أصدر الرئيس النيجيري محمدو بخاري أوامره للجيش من أجل سحق التمرد المسلح المتجدد في منطقة دلتا نهر النيجر التي عرفت اضطرابات، وهي المنطقة الغنية بالنفط؛ التي تُدِرُّ ريعًا كبيرًا وإيرادات ضخمة؛ كثيرًا ما عولت عليها خزينة الحكومة النيجيرية. رابط الجيش بالمنطقة، وبدأ عملياته إلا أن أداءه كان دون المستوى؛ حيث لم يستطع وضع حدٍّ للهجمات التفجيرية التي تستهدف منشآت النفط والغاز، والسؤال الذي طرحه هذا التقرير: هل ينبغي للرئيس بخاري الاعتماد على القوة العسكرية، أم أن هنالك حلولاً أخرى لإدارة هذا الصراع؟ قد يكون وَقْف المطاردات العسكرية، واستصدار عفو عن المتورطين في أعمال العنف أول الحلول وأقربها إلى نزع فتيل التوتر المتصاعد، هذا فضلاً عن برنامج لتطوير البنية التحتية في المنطقة؛ لتحفيز النشاط الاقتصادي وخَلْق فرص للعمل، إن المجتمعات القاطنة بمنطقة دلتا النيجر -التي تشعر بالغبن والتهميش- بحاجة إلى مزيد من الدعم المزيد والحوار. إن استغلال الاحتياطات الضخمة بهذه المنطقة ينبغي أن يدفع الحكومة الحالية إلى جعل دلتا النيجر مجالًا للتنمية والاستثمار لا ميدانًا للمعارك والمطاردات. إن تصاعد التمرد في المنطقة يُثير القلق بالنسبة إلى مصير الاقتصاد النيجيري، ومن المحتمل أن يشل تصعيدُ العنف إنتاجَ النفط في نيجيريا؛ مما سيكون له عواقب اقتصادية وأمنية وخيمة على البلاد.
مقدمة
منذ اكتشاف النفط الخام لأول مرة في أوليوبيري في عام 1956، فيما يُعرف اليوم بولاية بايلسا، ومنطقة دلتا النيجر تؤدِّي دورًا حاسمًا للغاية في السياسية الاقتصادية للتنمية والأمن في نيجيريا(1)، إنها منطقة استراتيجية لبقاء الاقتصاد النيجيري على قيد الحياة؛ لأن بها احتياطات ضخمة من النفط والغاز؛ ولأنها تطل على المحيط الأطلسي (انظر الشكل 1)، يُقَدَّر الاحتياطي النيجيري المؤكَّد من النفط في هذه المنطقة حاليًّا بـــ37 مليارًا و200 مليون برميل، إضافة إلى 188 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي(2).
ويمثل استغلال النفط في هذه المنطقة نحو 80% من الإيرادات الحكومية، و95% من عائدات النقد الأجنبي، كما يُسهم بنسبة 40% من الناتج المحلي الإجمالي، و4% من العمالة(3).
وتوفِّر هذه المنطقة بإطلالتها على المحيط الأطلسي ممرًّا بحريًّا بالغ الأهمية بالنسبة إلى نيجيريا؛ إذ يُمَكِّنها من تصدير خامها بسهولة إلى الأسواق الدولية واستيراد البضائع اللازمة.
الشكل 1: خريطة نيجيريا تظهر الولايات التي تتكون منها منطقة دلتا النيجر (بالأحمر)، وتظهر آبار النفط (بالأسود)(4). |
وعلى الرغم من الثروة الهائلة المتمخضة عن مبيعات البترول، فإن ما يميِّز الجزء الأكبر من منطقة دلتا النيجر هو التدهور البيئي، وانتشار الفقر والبطالة بين الشباب، وعلى كل حال، ظل السعي للحفاظ على الأمن في المنطقة تحديًا كبيرًا للحكومات النيجيرية المتعاقبة؛ نظرًا إلى اندلاع أعمال العنف هناك من حين لآخر.
وقد اجتاح المنطقة تمرُّد مسلح بين عامي 2006 و2009، غير أن تنفيذ برنامج عفو رئاسي أسهم في وقف مستوى العنف في المنطقة؛ وبالتالي ازدهار إنتاج النفط من جديد.
لكن ابتداء من منتصف عام 2015، غدت عودة الأعمال القتالية إلى المنطقة مصدر قلق أمني كبير للنيجيريين ولحكومتهم؛ بل للمجتمع الدولي برمته.
وقد خَفَّضَت الهجمات المكثفة التي تقوم بها جماعات مسلحة جديدة؛ مثل: جماعة "منتقمو دلتا النيجر" Niger Delta Avengers NDA))، منذ بداية هذا العام إنتاج نيجيريا من النفط إلى أدنى مستوى له في 22 عامًا، وكلَّف الرئيس محمدو بخاري الجيش بسحق الجماعة المذكورة؛ مما أدى إلى التعزيز السريع للوجود العسكري في المنطقة.
وثمة قلق متزايد من أن يشل تصعيد العنف إنتاج النفط في نيجيريا؛ مما سيكون له عواقب اقتصادية وأمنية وخيمة على البلاد، والتقرير الحالي يبحث في تصاعد التمرُّد في المنطقة، ويُبرز آثار ذلك على نيجيريا.
خلفية تجدد الأعمال القتالية 2006-2015
شهدت منطقة دلتا النيجر منذ التسعينات قلاقل تستهدف السيطرة على ثروتها النفطية، وبعد العودة إلى الديمقراطية في عام 1999 أخذت الموجة الكبيرة من الأعمال القتالية في المنطقة بُعْدًا مقلقًا يُضاهي ما وقع في عام 2006 عندما قام مسلحون -احتجاجًا على تهميش المنطقة- بشن تفجيرات متعدِّدة استهدفت المنشآت النفطية الحيوية، وبخطف عدد من الأجانب، وقد أسفرت هجماتهم عن مقتل عدة أشخاص، وعن الشل شبه الكامل لقدرات إنتاج النفط في نيجيريا وتصديره.
غير أن هذا التمرُّد توقَّف بعد موافقة المقاتلين على عرض الرئيس يارادوا عفوًا وبرامج تدريبية ومدفوعات نقدية شهرية تشمل حوالي 30 ألفًا من هؤلاء المتشدِّدين، بتكلفة سنوية تبلغ حوالي 500 مليون دولار.
جلب هذا الاتفاق السلام النسبي إلى المنطقة، كما ضمن استمرار إنتاج النفط؛ مما رفع الصادرات من حوالي 700 ألف برميل يوميًّا في منتصف عام 2009 إلى حوالي 2.4 ملايين برميل يوميًّا منذ عام 2011.
واستفاد العديد من قادة المتمرِّدين السابقين -مثل: أساري دوكوبو، والجنرال أبيكابوي "بويلوف"، وفيكتور بن، وآتيكا توم، وأكبوموبولو (اسمه المستعار هو توبولو)- من عقود مربحة لتأمين خطوط الأنابيب.
تم تمديد برنامج العفو، الذي كان من المفترض أن ينتهي في ديسمبر/كانون الأول 2015 إلى ديسمبر/كانون الأول 2017 من قِبَل الرئيس بخاري؛ ومع ذلك فإن التوتُّر كان قد بدأ في وقت سابق، وازداد أواره في المنطقة بعد خطاب تنصيب الرئيس بخاري في مايو/أيار 2015؛ إذ كشف فيه عن خطط لتحجيم البرنامج.
أنهى الرئيس في يونيو/حزيران 2015 عقود أمن خطِّ الأنابيب، التي كانت مبرمة مع المتشدِّدين السابقين، وعزَّز ذلك بملاحقة زعيم المتشدِّدين السابق تومبولو بتهمة الاحتيال في أحد العقود المبرمة معه، كما خَفَّض الرئيس بخاري مزيدًا من التمويل المخصص لبرنامج العفو بلغ ما يناهز 70% من ميزانية عام 2016، معلِّلًا ذلك بوجود عمليات فساد.
مع هذه التطورات وما تزامن معها من فشل في معالجة المظالم المحلية في المنطقة بشكل صحيح، أصبح تجدُّد الاشتباكات مسألة وقت قبل أن تطفو على السطح موجة أخرى من التطرف.
موجة جديدة من التشدد وردَّة فعل الرئيس بخاري
منذ يناير/كانون الثاني عام 2016 تهاجم عناصر إجرامية مجهولة منشآت النفط في منطقة دلتا النيجر؛ وردًّا على ذلك تعهَّد الرئيس بخاري بالتعامل بحزم مع ما تجدَّد من سرقة للنفط وتخريب لأنابيبه وانعدام للأمن في دلتا النيجر(5).
لكن تهديده لم يَحُلْ دون بروز جماعة (NDA)؛ التي أُعْلِن عن تشكيلها في الثالث من فبراير/شباط عام 2016، ومنذ ذلك الحين، نفَّذت هذه المنظمة الانفصالية -التي تسعى إلى استقلال المنطقة- هجمات بارزة على المنشآت النفطية في المنطقة(6).
تجدر الإشارة هنا إلى بعض من أبرز تلك الهجمات؛ ففي العاشر من فبراير/شباط، فجَّر مسلحون في بوني سوكو خط الغاز الذي ينقل الغاز إلى مصنع الغاز الطبيعي المسال بنيجيريا، وإلى محطة طاقة مستقلة في غباران. وفي يوم 13 من فبراير/شباط، أطلقت منظمة منتقمي دلتا النيجر (NDA) "عملية الاقتصاد الأحمر"، مانحة الحكومة مهلة 14 يومًا للرد على مطالبها (7). وفي اليوم التالي شنَّت هجومًا مدمِّرًا على أحد أكثر خطوط الأنابيب استراتيجية في شبكة الطاقة في البلاد؛ وهو أنابيب فوركادوس (TFP)؛ وهي الأنابيب التي تنقل النفط والمياه والغاز من حقول في غرب الدلتا إلى محطة نفط فوركادوس؛ التي يمر عبرها 400 ألف برميل في اليوم الواحد. وفي الثالث والعشرين من فبراير/شباط، حذَّرت حركة (NDA) من أنها ستواصل استهداف المنشآت النفطية إلى أن تعالج الحكومة المظالم التي تشكو منها، وفي الرابع من مايو/أيار 2016، فجَّر مسلَّحون من جديد منصة نفطية لشركة شيفرون (شيفرون فالف بلاتفورم)، التي تقع بالقرب من إسكرافوس في واري بولاية الدلتا، وفي اليوم التالي نفَّذَت هجومًا آخر على بئر شيفرون (D25) في آبيتاي وعلى خطوط الغاز المغذية لمصافي واري وكادونا.
بينما أعلنت هذه المنظمة (NDA) مسؤوليتها عن تلك الهجمات، حذَّر المتحدث باسمها آغبينيبو مادوك (Madoch Agbinibo)، بنبرة لا تخلو من الحماس والتحدي، من "أننا الآن، سننقل المعركة من جداول دلتا النيجر إلى أبوجا ولاغوس"(8).
على الرغم من غياب معلومات استخباراتية موثوقة تشير إلى قدرة (NDA) اللوجستية والعملياتية على شن مثل هذا الهجوم في تلك المناطق النائية؛ فإن هؤلاء المقاتلين نجحوا في الماضي في توسيع الرقعة الجغرافية لهجماتهم؛ حتى وصلوا إلى لاغوس في جنوب غرب نيجيريا، وما هجوم يوليو/تموز 2009 على مرسى أطلس كوف بلاغوس -الذي نفَّذته الحركة المنحلة التي كانت تدعو إلى استقلال دلتا النيجر- إلا سابقة في هذا الصدد.
في الوقت نفسه، فإن بعض القادة والجماعات داخل المنطقة وخارجها حذَّروا من تجدُّد الهجمات؛ بينما أنحى بعضهم الآخر باللائمة في أعمال العنف الأخيرة على التعامل الأرعن للرئيس بخاري مع برنامج العفو، وأشار آخرون بأصابع الاتهام إلى تومبولو (Tompolo) -زعيم المناضلين السابقين- الذي تجري حاليًّا محاكمته غيابيًّا بتهم الفساد، غير أن تومبولو نأى بنفسه عن (NDA).
على عكس الجماعات المتشدِّدة السابقة في دلتا النيجر -التي كانت تعمل تحت قيادات معروفة- فإن الجماعة الجديدة (NDA) لم تتَّضح بعد ملامح شراكاتها؛ مما أثار تكهنات حول مَنْ يقف وراء أعمال العنف الأخيرة.
وبالتالي، يتكهَّن ستيفن بأن مجموعة (NDA) هي على الأرجح "لسان حال" عدد من الجماعات المسلحة غير المنظمة في دلتا النيجر"(9).
وفي المستقبل، قد تجبر ردات فعل الحكومة غير المناسبة هذه المجموعة على أن تصبح أكثر تنظيمًا من الناحية التكتيكية ومتطورة وموجهة استراتيجيًّا من الناحية العملياتية، ولا شكَّ أن قدرة الجماعة على مهاجمة المناطق الحيوية من البنية التحتية للنفط في نيجيريا بدأت تجتذب اهتمامًا حقيقيًّا من طرف كل الجهات المعنية، واتسمت ردة فعل الرئيس بخاري بنوع من الغضب -له فعلاً ما يبرره- وأمر الجيش بسحق هذه الجماعة المسلحة الجديدة "(10).
شجعت هذه الأوامر الجيش على التباهي بأنه "سوف يستخدم كافة الوسائل والتدابير المتاحة في قواعد الاشتباك لسحق أي فرد أو جماعة تشارك في تدمير الممتلكات والمرافق الحكومية الاستراتيجية في دلتا النيجر، أو في أي مكان آخر من البلاد "(11). وقد ردَّ الجيش بغزو بعض المجتمعات المحلية في المنطقة في حصار عقيم للمتشدِّدين؛ الذين يقفون وراء موجة الهجمات الجديدة.
بينما كان الجيش يجوب المنطقة بحثًا عن المسلحين المنتمين إلى (NDA)؛ ظهرت على السطح مجموعة مسلحة جديدة: ريد إيغبوزو ووتر لاينز (Red Egbesu Water Lions)؛ وذلك في التاسع عشر من مايو/أيار 2016، وذَكَرت المجموعة الجديدة أنها تتكاتف مع (NDA)، ومع منظمة السكان الأصليين بيافرا (IPOB)، كما أعطت الحكومة مهلة سبعة أيام لتلبية مطالبها، التي شملت الإفراج عن نامدي كانو، الزعيم المعتقل لـ (IPOB)(12).
في العشرين من مايو/أيار عام 2016 كرَّر الرئيس بخاري توجيهه لرئيس هيئة الأركان البحرية (CNS)، بالتعامل بلا هوادة مع الـ (NDA) والجماعات المتشدِّدة الأخرى المسؤولة عن الانفجارات المتواصلة لمنشآت النفط والغاز في المنطقة، ولا شك أن ترجمة هذا التوجيه الرئاسي في نجاح حملة عسكرية فورية وسريعة لن تكون سهلة، وذلك بالنظر إلى العجز الإجمالي في عدد السفن الجاهزة في مستودعات البحرية النيجيرية.
وكان نائب الأدميرال في جهاز (CNS)، إيبوك-إيتي إيكوي قد عبَّر في أغسطس/آب عام 2015 عن أسفه لعجز البحرية عن الوفاء بالتزامها الدستورية في الدفاع عن المياه الإقليمية للبلاد لكون أكثر من 50% من أسطولها من السفن خارجة من الخدمة بسبب الإهمال(13)، ولم يتغير الكثير منذ ذلك الحين؛ إذ أكد المجلس الاقتصادي الوطني في 19 من مايو/أيار عام 2016 "أن الحكومة ليس لديها ما يكفي من السفن المجهزة للقيام بالدوريات، وتأمين شبكة خطوط الأنابيب في منطقة دلتا النيجر"(14)؛ ولذلك فإن نشر الجيش في منطقة ذات تضاريس صعبة دون تزويده بالقوات والمنصات المناسبة، يمكن أن يُحَوِّل مَهَمَّة عسكرية عادية إلى كارثة ضخمة، وإذا ما أصرَّ الرئيس بخاري على اتباع نهج المطرقة الثقيلة فإنه "من المرجح أن يتصاعد العنف في دلتا النيجر، وأن تعزِّز الحكومة وجودها العسكري، ويردَّ المسلحون بمزيد من الهجمات"(15).
وعلينا أن نتوقَّع أن تتغيَّر أهداف المسلحين وتكتيكاتهم كذلك؛ إذ يمكنهم أن يُرَكِّزوا على أهداف ذات قيمة عالية؛ مثل المغتربين العاملين في قطاع النفط وناقلات النفط، ويمكنهم كذلك القيام بأعمال تعذيب وترهيب للسكان المحليين بدعوى أنهم مخبرون للجيش؛ وبالإضافة إلى ذلك، فإن المواجهة بين "المسلحين الجدد" والمعارضين المعروفين من شأنها أن تزيد من تعقيد حالة انعدام الأمن في المنطقة؛ على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تشهد المنطقة أعمال عنف مكثفة مماثلة لما حصل ما بين عامي 2006 و2009؛ لكن من البديهي أن كل هجوم ناجح من قِبَل الجماعات المسلحة الجديدة سيزيد من خنق القصبة الهوائية للاقتصاد النيجيري.
تأثير الأعمال القتالية المتجددة على منطقة دلتا النيجر
من المؤكَّد أن تجدُّد الهجمات التي تشنُّها الجماعات المسلحة لا يُقَوِّض الاستقرار الاقتصادي في نيجيريا فحسب؛ بل يُهَدِّد بمفاقمة انعدام الأمن البحري في خليج غينيا (GoG)؛ وبسبب الهجمات الأخيرة على البنى التحتية لإنتاج النفط في نيجيريا، انخفض هذا الإنتاج من 2.2 ملايين برميل يوميًّا إلى حوالي 1.4 ملايين برميل فقط(16)، وتخسر نيجيريا بالفعل منذ إغلاق محطة إيكيا إيبوا -التي تشغلها إكسون موبيل- وإخلاء عمالها 2.79 مليار نيارا يوميًّا، وقد ضاعف هذا الوضع خسائر إيرادات النفط التي تكبَّدتها الحكومة نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014.
فاقمت هذه الهجمات وضع محطات الطاقة المزري أصلًا لما سببته من نقص في إمدادات الغاز إلى بعض محطات توليد الكهرباء؛ إذ أدَّت الأعمال القتالية إلى انخفاض توليد الكهرباء في نيجيريا من نحو 4800 ميغا وات (MW) في أغسطس/آب عام 2015 إلى 1000 ميغا وات مايو/أيار عام 2016(17)؛ مما قوَّض بشكل كبير مستوى الإنتاجية وتقديم الخدمات في عموم الاقتصاد النيجيري، كما أثر تجدُّد العنف على الأمن البحري في خليج غينيا؛ فلا تزال هجمات القراصنة -التي تشنُّ أساسًا من دلتا النيجر- تُشَكِّل تهديدًا رئيسًا لصناعة النفط في نيجيريا، وللملاحة التجارية في خليج غينيا.
ترتبط 70% من جميع الحوادث المرتبطة بالقرصنة في خليج غينيا مباشرة بالعصابات الإجرامية النيجيرية، ومعظمهم من منطقة دلتا النيجر؛ ففي الربع الأول من عام 2016، سجل حوالي 12 هجومًا في خليج غينيا؛ منها تسعة في نيجيريا وواحد في كوت ديفوار، واثنان داخل المياه الإقليمية لجمهورية الكونغو الديمقراطية(18).
إذا ما تصاعد العنف، فمن المرجح أن تزيد حركة (NDA) والجماعات الأخرى الساعية إلى التعاون معها من هجماتها على السفن والمنشآت البحرية، وبالتالي، فإن مصالح الدول الأجنبية والمستثمرين ستتعرض للمزيد من المخاطر، بما في ذلك توجيه هجمات مدمرة لمرافقها، واختطاف رعاياها، وأخذ موظفيها رهائن، وتقويض سلامة الملاحة في خليج غينيا بشكل كبير، كل ذلك من طرف منظمات جمعت بين الأعمال القتالية والقرصنة البحرية (milipirates).
الخلاصة والتوصيات
جعلت الرغبة في استعادة الاستقرار في منطقة دلتا النيجر، لضمان استمرار تدفُّق الإيرادات إلى خزائن الحكومة، الرئيس بخاري -جعلته- يُصدر أوامر للجيش لسحق التمرُّد المسلَّح المتجدِّد في المنطقة، وامتثالًا لتلك الأوامر عزَّز الجيش من وجوده في المنطقة؛ لكنه لم يحقِّق بعدُ نجاحًا ذا شأن في مَهَمَّة وقف الهجمات التفجيرية على منشآت النفط والغاز, وقد حثَّ وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، الرئيس بخاري على تجنُّب اللجوء إلى المواجهة العسكرية، محذرًا من احتمال تحوُّل الوضع إلى "كارثة"(19).
لتجنب المزيد من تصعيد العنف، ينبغي للرئيس بخاري اللجوء إلى حلول غير عسكرية لإدارة الصراع، وسيُحسِن الرئيس صُنعًا إذا اتخذ الإجراءات التالية:
- إصدار بيان رئاسي قوي اللهجة، يُؤَكِّد فيه التزام الحكومة بتطوير المنطقة، ومن المنطقي أن يشفع ذلك باستكمال برنامج العفو.
- عقد قمة إقليمية استراتيجية لإعطاء أصحاب المصلحة المعنيين فرصة للحوار، ورسم خارطة طريق لنزع فتيل التوتر المتصاعد.
- ضمان الإفراج الفوري عن الأموال اللازمة لتطوير البنية التحتية في المنطقة لتحفيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص للعمل.
- دعم المزيد من الحوار بين المجتمعات الواقعة في مناطق استخراج النفط، وبين شركات النفط متعددة الجنسيات للتوصُّل إلى حلٍّ حقيقي للنزاعات.
- توجيه الجيش للامتثال الصارم بقواعد الاشتباك عند القيام بعمليات ضد العناصر الإجرامية في المنطقة.
- إمداد الجيش بالمنصات والمنشآت الضرورية، التي تُؤَهِّله لتحقيق الكفاءة المنشودة في المجال البحري، والتمكُّن من جمع المعلومات الاستخبارية في المنطقة اللازمة بشكل أفضل.
_______________________________
فريدوم أنوهوا - زميل باحث في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية، كلية الدفاع الوطني، هربرت ماكولي واي نيجيريا.
1 - يحدد تعريف سياسي دلتا النيجر بأنها تتألف من الولايات التسع المنتجة للنفط في الجزء الجنوبي من نيجيريا: أبيا واكوا وبايلسا وكروس ريفرز ودلتا وإيدو وإيمو وأوندو وريفرز ستيتس.
2 - آر أوكيري (2015): "احتياطيات الغاز النيجيرية غير المستغلة، وانخفاض ثروات النفط الخام" الغارديان، 28 من يوليو/تموز (تم التصفح يوم 13 من مايو/أيار 2016):
http://guardian.ng/energy/nigerias-untapped-gas-reserves-and-declining-crude-oil-
3 - تل (2008) "50 سنة من النفط في نيجيريا ".
4 - ستراتفور، (2016) "مجموعة مسلحة جديدة في منطقة دلتا النيجر؟" (تم التصفح يوم 13 من مايو/أيار 2016):
https://www.stratfor.com/analysis/new-militant-group-niger-delta
5 - بريميوم تايمز، (2016) "بخاري يهدد مسلحي دلتا النيجر، ويقول: إن هزيمتهم لن تكون صعبة. (19 من يناير/كانون الثاني).
6 - إي أيميز وبي بيريز، (2016) "المنتقمون: الوجه الجديد للتشدد في دلتا النيجر دلتا"، فانغوارد، (تم التصفح يوم 13 من مايو/أيار 2016):
http://www.vanguardngr.com/2016/05/avengers-new-face-niger-delta-militancy
7 - للاطلاع على تفاصيل هذه المطالب، انظر: إي أيميز وبي بيريز، المرجع السابق.
8 - آر أوكيري وأس سالو وجيم أوكافور، (2016) "مسلحون يفجرون مرفأ شيفرون النفطي، ويتعهدون بالمزيد من الهجمات"، الغارديان، (تم التصفح يوم 13 من مايو/أيار 2016):
http://guardian.ng/news/militants-blow-up-chevron-oil-facility-vow-more-attacks
9 - د. ستيفن، (2016) "مجموعة مسلحة بدلتا النيجر تعلن الحرب على البحرية النيجيرية"، مركز الأمن البحري الدولي، (تم التصفح يوم 13 من مايو/أيار 2016):
http://cimsec.org/niger-delta-militant-group-declares-war-nigerian-navy/24958
10 - واو سوريوي وأو آدتايو وبي آكنلوي (2016) "بخاري يأمر الجيش بسحق جماعة مسلحة جديدة بدلتا النيجر"، بانتش (تم التصفح يوم 13 من مايو/أيار 2016):
http://www.punchng.com/buhari-orders-military-crush-new-niger-delta-militant-group
11 - مقر الدفاع: "القوات العسكرية تحذر مجموعة مسلحة جديدة بدلتا النيجر من عواقب ما تقوم به، defencehq، (تم التصفح يوم 11 من مايو/أيار 2016):
12 - فانغوارد 2016 "المتشددون يحولون هجومهم إلى بايلسا، قنبلة على خط أنابيب الغاز وطلب بالإفراج عن كانو"، دسوقي، (تم التصفح يوم 19 من مايو/أيار 2016):
http://www.vanguardngr.com/2016/05/militants-shift-attack-bayelsa-bomb-agip-gas-pipeline/
13 - أو نكالا 2015 "خمسون بالمائة من سفن البحرية النيجيرية خارجة من الخدمة، حسب رئيس الأركان البحرية" 28 من أغسطس/آب (تم التصفح يوم 12 من مايو/أيار 2016):
14 - تي سونيي وبي أوبي (2016) "NEC: FG تفتقر إلى الموارد لوقف التخريب وسرقة النفط، ذيس داي"، 20 من مايو/أيار، (تم التصفح يوم 22 من مايو/أيار 2016):
15 - إي بالا غباغبو 2016) "اتحاد عمال النفط النيجيريين يقولون: إن شل شيفرون أخلت عمالها" بلومبرغ، 9 من مايو/أيار (تم التصفح يوم 12 من مايو/أيار 2016):
16 - وكالة فرانس برس، (2016) "هجمات النفط في جنوب نيجيريا تنال من محطات الطاقة وإمدادات المياه"، 24 من مايو/أيار، (تم التصفح يوم 25 من مايو/أيار 2016):
18 - تي زيريهون، (2016) "مناقشة مفتوحة لمجلس الأمن بشأن القرصنة والسطو المسلح في بحر خليج غينيا، مساعد الأمين العام" إدارة الأمم المتحدة للشؤون السياسية، 25 من إبريل/نيسان، (تم التصفح يوم 12 من مايو/أيار 2016):
http://www.un.org/undpa/en/speeches-statements/25042016/Piracy-Gulf-of-Guinea
19 - فانغوارد (2016) "المملكة المتحدة تحذر بخاري: استخدام المواجهة العسكرية في دلتا النيجر قد يتمخض عن "كارثة"، 15 من مايو/أيار، (تم التصفح يوم 12 من مايو/أيار 2016):