تقود السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارًا على قطر بهدف عزلها اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا. وقد فرضت الدول الأربعة، في الخامس من يونيو/حزيران 2017، حصارًا بريًّا وبحريًّا وجويًّا على قطر. ويبرز حرمان الأشخاص من التنقل بحرية داخل المنطقة كأحد أكثر أوجه تداعيات الحصار إيلامًا والأعلى ثمنًا؛ حيث لدى أغلب سكان المنطقة علاقات أسرية عابرة للحدود نالها أكبر قسط من التأثر جرَّاء الحصار. بالإضافة إلى تأثر حركة السفر جراء ذلك؛ فوجهات السفر التي لم يكن يستغرق بلوغها سوى سويعات قليلة باتت اليوم تستغرق وقتًا أطول بكثير، والمثال الأكثر دلالة على تأثر حركة السفر بالحصار هو وقت الرحلة جوًّا من دبي إلى الدوحة، حيث لا تتجاوز المسافة بين المدينتين 380 كيلومترًا، والتي لم تكن تستغرق سوى ساعة وربع الساعة، لكن بعد الحصار أصبح أسرع وقت ممكن أن تستغرقه الرحلة من دبي إلى الدوحة مع توقف في مطار مسقط، يبلغ 3 ساعات وربع الساعة.
على مستوى آخر، كانت قطر تستورد 80% من احتياجاتها الغذائية من دول الجوار الأكبر، بمن فيها السعودية والإمارات، قبل أن تقطعا علاقاتهما مع الدوحة(1)؛ فكان على قطر البحث عن أسواق بديلة لاستيراد احتياجاتها الغذائية، وهو ما أثَّر، على الأقل إلى حد الآن، على توفر بعض أنواع المواد الغذائية في السوق القطرية.
عملت دول الحصار، وعلى وجه الخصوص السعودية والإمارات، على ممارسة مختلف الضغوط على دول أخرى للِّحاق بهما في حصار قطر. وقد وظَّفت، في بعض الحالات، إمكاناتها المالية في سبيل الضغط على عدد من البلدان للانضمام إلى الحصار. في المقابل، واجهت قطر تلك الخطوات بتفعيل دور دبلوماسيتها بقيادة وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي جال مختلف دول العالم بهدف محاولة تطوير العلاقات ومنع أي تصعيد مستقبلي. من جانبه، قام أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أيضًا بعدد من الزيارات الرسمية لعدد من عواصم العالم، خلال السنة التي تلت الحصار للدفاع عن موقف قطر.
تبحث هذه الورقة ردود فعل الدول الإفريقية، الواقعة في جنوب الصحراء، من حصار قطر وترصد الأسباب خلف انضمام بعض بلدان المنطقة إلى الحصار وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. كما تنظر في مبادرات قطر السياسية والدبلوماسية الموجهة لهذه البلدان بهدف تخفيف وطأة الحصار. هذا، بالإضافة إلى دراسة المنهجية التي اتَّبعتها قطر في توظيف مختلف الأساليب الدبلوماسية لإقناع باقي الدول الإفريقية بعدم الانضمام إلى الحصار المفروض عليها. وتلقي الورقة أيضًا نظرة سريعة على كيفية تعامل مختلف دول المنطقة، التي تشكل تكتلات قوية داخل الاتحاد الإفريقي، مع قضية حصار قطر، ومن ثمَّ ترصد موقف الاتحاد الإفريقي نفسه من الحصار، لتنتهي إلى وضع استنتاج من خلال الإجابة على السؤال الذي أثارته: كيف أثَّر حصار قطر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي على علاقات الدوحة مع إفريقيا؟
حصار قطر يكشف "الدول التابعة" في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء
تضمَّن المسار السياسي الذي قاد إلى إعلان الحصار جملة من الاختلالات تجدر الإشارة لها في هذا السياق:
أولًا: نشرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية تصريحات منسوبة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، زُعم أنه دعا فيها كلًّا من مصر والإمارات والبحرين لمراجعة مواقفها "المعادية للدوحة".
ثانيًا: تضمَّنت تلك التصريحات المزعومة، والمنسوبة لأمير قطر، أيضًا إعلان رؤيته لكلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية وإيران وإسرائيل وحزب الله اللبناني وحركة المقاومة الفلسطينية، حماس(2). جاء الرد القطري الرسمي سريعًا ونافيًا صحة تلك التصريحات المنسوبة لأمير الدولة، لكن وبالرغم من ذلك النفي القطري الرسمي، استمرت قنوات تلفزيونية مملوكة للإمارات والسعودية في إعادة بث التصريحات المزعومة مفجِّرة أزمة دبلوماسية تلاها إعلان الحصار(3).
بعد فرض الحصار على قطر اقتدت بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء بالدول المحاصِرة، فكان أن أعلنت دُول موريشيوس وموريتانيا والسنغال والمالديف وتشاد وجزر القمر انضمامها للحلف المحاصر، في حين امتنعت الغابون عن تعليقٍ كاملٍ لعلاقاتها مع الدوحة وإن أدانت ما سمَّته "سلوك قطر". النيجر من جانبه استدعى سفيره في الدوحة في خطوة تضامُن مع دول الحصار، لكنه أيضًا لم يقطع علاقاته بالكامل مع دولة قطر. أما دولتا جيبوتي وإرتيريا فأيَّدتا الحصار، عبر بيانين متفرقين وغير منسَّقَيْن، لكنهما ظلَّتا مترددتين في قطع علاقتيهما بقطر. وجاء الرد القطري -شبه المباشر- على دعم الدولتين، المتحاربتين فيما بينهما، بأن بادرت إلى سحب حوالي 500 جندي من قواتها التي كانت تُرابط، في مهمة لحفظ السلام، على الحدود بين جيبوتي وإرتيريا منذ العام 2004(4).
تمثَّلت اتهامات دول الحصار لقطر في دعمها للإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة، وهي التهم التي قادت إلى فرض الحصار عليها. وهي ذات الحجج التي استخدمتها الدول المحاصرة في طلبها من الدول الإفريقية اللحاق بها في خطوتها تلك وإعلان مقاطعتها للدوحة متَّبِعة، في سبيل تحقيق هدفها "سياسة الجيب الملآن"، بمعنى أنها وظَّفت المال لاستمالة بعض الدول لرُكوب موجة مقاطعة قطر كما سنُبينه في تالي الفقرات.
أنفقت دولة الإمارات في سبيل مساعدة الدول الأجنبية على النمو أكثر من أية دولة أخرى في العالم مقارنة بحجم ثروتها الوطنية، وهذا ما أكدته تقارير رسمية صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(5)(OECD). وتقع أغلب الدول المستفيدة من تلك المساعدات في جنوب صحراء إفريقيا، غير أن بعض تلك البلدان، المنضمَّة إلى دول الحصار، استغلت الفرصة لتصفية حساباتها القديمة مع قطر.
نقرأ في تقدير صادر عن منظمة الغذاء العالمية أن 42% من الشعب الموريتاني يعيش في فقر مدقع، ومن المعلوم أن موريتانيا تعتمد، بشكل كبير، على المساعدات القادمة أساسًا من الخليج العربي لتمويل أغلب مشاريعها الإنمائية. كانت مؤسسة "قطر الخيرية" ناشطة جدًّا في موريتانيا، وقدمت عطاءات واسعة للدولة بهدف تخفيف الحمل عن كاهلها. ووفقًا للموقع الإنجليزي لوزارة الخارجية القطرية، نقرأ "ثمَّة حضور للكوادر الموريتانية داخل المؤسسات والجامعات الوطنية القطرية. هذا كما أن للمؤسسات الخيرية القطرية أيضًا نشاطًا قويًّا داخل موريتانيا، وهو ما يشكِّل إطارًا إيجابيًّا للتعاون البيني بين البلدين، بالإضافة إلى الحضور القطري اللافت على مختلف المستويات الرسمية والشعبية الموريتانية".
من جانبها، أعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، مؤخرًا، عن أن تبرعات عام 2018 من نسخة "مبادرة عطايا"، وهو معرض سنوي تشرف عليه هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ستُخصَّص لدعم مشاريع تنمية البنية التحتية والصحية في قرية، دالي كمب، الموريتانية حيث يعاني نصف سكانها من العمى الوراثي(7). وبناءً على تلك المساعدات المالية الإماراتية المقدمة لهذا البلد، يمكن استنتاج أن ذلك هو السبب، ربما، الذي جعل موريتانيا تنحاز إلى جبهة الدول المحاصرة لقطر. لكن، ورغمًا عن ذلك، أبقت قطر على نشاطاتها الخيرية في موريتانيا بقطع النظر عن موقف نواكشوط.
أمضت موريشيوس على اتفاقيات تجارية ضخمة مع عدد من الحكومات والمستثمرين الأجانب. ولمواطني موريشيوس علاقات وطيدة مع جاليات المغتربين الهنود الأغنياء، وبخاصة مع المغتربين في الإمارات. أمضت الإمارات وموريشيوس اتفاقًا مهمًّا حول الضريبة المزدوجة على الدخل عام 2006. كما وقَّع البلدان أيضًا، عام 2015، اتفاق تعاون مشترك بتشجيع وحماية الاستثمارات، ويقضي الاتفاق بالتزام الطرفين بتنمية وتشجيع الاستثمارات من خلال وضع شروط ملائمة لجذب رؤوس الأموال وتيسير عمليات تنسيق الاستثمارات لتكون متوافقة مع القوانين والتشريعات المعمول بها في البلدين؛ مع ضرورة أن تلقى الاستثمارات تعاملًا إداريًّا منصفًا وعادلًا، من قبيل توفير الحماية للاستثمارات من أي إجراءات تعسفية أو تمييزية؛ والمحافظة على الاستثمارات وتوسيع حجمها وعرضها للبيع؛ وتصفية الاستثمارات(9).
العلاقات الاقتصادية بين موريشيوس والإمارات في غاية الأهمية. فبالإضافة إلى ما سبق، تتمتع الجالية الهندية المقيمة في الإمارات بعلاقات أسرية قوية مع سكان موريشيوس.
لكن، لم يمر وقت طويل حتى عادت العلاقات بين موريشيوس وقطر إلى طبيعتها لاحقًا؛ فقد قام وزير الخدمات المالية والحوكمة الرشيدة، دارمندار سيسونغكور، بزيارة إلى الدوحة، في 23 مارس/آذار 2018. خلال زيارته، حثَّ الوزير رجال الأعمال القطريين على الاستثمار في عدد من المشاريع ذات العائد الربحي الجيد في موريشيوس، خاصة في القطاع المالي، والتي تم إدراجها على جدول الأعمال فعليًّا الآن(10).
بعد بيان ما سبق، فإن قطع العلاقات السنغالية مع قطر لم يشكِّل صدمة لأغلب من كانوا يتابعون التطورات السياسية في البلدين. لكن العلاقات بين الدوحة وداكار استعادت مسارها الطبيعي بعد تلك القطيعة المؤقتة. جاء إعلان عودة العلاقات بين قطر والسنغال في تغريدة على تويتر، منشورة في 22 أغسطس/آب 2017، للسفير أحمد بن سعيد الرميحي، مدير المكتب الإعلامي في وزارة الخارجية القطرية، وقد تضمنت تغريدته أيضًا صدور قرار السنغال بإعادة سفيره إلى الدوحة(11). ووفقًا لوكالة الأنباء التركية، الأناضول، فإن القرار السنغالي اتُّخذ على إثر مكالمة هاتفية جرت بين أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس السنغالي، مكِّي صال. طبعًا كان أن تعطَّل العمل بعدد من مذكرات التفاهم بين البلدين خلال فترة انقطاع العلاقات بينهما، لكن إعادة العلاقات البينية سيؤدي إلى تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجالات مختلفة، وهو ما كان من حصيلة النتائج التي حققتها الجولة الإفريقية التي قام بها أمير قطر في عدد من بلدان غرب إفريقيا في ديسمبر/كانون الأول 2017.
كشفت التحقيقات الصحفية أيضًا عن فساد داخل ذلك البلد السياحي الصغير تورَّط فيه قاضٍ رفيع ونائب سابق لرئيس جمهورية المالديف في عمليات اختلاس لأموال الدولة. وقد هدَّد الحزب الحاكم في المالديف بلجوئه إلى تفعيل قوانين التشهير، المثيرة للجدل، ضد أية جهة منخرطة في إنتاج أو بث ما وصفه الحزب بمزاعم كاذبة عن وجود فساد في البلاد. لكن، ثمة أيضًا دافع آخر خلف قرار حكومة المالديف، فمنذ توليه منصب الرئاسة في نوفمبر/تسرين الثاني 2013، بنى الرئيس يامين علاقات وثيقة مع كل من السعودية والصين. وخلال زيارته الرسمية الثانية إلى السعودية، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016، تعهد السعوديون بتقديم هبة بقيمة 150 مليون دولار لمساعدة حكومة المالديف على تسديد دَيْن كانت الحكومة الحالية قد اقترضته من أجل إطلاق مشاريع طموحة لتشييد البنية التحتية للبلاد. كما قدَّم الصندوق السعودي للتنمية قرضًا لحكومة الرئيس يامين بقيمة 100 مليون دولار عام 2017 لتمويل بناء جناح جديد في مطار فيلانا الدولي لاستقبال المسافرين، والذي ستُشرف على تشييده مجموعة بن لادن السعودية للإنشاءات(13).
تغيَّر مجرى الأحداث لاحقًا بين قطر وتشاد؛ ففي تاريخ 21 فبراير/شباط 2018، أمضى وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الشؤون الخارجية والتكامل الإفريقي والتعاون الدولي في جمهورية تشاد، شريف محمد زيني، مذكرة تفاهم مشتركة أُعيدت على إثرها العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
كانت تشاد تخوض مفاوضات، منذ العام 2014، حول شروط وأحكام قرض بقيمة مليار و450 مليون دولار مقدَّم لها من شركة "غلينكور" (Glencore). كان القرض مخصَّصًا لتمكين نجامينا من شراء أصول شيفرون في حوض دوبا. في شهر مارس/آذار 2018، وقَّعت تشاد مع غلينكور على الاتفاق في باريس-فرنسا، وقد تمَّ ذلك الاتفاق الجيد بالنسبة لتشاد، أساسًا، بفضل جهود قطرية بُذلت في الكواليس(17)؛ حيث إنَّ هيئة الاستثمار القطرية هي أكبر مساهم في مجموعة غلينكور.
سنخصص المحاور الآتية لبيان ردود أفعال بلدان منطقة جنوب الصحراء الإفريقية حيال الحصار. وسنركز على أكبر مناطق ذلك الإقليم: غرب إفريقيا، وشرقها وجنوبها. كما سنتطرق أيضًا لموقف الاتحاد الإفريقي من الحصار.
هكذا إذن، يمكن القول: إن نتيجة الجهود القطرية المشار إليها أعلاه أثمرت صمودًا قطريًّا في غرب إفريقيا، باستثناء موريتانيا التي لا تزال مستمرة في المقاطعة.
في 11 يوليو/تموز 2017، ترأست وزيرة دولة جنوب إفريقيا للخارجية والعلاقات الدولية والتعاون، مايتي نكوانا-ماشاباني، وفدًا رفيع المستوى في زيارتها الثانية لدولة قطر خلال عام واحد. ووفقًا لوزارة خارجية دولة جنوب إفريقيا، فإن زيارة الوزيرة ماشاباني "تهدف إلى تعزيز وتوطيد العلاقات" بين جمهورية جنوب إفريقيا وقطر. وفيما بين 2016 و2017 تبادل زعيما جمهورية جنوب إفريقيا وأمير قطر زيارات على غاية من الأهمية. ففي مايو/أيار 2016، قاد جاكوب زوما، الرئيس السابق لجمهورية جنوب إفريقيا، وفدًا وزاريًّا رفيع المستوى لزيارة قطر. وفي 11 أبريل/نيسان 2017، رد أمير قطر الزيارة وقاد وفدًا ضم أعضاء في الحكومة القطرية إلى جمهورية جنوب إفريقيا. في التاسع من أغسطس/آب 2017، أعلنت قطر عن إلغاء تأشيرة الدخول إلى البلاد بالنسبة لمواطني أكثر من 80 دولة، بما فيها جمهورية جنوب إفريقيا، وبذلك، بات مواطنو جمهورية جنوب إفريقيا الأفارقة الوحيدين الذين يتمتعون بهذا الامتياز، وقد تبع قرار إلغاء التأشيرة زيارة رسمية رفيعة المستوى من حكومة جمهورية جنوب إفريقيا لقطر. ومن المفيد التذكير هنا بأن جمهورية جنوب إفريقيا تترأس مجموعة مؤلفة من 15 دولة قوية في منطقة جنوب إفريقيا، تسمى "مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية" (SADC).
أما عن زيارة الأمير لإثيوبيا فقد أظهرت حرص هذا البلد على تشجيع وجذب الاستثمارات القطرية وفتح الأبواب مشرعة أمام رجال الأعمال، في مختلف المجالات، من أجل تنفيذ مشاريع مشتركة بين البلدين من شأنها تحفيز وتنشيط الاقتصاد الإثيوبي، وتمثل في نفس الوقت فرصًا إيجابية للمستثمرين القطريين في بعث مشاريع في الخارج تكون لها عائدات اقتصادية واجتماعية جيدة(21).
تستضيف إثيوبيا المقر الرئيسي للاتحاد الإفريقي، وهو ما يجعل هذا البلد مهمًّا للغاية. هذا بالإضافة إلى قرب إثيوبيا من الخليج، وتمتعها بتاريخ من العلاقات الجيدة مع دوله، علاوة على إمكانية الوصول اليسير إلى المنطقة. كل ذلك جعل إثيوبيا جزءًا وقطعة من التركيبة السياسية العامة لمنطقة الشرق الأوسط.
تمثِّل أديس أبابا -عاصمة إثيوبيا- وجهة لعدد متزايد من دول العالم الساعية إلى حشد التأييد وممارسة الضغط من أجل دعم إفريقيا سياسيًّا. وقد تحولت إثيوبيا، بسبب وجود مقر الاتحاد الإفريقي على أرضها، إلى "محطة وقوف ضرورية" لعدد من البلدان الراغبة في الحصول على دعم سياسي إفريقي. فقد اجتمع وزير خارجية السعودية، عادل الجبير، في أديس أبابا مع الزعماء الأفارقة، على هامش القمة الثالثة عشرة للاتحاد الإفريقي، محاولًا حشد تأييد الأفارقة للحصار الذي فرضه التحالف الرباعي العربي على قطر، غير أن الإجابة الإفريقية بإجماع كل الزعماء الأفارقة أكدت على ضرورة حل الأزمة الخليجية بالطرق السلمية.
من ناحية أخرى، كانت قطر منخرطة في قضايا منطقة شرق إفريقيا منذ زمن ليس بالقصير، فقد لعبت دورًا محوريًّا في جسر هوة الخلاف بين إريتريا وجيبوتي وأرسلت قواتها في مهمة لحفظ السلام إلى الحدود بين البلدين. أما السودان والصومال، فدَعَيا إلى الحوار وحل الأزمة سلميًّا وصولًا إلى رفع الحصار.
واصلت قطر العمل على تعزيز علاقاتها مع شرق إفريقيا، وآخر جهد سياسي قطري في هذا الاتجاه كان مشاركة قطر في مؤتمر دولي عالي المستوى حول الصومال، استضافته العاصمة البريطانية لندن في السابع من مايو/أيار 2018. خلال أعمال المؤتمر، أكدت قطر على اهتمامها بمواصلة مساعدة الصومال عبر الدعم السياسي وتقديم مساعدة مالية بحوالي 385 مليون دولار(22).
أجمعت كل البلدان الإفريقية على أن قضية الحصار والنزاع السياسي المصاحب له في الخليج لا يمكن حلها إلا في إطار من الحوار السلمي. وتعكس مواقف البلدان الإفريقية موقف الاتحاد الإفريقي، حيث تلعب تلك البلدان دورًا مهمًّا جدًّا في تشكيل السياسة الخارجية الإفريقية بشكل عام، من خلال الاتحاد الإفريقي. وقد انتهت لجنة من الاتحاد الإفريقي إلى توصية بأنه على أعضاء مجلس التعاون الخليجي، وبشكل عاجل، الدخول في حوار فيما بينها لتسريع التوصل إلى حل للأزمة(23). وعلى أية حال، فإن الحصار جرس إنذار لدولة قطر من أجل تعزيز علاقاتها ومواقفها السياسية وتعاملاتها مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وهو ما شهدته الدوحة فعلًا خلال الشهور الاثني عشر الماضية، وإن بدافع الضرورة.
(1) Osborne, Samuel, “Qatar crisis: Iran begins food aid flights into nation isolated by Arab neighbors”, Independent, 11 June 2017, (Visited on 21 March 2018): http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/qatar-crisis-iran-food-flights-shortages-isolated-by-arab-neighbours-saudi-arabia-a7784871.html
(2) Alfa Shaban, Abdur Rahman, “Africa News, Crisis: AU urges speedy resolution through dialogue”, africanews, 17 June 2017, (Visited on 08 May 2018): http://www.africanews.com/2017/06/17/qatar-gulf-crisis-au-urges-speedy-resolution-through-dialogue
(3) al Mesri, Ahmed, “Qatar slams media over “fake” remarks by emir”, Anadolu Agency, 24 May 2017, (Visited on 08 May 2018): https://www.aa.com.tr/en/middle-east/qatar-slams-media-over-fake-remarks-by-emir/825087
(4) - “Arab states issue 13 demands to end Qatar-Gulf crisis”, aljazeera, 12 July 2017, (Visited on 08 May 2018): https://www.aljazeera.com/news/2017/06/arab-states-issue-list-demands-qatar-crisis-170623022133024.html
(5) - “Qatar – Gulf crisis: Your questions answered, Al Jazeera English website, aljazeera, 5 December 2017, (Visited on 21 March 2018): https://www.aljazeera.com/indepth/features/2017/06/qatar-gulf-crisis-questions-answered-170606103033599.html
(6) - Yousef Elsayed Abdelrehim, Ahmed, “Senegal restores its ambassador to Qatar”, Anadolu Agency, 22 August 2017, (Visited on 21 March 2018): https://aa.com.tr/en/middle-east/senegal-restores-its-ambassador-to-qatar/890618
(7)- Hammond, Joseph, “Qatari’s withdrawal from Horn of Africa was retaliatory, al-Arabiya, 21 September 2017, (Visited on 08 may 2018): http://english.alarabiya.net/en/features/2017/09/21/Qatar-s-withdrawal-from-Horn-of-Africa-was-retaliatory.html
(8) - “Stealing Paradise”, Al Jazeera Investigative Unit, (Visited on 21 March 2018): https://www.aljazeera.com/investigations/stealing-paradise
(9) - “UAE ranked world’s top aid donor for third consecutive year”, gulfnews, 11 April 2017, (Visited on 21 March 2018): http://gulfnews.com/news/uae/aid/uae-ranked-world-s-top-aid-donor-for-third-consecutive-year-1.2009870
(10) - “Maldives severs diplomatic ties with Qatar”, maldivesindependent, 5 June 2017, (Visited on 08 May 2018) http://maldivesindependent.com/politics/maldives-severs-diplomatic-ties-with-qatar-131067
(11)- “Mauritania breaks diplomatic ties with Qatar, Gabon voices condemnation”, Reuters, 7 June 2017, (Visited on 08 May 2018): https://www.reuters.com/article/us-gulf-qatar-mauritania-idUSKBN18X2ZH
(12)- “UAE contributes to health projects in Mauritania”, Emirates News Agency, 7 March 2018, (Visited on 21 March 2018): http://wam.ae/en/details/1395302672848
(13)- Abdulhameed Al Mudanka, Faisal, “The road to the Comoros and the petrodollar”, gulf-times, 5 June 2017, (Visited on 21 March 2017): http://www.gulf-times.com/story/560005/The-road-to-the-Comoros-and-the-petrodollar
(14)- “Mauritius severs diplomatic ties with Qatar”, newsofbahrain, 6 June 2017, (Visited on 21 March 2018): http://www.newsofbahrain.com/viewNews.php?ppId=34178&TYPE=Posts&pid=22&MNU=3&SUB=88
(15)- “UAE, Mauritius ink pact for bilateral investments”, khaleejtimes, 23 September 2015, (Visited on 21 March 2018): https://www.khaleejtimes.com/business/economy/uae-mauritius-ink-pact-for-bilateral-investments
(16)- “Qatari executives back multi-cloud’s business potential”, Qatar Tribune, 23 March 2018, (Visited on 08 May 2018): http://www.qatar-tribune.com/news-details/id/117571
(17) - “Comoros Economic Outlook”, African Development Bank Group, 2018, (Visited on 21 March 2018): https://www.afdb.org/en/countries/east-africa/comoros/comoros-economic-outlook
(18) - “Qatar-Ethiopia ties towards new phase of co-operation”, gulf-times, 10 April 2017, (Visited on 08 May 2018): http://www.gulf-times.com/story/543830/Qatar-Ethiopia-ties-towards-new-phase-of-co-operat
(19) - “Qatar attends international conference on Somalia”, gulf-times, 7 March 2018, (Visited on 08 May 2018): http://www.gulf-times.com/story/584174/Qatar-attends-international-conference-on-Somalia
(20) - “Zimbabwe explore ways to expand trade ties”, gulf-times, 8 May 2018, (Visited on 08 May 2018): http://www.gulf-times.com/story/591928/Qatar-Zimbabwe-explore-ways-to-expand-trade-tie
(21) - “Qatar’s discreet game behind Glencore-Deby deal”, Africa Intelligence, 6 March 2018, (Visited on 08 May 2018): https://www.africaintelligence.com/aem/oil/2018/03/06/qatar-s-discreet-game-plan-behind-glencore-deby-deal,108297173-eve
(22) - Emir receives message from Mali President, thepeninsulaqatar, 22 January 2018, (Visited on 08 May 2018): https://www.thepeninsulaqatar.com/article/22/01/2018/Emir-receives-message-from-Mali-President
(23) - “Doha: Mnangagwa holds talks with the leader of Qatar”, New Zimbabwe, 8 May 2018, (Visited on 08 May 2018) https://www.newzimbabwe.com/doha-mnangagwa-holds-talks-with-the-leader-of-qatar/