أصدر "معهد سياسة الأمن والتنمية" ومقره "ستوكهولم" تقريرا حول "الصين وأفريقيا"(*)، كتبه البروفيسور "جورج تي يو" الذي سبق له وأن شغل منصب مدير مركز دراسات آسيا والهادئ في جامعة "ألينوي الأمريكية" من العام 1992 وحتى العام 2004، وأصدر العديد من الكتابات التي تضمّنت الحديث عن الصين وأفريقيا بشكل خاص.
يأتي التقرير في سياق الجدل القائم في السنوات الأخيرة حول طبيعة الدور الصيني المتنامي في القارة السمراء، وحقيقة العلاقات الصينية-الأفريقية في ظل التسابق الدولي باتجاه دول القارة لأسباب ودوافع مختلفة. وتكمن أهمية هذا التقرير بالذات في أنه:
- أولا: يبحث العلاقة بين الصين وأفريقيا خلال أكثر من 60 عاما، والمراحل التي مرّت بها والأشكال التي اتخذتها إضافة إلى أدوات الدبلوماسية الصينية المختلفة المستعملة في صوغ العلاقة بين الطرفين، وهو أسلوب جامع قلّما يتوافر في دراسة من هذا الحجم الصغير (33 صفحة).
- ثانيا: يعطي المؤلفُ الباحثين والكتاب والقراء وصنّاع القرار فكرة واضحة ودقيقة بشكل سهل ومبسط عن طبيعة العلاقات بين الطرفين منذ نشوئها وعن كيفية تسخير الصين لسياستها الخارجية ومواردها الداخلية لتعزيز هذه العلاقة ولخدمة المصالح المشتركة وتحقيق أكبر قدر من المنافع لبكين في أفريقيا خلال مراحل مختلفة.
- ثالثا: يبحث إمكانية ما يسمّيه "عولمة بديلة" تقودها الصين كقوّة "غير غربية" تتحدى العولمة التي تقودها القوى الغربية وفي طليعتها الولايات المتحدة وأوروبا، وتعمل على نقل المنفعة والفائدة المتبادلة مع الدول الأخرى، وفي حالتنا هذه مع الدول الأفريقية.
وفيما يلي عرض لأهم الأفكار الواردة في التقرير:
أشكال الدبلوماسية الصينية في أفريقيا
وسائل تعزيز العلاقات الصينية-الأفريقية
باتجاه البديل الصيني؟
يبحث التقرير إمكانية ما يسمّيه "عولمة بديلة" تقودها الصين كقوّة "غير غربية" تتحدى العولمة التي تقودها القوى الغربية |
فنشاط بكّين المتزايد في أفريقيا واندفاعها نحو دول القارة في أوائل سنوات القرن الواحد والعشرين، أثار انتباه العديد من الجهات والقوى الدولية، وقد انعكس ذلك من خلال تركيز الأكاديميين والصحفيين والدراسات السياسية ومراكز الأبحاث على ما اصطلح على تسميته "مغامرة السياسة الخارجية الجديدة للصين"، وعلى سعي الصين المتزايد للبحث والاستحواذ على مصادر الطاقة والسلع الأساسية.
أشكال الدبلوماسية الصينية في أفريقيا
وانطلاقا من هذه المعطيات ومن واقع نمو الاقتصاد الصيني السريع والمتزايد، لم يكن هناك من شك أبدا في حاجة الصين إلى أفريقيا ومواردها ولاسيما النفط والمواد الأوليّة، لكنّ الملاحظ أنّ العلاقات الصينية-الأفريقية قامت على أسس سياسية واقتصادية أوسع وأعمق من المفهوم الضيّق للاستحواذ الصيني على الموارد، خاصة في ظل تداخل عوامل داخلية وخارجية صينية كان لها دور في تشكيل السياسة المتّبعة تجاه أفريقيا، إذ ساهمت الأيديولوجيا والاقتصاد والسياسة في تشكيل هذه السياسة اعتمادا على الحاجات والمتطلبات التي تقتضيها هذه العلاقة في كل مرحلة من المراحل.
ففي مرحلة الستينات والسبعينات، شكّلت أفريقيا ساحة معركة بين الصين وتايوان حول موضوع السيادة ومن الذي يحق له تمثيل الصين ككل في المحافل الدولية، أمّا في المرحلة اللاحقة أي في القرن الواحد والعشرين، فقد تحوّل الاقتصاد إلى قضية مركزية بما في ذلك ضمان الوصول إلى مصادر الطاقة في أفريقيا والى السلع والمواد الأولية اللازمة لضمان التنمية الاقتصادية الصينية، وقد اتسمت سياسة الصين في تلك المرحلة بدرجة من البراغماتيّة والليونة والمرونة في التعامل.
وسخّرت الصين دبلوماسيتها باتجاه الدول الأفريقية خلال الفترة الماضية لتحقيق أهداف متنوعة تبعا للظروف الإقليمية والدولية التي كانت سائدة في كل مرحلة من المراحل وفق ما يلي:
الدبلوماسية في خدمة الأيديولوجية
ففي نهاية الخمسينات وبداية الستينات، كانت السمة الأساسية لدبلوماسية الصين في أفريقيا تقوم على خدمة الأيديولوجيا، فالصين كانت تسعى في تلك الفترة إلى كسر العزلة الدوليّة في مواجهة عدوّين، الأول استعماري غربي بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية، والثاني يتمثّل بالاتحاد السوفييتي "السابق" الذي كان قد دخل في نزاع مع الصين في الستينات من ذلك القرن. وعليه فقد كانت الصين تسعى قدر المستطاع إلى الحصول على الدعم الدولي والاعتراف، ولا شك أنّ أفريقيا والدول الأفريقية المستقلّة آنذاك شكّلت هدفا مناسبا لتحقيق المسعى الصيني، ولذلك فقد طغى البعد الأيديولوجي على السياسة الخارجية للصين في تلك المرحلة، وخاضت بكيّن في تلك الفترة معركتها في أفريقيا وفق معايير وأدوات أيديولوجية.
كانت الصين آنذاك تسعى لأن تبرهن للدول الإفريقية أنّ الاتحاد السوفيتي قوّة تسعى للهيمنة لا أكثر، وأنّ الصين تتبع المبدأ الاشتراكي الحقيقي الذي يقدّم الدعم الفاعل لحركات التحرر الوطنية.
لكنّ الموقف الأيديولوجي الحاد للصين في تلك الفترة، أضر بها وحدّ من فعالية سياستها الخارجية التي كانت تسعى لفك العزلة الدولية، مما أدخلها في تناقض لجهة سعيها لكسب تأييد المزيد من الدول الأفريقية، مقابل عدم القدرة على توسيع إطار علاقتها في أفريقيا بسبب التمسّك بالوجه الأيديولوجي في دبلوماسيتها تجاه دول القارة.
الدبلوماسية في خدمة السياسة
تميزّت السياسة الخارجية الصينية في استعمال الدبلوماسية لخدمة الاقتصاد منذ بدء تطبيق سياسة "الإصلاح والانفتاح" عام 1978 |
القضية التايوانية كانت حاضرة دوما، ففي الوقت الذي أنشئت فيه جمهورية الصين الشعبية العام 1949، كانت تايوان تمثّل الصين في المحافل الدولية وفي الأمم المتّحدة أيضا، واستطاعت تايوان منذ العام 1949 وحتى العام 1970 أن تكسب المعركة مع جمهورية الصين الشعبية وأن تحظى باعتراف معظم الدول الأفريقية المستقلّة حديثا، بل واستطاعت أن تحافظ على علاقاتها الدبلوماسية مع 22 من أصل 40 دولة أفريقية مستقلّة آنذاك مقابل 15 لجمهورية الصين الشعبية.
لكن سرعان ما تغيّرت الأمور وانقلبت صالح جمهورية الصين الشعبية منذ أن اكتسبت الأخيرة المقعد الدائم في الأمم المتحدة كممثّل شرعي للبلاد بدلا من تايوان في العام 1971. وبات الاعتراف بتايوان ينحصر بأربع دول أفريقية فقط في العام 2009 بدلا من 22 العام 1970، وعُدّ ذلك انتصارا دبلوماسيا للصين في أفريقيا.
فبكين ومنذ العام 1971 وحتى ما قبل ذلك كانت تصر على مبدأ "اعتراف الآخرين بصين واحدة" وهو ما حصلت عليه في أفريقيا أيضا. ومنذ تلك الفترة، عملت بكيّن على إعطاء العلاقات الثنائية الصينية- الأفريقية بعدا خاصّا، كما قامت بتطوير علاقات ثنائية قويّة مع بعض الدول الأفريقية ولاسيما أنغولا التي تعتبر مزوّدا رئيسيا لمصادر الطاقة، إضافة إلى مصر الدولة الأفريقية الأولى التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين في العام 1956، وزامبيا الدولة التي تتمتع باحتياطات كبيرة من المواد الأوليّة في القارة الأوليّة.
الدبلوماسية في خدمة الاقتصاد
استعمال الدبلوماسية لخدمة الاقتصاد في الصين ليس أمرا جديدا، فقد تميزّت السياسة الخارجية الصينية في هذا المجال منذ بدء تطبيق سياسة "الإصلاح والانفتاح" التي وضعها Deng Xiaoping في العام 1978. إذ آمن القادة الصينيون منذ ذلك التاريخ بضرورة تسخير كل القدرات لخدمة الاقتصاد الوطني الذي يجب أن يحظى بالأولوية وتأمين مصادر الطاقة والمواد والسلع الأوليّة اللازمة إضافة إلى التكنولوجيا والاستثمارات اللازمة للنهوض به.
ولهذا كانت الدبلوماسية الصينية في خدمة الاقتصاد الوطني سواء مع الدول النامية أو المتطورة على حد سواء. واتخذت العلاقات الاقتصادية الصينية- الأفريقية في هذا الجانب 3 أشكال رئيسيّة تضمنت: المساعدات الرسميّة والتجارة والاستثمار، وشهدت هذه العلاقات نقلة نوعية في التسعينات والعقد اللاحق أيضا وصولا إلى يومنا هذا، وتطورت معها أشكال المساعدات الحكومية لتتحول إلى منح وقروض طويلة الأجل.
وسائل تعزيز العلاقات الصينية-الأفريقية
ولتعزيز العلاقات الصينية-الأفريقية، قامت بكيّن باستخدام أدوات مختلفة بشيء من الإبداع والحنكة، ومنها الأدوات الاقتصادية الأكثر تأثيرا، واعتمدت في هذا المجال على ثلاثة أشكال: المساعدات الرسمية، العلاقات التجارية، والاستثمار. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأدوات الثقافيّة التي احتلت موقعا مهما أيضا خاصة أنّ هدفها الأساسي العمل على خلق صورة إيجابية وبنّاءة للصين من أجل توظيفها في مجال العاقات الصينية-الأفريقية. وقد ساهم ذلك إضافة إلى الدبلوماسية الشخصية والمساعدات التقنية في تطوير العلاقة بين الطرفين إلى مستوى الشراكة العالمية، وفق ما يلي:
الدبلوماسية الشخصيّة
ولتعزيز العلاقات الصينية-الأفريقية، استخدمت بكين الأدوات الاقتصادية الأكثر تأثيرا، واعتمدت في هذا المجال على ثلاثة أشكال: المساعدات الرسمية، العلاقات التجارية، والاستثمار. |
بل وذهبت بكّين أبعد من ذلك إلى نسج علاقات قوية تتخطّى النخب السياسية للطرفين وصولا إلى الدبلوماسية الشعبية التي أعلن عنها الرئيس "هو جنتاو" في العام 2009 والتي يسعى من خلالها إلى تعزيز الروابط الشعبية من خلال توفير المنح التعليمية وتبادل زيارات الفنانين والمثقفين والصحفيين والأطباء وغيرهم.
الروابط الاقتصادية
أمّا بالنسبة إلى العامل الاقتصادي، فقد استخدمت الصين خليطا من المساعدات الحكومية والروابط التجارية والاستثمارات من أجل النفاذ إلى أفريقيا. ولطالما كان العنصر الاقتصادي الأكثر نجاعة في السياسة الخارجية الصينية تجاه أفريقيا، ففي بداية الستينات والسبعينات استخدمت الصين المساعدات الحكومية كأدوات لدعم غايات أيديولوجية وسياسية ولكسب الأصدقاء والتأثير على الناس وبلغ حجمها عن تلك الفترة 2.4 مليار دولار تقريبا.
لكن ومع تطبيق سياسة "الإصلاح والانفتاح" بداية الثمانينات بدأت دبلوماسية الصين الاقتصادية تأخذ بُعدا آخر، وبعد أن كانت سياسة المساعدات الاقتصادية المقدّمة لأفريقيا تحرم البلاد من أية منافع اقتصادية، أصبحت منذ تلك الفترة تحقق المنافع المتبادلة للطرفين، وفتحت هذه المساعدات آفاقا اقتصادية جديدة في أفريقيا، من الوصول إلى أسواق جديدة للبضائع والسلع الصينية، إلى إيجاد بيئة استثمارية مهمة، إلى تامين مصادر الطاقة والسلع الأساسية.
وتم دعم هذا التوجه فيما بعد عبر إنشاء روابط ومؤسسات تشرف على هذا الموضوع، فتم في العام 2007 تأسيس الصندوق الصيني-الأفريقي برأسمال 5 مليار دولار كما أصدرت وزارة التجارة الصينية كتيّبا إرشاديا يحث على الاستثمار في أفريقيا.
واستخدمت الصين موقعها كثالث أكبر دولة تجارية في العالم العام 2008 لممارسة الدبلوماسية التجارية مع أفريقيا، الأمر الذي رفع من الرصيد التجاري مع هذه القارة من 5 مليار في العام 1995 إلى أكثر من 100 مليار العام 2008 لتشكل 5% من حجم التجارة الصينية مع العالم.
أمّا على صعيد الاستثمارات الصينية في أفريقيا فقد ارتفعت من 75 مليون في العام 2003 إلى 520 مليون العام 2006 إلى 2 مليار العام 2008 وذلك بدفع من الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد والذي ظلّ يرتفع إلى أن بلغ 2 تريليون في آذار من العام 2009.
المساعدات التقنية ونقل التكنولوجيا
أمّا المساعدات التقنية ونقل التكنولوجيا، فقد كانت جزءا من العلاقات الصينية-الأفريقية على الدوام. واستطاعت بكين من خلال هذا العامل أن تثبت مدى قدرتها على مساعدة الأفريقيين فعليا ودعمهم من خلال تسخير التقنية والتكنولوجيا لمساعدتهم من خلال توظيفها في المشاريع التي تتعلق بالبنى التحتية والزراعة والنقل والتدريب التقني والمساعدة الطبيّة.
التواصل الثقافي
أمّا العامل الثقافي، فقد اعتمدت بكّين عليه لخلق صورة ايجابية وبناّءة عنها في أفريقيا، وذلك لتسهيل تواجدها وتقريب الناس إليها. ولم تتردد بكّين في توظيف العامل الثقافي قدر المستطاع من أجل تعميق علاقاتها مع الأفريقيين، فحرصت على تأمين العديد من المنح التعليمية والتبادل الثقافي والتعليمي لعدد كبير من الطلاب الأفريقيين إضافة إلى عقد ورش العمل المشتركة والتدريب المشترك، كما وحرصت على تأطير تحرّكها بشكل رسمي عبر تضمين ورقة السياسة الصينية تجاه أفريقيا للعام 2006 بنودا تتضمن الحث على تعميق العلاقات الثقافية بما فيها التعليم والصحة والعلوم والتبادل الشعبي.
وأعلنت في نفس العام خلال الاحتفال الذي أقيم بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الصينية-الأفريقية والذي حضره ممثلون عن 48 دولة أفريقية، برنامجا لتدريب 15 ألف اختصاصي أفريقي، إضافة إلى رفع المنح التعليمية للطلاب الأفريقيين في الصين من ألفين إلى 4 آلاف في العام 2009.
في القرن الواحد والعشرين، ومع صعود قوى جديدة إلى المسرح العالمي وعودة قوى أخرى تقليدية، بزغت معالم ظاهرة "عولمة بديلة" تعمل على تحدّي السيطرة العالمية للتأثير الغربي وتحد من سطوته. وفي هذا الإطار، تبرز الصين كإحدى الدول الغير غربية التي تنهض بشكل سريع على المسرح العالمي مقدّمة للعالم أو لمناطق واسعة منه إن صحّ التعبير عددا من السياسات والممارسات البديلة عمّا هو سائد في المنظومة الغربية لاسيما في مجال تقديم النماذج التنموية.
في القرن الواحد والعشرين، ومع صعود قوى جديدة إلى المسرح العالمي وعودة قوى أخرى تقليدية، بزغت معالم ظاهرة "عولمة بديلة" تعمل على تحدّي السيطرة العالمية للتأثير الغربي وتحد من سطوته. |
ولا شك أنّ علاقات الصين بأفريقيا قد تطورت خلال ما يزيد عن 60 عاما بشكل كبير لتصبح أكثر عمقا وقوّة ولتتحوّل إلى شراكة عالمية مع نهاية الثمانينات بشكل يعكس قوّة نفوذ وتأثير الصين في أفريقيا بشكل تصاعدي، ويقدّمها كبديل محتمل عن تأثير هيكلية السلطة والثقافة الغربية في أفريقيا. وقد ساهم استخدام الصين المرن لأدوات السياسة الخارجية المتعدّدة كما لاحظنا في التقرير أعلاه من السياسة إلى الاقتصاد والثقافة في ترسيخ البصمة الصينية في أفريقيا أمام النفوذ الغربي القديم.
إذ لا يجب أن ننسى أنّ أوروبا والولايات المتّحدة، لاسيما الأخيرة مارست نفوذا وتأثيرا سياسيا واقتصاديا كبيرا على أفريقيا، فالولايات المتّحدة القوّة كقوة خارقة "Super Power" في النظام العالمي في القرن الواحد والعشرين تمتلك أكبر اقتصاد في العالم على الرغم مما عانته في الأزمة المالية العالمية، كما تمتلك الجيش الأقوى في العالم وهي قائدة العالم الديمقراطي، ولذلك فتجاهل هذا التأثير الكبير للولايات المتحدة وأوروبا على أفريقيا أمر غير ممكن، ولا يفوتنا أن سيطرة هذه القوى على العولمة عمل على نشر تأثيرهم المباشر والغير مباشر بسرعة أكبر.
لكن ما يجب الإشارة له هو أنّ العولمة لم تكن يوما ولن تكون باتجاه واحد من الدول الغربية باتجاه الدول الغير غربية، فالحاجة إلى وجود عولمة بديلة تتحدى القوى التقليدية المسيطرة فعلا وتبرهن على أنّ المجتمعات الغير غربية لديها مبادرات ومساهمات على صعيد التطور والنمو المحلي وعلى صعيد السياسة الدولية.
كخلاصة، يمكن القول أنّ العلاقات الصينية-الأفريقية تطورت على مراحل عديدة مع مرور الوقت واتخذت أشكالا مختلفة أيضا ومتنوعة، ومع كل مرحلة من هذه المراحل ومع كل شكل من الأشكال المتّخذة، تطورت العلاقة بين الطرفين بشكل أوسع وأكثر عمقا، واستطاعت الصين تقديم نفسها لأفريقيا "كبديل" لسياساتها المحليّة التقليدية ولعلاقاتها الخارجيّة ولممارساتها الاقتصادية والاجتماعية.
ويبرز الدور الصين في أفريقيا كمثال يحتذى به في هذا المجال، فالـ"بديل الصيني" برهن على أنّه يمتلك القدرات اللازمة للمساهمة في تطوير القارة السمراء، وهو لا يعني استبعاد الطرق أو البدائل الأخرى التي توفرها بلدان عديدة لأفريقيا، إنما يعني التكامل لتحقيق الحداثة والتطوير في بلدان القارة.
_______________
باحث في العلاقات الدولية