التقرير السنوي لشؤون العالم

أصدر المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن القريب من دوائر القرار البريطاني تقريرا في 12 أيلول/سبتمبر 2007 قدم صورة قاتمة عن مستقبل الوضع الأمني على الصعيد العالمي وفي منطقة الشرق الأوسط، مركزا على تنظيم القاعدة وإيران والعراق.








في أحدث تقرير أصدره المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن القريب من دوائر القرار البريطاني، والذي يعد واحدا من أهم المؤسسات البحثية في المملكة المتحدة، قدم المعهد صورة "قاتمة" عن مستقبل الوضع الأمني على الصعيد العالمي، وفي منطقة الشرق الأوسط خاصة.



التقرير صدر رسمياً يوم 12 أيلول/سبتمبر 2007 في مقر المركز بوستمنستر في لندن، وقد قدم ملخصا له المدير العام للمركز د. جون شيبمان في ندوة حضرها لفيف من الخبراء والباحثين والصحفيين.



ترجمة وتلخيص/ د. رفيق عبد السلام


تنظيم القاعدة
إيران وبرنامجها النووي
العراق وحالة الفوضى



تنظيم القاعدة









 رفيق عبد السلام
ذكر التقرير أن تنظيم القاعدة يشهد حالة من الصعود والتمدد إلى الحد الذي يمكّنه من القيام بأعمال استعراضية تشبه في قدرتها التدميرية وتأثيراتها السياسية تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول سنة 2001.

ويضيف التقرير أن جسم القاعدة أثبت نوعا من المرونة والقدرة على التكيف مع الأوضاع الجديدة، كما احتفظ بقدراته على التخطيط وتنسيق أعمال إرهابية واسعة النطاق في مختلف العواصم الأوروبية، رغم الضربات الموجعة التي تلقاها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وعليه فإن "تهديد الإرهاب الإسلامي مازال كبيرا على نحو ما كان عليه دوما، بل هو آخذ في التفاقم أكثر".


ويضيف التقرير "أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها عجزوا عن القضاء على القاعدة، كما أن أيديولوجيا هذا التنظيم قد بلغت درجة من التجذر إلى الحد الذي تحتاج معه عقودا من الزمن للقضاء عليها".


ويذكر التقرير أن القاعدة عملت على تعزيز حضورها في الحدود الشمالية الغربية الباكستانية المتاخمة لأفغانستان، وما هو مقلق أكثر من ذلك هو أن هنالك العديد من المجموعات الباكستانية نسجت خيوط تحالف معها مما مكنها من امتلاك موطئ قدم بالغ الحيوية، عوضها ما خسرته في أفغانستان.





"
عجزت أميركا وحلفاؤها عن القضاء على القاعدة، كما أن أيديولوجيا هذا التنظيم قد بلغت درجة من التجذر إلى الحد الذي تحتاج معه عقودا للقضاء عليها
"
ويضيف التقرير أن السير في اتجاه الراديكالية الدينية يجري على وتيرة سريعة في البلاد الإسلامية، كما أن مجموعات القاعدة قد تمكنت من تعزيز وجودها الإقليمي في المغرب العربي والقيام بالعديد من الأعمال التدميرية هناك، ويضيف التقرير أن الكشف عن العديد من المخططات الإرهابية التي تقف خلفها مجموعات مرتبطة بالقاعدة في أوروبا، يبين تفاقم النزعات الراديكالية بين الأقليات الإسلامية في أوروبا، وإلى أي حد وفرت الحرب على العراق فرصة ذهبية لانتداب مزيد من المقاتلين، وتوليد مزيد من الجهاديين الأشداء، حسبما يذكر التقرير.

ويضيف السيد نايجل إنكستر Nigel Inkster -الذي كان يدير مهمة العمليات والاستخبار في جهاز المخابرات الخارجية البريطاني المعروف باسم MI6، وأشرف على إنجاز القسم المتعلق بالقاعدة من هذا التقرير الإستراتيجي- أن "جوهر المسألة هو أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها قد عملوا ما في وسعهم للقضاء على هذا التهديد، بيد أنه بدا واضحا بصورة متزايدة أنهم لم ينجحوا في إنجاز هذه المهمة".



إيران وبرنامجها النووي


تمكنت إيران من تركيب 3000 جهاز لتخصيب اليورانيوم في مركز نطنز النووي وسط إيران، وعليه فإن السيناريو الأسوأ هو أن تتمكن إيران من تصنيع ما يكفي من الأسلحة المخصبة باليورانيوم إلى الحد الذي يتيح لها بلوغ مرحلة القنبلة النووية ما بين 2009-2010، على ما يذكره التقرير.


ويقول التقرير إن إيران باتت تشغل اليوم 3000 جهازا للتخصيب، وإذا ما صممت على إنتاج الأسلحة بالغة التخصيب باليورانيوم، وإذا ما تم تشغيل هذه الأجهزة بطاقتها الكاملة فإنها ستكون قادرة على إنتاج القنبلة النووية في غضون سنة.


إلا أن الوكالة الدولية للطاقة النووية خلافا لهذا التقرير وعلى نحو ما سجلت ذلك صحيفة الغارديان البريطانية تشكك في عدد الأجهزة المستخدمة وتخفضها إلى حدود 2000 فقط، كما أن اختبارات العينات المأخوذة من المفاعلات النووية الإيرانية تبين أن إيران لم تبلغ بعد حدود 4.8% للتخصيب التي سبق أن أعلنتها، هذا دون أن نتحدث عن سقف 90% من التخصيب اللازم لصنع القنبلة.



العراق وحالة الفوضى





"
يشكك التقرير البريطاني في قدرة ونزاهة الجيش العراقي، ويؤكد عدم قدرة حكومة المالكي على صناعة الوفاق الوطني بسبب خلفيتها الطائفية وفساد إدارتها 
"
أما في الموضوع العراقي فقد ذكر التقرير أن حالة الفوضى التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق قد هزت وضع ومصداقية الولايات المتحدة الأميركية على الصعيد العالمي، وقد كان من تبعات ذلك أن سعت قوى دولية إلى الاستفادة من الضعف الأميركي الناتج عن مأزق العراق، وخصوصا روسيا والصين، في حين عملت دول أخرى على إعادة بناء سياساتها الأمنية لتتجنب المضاعفات الناتجة عن حالة الفوضى التي تعصف بالعراق.

كما قدم التقرير صورة متشائمة عن الوضع العام في هذا البلد، مشككا في قدرة ونزاهة الجيش العراقي، مشيرا في نفس الوقت إلى عدم قدرة حكومة المالكي على صناعة الوفاق الوطني، بسبب خلفيتها الطائفية من جهة، ثم بسبب ما تغرق فيه من فساد وسوء إدارة من جهة أخرى، بحسب التقرير.



ويخلص التقرير إلى القول إنه إزاء حالة الفوضى التي تعصف بالعراق، ثم عجز حكومة المالكي عن تحقيق الاستقرار الوطني، على إدارة بوش أن تقدم على انتهاج أحد خيارين قاسيين في الأفق المنظور، فإما أن تستمر في اتباع نفس السياسة القائمة اليوم مع ما يتبعها من سقوط ضحايا في صفوف الجيش الأميركي، وإما أن تعمل على تغيير سياستها بالكامل من خلال اختيار رئيس وزراء جديد بدلا عن المالكي.
_______________
باحث في مركز الجزيرة للدراسات
وقد قام بتلخيص هذا التقرير السنوي لشؤون العالم الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن سبتمبر/أيلول 2007