الربيع العربي

محرر الملف: شفيق شقير

أظهرت ثورات الربيع العربي احتلال الإسلاميين عمومًا مكانة متقدِّمة في عملية التغيير التي يشهدها العالم العربي، بغضِّ النظر عن النتائج التي أفضت إليها حتى اللحظة، سواء فيما شهدته في البداية صناديق الاقتراع في مصر وتونس، أو ما تدل عليه الآن موازين التنافس والصراع السياسي أو العسكري في مصر وسوريا واليمن والعراق وليبيا وسواها. ومن الواضح أن تعثُّر الربيع العربي واللحظة السياسية الراهنة في المنطقة وما تشهده من جمود سياسي وتردٍّ وارتفاع في منسوب العنف قد أخذت تنعكس وما زالت، على شكل تحولات عميقة في كل الكيانات والحركات الإسلامية ولو بتفاوت فيما بينها. فبعض التيارات السلفية تشهد -مثلًا- تغييرات وميلًا نحو الإصلاح، وتحمل المزيد من المسؤوليات السياسية أكثر من ذي قبل، وحركة النهضة في تونس تتجه نحو التخصصية بالعمل السياسي لتكون جزءًا من الدولة القُطْريَّة الحديثة. أما الحركات الجهادية فلم تعُدْ نموذجًا واحدًا، فهناك نموذج القاعدة ونموذج آخر منافس لها؛ تنظيم الدولة الإسلامية، بل هناك نموذج ثالث يتصف بالمحلية كما هو شأن العشرات من الجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا. وهناك حركات أخرى كانت تُنسب تقليديًّا للحركات الإسلامية من قِبل جمهور الباحثين، مثل حزب الله، الذي كان يجمعه العنوان "الإسلامي" و"المقاوم" مع بعض نظائره من القوى المقاومة الفلسطينية وسواها، قد أظهر تحولًا كبيرًا بعد الثورات العربية وخاصةً بعد مشاركته في سوريا ليصبح حزبًا مُتَّهمًا بأنه نموذج لحزب "طائفي" مرتبط بطموحات إيران في المنطقة، ويتصدر مجموعة من الميليشيات "الأجنبية الطائفية" في سوريا والعراق واليمن.

لأهمية هذه القضايا، والوقوف على أهم التحوُّلات الفكرية والسياسية والتنظيمية التي يشهدها الإسلام السياسي بمختلف مكوِّناته وتياراته، يأتي هذا الملف الذي يتضمن موادَّ نُشرت على تفاوت زمني غير بعيد، وقد يُضاف إليها أخرى، وهو يحمل عنوان "التحولات في الحركات الإسلامية: 6 سنوات ما بعد الربيع العربي"؛ للإسهام في إثراء النقاش حول هذا الموضوع الذي يكتسب أهمية بالغة.