الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية من منظار محلي وإقليمي

تقرأ هذه الورقة في الإستراتيجية الدفاعية في لبنان ذات العلاقة الوثيقة بالبعد الإقليمي وضمن منظار دولي أوسع، فهي قراءة جيوبوليتيكية للوضع اللبناني.
20 November 2008








إلياس حنّا



ملخص عام
لبنان الساحة، أو الدولة العازلة؟
مقاربة الإستراتيجية الدفاعية والجيوبوليتيك
مقاربة الفرقاء اللبنانيين للإستراتيجية الدفاعية
القوى الإقليمية والإستراتيجيّة الدفاعيّة
الإستراتيجية الدفاعية دوليا بعد الانتخابات الأميركية


ملخص عام








إلياس حنا

البحث في الإستراتيجية الدفاعيّة للبنان لا يمكن أن يتم إلا من منظار إقليمي، وآخر دولي أوسع ، ولا يمكن ذلك إلا بدراسة الجيوبوليتيك اللبنانيّ، حيث لا يتم إهمال العامل الجغرافي، فللجغرافيا معناها السياسي الذي لا يمكن إغفاله.


فلبنان كان ولا يزال ساحة تصفية للحسابات، وهو يشكل نقطة تلاقي خطي الاندفاع والتمدد في الوقت ذاته من جهة إسرائيل أو من جهة سوريا.


بالنسبة لإسرائيل فإن الجبهة الشمالية –أي لبنان- هي التي تشكل خطرا مصيريا عليها، خصوصا بوجود قوة مسلحة في هذه الجبهة تتمتع بامتداد إقليمي إيراني-سوري ، وحتى دولي في حال تدخل روسيا كما هو حال حزب الله.


أما فيما يتعلق بسوريا فيعد لبنان الدولة العازلة لها، فسوريا دون لبنان دولة عادية في المنطقة، ومع لبنان هي دولة إقليمية ذات قدرات عالية.


والجغرافيا السياسية للبنان تفرض عليه ثقافة إستراتيجية، ومسلمات جيوبوليتيكية على رأسها كيفية حماية أمنه القومي، وبالتالي بناء إستراتيجية الأمن القومي الخاص به.


انقسم الفرقاء اللبنانيون حول طاولة الحوار قبل حرب يوليو/ تموز 2006 إزاء المحاور الإقليمية، ومن ثم الدولية، ولكل فريق مقاربته الخاصة لروحية الإستراتيجية الدفاعية وهي المواقف التي يمكن أن نلخصها على النحو الآتي:





  • ففريق المعارضة -8 آذار- لخص موقفه زعيم حزب الله حسن نصر الله بقوله إن لبنان لا يمكن أن يقاوم العدو –إسرائيل- إلا بمقاومة شعبية تنسق مع الجيش بما يعطيها فعالية وقدرة على التحرك، وأيد نصر الله طرح العماد ميشال عون بضرورة شراء شبكة صواريخ متطورة، كما أكد الأخير على مركزية القرار ولامركزية التنفيذ، وأن الجيش والمقاومة هما قوتا ردع العدو.



  • وفيما يخص فريق 14 آذار -باستثناء تيار المستقبل الذي لم يقدم ورقة تتعلق بالإستراتيجية الدفاعية حتى الآن فإنه يمكن تلخيصه على النحو الآتي ذكره:




    • لا يقبل حزب القوات اللبنانية بمنطق الدولة والمقاومة، ويطالب بتسليم سلاح حزب الله مقابل ضمانات اقتصادية، وإرسال المجتمع الدولي قوة دولية رادعة.




    • يرى اللقاء الديمقراطي ممثلا في وليد جنبلاط أن الدفاع عن لبنان يكون عبر المؤسسات العسكرية فقط، ويطرح دمج أو إلحاق عناصر المقاومة وصواريخها بالجيش.




    • أما حزب الكتائب اللبنانية فيكرر رئيسها أمين جميل طرح مقولة "الحياد الإيجابي" فيما يخص الإستراتيجية الدفاعية والصراع العربي الإسرائيلي، ويقول بعدم كفاية القرار الداخلي، وضرورة حشد الدعم الخارجي.



أما بالنسبة للدول العربية فإن لكلّ منها مقاربتها ومصالحها الخاصة تجاه هذه الإستراتيجية، وبسبب أهميّة لبنان لهذه القوى (لبنان الساحة)، فإنه يتمّ النظر إلى شكل ومضمون هذه الإستراتيجية، بمقدار ما تخدم مصالح هذه القوى.





    • فإيران لديها مشروعها الإقليمي، وهي تدعم حزب الله، وهو إلى جانب ذلك مرتبط بها أيديولوجيّا، ويشكّل أهمّ قوّة لديها على تماس مباشر مع إسرائيل، إضافة إلى الخلاف السياسي بين إيران وأميركا.




    • أما سوريا فهي تعتبر نقطة الوصل بين إيران وحزب الله في لبنان، وهي ممرّ الأسلحة والعمق الآمن له، وهو فضلا عن ذلك يشكل العمق الاستراتيجيّ لها في المنطقة.




    • أما باقي الدول العربيّة – مصر والسعوديّة على رأسها- فقد تركّز الحديث بعد حرب تمّوز على الاعتراف بالمقاومة شريطة لبننتها، وعلى أن تتولّى الدولة ومؤسساتها الأمنيّة مسؤوليّة الدفاع عن لبنان.

وإذا اعتبرنا الإستراتيجية الدفاعيّة اللبنانيّة مرتبطة بالإقليم، فإن هذا الإقليم مرتبط بدوره بما قد يأتي به الرئيس الأميركي المُنتخب باراك أوباما من إستراتيجيات جديدة للمنطقة، إذ تظل أميركا هي القوّة الموجهة الوحيدة في المنطقة.


وهناك مقاربتين محتملتين لسياسة الرئيس أوباما الخارجيّة، التي هي بدروها ستؤثّر على الإستراتيجية الدفاعيّة اللبنانيّة، وهما: حلّ من فوق، وحلّ من تحت.




  • الحل من فوق يتمثل في ذهاب أوباما مباشرة إلى روسيا، وفي هذه الحالة يمكن توقّع عزل إيران دوليّا وعبر مجلس الأمن، وهذا يعني أن دورها سيضعف في الإقليم، وفي لبنان بالتحديد.



  • أما الحل من تحت فهو بذهاب أوباما مباشرة إلى إيران لمساومتها في القضايا الخلافية، لأنه وعد بالانسحاب من العراق.

وفي المقاربة الأولى ستضعف سوريا، وفي الثانية ستصبح معزولة، ومع كلتا المقاربتين ستذهب سوريا بوتيرة أسرع إلى الصلح مع إسرائيل.


ويمكن القول أخيرا في ظلّ عدم وضوح الصورة الإقليمية والدوليّة إن أيّة إستراتيجية مرتقبة للبنان، وفي كل المقاربات الممكنة يجب أن تكون مقبولة من كلّ الفرقاء في لبنان، ومناسبة للبنان، كما يجب أن تكون ممكنة التطبيق على الأرض.




لا يمكن النظر إلى الإستراتيجية الدفاعية في لبنان إلا من منظار إقليمي، وكذلك بالطبع ضمن المنظار الدولي الأوسع. فوضع لبنان الحالي، وما حتم فتح باب النقاش حول سلاح حزب الله هو بامتياز دولي وإقليمي، وإلا فما معنى القرارات الدولية الصادرة حول لبنان، مثل القرار 1559 والقرار 1701؟


وما معنى تكليف تيري رود لارسون مبعوث الأمم المتحدة إلى لبنان متابعة تطور ومراحل تطبيق هذين القرارين؟


وعلى الجهة الأخرى، ما معنى تبني الرئيس بشار الأسد "المقاومة وسيلة لتحرير الأرض"؟ وما معنى انتقاد بعض الدول العربية لخطف حزب الله الجنود الإسرائيليين عشية حرب تموز 2006؟ وما معنى تبني إيران لحزب الله؟


لكل ذلك كان من الطبيعي أن ينقسم الفرقاء حول طاولة الحوار إزاء المحاور الإقليمية، ومن ثم الدولية. مع الأخذ بعين الاعتبار بالطبع أنه وفي البعد الدولي، وحتى الآن، لا يوجد لاعب يوازي في ثقله الولايات المتحدة الأميركية. فهي تعد القوة الموجهة (Driving Force) وحتى إشعار آخر سواء في لبنان أو في عموم المنطقة.


لماذا لا يزال لبنان الساحة أو الدولة العازلة؟





"
يجب عدم إهمال العامل الجغرافي في أي مقاربة، فللجغرافيا معناها السياسي: الموقع، الحجم، الطوبوغرافيا وعامل الطقس، وهي تفرض مسلمات جيوبوليتيكية لا يمكن تجاهلها
"
لا يمكن البحث في الإستراتيجية الدفاعية جديا إلا إذا نظرنا وتعمقنا في دراسة الجيوبوليتيك اللبناني، فما الذي يمكن قوله على هذا الصعيد؟

يمكن القول إن لبنان يشكل نقطة تلاقي خطي الاندفاع والتمدد في وقت واحد (Axis of Expansion)، إن كان ذلك من جهة إسرائيل، أو من جهة سوريا، وهذا الأمر يعود بدوره لخصوصية جيوبوليتيك كل دولة على حدة.


وهنا لا يجب إهمال العامل الجغرافي في أي مقاربة، فللجغرافيا معناها السياسي –الموقع والحجم والطوبوغرافيا وكذا عامل الطقس، وهي تفرض مسلمات جيوبوليتيكية (Imperatives) لا يمكن تجاهلها.


وإلا فما معنى سعي الفرقاء اللبنانيين لوضع إستراتيجية تعالج أزمة لبنان -الساحة- فقط للخروج من الحتمية التاريخية التي تقول وحتى اليوم إن لبنان هو ساحة تصفية الحسابات بالواسطة؟


وإذا أخذنا الصورة العكسية، أي لبنان من ضمن الجيوبوليتيك الإسرائيلي، كما السوري. فقد يمكن التوصل إلى نفس الاستنتاج، فماذا عنهما؟


إسرائيل!!!
يحيط إسرائيل من الجنوب، والغرب كما الشرق عوازل جغرافية (Buffer Zone) قد يمكن الاعتماد عليها عاملا مساعدا للدفاع -سيناء، وادي الأردن، ومن ثم البحر-. أما فيما خص هضبة الجولان فهي عسكريا غير مناسبة للهجوم من فوق إلى تحت، هذا إذا كانت تحت السيطرة السورية.


أما غزة فهي تاريخيا من الهم المصري، خاصة أن نواة الدولة الإسرائيلية (Core) تقوم على الضفة الغربية، تضاف إليها المصادر المائية، طبريا وغيرها.


تبقى بعدها الجبهة الشمالية، أي لبنان، وهي تشكل خطرا مصيريا على إسرائيل، بمقدار ما يتواجد فيها من تهديدات. وقد علمتنا التجربة أن إسرائيل كانت تقبل على هذه الجبهة، بمستوى محدد ومسموح به من المخاطر. لكن تجاوز هذا المستوى، كان يعد خطا أحمرا إسرائيليا، لتعمد بعدها إلى خوض الحروب الحاسمة، منها اجتياح العام 1982، كما المحاولة في حرب تموز 2006.


لكن الخطر المصيري لإسرائيل هو عندما تتواجد قوة مهمة في الشمال الإسرائيلي، ويكون لها امتداد إقليمي -إيران وسوريا- أو حتى دولي -في حال دخول روسيا إلى اللعبة لإزعاج أميركا- وتكون هذه القوة منظمة موحدة، وتملك أسلحة تهدد العمق الإستراتيجي الإسرائيلي. والأخطر حينما تكون هذه القوة مقيمة في أرضها، وطنية، ولا إمكانية لترحيلها كما هو حال حزب الله بعكس منظمة التحرير، إذ إن الحزب محلي لبناني.


سوريا!!!
تملك سوريا أيضا مناطقها العازلة، إن كان من الجهة العراقية أو من الجهة التركية وحتى الإسرائيلية، ويبقى إذا محور الاندفاع السوري عبر لبنان.


وهنا قد يستنتج المعادلة التالية، "سوريا دون لبنان، هي دولة عادية في المنطقة، ومع لبنان هي دولة إقليمية ذات قدرات عالية".


ضمن هذه الثوابت، يعد لبنان الدولة العازلة دائما (Buffer State) ويدخل ضمن هذا السياق مشروع كيسنجر الذي اعتمد تقسيم لبنان مناطق نفوذ بين سوريا وإسرائيل في الحرب الأهلية الأخيرة عام 1975.


وعندما نقول دولة عازلة فهذا مفهوم موجود في قاموس العلاقات الدولية، فأفغانستان مثلا كانت دولة عازلة في اللعبة الكبرى بين روسيا وبريطانيا، وهي لا تزال تمارس الدور نفسه اليوم حتى ولو تغير اللاعبون. وهكذا لبنان كان الدولة العازلة ولا يزال، لكن الدور-المهمة تبدل بعامل الوقت.


فبعد العام 1975 كان الدور الموكول للبنان أن يكون ساحة تصفية للقضية الفلسطينية ضمن عدة أدوار أخرى بالطبع. وبعد اغتيال الرئيس الحريري، والتعثر الأميركي في العراق أصبح دور لبنان تطويق سوريا ومن ثم نزع ورقة حزب الله من اليد الإيرانية.


إذا دور لبنان يختلف باختلاف ديناميات اللعبة الدولية كما الإقليمية، ويبقى الثابت في أنه ساحة تصفية للحسابات. وعليه لا يمكن لأي إستراتيجية دفاعية أن تقوم وتنجح إذا لم تأخذ هذه المسلمات بعين الاعتبار.


كيف يجب مقاربة الإستراتيجية الدفاعية، انطلاقا من الجيوبوليتيك أعلاه –الإطار العام؟





"
عندما تعي دولة ما مسلماتها الجيوبوليتيكية وعلى رأسها كيفية حماية أمنها القومي تعمد هذه الدولة إلى بناء إستراتيجية الأمن القومي الخاصة بها ولإستراتيجية في جوهرها تقوم على ربط الأهداف بالوسائل المتوفرة
"
إن عملية بناء إستراتيجية معينة -هنا الإستراتيجية الدفاعية- إنما يكون عادة محصلة العوامل التالية:



  • لكل بلد ما جغرافية معينة ترتكز على العناصر الآتي ذكرها:



    • الموقع


    • الحجم


    • الطوبوغرافيا


    • الطقس


    • الشعب وتركيبته- مدى تجانسه أو تناقضه... إلخ.

ولهذه العوامل معنى سياسي خاص بكل بلد يسمى الجغرافيا السياسية (Political Geography)، إذ لا يمكن أن تكون سياسة لبنان الخارجيّة مثلا كما سياسة قبرص الخارجية. لماذا؟


الجواب على ذلك والاختلاف في العوامل المذكورة أعلاه التي لا بد من أن تترك آثارها على السياسات الداخلية والخارجية.




  • هذا المعنى السياسي للجغرافيا يفرض على الدولة المعينة مسلمات جيوبوليتيكية. كما يخلق لها شخصية معينة ثابتة (Character). وتنتج هذه المسلمات الجيوبوليتيكية، كما الشخصية، أنماطا معينة من السلوك وطريقة محددة في كيفية التعامل مع العالم الخارجي -خارج إطار هذه الدولة- إن كان سلما واستقرارا، أو صراعا وحربا، وهذا ما يسمى بـ"الثقافة الإستراتيجية" لبلد ما، التي هي بدورها تكون نتيجة حتمية لما تراكم من تجارب لا تحصى خلال فترات زمنية طويلة.


  • وعندما تعي دولة ما، مسلماتها الجيوبوليتيكية -على رأسها كيفية حماية أمنها القومي– تعمد هذه الدولة إلى بناء إستراتيجية الأمن القومي الخاصة بها، فقط لأن الإستراتيجية في جوهرها تقوم على ربط الأهداف بالوسائل المتوفّرة. هذا مع التذكير أن أي إستراتيجية ليست ثابتة في الزمان والمكان ولكنها ليست متغيرة بإطلاق. ألم يغير الرئيس بوش الابن إستراتيجية أميركا بعد 11 سبتمبر/ أيلول؟ لكن الأكيد أيضا أنه صاغ هذه الإستراتيجية وخاض الحروب تحت غطائها، انطلاقا من المسلمات الجيوبوليتيكية الأميركية، وضمن روحية الشخصية الأميركية الخاصة بها وبتجربتها التاريخية.

مقاربة الفرقاء اللبنانيين للإستراتيجية الدفاعية!!!


لكل فريق لبناني مقاربته الخاصة لروحية الإستراتيجية الدفاعية، فلم يكن مثلا لفريق 14 آذار، طرح واحد موحد، وضمن ورقة واحدة في جلسات الحوار، فكل عضو من هذا الفريق كانت له مقاربته الخاصة، حتى ولو كان الجوهر واحدا.


أما تركيبة فريق المعارضة -8 آذار- فهي مختلفة تماما عن 14 آذار، لأن حزب الله يشكل مركز الثقل فيها، إضافة إلى حركة أمل، حيث لا توجد خلافات بينهما.


وفيما يخص التيار الوطني الحر -الجنرال ميشال عون- فيمكن القول، وبعد أن قدم ورقته مؤخرا لطاولة الحوار، إن نظرته قد أصبحت مشابهة تقريبا لنظرتي حركة أمل وحزب الله. فماذا عن الفريقين؟


فريق 8 آذار




  • الإستراتيجية الدفاعية في مداخلة السيد حسن نصر الله -طاولة الحوار قبل حرب تموز 2006:



    • العدو هو إسرائيل.


    • المطامع هي: الأرض زائد المياه منذ العام 1948.


    • المشروع الإسرائيلي يمتد من الفرات إلى النيل.


    • المطلوب إستراتيجية قادرة على الدفاع عن لبنان.


    • التهديدات من العدو هي:



      • التوسع الجغرافي- أهمية الأرض


      • طبيعة العدو العدوانية


      • ضرورة القفز -أي إسرائيليا- إلى الأمام دائما للهروب من مشاكل الداخل.


  • في موضوع الجيش اللبناني:



    • يرتكز السيد حسن نصر الله على العلم العسكري ليشرح ما يلي:



      • إن الخلل في موازين القوى يُصحح بخلق توازن في المقابل


      • موازنة الجيش الإسرائيلي تتطلب زيادة قدرات الجيش اللبناني مثل الجيش الإسرائيلي أو أكثر. 


      • يحترم السيد نصر الله تضحيات الجيش، لكن إعداد الجيش كما يجب يحتاج إلى عدة تجهيزات دفاعية التي تكلف الدولة كثيرا، وإذا توفّر المال قد لا نجد من يبيعنا السلاح.




    • يرتكز السيد على إنجازات المقاومة وفي مقدمة ذلك أنها أمنت طرد العدو.


    • يخلص السيد إلى أنه لا يمكن للبنان تحقيق مقاومة إلا عبر:



      • وجود مقاومة شعبية.


      • على أن تنسق هذه المقاومة مع الجيش.


      • ويتيح هذا التنسيق للمقاومة الفعالية والقدرة على التحرك.


      • وهذا التنسيق لن يحمل الدولة أي مسؤولية.

إلا أن هذا الطرح قد لا يكون متجانسا مع ما قاله السيد نصر الله مؤخرا –خطاب يوم الشهيد لحزب الله- إذ أكد دعمه لطرح العماد ميشال عون فيما خص ضرورة شراء شبكة صواريخ متطورة، وكما سبق، من أين المال؟ ومن سيبيع؟


من جهة أخرى لا يطرح السيد الأبعاد المتبقية للإستراتيجية، فماذا عن البحر؟ وماذا عن العمق اللبناني؟ وهل يقوم طرحه فقط على المنطقة الحدودية الجنوبية؟


وأخيرا وليس آخرا، يعتمد طرح السيد فقط على الساحة اللبنانية، ودون تجميع عوامل قوة أخرى، كالدعم العربي والدولي، وكذلك القانون الدولي.




  • الإستراتيجية الدفاعية في ورقة العماد ميشال عون

قدمها مؤخرا وهي تقوم على المرتكزات التالية:





    • شمولية الإستراتيجية، فهي سياسية اقتصادية تربوية.


    • تشمل الإستراتيجية كل مؤسسات الدولة، وترتكز على مركزية القرار ولامركزية التنفيذ.


    • خصوصية لبنان، تفرض الوحدة الوطنية.


    • تحدد الورقة الأخطار التي تهدد لبنان وتقسمها إلى داخلية وخارجية.



      • الأخطار الداخلية: الإرهاب، السلاح الفلسطيني، المليشيات المسلحة.


      • الأخطار الخارجية: إسرائيل وأطماعها بلبنان وبمياهه، وعملها على نزع سلاح حزب الله، وفرض التوطين.




    • يجب على الإستراتيجية أن تركز على نقاط ضعف العدو.


    • يجب بناء الردع على قوتين أساسيتين، هما الجيش والمقاومة.


    • يجب تكوين جهاز دفاع جوي حديث، مع اعتماد طريقة قتال تتناسب مع قتال حرب العصابات.


    • تتألّف المقاومة من السكان، على أن تغطي هذه المقاومة كل لبنان.


    • وأخيرا تتحدث الورقة عن الإستراتيجية، كما تتحدث عن الشق العملياتي وكذلك التكتيكي.

وبهذا هناك تناقض عضوي في هذه الورقة، فهي تخلط كل المستويات، الإستراتيجي، والتكتيكي ومن ثم العملياتي.


كذلك الأمر، تتحدث الورقة عن ضرورة توفر شبكة دفاع جوي متطورة، وفي الوقت نفسه تقول بضرورة اعتماد طريقة حرب العصابات. فكيف يتم التوفيق بين القتال التقليدي وغير التقليدي؟


وكذلك الأمر تركز الورقة على قدرة العدو على إنزال قواه في كل العمق اللبناني، أفلا يتطلب هذا توفر صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، خاصة أن الإنزال يتم عبر الطوافات؟


إذا لماذا تطلب قواعد صواريخ متطورة، وهي الهدف الأسهل للطيران الإسرائيلي الأحدث في المنطقة؟


كما تتجاهل الورقة مفهوم الاقتصاد بالقوى، وتطلب تعميم التنظيم المقاوم على كل شبر من الأرض اللبنانية، فهل هذه هي المقاربة؟


فريق 14 آذار




  • حزب القوات اللبنانية، قدمت على طاولة الحوار قبل حرب تموز 2006



    • لا تقبل القوات اللبنانية بمنطقين، منطق الدولة والمقاومة.


    • لم يمنع السلاح الاعتداءات على لبنان.


    • لم يكن هناك توازن للرعب، كما يقال، بين إسرائيل وحزب الله.


    • السلاح خطر على الدولة، وهناك أثمان تدفع من اللبنانيين جراء هذا السلاح.


    • لقد أضعف السلاح موقف لبنان دوليا، خاصة بعد قبول العالم بتطبيق القرار 425.


    • سلاح الحزب يشجع بقاء السلاح بيد المنظمات الأخرى.


    • يؤثّر السلاح على الاقتصاد اللبناني ويجلب اللاستقرار.


    • كما يتناقض مع اتفاق الهدنة وانتشار الجيش.


    • تقوم الإستراتيجية على الاقتصاد أيضا، فلقد تفكك الاتحاد السوفياتي بسبب ضعفه الاقتصادي.


    • بعد حرب يوليو/ تموز، وتبني ما نتج عنها من اتفاقات، من الضروري أن تطلب القوات تطبيق بنودها.


    • كذلك الأمر، وبعد عودة الدولة مع انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة وصدور البيان الوزاري الذي تبنى حق الدفاع عبر الجيش، الشعب والمقاومة، من الطبيعي أن يكون منطق حزب القوات مرتكزا على التحولات التي حصلت.


    • أما بالنسبة للسلاح، فتطرح الورقة ما يلي:



      • للسلاح قيمة ووجوده ثمين، لكن يجب تسليمه مقابل ثمن، وبقاؤه يشكل خطرا.


      • يجب تسليمه، مقابل سلة من الضمانات الاقتصادية.


      • يسلم السلاح بعد:



        • إرسال المجتمع الدولي قوة دولية رادعة مؤلفة من:



          • 15 ألف جندي.


          • مع قوة جوية.


          • بحريّة.






        • ومهمتها تكون الردع والمراقبة.

قد يكون تحقق بعض ما طرحته الورقة فيما خص القوات الدولية لأنها كانت قد طرحت قبل حرب تموز وصدور القرار 1701.


لكن توفر هذه القوى الدولية مع مهمة الردع قد لا يؤدي إلى حماية لبنان، فالقوات الدولية موجودة في الجنوب اللبناني منذ العام 1978 ولم يحم القرار 425 لبنان، وتم الاعتداء عليه رغم هذا القرار في الأعوام: 1983 و1993 و1996 وفي 2006.


أما مهمة الردع فهي أمر معقد جدا، فقط لأن الردع ومفاهيمه تقوم على ما يلي:




  • توفّر وسائل الردع، وهي الآن متوفرة.


  • عزم الرادع على استعمال وسائله في حال فشل الردع، فهل ستحارب القوات الدولية القوات الإسرائيلية؟ وهل ترضى الدول المشاركة في اليونيفيل ذلك من المفهوم السياسي؟


  • ضرورة اقتناع المردوع -هنا إسرائيل- أن الرادع جدي في استعمال وسائله. فهل إسرائيل مقتنعة بأن قوات اليونيفيل ستقاتلها؟



  • الإستراتيجية الدفاعية في ورقة اللقاء الديمقراطي-وليد جنبلاط




    • الجنوب هو المدخل للاعتداءات الإسرائيلية.


    • إن تركيبة لبنان تحتم وضع قراري السلم والحرب بيد الدولة.


    • إن أسس الإستراتيجية تقوم على ما يلي:



      • دراسة دقيقة للمخاطر المحتملة ضمن وثيقة الوفاق الوطني.


      • الدفاع عن لبنان عبر المؤسسة العسكرية.


      • عدم اعتماد لبنان ساحة قتال وصراع.


      • يجب أن تركز الإستراتيجية على خيارين واحد سياسي وآخر عسكري.



      • في الخيار السياسي:



        • الاعتماد على الطائف واتفاق الهدنة.


        • ضمانات دولية مع تعزيز قوات الطوارئ


        • عدم جعل لبنان ساحة سياسية للصراعات.


        • تطبيق مقررات الحوار الوطني فيما يتعلق بحدود شبعا مع سوريا ونزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.





      • في الخيار العسكري:


      • الدفاع مسؤولية الدولة.


      • لا شرعية خارج إطار الجيش اللبناني.


      • إعادة هيكلة الجيش.


      • دمج المقاومة أو إلحاقها بالجيش على مرحلتين:



        • أولا إلحاق أو دمج العديد من عناصر المقاومة بالجيش.


        • ثانيا، إلحاق أو دمج الصواريخ بسلاح الجيش.

هذا وتتجاهل الورقة الواقع الذي خلقته المقاومة، وهي التي بلغت الثلاثين من عمرها، فالدمج والإلحاق هو من الأمور المستحيلة في الواقع السياسيّ اليوم في لبنان. كذلك الأمر، لا تطرح الورقة آلية الدمج والإلحاق-المدى الزمني.


كما لا تأخذ الورقة التحولات الجذرية في المنطقة ومن ذلك -صعود إيران- كما في لبنان، خاصة أن أدوار اللاعبين من خارج إطار الدولة قد أصبحت أساسية من العراق حتى غزة مرورا بلبنان.




  • الإستراتيجية الدفاعية في ورقة حزب الكتائب اللبنانيّة-أثناء جلسة الحوار قبل حرب تموز 2006.



    • هناك مخاطر متأتية من جهات أخرى غير إسرائيل.


    • كان القبول بالمقاومة عندما كانت الدولة غائبة.


    • ترى الورقة أن تطبيق الإستراتيجية يجب أن يكون عقب الانتهاء من الحوار.


    • تسأل الورقة عن التناقض بين سرية المقاومة، والتنسيق مع الجيش-كيف سيتمّ التنسيق؟


    • إن تطبيق ما عرضه السيد نصر الله سيؤخر قيام الدولة.


    • القرار الداخلي لا يكفي، وهذا يقتضي ضرورة حشد الدعم الخارجي، خاصة من العرب.


    • ترتكز المنظومة الداعمة للدفاع عن لبنان على العناصر التالية:



      • اتفاق الهدنة الموقع مع إسرائيل عام 1949.


      • ضرورة تطوير هذا الاتفاق بعد التحولات المهمة التي جرت في لبنان وفي المنطقة عبر الدبلوماسيّة الحارة.


      • الالتزام باتفاق الطائف.


      • الحصول على دعم مجلس الأمن.

ويكرر رئيس حزب الكتائب أمين الجميل فيما خص الإستراتيجية الدفاعية، والصراع العربي– الإسرائيلي، مقولة "الحياد الإيجابي".


ويتهم البعض هذا الطرح بأنه يعيد لبنان إلى ما طرحه بيار الجميل الأب، الذي يقول إن "قوة لبنان في ضعفه".


على كل، إن هذا الطرح يكون مثاليا للبنان، فقط لأنه يبعده عن كل الصراعات، كما يخلق حلا سحريا فوريا لموضوع الإستراتيجية الدفاعية، لكنه من جهة ثانية يتطلب الأمور التالية:




  • أن يوافق عليه كل اللبنانيين، وهو أمر غير متوفر.


  • أن يوافق عليه كل الأطراف الذين يستعملون لبنان ساحة، وهذا غير متوفر، ولن يتوفر حتى بعد أن طرحت إسرائيل مؤخرا على لبنان توقيع اتفاقية عدم اعتداء.

أما تيار المستقبل فلم يطرح حتى الآن أي ورقة تتعلق بالإستراتيجية الدفاعية.


القوى الإقليمية والإستراتيجية الدفاعية





"
لإيران مشروعها الإقليمي وهذا حقّها ضمن  مشروعها في المنطقة وهي تقف خلف تشكل حزب الله وتموله بالسلاح وهو المرتبط بها أيديولوجيا، وهو الذي شكل أهم قوة لديها على تماس مباشر مع إسرائيل
"
عند الحديث عن الفرقاء الإقليميين يجب التمييز وكما ورد أعلاه بين المحاور الإقليمية.

لكل من الدول العربية مقاربتها ومصالحها الخاصة تجاه هذه الإستراتيجية. ففي ظل غياب الحلول الإقليمية وبسبب أهمية لبنان لهذه القوى (لبنان الساحة)، فإنه يتم النظر إلى شكل ومضمون هذه الإستراتيجية بمقدار ما تخدم مصالح هذه القوى.


وإذا كانت هذه الإستراتيجية تقوم على لبننة الساحة اللبنانية، وبالتالي لبننة قراري السلم والحرب، فهذا أمر قد لا تقبل به كل من إيران وسوريا، في حين قد تقبل به كل من السعودية ومصر ومجلس الأمن كما الولايات المتحدة الأميركية.


فإيران لديها مشروعها الإقليمي وهذا حق لها ضمن منظارها الخاص وضمن مشروعها الكبير في المنطقة، وهي التي كانت تقف خلف تشكل حزب الله وكانت سبب وجوده أصلا، وهي التي تموله بالسلاح كما بالمال، وهو المرتبط بها أيديولوجيا، وهو الذي شكل أهم قوة لديها على تماس مباشر مع إسرائيل.


وأخيرا هي على خلاف أساسي مع أميركا التي تجاورها في العراق حيث لا يوجد أفق للحل حتى الآن.


أما سوريا فهي تعد نقطة الوصل بين إيران وحزب الله في لبنان، وكان قرار إنشاء الحزب بموافقة الرئيس الراحل حافظ الأسد نفسه، ومن دون هذه الموافقة، لما كان لدينا الحزب على النحو الذي نعرفه اليوم، وهي التي كانت ترعاه أثناء وجودها في لبنان.


وهي فضلا عن ذلك كانت ضابط الإيقاع الأساسي في كل ديناميات الصراع، إن كان ذلك مع إسرائيل أو حتى فيما يتصل بالعلاقة بين الحزب وإيران. وكذلك هي ممر الأسلحة له والعمق الآمن له، كما يشكل هو العمق الإستراتيجي لها في المنطقة. فالحزب بمنزلة اليد الطولى لها عند الحاجة، حتى ولو كان للحزب أجندته الداخلية، خاصة بعد أن تطور ووصل إلى قمة نضوجه.


ويشار إلى أنه بعد أن صدر القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري خرجت سوريا فجأة من لبنان، فأصبح الحزب أكثر حرية، كما أصبح مسار وطبيعة علاقته بإيران يتجاوز الممر السوري، وإن كانت لا تزال سوريا حيوية له ولإيران، بيد أن الواقع اختلف، كما الساحة اللبنانية اختلفت، وكذا هو الأمر بالنسبة لموازين القوى فيها.


فقد وقعت حرب يوليو/ تموز 2006، وأثبت الحزب قدرته على التصدي لإسرائيل، كما اختبرت كل من سوريا وإيران عمليا، صحة ما رسم في السر من مخططات عسكرية كان مسرحها جنوب لبنان.


بعد حرب يوليو/ تموز، وبعد النصر الإلهي -حسب وصف السيد نصر الله- كان من المفترض الانتقال لترجمة النصر العسكري إلى نصر سياسي، إن كان داخليا في لبنان أم خارجيا في الإقليم.


وكانت الترجمة السياسية للنصر كارثية على صعيد لبنان، وكانت مميزة على الصعيد الإيراني بعد أن عرف الطرف الأميركي حدود قوته – كما إسرائيل، في حين استغلت سوريا هذا النصر لأنها هي من أسهم فيه حسب السياق التاريخي لنشأة حزب الله وبناء قدراته العسكرية. لكن المفاجأة أتت، بعد أن سرب خبر التفاوض السوري-الإسرائيلي عبر البوابة التركية.


هذا عن إيران وسوريا، أما بقية الدول العربية -مصر والسعودية على رأسها- فقد تركز الحديث خاصة بعد حرب تموز على الاعتراف بالمقاومة شريطة لبننتها، وعلى أن تتولى الدولة ومؤسساتها الأمنية مسؤولية الدفاع عن لبنان. ويدخل هذا الطلب، ضمن دائرة الصراع الإقليمي-الإقليمي بين القوى الإقليمية المذكورة أعلاه، ومن هنا صعوبة التوصل إلى حل قريب للإستراتيجية الموعودة.


إذ إن الإستراتيجية الدفاعية وكما سبق بيانه ترتبط أكثر ما ترتبط بالإقليم، حتى ولو كان لها بعد محلي.


الإستراتيجية الدفاعية، من منظار دولي- خاصة بعد الانتخابات الأميركية


إذا اعتبرنا الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية مرتبطة بالإقليم فإن هذا الإقليم مرتبط بدوره بما قد يأتي به الرئيس المنتخب باراك أوباما من إستراتيجيات جديدة للمنطقة، فالنظرة الأميركية للبنان وإستراتيجيته -كما تسليحه- تنطلق أصلا من النظرة الأميركية الكبرى لكل منطقة الشرق الأوسط، وهي نظرة واقعية، وليست حتما عاطفية.


من هنا يتأتى الحديث-الجدال الداخلي حول تسليح الجيش اللبناني من أميركا. ولأن أميركا هي القوّة المديرة الوحيدة في المنطقة، كما قلنا أعلاه وحتى إشعار آخر، فسوف تكون المقاربة هنا حول الإستراتيجية الدفاعية، من منظار ما قد يأتي به أوباما – سيناريوهات متعددة وممكنة الحصول حول سياسته الخارجية.


يقول المحللون إن أولويات الرئيس المنتخب أوباما هي الآتية:




  • الأزمة المالية العالمية- الأميركية.


  • الحرب على الإرهاب-العراق وأفغانستان.


  • صعود روسيا.

ويعتقد البعض الآخر أن البند الثاني من الأولويات (أي الحرب على الإرهاب) يرتبط حله -الأفضل- مباشرة بالبند الثالث، أي روسيا. وإن أي حل ممكن سوف يكون له تأثير مباشر على شكل الإستراتيجية الدفاعية في لبنان. فما السيناريوهات الممكنة لأوباما؟


يعمل الرئيس أوباما في ظروف صعبة وفريدة من نوعها، فقط لأن هذه الظروف ذات طابع محلي أميركي، وعالمي في الوقت نفسه، أي المال والحروب، وهو لا يملك نعمة الوقت. فهو مضطر للعمل على كل الجبهات دفعة واحدة وفي وقت واحد، ومضطر للإعطاء في مكان، والأخذ في مكان آخر، وهذا ما يسمى في العلم العسكري بالمناورة في الخطوط الداخلية.


فحسب ما يفرضه المنطق، سيبحث أوباما عما يمكن أن يعطيه ولا يحظى بأولوية مطلقة لأميركا، ولكنه بنفس الوقت مهم لمن يريد أن يأخذه.


وذلك مقابل أن يأخذ أي أوباما ما يمكن أن يقاس نجاحه فيه بسرعة، ويظهره على أنه يفي بوعوده الانتخابية.


وبما أن لبنان، مرتبط بالإقليم وبما سيأتي إليه من حلول أوباما، سنعمد هنا إلى طرح إمكانيتين، أو مقاربتين ممكنتين لسياسة الرئيس أوباما الخارجية، التي هي بدورها ستؤثر على الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية، وهما: حل من فوق، وحل من تحت. فماذا يمكن أن نقول عنهما؟




  • الحل من فوق:




    • في هذا الحل يذهب الرئيس أوباما مباشرة إلى روسيا للموافقة على مناطق النفوذ التي طلبها الرئيس الروسي في أحد أهم خطبه بعد الحرب على جورجيا. وفي هذه الحالة يمكن توقّع ما يلي:





      • عزل إيران، دوليا وعبر مجلس الأمن، وهذا يعني أن دورها سيضعف في الإقليم، ما يجعلها تسجل تنازلات في العراق، وفي لبنان بالتحديد. وهذا الأمر سينعكس بدوره على سوريا ولبنان، وعلى عموم الإستراتيجية الدفاعية.


      • ستضعف هذه المقاربة سوريا، لأنها ستكون بانتظار ما سيأتي من ترتيبات العلاقة بين إيران وأميركا، ومن ثم ستذهب بوتيرة أسرع إلى السلم مع إسرائيل، وهذا أمر سيؤثر على الإستراتيجية الدفاعية


      • في هذه المقاربة سوف تكون إيران مترددة في قلب الأوضاع عبر حرب على إسرائيل مثلا، إن كان مباشرة، أو عبر حزب الله.



  • الحل من تحت:




    • في هذا الحل، يذهب الرئيس أوباما مباشرة إلى إيران، لأنه وعد بالانسحاب من العراق، وهذا أمر متعلق مباشرة بالإرادة الإيرانية، ي ضمان الانسحاب الأميركي المشرف من هناك. وبذلك يمكن توقع ما يلي:





      • على الرئيس أوباما أن يؤمن المصالح العربية الخليجية خاصة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، ومصر.


      • يجب الانتظار لمعرفة ماذا سيعطي الرئيس أوباما لإيران ليرضيها بالتخلي عن مشروعها الكبير؟


      • في هذه المقاربة، ستصبح سوريا معزولة، فتذهب أسرع إلى الصلح مع إسرائيل. وهذه أمور كلّها تؤثّر على شكل ونوع الإستراتيجية الدفاعية.




    • أما الاستمرار بنفس سياسة بوش تجاه إيران وروسيا فهذه معادلة قد تعني ضرب الاستقرار في كل المنطقة. عندها، قد لا يمكن الحديث حتى عن إستراتيجية دفاعية. لكن تسريب خبر فتح مكتب للشؤون الأميركية في طهران قبل ذهاب بوش قد يعني أن بوش يحضر أرضية التنازلات الأميركية لإيران دون إحراج الإدارة الجديدة، وهذا أمر يأخذنا إلى "الحل من تحت".

في الختام، وفي ظل عدم وضوح الصورة الإقليمية والدولية، قد يُمكن القول إن أي إستراتيجية مرتقبة للبنان، وفي كل المقاربات الممكنة، يجب أن تتوفّر فيها صفات معينة، كما يجب أن ترتكز على منظومة تقوم على الأسس التالية:


في الصفات الإسترتيجيّة:





    • يجب أن تكون مقبولة من كل الفرقاء في لبنان.


    • يجب أن تكون مناسبة للبنان، وليس لأيّ قوى أخرى خارجية.


    • يجب أن تكون ممكنة التطبيق

في أسس الإستراتيجية:




  1. ضرورة اعتماد الدفاع الإستراتيجي والهجوم التكتيكي. والمقصود بذلك أن يعمل لبنان على الدفاع عن أرضه والاستماتة في ذلك. وإذا خرقت السيادة، يعمد لبنان إلى الهجوم تكتيكيّا على العدو لتحرير الأرض حتى الحدود الدولية


  2. اعتماد الردع الذي يرتكز على:



    • بعد ردعي، كونته حرب تموز 2006، وضرورة عدم اختباره مجددا، الشق العسكري البحت. والمقصود بذلك هو أن الردع من جانب إسرائيل، كما من جهة حزب الله، قد سقط خلال حرب تمّوز، وإلا فما معنى القصف المتبادل في العمقين، الإسرائيلي كما اللبناني؟ الم يفعل كل فريق ما يريده؟ بالطبع نعم، إذا هنا سقط الردع المتبادل.

      أما مرحلة ما بعد حرب تموز فهي تقوم على عملية إعادة بناء المنظومة الردعية من قبل الفريقين مثل المناورات الإسرائيلية، وغارتها على سوريا. ومن الجهة المقابلة المناورة الافتراضية التي نفذها حزب الله..إلخ.

      وهنا، لا يجب أن يفرط حزب الله في ما بناه من ردع خلال حرب تموز، إذ إن أي اختبار مستقبلي لإسرائيل سوف يكون مختلفا، فقط لان أي فشل إسرائيلي في المستقبل سوف يهدد كيان دولة إسرائيل. ومن هنا يأتي اقتراح عدم اختبار الردع الإسرائيلي، مع ضرورة البناء على الردع الذي خلقه حزب الله في حرب يوليو/ تمّوز.


    • بعد قانوني دولي – القرارات الدولية إلى جانب اتفاق الهدنة عام 1949. يطرح هنا البعد القانوني الدولي، فقط لأن المقاومة وحدها لم تحم لبنان، وإلا ما معنى الاعتداءات المتكررة، وفي ظل وجود المقاومة؟ يجب على هذا البعد أن يتكامل مع البعد العسكري أعلاه.


  3. يضاف إلى البعد الردعي، بعد ردعي دبلوماسيا كالتحالفات الدولية والإقليمية، خاصة العربية.


  4. وأخير وليس آخرا، ضرورة أو حتمية الوحدة الداخليّة، خاصة أننا حددنا أعلاه الصفات التي يجب -أن تتمتع بها الإستراتيجية الدفاعية، أو أي إستراتيجية أخرى، أي يجب أن تكون مقبولة مناسبة وممكنة.

_______________
أستاذ مادة الجيوبوليتيك في جامعة سيدة اللويزة، لبنان، باحث وكاتب إستراتيجي- عميد ركن متقاعد.