حزب الأصالة والمعاصرة المغربي بعد مؤتمره الثالث: الرهان الانتخابي

تمثل الانتخابات البرلمانية المقررة بالمغرب في أكتوبر القادم، محطة مفصلية لمستقبل حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أعاد ترصيص صفوفه خلال مؤتمره الثالث نهاية يناير الماضي، وبات يتطلع إلى رئاسة الحكومة القادمة، من بوابة مواجهة حزب العدالة والتنمية، وهو هدف يتطلب معالجة كثير من الأعطاب التي يعاني منها الحزب.
201621874335505734_20.jpg
تمثِّل الانتخابات البرلمانية المقررة بالمغرب في أكتوبر/تشرين الأول القادم، محطة مفصليَّة بالنسبة لمستقبل حزب الأصالة والمعاصرة. (الفرنسية)

ملخص
رغم أن نتائج مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة جاءت متوافقة مع رغبة بعض مكوِّناته، خصوصًا اليسارية منها، التي كانت تبحث عن قيادي يتقن الجدل السياسي ضد خصوم الحزب، إلا أن قراءة خلاصات المؤتمر تكشف عن عدم استقرار في القيادة، ورغبة في إنهاء الازدواجية فيها كذلك، وسقوط في العصبية القبليَّة التي قد تكون مكلفة انتخابيًّا.

ومع أنه من غير المعروف مدى تأثير تلك النتائج على الرهان الانتخابي للحزب، إلا أن الوعي بها قائم بين قياداته، وقد حاول إلياس العماري، الأمين العام الجديد للحزب، تدارك بعضها خلال تشكيل المكتب السياسي للحزب. ومن أجل رصِّ صفوفه، أعاد العماري تحديد مهمة الحزب، التي وُجد من أجلها، في مواجهة الإسلاميين والفوز بالانتخابات البرلمانية، وهما هدفان مترابطان.

لكن ثمة شك كبير في قدرات حزب الأصالة والمعاصرة على الفوز في الانتخابات، أولًا لأنَّ نتائجه في الانتخابات الجماعية الأخيرة لا تسعفه؛ لأنها كشفت عن حزب قرويٍّ وجوده ضعيف في المدن، وثانيًا أنه حزب يعاني من عزلة ولا تنظر له غالبية الأحزاب باطمئنان، وتتهمه باستغلال قربه من السلطة للهيمنة على المجال السياسي.

الأسئلة التي خلَّفها المؤتمر الثالث لحزب الأصالة والمعاصرة المنعقد أيام 22 و23 و24 يناير/كانون الثاني الماضي أكثر من الأجوبة، حيث وجَّه الحزب للرأي العام رسالتين متناقضتين: تتمثل الأولى في أنه في الوقت الذي يتحدث عن انتصاره في انتخابات 4 سبتمبر/أيلول الماضي، فقد نظَّم مؤتمرًا غيَّر فيه قيادته "المُنتصرة ". وفي الوقت الذي أعاد لملمة صفوفه بعد تصدعات بداخله، على قاعدة فريق حزبي وخطاب سياسي جديد، أتى بقيادي يُنعت من قِبل خصومه من القوى السياسية بأنه يسعى إلى "التحكم" في المجال السياسي، وهو ما يقتضي إعادة تحليل نتائج المؤتمر، على ضوء الرهان الأساسي للحزب، المتمثل في الفوز بالانتخابات التشريعية ورئاسة الحكومة المقبلة.

المؤتمر ونتائجه

نظَّم حزب الأصالة والمعاصرة مؤتمره الثالث بعد عملية "مصالحة" مع رموز سياسية وحقوقية كانت ضمن الفريق المؤسِّس للحزب عام 2008، ثم تراجعت إلى الخلف عقب مؤتمره الثاني عام 2012، بعدما شعرت أن الجهة التي كانت راعية للحزب من داخل الدولة بصدد أن تتخلى عنه بفعل الضغط الذي مارسته حركة 20 فبراير/شباط، والتي تزعمت الاحتجاجات في سياق الربيع العربي، خاصة أنه قد تم التلويح بإمكانية حلِّه.

وقد أُسندت مهمة إدارة عملية "المصالحة" إلى رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثالث وأمينه العام الأسبق، محمد الشيخ بيد الله، وأفضت إلى الاتفاق، مبدئيًّا، على صياغة الحزب وفق قواعد عمل جديدة، ترمي في مجملها إلى تحقيق هدفين: الأول سياسي يرمي إلى إعادة توجيه الحزب بما ينزع عنه طابع الهيمنة والرغبة في التحكم في الوسط الحزبي، باستغلال قربه من الدولة. والهدف الثاني تنظيمي يراهن على تقوية بنياته الحزبية، خاصة أنه قد أصبح آلة انتخابية لا تتناسب مع شعار الدفاع عن الحداثة والديمقراطية.

لقد تطلبت هذه الترتيبات الإتيان بفريق قيادي جديد، وهي العملية التي أسندت إلى برلمان الحزب الذي تم اختيار أعضائه في الجهات بعناية وتدقيق (600 عضو)، وأسندت إلى هؤلاء مهمة اختيار الأمين العام للحزب، وكذا انتخاب أعضاء المكتب السياسي (29 عضوًا). غير أن نتائج المؤتمر كشفت عن ثلاث خلاصات رئيسية:

تتمثل الأولى في عدم استقرار القيادة، فقد أُعلن عن تأسُّس حزب الأصالة والمعاصرة بتاريخ 7 أغسطس/آب 2008، ومنذ مؤتمره الأول في فبراير/شباط 2009 حتى مؤتمره الثالث في يناير/كانون الثاني 2016، تكون قد مرت على تأسيسه ست سنوات فقط، لكن توالى على رئاسته أربعة أمناء عامين هم على التوالي: حسن بنعدي، محمد الشيخ بيد الله، مصطفى الباكوري، وأخيرًا إلياس العماري. وينطبق هذا التغيير السريع في رئاسة الحزب على أعضاء المكتب السياسي كذلك، وبين المؤتمر الأول والثاني فاقت نسبة التغيير 90%، وبين المؤتمر الثاني والثالث جرى تغيير في صفوف نفس الهيئة بنسبة تقارب 70%.

ويتمثل الاستنتاج الثاني في إنهاء الازدواجية في قيادة الحزب. فقد أنهى انتخاب إلياس العماري أمينًا عامًّا للحزب في المؤتمر الأخير الازدواجية في القيادة منذ تأسيسه. ومعنى ذلك أن القرار الحقيقي لم يكن بيد الأمين العام السابق (مصطفى الباكوري)، بل إن كل ما يتعلق بتدبير الانتخابات ومالية الحزب كانت بيد العماري(1)، وهذه الصورة التي تشكلت حول الحزب يمكن ملاحظتها منذ التأسيس، حيث كان يُنظر إلى فؤاد عالي الهمَّة مستشار الملك محمد السادس الحالي، على أنه صاحب القرار الحقيقي وليس غيره.

وتتعلق الخلاصة الثالثة بقيادة سياسية تنتمي لمنطقة الريف المغربي. وأثناء الإعداد للمؤتمر الأخير للحزب، أثار إعلان إلياس العماري ترشيحه لمنصب الأمين العام ردود فعل رافضة بين صفوف قياداته. ومن بين أقوى التصريحات تلك التي اعتبرت أن ترشيح العماري يعني "الانتقال من الديمقراطية إلى العصبية القبلية"(2). ورغم أن العماري تعمَّد بعد انتخابه أمينًا عامًّا، تقليص عدد القيادات المنحدرة من الريف (منطقة أمازيغية تقع شمال المغرب)، فإنَّ الوجوه البارزة في الحزب حتى الآن تنحدر في الغالب من نفس المنطقة الجغرافية(3).

ورغم كل المحاولات التي قد تلجأ إليها قيادة الحزب للتقليص من التكلفة الانتخابية لهذا الاختيار في جهات أخرى، إلا أن الإدماج السياسي للريف شكَّل أحد الرهانات التي وُجد حزب الأصالة والمعاصرة من أجلها، في إطار المصالحة مع الماضي وجبر الضرر الجماعي، كونها من بين أكثر المناطق التي تعرضت للقمع والتهميش خلال حكم الملك الراحل، الحسن الثاني. 

الاستعداد للانتخابات

مباشرة بعد انتخابه أمينًا عامًّا لحزب الأصالة والمعاصرة، حدَّد إلياس العماري مهمتين لحزبه، تتمثل الأولى في مواجهة الإسلاميين، وبالأخص حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة منذ عام 2012. أما الثانية فتتمثل في السعي للفوز بالانتخابات التشريعية المقررة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتصدر نتائجها ومن ثَمَّ تشكيل الحكومة. وهو ما يبرِّر التساؤل حول عناصر الخطة التي قد يعتمدها هذا الحزب لتحقيق هدفه.

باستقراء آليات اشتغال الحزب وسلوكه الانتخابي خلال المحطات الانتخابية منذ سنة 2009، وكذا نقاط ضعفه خلال الانتخابات البلدية والجهوية في 4 سبتمبر/أيلول 2015، يبدو جليًّا أن قيادة الحزب تتجه إلى تبني خطة ثلاثية الأبعاد، بدأت تتضح عناصرها أكثر منذ مؤتمره الأخير:

أ‌. مراجعة القوانين الانتخابية
لقد كشفت نتائج الانتخابات البلدية والجهوية الأخيرة أن القوة الانتخابية لحزب الأصالة والمعاصرة توجد في العالم القروي أو في المناطق شبه الحضرية بضواحي المدن. ففي مقاطعة السويسي بالعاصمة الرباط مثلًا، أوضحت النتائج التفصيلية أن الأحياء الراقية أو التي تقطنها الطبقة الوسطى كانت تصوِّت بنسب عالية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، في حين تصوِّت أحياء شعبية وشبه قروية لحزب الأصالة والمعاصرة.

وتسمح مثل هذه النتائج والمعطيات للأحزاب السياسية عادة بتقديم تعديلات دقيقة على القوانين الانتخابية، وخاصة المرسوم المتعلق بتقطيع الدوائر الانتخابية، في اتجاه إحداث توازن بين الأحياء الراقية والمتوسطة التي تصوت سياسيًّا للحزب الذي ترتضيه، والأحياء الفقيرة والمهمشة حيث يزدهر شراء الأصوات بالمال الانتخابي، أو تغليب كفَّة هذه الأخيرة، إذا كان الهدف هو تحطيم حزب معين أو شخصية سياسية بعينها. ويتوقع أن يلجأ حزب الأصالة والمعاصرة، وكذا أحزاب أخرى في المعارضة، إلى هذه التقنية من أجل التحكم في النتائج الانتخابية لحزب العدالة والتنمية.

أما التقنية الثانية التي تقرر فعلًا اللجوء إليها لتقليص النتائج المحتملة لحزب العدالة والتنمية، فهي تخفيض العتبة الانتخابية من 6% إلى 3% (4). ورغم أن هذا المقترح قدَّمته فعلًا وزارة الداخلية للأحزاب الأسبوع الماضي، إلا أن قيادة العدالة والتنمية تشعر أن المقترح يخدم خصومه بالأساس، وعلى رأسهم حزب الأصالة والمعاصرة؛ حيث إن تخفيض العتبة الانتخابية إلى 3% يعني تقليص عدد المقاعد المتوقع أن يحصل عليها حزب العدالة والتنمية (ما بين 120 و140 مقعدًا)، إلى النصف تقريبًا. وفي الوقت نفسه فسح المجال أمام عدد أكبر من الأحزاب لكي تصبح ممثلة في مجلس النواب، وفي الحكومة المقبلة كذلك، الأمر الذي سيُعقِّد أكثر مهمة عبد الإله بنكيران في بناء ائتلاف حكومي جديد.

ومن المتوقع أن يدعم حزب الأصالة والمعاصرة أي مبادرة قد تأتي من أحزاب أخرى، في اتجاه إعادة النظر في القوانين الانتخابية، لا لتكون قوانين ديمقراطية بل لتحقق أهداف حزبية خاصة، تتمثل أساسًا في ضمان أكبر عدد من الأصوات لصالح هذا الحزب أو ذلك.

ب‌. البحث عن رجال أعمال نشيطين
تكمن القوة الانتخابية لحزب الأصالة والمعاصرة في شبكة الأغنياء التي يتوفر عليها، وهي فئة لها مصالح وتتصور أن القرب من السلطة هو السبيل لحمايتها، فجعلت من الانتخابات حرفة، حيث تتقن كيفية الحصول على مقعد انتخابي سواء بالتحالف مع رجال السلطة أو توظيف المال. وبسبب سُمعتها السيئة في المجتمع، يلحق الضرر كذلك بسمعة الأحزاب التي تفتح أبوابها لها طمعًا في مقاعد أكبر، ومن هنا قد تأتي بعض التكلفة التي قد يدفعها حزب الأصالة والمعاصرة، وقد يعمل لأجل التخلص منها.

وضمن هذا السياق، تتجه قيادة حزب الأصالة والمعاصرة إلى البحث عن أغنياء ورجال أعمال نشيطين، ممن يتوفرون على شبكات اجتماعية تقدِّم خدمات للمواطنين، وممن لهم سمعة جيدة وسط الناخبين كذلك. فقد أعلن الحزب مباشرة بعد الانتخابات الأخيرة عن نيِّته "استقطاب أشخاص ذوي كفاءة، والقطع مع الأشخاص السيئين"(5). والمقصود أصحاب المال الذين يتميزون بالقرب والفعالية ميدانيًّا، خاصة بعدما تبيَّن أن توظيف المال الانتخابي لوحده لم يعد كافيًا للحصول على مقعد انتخابي.

وإذا كان هذا التوجه سيُمكِّن قيادة الأصالة والمعاصرة من التحكم في فائض أصحاب المال الذين التحقوا به منذ تأسيسه، فإنه يُثير الخوف كذلك وسط أحزاب منافسة، خاصة المقربة من السلطة والتي تبنَّت منذ وجودها، كحزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، خيار الاعتماد على هذه الفئة للحصول على مقاعد انتخابية، وترى اليوم أنها تفقد في كل انتخابات نُخَبها من أصحاب المال ذوي الكفاءة الانتخابية؛ بسبب الضغوط التي تمارس ضدهم للالتحاق بحزب الأصالة والمعاصرة.

ت‌. محاولة عزل الإسلاميين
مباشرة بعد انتخابه على رأس الحزب، عاد إلياس العماري إلى التذكير بالهدف الرئيسي للأصالة والمعاصرة قائلًا: "قلنا مرارًا، ويُقال عنا كذلك، أننا جئنا لنُسهِم في مواجهة الإسلاميين"(6). ورغم أن هذا التصريح خلَّف جدلًا واعتراضًا داخل القيادة الجديدة للحزب، التي رأت فيه خرقًا لأحد بنود المصالحة التي جرت قبيل المؤتمر الثالث، الأمر الذي أجبر العُماري على التوضيح بأنه يقصد المتطرفين وليس كل الإسلاميين، إلا أن السياق العام منذ تأسيس الحزب يُستفاد منه أن الخطاب موجَّه لحزب العدالة والتنمية لا غير.

لقد سعى الأمين العام الجديد إلى تدشين معركة جديدة على أساس الهوية، وبين مشروعين، ديني محافظ يقوده حزب العدالة والتنمية، وحداثي منفتح يقوده حزب الأصالة والمعاصرة. ووفق هذا التقسيم السياسي في جوهره، يرمي العماري إلى إحداث اصطفاف جديد، الهدف منه أساسًا عزل حزب العدالة والتنمية عن باقي الأحزاب التي ترفع شعار الحداثة والتقدم. لكن لا يبدو أن هذا الهدف قد يتحقق، خاصة أن احتمال انضمام حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في أي مبادرة مشتركة معه يبقى مستبعدًا، كما أنه يُدرك أن الاصطفاف على أساس الهوية في مقابل الديمقراطية يُقوي العدالة والتنمية أمام النخب والرأي العام، ويُضعف الآخرين، بمن فيهم الأحزاب المُماثلة له من حيث النشأة والتكوين.

إن رفع شعار "مواجهة الإسلاميين" من جديد قد يُمكِّن حزب الأصالة والمعاصرة من تحقيق بعض الاختراقات في صفوف المجتمع المدني والحقوقي، وبالتالي تقوية وجوده المجتمعي والسياسي على حساب أحزاب منافسة له في نفس الوسط، كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خاصة أن بعض القضايا المثيرة للجدل، التي تتعلق بالمرأة والمناصفة، أو بالتربية الدينية في برامج التعليم، أو بالحريات الفردية، هي موضوع مشاريع قوانين للحكومة أو محور نقاش مجتمعي، ولم يُحسم فيها القرار بعدُ.

خاتمة

هل يكفي كل هذا لكي يفوز حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات المقبلة؟ كل المؤشرات تقول العكس؛ للأسباب التالية:

أولًا، إن نتائج الانتخابات البلدية والجهوية الأخيرة، قد منحته المرتبة الثانية من حيث عدد الأصوات بعد حزب العدالة والتنمية، وسبب ذلك أن أهم النتائج التي حصل عليها كانت في البادية، بينما صوَّتت المدن لحزب العدالة والتنمية. ورغم أن عدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات البلدية وصلت إلى 6655 مقعدًا بأصوات تفوق مليون و300 ألف صوت، فإن حجم الأصوات التي يحصل عليها لا تترجم على مستوى المقاعد البرلمانية، ذلك أنه حصل على نفس الأصوات تقريبًا في الانتخابات الجماعية عام 2009، لكنه لم يتجاوز 50 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية عام 2011.

بالإضافة إلى أن المنافسة لا يخوضها كل أصحاب المال الذين التحقوا بالحزب، بل الذين وقع عليهم الاختيار ليكونوا ضمن لائحة المرشحين فقط؛ وهذا لأن عدد المقاعد المتنافس حولها محدود (395 مقعدًا).

ويفتقر الأصالة والمعاصرة إلى الأذرع الانتخابية، ما عدا أصحاب المال، الفئة التي يمكنه الارتكاز عليها في تحسين سمعته وصورته الخارجية لدى الناخبين خلال الفترة الفاصلة عن الانتخابات البرلمانية، فهو يفتقر إلى التنظيمات الموازية والفعَّالة في المجتمع، ولا يترأس أيَّا من مجالس المدن الكبرى التي تُمكِّنه من تقديم خدمات قريبة للمواطنين؛ مما يحدُّ من تأثيره المجتمعي وسط الكتلة الناخبة.

ثانيًا، يعتبر تحقيق الأهداف التي وضعها الحزب كإعادة النظر في القوانين الانتخابية، ومحاولة افتعال معارك على أساس الهوية، أو تزعُّم تكتل حزبي جديد ضد حزب العدالة والتنمية، صعبًا في الظرفية الحالية، خاصة أنها كانت موضوع مبادرات سابقة تم تجريبها، وانتهت إلى الفشل. وتحتاج القيادة الحالية للحزب إلى ذكاء خاص؛ لكي لا ترتكن إلى أصحاب المال النشيطين، وإلى العلاقة مع حلفاء الحزب داخل جهاز السلطة؛ للخروج من المأزق.

وإذا كان حزب الأصالة والمعاصرة قد حقَّق نوعًا من التوازن مع حزب العدالة والتنمية خلال الفترة الماضية، وأصبح طرفًا أساسيًّا في معادلة صعبة داخل نسق سياسي مُراقب ويخشى من المنافسة الحرة، فإن قيامه بهذه المهمة في المستقبل يتطلب إنجاز قواعد جديدة بدل تكرار أخطاء الماضي.
_____________________
إسماعيل حمودي - باحث في العلوم السياسية.

مصادر
1- انظر تصريح حسن بنعدي -الأمين العام الأسبق للحزب منذ التأسيس حتى المؤتمر الأول سنة 2009، ثم رئيس المجلس الوطني بين 2009 و2012- جريدة أخبار اليوم، عدد 1881، بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني 2016.
 2- وهبي: ترشح العماري لقيادة "البام" عودة إلى "العصبية القبلية"، انظر الرابط التالي: http://www.alyaoum24.com/480373.html
3- الإشارة إلى حكيم بنشماس، رئيس مجلس المستشارين حاليًا، وعزيز بنعزوز رئيس الفريق البرلماني للحزب بنفس المجلس، وكلاهما إلى جانب العماري يشكلان ثلاثيًّا ينحدر من نفس المنطقة بإقليم الحسيمة.
4- جريدة أخبار اليوم، عدد 1905، بتاريخ 15 فبراير/شباط 2016.
5- "البام" يتوعَّد 60 منسِّقًا مع "البيجِيدِي" ويستعد لـ"انتخابات النواب"، موقع هسبريس، بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2015
http://www.hespress.com/politique/281692.html
6- انظر تصريحاته على الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=qDuj729OaYQ

ABOUT THE AUTHOR