العلاقات التركية الصينية: المنعطف الإستراتيجي

تركيا والصين بحاجة لبعضهما، فتوالت الزيارات وتعددت المشاريع، وبلغ التعاون بينهما إلى الاشتراك في المناورات العسكرية، وتسيران نحو تذليل العقبات التاريخية، مثل أن يكون الناطقون بالتركية في الصين جسرا للتواصل بين البلدين.







 

برهان كورأوغلو


قام رئيس الوزراء الصيني وين جياباو بزيارة رسمية إلى تركيا في مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول من هذه السنة 2010، ونتجت عنها دون أدنى شك نتائج إيجابية على علاقات البلدين، لتبدأ مرحلة من التقارب والحيوية بينهما. وقد خطت هذه العلاقات أشواطا بعيدة المدى بعد توقيع البلدين على مجموعة من الاتفاقيات أثناء هذه الزيارة، وبعد مشاركة الطائرات الصينية، إس يو 27، في مناورات "نسر الأناضول" هذه السنة، وهي تقام سنويا في الفترة الواقعة بين 20 سبتمبر/أيلول و4 أكتوبر/ تشرين الأول. وقد جاءت هذه التطورات بعد جهود دبلوماسية تحضيرية امتدت لسنتين، فبدأت الإشارات التفاؤلية في تصريح وزير التجارة الصيني، أثناء زيارته لتركيا في مطلع هذه السنة 2010، تعطي أكلها خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء في نهاية السنة. وتعتبر تركيا دولة مهمة بالنسبة للصين من النواحي الاقتصادية والسياسية، حيث تعتبر الصين ثاني أكبر الاقتصاديات على المستوى العالمي، وتحتل مكانة هامة في المنظمات الدولية، على رأسها مجلس الأمن، وتعتبر تركيا كذلك مهمة للشركات الصينية من النواحي التالية:






  • تعتبر تركيا دولة مهمة بالنسبة للصين من النواحي الاقتصادية والسياسية، حيث تعتبر الصين ثاني أكبر الاقتصاديات على المستوى العالمي، وتحتل مكانة هامة في المنظمات الدولية، على رأسها مجلس الأمن، وتعتبر تركيا كذلك مهمة للشركات الصينية.
    موقع تركيا المهم لدخول السوق الأوروبية من الناحية القانونية واللوجستية.
  • مواردها البشرية الشابة، وطاقاتها العمالية التي تسد حاجات المشاريع الاستثمارية.
  • الفرص المتاحة للاستثمارات الخارجية والإعانات المالية التي تتاح للمستثمرين.
  • وجود علامة تجارية للشركات الصينية في تركيا أمر مهم حتى تتمدد بقوة في الأسواق الشرق أوسطية.
  • من المتوقع أن تتمهد الطريق أمام تطوير الشراكات الصينية التركية بمعناها الاستراتيجي مع تطوير العلاقات التجارية التي تساهم بدورها في تطوير العلاقات السياسية.

وقد أدركت الصين أهمية هذه الأمور، فأثمرت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عن نتائج مهمة خصوصا مع هذه الزيارة، ويمكن أن نصنف التطورات الاقتصادية المهمة للجانبين أثناءها على النحو التالي:


اكتسبت الاستثمارات في قطاع المواصلات قوة أكبر خصوصا فيما يتعلق بخط سكة الحديد لطريق الحرير أدرنة-كارس، وخطوط سكك الحديد في مناطق أخرى مختلفة في تركيا، كما تم المضي بمشاريع يتوقع أن تصل إلى أهدافها مع الاحتفال بالمئوية الأولى للجمهورية.


وقد اكتسبت السياسات النقدية المستقلة التي بدأتها تركيا، مع رفضها لسياسات صندوق النقد الدولي، دعما مع دخول المؤسسات النقدية الروسية على الخط، وإذا ما تم التعاون مع الصين في هذا المجال فمن المتوقع أن يحتوي مثل هذا التعاون إشارات على زيادة الثقة الدولية في السياسة النقدية المتبعة، إضافة إلى الإشارات السياسية التي يمكن أن تنتج عنها، ومن المتوقع أن مثل هذه الخطوات تحتاج إلى فترة زمنية لتحقيقها.


ويلاحظ مدى صغر حجم الاستثمارات الصينية في تركيا مقابل الاستثمارات التركية في الصين، ويتوقع أن يتم تجاوز هذا الخلل مع الاستثمارات التي تنوي شركات صناعة السيارات وشركات الطاقة الصينية القيام بها في تركيا، ومن خلال شراء سندات الدولة التركية كما عرض رئيس الوزراء الصيني وين. وقد أكد رئيس الوزراء الصيني على عزم الحكومة الصينية على تشجيع الاستثمارات التركية في الصين، وقد دعا بشكل صريح تركيا إلى الاستثمار في منطقة الإيغور، وهذا يدل على مدى العلاقات الإيجابية التي تربط البلدين في هذه المرحلة.


وقد زادت الاستثمارات الخارجية القادمة إلى الصين بمعدل 6%، وزادت صادراتها إلى ما يقارب 7%، وفي مقابل ذلك تقلص فائض التجارة الخارجية حوالي 10%، وهذا يعني أن الصين قد استمرت في النمو مع الزيادة النسبية لمعدل وارداتها، وتعمل الصين على توسيع أسواقها وتقوية علاقاتها الاقتصادية للتكيف مع عصر العولمة، كما تعمل إلى جانب ذلك على زيادة تأثيرها السياسي، وحتى الآن لم يستطع المستثمرون والمصدرون الأتراك الاستفادة بالشكل المطلوب من الأسواق الصينية العظيمة التي تمثل فرصة كبيرة لهم، وسوف تعمل مثل هذه المحاولات من قبل المستثمرين الأتراك على فتح المجال أمام فرص التصدير للأسواق العالمية البعيدة والتي تعتبر الصين من أكثرها أهمية.


الصين تحلق مع "نسر الأناضول"
الصين من المنظور التركي
جسور تاريخية بين الصين وتركيا
معرض شنغهاي أولمبياد ثقافي
المنعطف الإستراتيجي


الصين تحلق مع "نسر الأناضول" 


اعتبرت مشاركة الطائرات الصينية إس يو 27 في مناورة "نسر الأناضول"، هذه السنة، من أهم التطورات التي سبقت زيارة رئيس الوزراء الصيني، وتطورا مهما في مجال الخيارات الجديدة التي انتهجتها تركيا في تطوير قدراتها العسكرية، بالرغم من أن الإعلان عن هذه المناورة قد أثار حفيظة الرأي العام الأمريكي كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، وحفيظة الرأي العام الإسرائيلي كما ذكرت صحيفة هارتز، بالإضافة إلى الأخبار التي أفادت أن هذه الطائرات قد تم تجهيزها وتقديم الدعم المالي لها في إيران (صحيفة الحرية التركية 10 أكتوبر)، وقد أثارت هذه المناورات حفيظة واشنطن وتل أبيب لتخوفهما من إمكانية انتقال الأسرار والتقنيات العسكرية لحلف شمال الأطلسي إلى الصين.


وبهذه المناورات العسكرية التي استمر التحضير لها بمحادثات دامت سنتين، أظهرت تركيا أن لديها بدائل أخرى في المجالات العسكرية، كما استطاعت أن ترسل لإسرائيل رسالة سياسية بعد التنافر الذي شهدته العلاقات بين البلدين والتطورات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط. كما أشارت هذه العملية وبشكل غير مباشر إلى الفكرة التي تتبناها تركيا بـ "حل المسألة الإيرانية بالطرق الدبلوماسية" والتي تتبناها الصين أيضا.


ورغم أن العلاقات الاقتصادية قد تحسنت بين البلدين بسبب التقارب السياسي بينهما إلا أن هناك العديد من المعيقات التي مازالت تسد الطريق أمام تعاون أكبر.


الصين من المنظور التركي 





تطور العلاقات الصينية التركية بوتيرة سريعة قد خلف نوعا من الغموض في السياسة الخارجية التركية، فتطور العلاقات الصينية التركية يعد أمرا إيجابيا، لكن هذا الأمر يجب أن يكون منضبطا ويسير على خطى واضحة.
إن مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة بين تركيا والصين موضوع معقد يحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة من أجل تحقيقه، ومن شأن المشاريع الاقتصادية الكبيرة التي تجمع بين البلدين في مجال الاستثمار أن تعود بالفائدة عليهما، وتعتبر تركيا ساحة أساسية في اقتصاد المنطقة بالنسبة للجانب الصيني، كما لا تغفل تركيا عن المكانة الاقتصادية والسياسية الهامة التي تتمتع بها الصين، والتي يمكن أن تستغلها من أجل بدائل وفرص جديدة.

لقد ظلت الصين وتركيا تسيران على خطين سياسيين منفصلين منذ الخمسينات من العهد الماضي، أما بعد انتهاء الحرب الباردة وبدء عهد العولمة وانتهاء فترة المعسكرات السياسية المتقابلة، دخلت الدولتان في جو ايجابي من العلاقات الثنائية في كافة الأصعدة، فظهرت الصين كقوة عالمية صاعدة وظهرت تركيا كقاعدة إقليمية لا يستغنى عنها، ومن هنا فقد أصبحت العلاقات الصينية التركية أمرا بالغ الأهمية مع دخول تركيا مرحلة من التغيرات السياسية بعد أن استمرت جامدة على منوال واحد مدة خمسين سنة.


على أن تطور العلاقات الصينية التركية بوتيرة سريعة قد خلف نوعا من الغموض في السياسة الخارجية التركية، فتطور العلاقات الصينية التركية يعد أمرا إيجابيا، لكن هذا الأمر يجب أن يكون منضبطا ويسير على خطى واضحة. وعلى سبيل المثال، فإن الدبلوماسيين الصينيين يمتلكون قدرة كبيرة على التكيف مع الثقافة التركية حيث يمكثون في تركيا مدة من 5-10 سنوات يتعلمون خلالها اللغة التركية والتاريخ التركي والعادات والتقاليد التركية والتطورات اليومية التي يعيشها المجتمع التركي، وفي المقابل لا يقيم الدبلوماسيون الأتراك إلا فترات قصيرة في الصين، ولا يتمكنون من تعلم اللغة الصينية بشكل جيد، ولا يستطيعون التكيف مع الثقافة الصينية وحياة المجتمع. وهنا لا بد من التركيز على تحديد الرؤية التركية حول الصين والتي من شأنها أن تجعل مسار العلاقات يسير على خطى واضحة ومنظمة.


ومن خلال تشكيل إطار وأسلوب منظم للعلاقات مع الصين ستتاح الفرصة للعمل بشكل منظم ومخطط، فعلى سبيل المثال، يمكن طرح عدة قضايا مثل معاملة الصين للمواطنين الأتراك على أراضيها معاملة غير مرضية، بالرغم من زوال طابع التهديد بين البلدين، وأحد الأمثلة على هذه المعاملة منع إقامة مركز "يونس أمره" الثقافي في الصين بينما سمحت تركيا بإقامة مركز كونفوشيوس الثقافي في تركيا. ولذلك من أجل استمرار العلاقات الصينية التركية بشكل إيجابي لابد من فهم طبيعة الدولة الصينية بمختلف جوانبها، كما يتوجب على تركيا أن تعرف كيف تحاور الطرف الصيني على طاولة النقاش لكي تطالب بحقوقها التي تبنى على مبدأ "المعاملة بالمثل".


ومع زوال العوائق السياسية والأيديولوجية اتجهت الصين إلى إتباع سياسة جديدة مع تركيا، ويعتبر تطوير العلاقات الاقتصادية، وزيادة الاستثمارات الصينية في تركيا بشكل سريع، أهم الخطوات التي أثبتت مدى ثقة الصين بالأمان الاقتصادي التركي، ومن الجانب الآخر من المفيد لتركيا أن تتبنى أهدافا اقتصادية وسياسية متكاملة تجاه الصين.


جسور تاريخية بين الصين وتركيا 


بعد التطورات الإيجابية التي حصلت في العلاقات الصينية التركية خلال السنة الأخيرة، قام وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بزيارة مهمة إلى الصين بتاريخ 28/10/2010 استغرقت حوالي خمسة أيام، وتظهر هذه الزيارة مدى التطور الذي وصلت إليه العلاقات الصينية التركية في الآونة الأخيرة، وقد شملت زيارة داود أوغلو مناطق كاشغار وأورومتشي وشيان وشانغهاي وبيجين. وتعتبر زيارة وزير الخارجية إلى الصين بعد ثلاثة أسابيع على لقاء رئيس وزراء الصين وين جياباو ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، زيارة متابعة للاتفاقيات والمشاريع التي تم الاتفاق عليها.


كما تجدر الإشارة إلى زيارات قام بها ثلاثة من الوزراء الأتراك في فترات متقاربة إلى الصين، حيث قام وزير الداخلية بشير أتالاي ووزير الدولة المعني بشؤون التجارة الخارجية ظفر تشاغليان و لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي بزيارة مناطق مختلفة من الصين.


وتظهر زيارة وزير الخارجية التركي مدى الثقة المتبادلة التي وصلت إليها العلاقات بين البلدين، حيث أن زيارة وزير الخارجية قد بدأت من منطقتي كاشغار وأورومتشي ذات الأغلبية الإيغورية، ويعد السماح لشخصيات تركية بارزة بزيارة مناطق إقليم سنغيانغ، أو ما يعرف ب"تركستان الشرقية"، خطوة مهمة في مجال النوايا الطيبة والمبادرات الإيجابية، ويذكر أن الرئيس التركي عبد الله غول قد قام بزيارة إلى الصين في شهر حزيران/ يونيو من العام الماضي 2009، ثم قام بعده وزير الدولة ظفر تشغليان بزيارة إلى أومورتشي في نفس السنة في شهر سبتمبر /أيلول عقب أحداث الخامس من يوليو /تموز والتي لم تكن نيرانها قد همدت بعد، وهذا وزير الخارجية يزور نفس المنطقة مع لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي.





أكد الرئيس التركي عبد الله غول على أهمية الصين بالنسبة لبلده في زيارته إلى الصين السنة الماضية بقوله:"الصين ليست دولة عادية، فهي تعتبر قارة لوحدها"، ومن هنا يظهر مدى اهتمام تركيا بجميع مناطق الصين بشكل شامل دون أن ينحصر الاهتمام بالعاصمة بجين وإقليم سنغيانغ.
وقد تم التأكيد على مبادرات حسن النية في هذا المجال بالسماح لوزير الخارجية داود أوغلو بزيارة كاشغار فضلا عن أورومتشي، فبالرغم من المكانة التي تحملها مدينة أورومتشي بوصفها عاصمة للإقليم إلا أنها مدينة حديثة تم إنشاءها على يد الصينيين وليس لديها عمقا تاريخيا، بالإضافة إلى أن 80% من سكانها هم من عرق الخان الصينيين، أما مدينة كاشغار فتعتبر مركز تراث تركي-إسلامي يمتد إلى أكثر من ألف سنة، وتعتبر القلب النابض لثقافة المجتمع الإيغوري. وزار وزير الخارجية ضريح العالم محمود الكاشغارلي الذي يعتبر من المؤلفين الأوائل باللغة التركية، بالإضافة إلى ضريح يوسف خاص حاجب، و أماكن تاريخية تركية-إسلامية أخرى.

وبالرغم من القلق الأمني من قبل الجهات الصينية قام وزير الخارجية مع الوفد التركي بأداء صلاة الجمعة في مسجد أولو في أورومتشي مع الإيغور، ومن الإشارات الواضحة التي تعكسها هذه الزيارات تخطي موضوع كون الأزمة الإيغورية تشكل معضلة أمام العلاقات التركية الصينية.


ومع تعميق العلاقات بين البلدين يصبح الإيغور جسر صداقة عظيم الأهمية، وهنا أكدت تركيا على نقطتين مهمتين كرسالتين ترسلهما إلى الصين، وهما: أن تركيا تعتبر أن وحدة الأراضي الصينية أمرا حساسا وهي تقف ضد الحركات الانفصالية التي تعارض هذه الفكرة، وتدعم سياسة "الصين الموحدة"، ومن جهة أخرى فإن من الطبيعي أن ترتبط تركيا بالإيغور الذين تجمعهم معها روابط تاريخية وثقافية، فتدعم تركيا أن يكون الإيغور مواطنين صينيين في منطقة سنغيانغ يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة أسوة بغيرهم ويعيشون حياة كريمة وسعيدة. فكما أن تركيا تعتبر المواطنين البلغار من أصول تركية، والذين يعيشون في بلغاريا كدولة مجاورة ويشكلون ما نسبته 10% من السكان، جسر تواصل وتعاون بين البلدين، تنظر بنفس الطريقة إلى المواطنين الصينيين المسلمين على أنهم جسر صداقة بين البلدين.


ويذكر أن دنغ سياو بنغ عندما بدأ بحركة تحديث الصين سنة 1978 أطلق حملة من الاستثمارات الأجنبية والتي كانت موجهة بشكل خاص إلى الصينيين الذين يعيشون خارج الصين كمواطنين في دول جنوب شرق آسيا، ويعتبر هذا النوع من الاستثمار أسهل من غيره لوجود عوامل التقارب والتسهيل الثقافية، وهكذا الأمر بالنسبة لتركيا فهي تريد الانفتاح أكثر على المجتمعات القريبة منها ثقافيا والتي تسهل عمليات الاستثمار والتعاون الاقتصادي.


وقد أصبحت تركيا اليوم أكثر تفهما لمثل هذه القضايا، فقد بدأت بتسيير رحلات جوية بين إسطنبول وأورومتشي، كما فتحت قنصلية في نفس المنطقة، وتعتبر هذه المحاولات خطوات جزئية تهدف كذلك إلى التواجد في جميع مناطق الصين، وترمي تركيا إلى زيادة عدد الرحلات الجوية التي تربطها بمختلف مناطق الصين البعيدة جغرافيا، وأن تفتح عدة قنصليات بالإضافة إلى القنصليات الموجودة، وقد أكد الرئيس التركي عبد الله غول على أهمية الصين بالنسبة لبلده في زيارته إلى الصين السنة الماضية بقوله:"الصين ليست دولة عادية، فهي تعتبر قارة لوحدها"، ومن هنا يظهر مدى اهتمام تركيا بجميع مناطق الصين بشكل شامل دون أن ينحصر الاهتمام بالعاصمة بجين وإقليم سنغيانغ.


معرض شنغهاي أولمبياد ثقافي 


يعتبر معرض شنغهاي EXPO 2010 أولمبياداً ثقافيا، أقيم في الفترة الواقعة بين شهري مايو/ أيار ونوفمبر/تشرين الثاني، واشترك فيه عدد كبير من الدول، واختير الجناح التركي ثاني أنجح الأجنحة بعد الجناح الصيني، وبلغ عدد زواره حوالي السبعة ملايين ليكون من بين أكثر المعارض مشاهدة، ويعتبر تقديم تركيا بشكل لائق بجانب الأجنحة الدولية الأخرى أمرا مهما ليعكس صورة تركيا الحديثة.


المنعطف الإستراتيجي 





التعاون بين الدولتين يعبر عن علاقة اقتصادية بين ثاني أكبر قوة اقتصادية على المستوى العالمي مع تركيا التي احتلت رقم سبعة عشر من بين أكبر اقتصاديات العالم.
يمكن الحديث الآن عن بعد استراتيجي في العلاقات التركية الصينية، فقد مرت العلاقات بين البلدين بمرحلة طويلة من جس النبض، لكن في عام 2008 دخلت العلاقات الثنائية مرحلة من التعاون الاستراتيجي، والدليل على ذلك حجم التبادل التجاري بين البلدين واللقاءات الدبلوماسية المكثفة والرفيعة المستوى بينهما، والتشابه إلى حد ما في وجهات النظر المتعلقة بالقضايا الدولية السياسية والاقتصادية المطروحة على طاولة مجلس الأمن أو في إطار مجموعة الدول العشرين، كما أن هذا التعاون بين الدولتين يعبر عن علاقة اقتصادية بين ثاني أكبر قوة اقتصادية على المستوى العالمي مع تركيا التي احتلت رقم سبعة عشر من بين أكبر اقتصاديات العالم.

ويثار بعض الجدل حول تغيير تركيا لمحاورها السياسية بحجة التعاون التركي الصيني، والحقيقة أنه ليست تركيا الدولة الوحيدة التي هدفت لإقامة علاقات إيجابية مع الصين، فهناك العديد من الدول المختلف التي أرادت تطوير علاقات إيجابية مع هذه الدولة التي تشكل قوة اقتصادية عالمية، فعندما نرى أن دولة مثل اليونان، عضوا في الاتحاد الأوروبي وقد وقعت مع الصين اتفاقيات اقتصادية في الآونة الأخيرة، فلا يستغرب من تركيا تقاربها مع هذه الدولة، ولا ننسى أن الاتحاد الأوروبي ومن بعده الولايات المتحدة الأمريكية واليابان على رأس الشركاء التجاريين للصين، ولذلك يظهر أن التركيز على فكرة تغيير تركيا لمحاورها السياسية بحجة إقامة علاقات إيجابية مع الصين لا يبدو أمرا موضوعيا ونزيها. ومن هنا يمكن القول بأنه من خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى الصين تمت زيادة توضيح وتحديد الإطار الإستراتيجي الذي بدأت تقوم عليه علاقات البلدين.
_______________
ﺒﺎﺤﺙ ﻓﻲ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ.

ABOUT THE AUTHOR