مقدمة
تبدو عملية تفكيك وفهم آلية صنع القرار السياسي في الجزائري صعبة خصوصًا عندما يتعلق بفهم ميكانيزمات عمل مؤسسة رئاسة الجمهورية التي تمسك بهرمية التأثير السياسي وزمام السلطة التنفيذية ومن ثم التأثير بفعالية على أداء بقية المؤسسات الأخرى على غرار المؤسسة التشريعية والقضائية(1).
ولعل ما اعتور أداء المؤسسة البرلمانية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة من حيث جودة أدائها وتأثيرها في صياغة النصوص التشريعية يدخل ضمن هذا الإطار؛ إذ يسجِّل خبراء القانون الدستوري في تحليلهم لطبيعة العلاقات بين المؤسسات السياسية في الجزائر طبيعة السلطة المهيمنة والمؤثرة للسلطة التنفيذية على بقية السلطات.
منذ سنة 1999 مع بداية عهدة بوتفليقة، غلبت عملية التشريع بأوامر رئاسية على التشريع الصادر عن البرلمان ويعود ذلك إلى كاريزما الرئيس من جهة فقد اتخذ قرارات مصيرية واستراتيجية ناهيك على أن الدستور الجزائري يعطي صلاحيات واسعة للسلطة الرئاسية وهو ما أقره التعديل الدستوري الأخير في 2016 خصوصًا المادة 214(2).
بهذا الصدد، ورغم مرض الرئيس منذ سنة 2013، إلا أن مؤسسة الرئاسة -الرئيس بوتفليقة ومحيطه من المستشارين- ظلت تشتغل وفق هيكلية محكمة الإغلاق Structure fermée وهي تؤثر بفعالية باعتبارها صاحبة اليد الطولي في مختلف مجريات العمليات السياسية.
وفي الحالة الجزائرية ينبغي الإشارة إلى ملمح مهم يرتبط بمختلف المواعيد السياسية والانتخابية في الجزائر وهو المتغير الدولي والإقليمي للدول ذات الصلة الوثيقة بالجزائر؛ سواء تعلق الأمر بالاتحاد الأوروبي كفضاء وكتلة موحدة، أو كفرنسا التي يتقاسم معها الجزائريون ماضيًا استعماريًّا أليمًا لم يُمحَ من الذاكرة التاريخية ويتقاسمون معها مصالح اقتصادية باعتبارها الشريك الأول اقتصاديًّ.؛ لذلك فإن صناعة القرار السياسي والهندسة الانتخابية في الجزائر ترتبط بالمعطى الدولي باعتباره ذا أثر شديد الحساسية.
محاولة للفهم
أظهرت أزمة البرلمان الجزائري، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، والتي انتهت بإسقاط الرجل الثالث، السعيد بوحجة، من قمقمه رئيسًا للبرلمان بعد سحب الثقة وانتخاب البرلماني، معاذ بوشارب، أزمة سياسية ودستورية لا تزال تثير نقاشًا سياسيًّا لدى النخبة والشارع السياسي في الجزائر. فإزاحة رئيس البرلمان بطريقة سحب الثقة هو إجراء لا يوجد ما يشير إليه في النص القانوني والدستوري في الجزائر إلا في حالات ترتبط بالاستقالة أو الوفاة أو التنافي أو العجز الصحي أو ما ارتبط بجرائم توجب رفع الحصانة عنه ومن ثم تنحيته(3). ويعود سحب الثقة في جزء منها إلى خلافات حول طريقة تسييره الإدارية لدواليب المؤسسة التشريعية الجزائرية حسب دعاوى مناوئيه.
ويمكن بهذا الصدد الإشارة إلى الملاحظات الجوهرية التالية:
• أولًا: الأزمة الهيكلية البرلمانية ترتبط بمرتكزات سياسية يجب إدراكها لما لها من علاقة بالمشهد المستقبلي لرئاسيات 2019، بمعنى مرحلة العهدة الخامسة لبوتفليقة أو لمن سيخلفه من حزب جبهة التحرير الوطني "الأفلان" وهو حزب الأغلبية البرلمانية.
• ثانيًا: هذه الأزمة أعادت الطرح الدستوري العميق في العلاقة بين السلطة التنفيذية ومدى هيمنتها على السلطة التشريعية، على اعتبار أن الرئيس الحالي يُعتبر الرئيس الشرفي لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، والوزير الأول وظيفته هي تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية ليس إلا.
• ثالثًا: أن الأزمة التي شهدها البرلمان لا يمكن أن تُفهم إلا في سياق إعادة ترتيب المشهد السياسي والأمني الجزائري على اعتبار أن الجزائر مقبلة على انتخابات رئاسية ينتظر منها أن تعيد صياغة خارطة المشهد السياسي، لذلك سبقت هذه العملية إزاحة شخصيات عسكرية وأمنية وإعادة هيكلة بعض المؤسسات التي لها علاقة بالأمن والجيش وجهاز الدرك والحماية المدنية.إزاحة رئيس البرلمان أم تصدع صورة المؤسسة التشريعية؟
قام مكتب البرلمان الذي يعتبر هيكلًا إداريًّا داخل المؤسسة التشريعية والذي تسيطر عليه غالبية من الحزب الحاكم "الأفلان" بتفعيل النظام الداخلي للمجلس الذي يعطيه صلاحية إعلان شغور رئاسة المجلس وإخطار المجلس الدستوري بذلك استنادًا إلى حالة عجز الرئيس الحالي، السعيد بوحجة، عن أداء مهامه بعد رفض 351 من مجموع 462 نائبًا في المؤسسة التشريعية الاستمرار في العمل معه وتحديد جلسة عامة خلال 15 يومًا لانتخاب رئيس جديد. وهو ما تم فعليًّا لكن خبراء في القانون الدستوري اعتبروا هذا التطور بمنزلة انقلاب وإجراء غير دستوري؛ إذ يحصر النظامُ الداخلي رئاسةَ اجتماعات مكتب البرلمان برئيس البرلمان، كما أن المجلس الدستوري مرتبط بشأن شغور منصب رئيس البرلمان بتحقيق حالة من بين أربع حالات للشغور المذكورة سلفًا.
وقد أفلحت الكتل النيابية الخمس الموالية للرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في فرض ما تصفه بشرعية الأمر الواقع. ويرى متابعو الشأن الجزائري أن الدائرة المحيطة بالرئيس بدأت حملة تطهير داخلي للخصوم حتى وإن كانوا من أعضاء الحزب الحاكم أو من قادة الجيش والأمن في خطوات تمهِّد لتعبيد طريق الرئاسة لمن سيتم اختياره خلفًا لبوتفليقة الذي لم يعلن ترشحه رسميًّا بعد(4).
وفي هذا السياق، زكَّى نوابُ الموالاة بمجلس الشعبي الوطني الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري، الأربعاء 24 أكتوبر/تشرين الأول 2019، معاذ بوشارب رئيسًا للهيئة بعد الإطاحة بسعيد بوحجة في جلسة مثيرة للجدل قاطعتها كتلة المعارضة بدعوى أنها غيرُ قانونية، وذلك خلال جلسة عامة للمجلس ترأَّسها الحاج الطيب أكبر الأعضاء سنًّا وخُصصت للتصويت على تقرير اللجنة القانونية حول شغور منصب الرئيس وانتخاب آخر جديد لإنهاء أزمة بين نواب الموالاة والرئيس. وكما كان متوقعًا، فقد زكَّى نواب الموالاة إعلان حالة الشغور تلك، وذلك بعد احتراب ومناكفات أدت إلى غلق المؤسسة التشريعية من طرف النواب بالمفاتيح والسلاسل بسبب أزمة دامت ثلاثة أسابيع، وتمت تزكية معاذ بوشارب، رئيس الكتلة النيابية للحزب الحاكم "الأفلان"، لرئاسة المجلس بالأغلبية المطلقة خلفًا للرئيس المطاح به.
وقد حظي بوشارب بدعم الكتل النيابية لحزب جبهة التحرير الوطني التي لها 160 نائبًا، والتجمع الوطني الديمقراطي وله 100 نائب، وحزب تجمع أمل الجزائر وله 20 نائبًا، والحركة الشعبية الجزائرية ولها 13 نائبًا، إلى جانب مستقلين، وشكَّلت هذه الأصوات عددًا أكثر من النصف +1 الذي يكفي لتمرير القرار.
وباعتبار أن السيد بوشارب كان المرشحَ الوحيدَ للمنصب؛ حيث ينص القانون الداخلي للبرلمان على أنه في هذه الحالة يكون الانتخاب برفع اليد ويُعلن فوزه بحصوله على أغلبية الأصوات فإن الكتل المعارضة قد قاطعت هذه الجلسة وأعلنت مقاطعتها مسبقُا بدعوى عدم قانونية عملية الإطاحة برئيس المجلس، سعيد بوحجة. وهذه الكتل هي: حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير ولها 34 نائبًا، وحزب الاتحاد من أجل العدالة والنهضة والبناء وله 15 نائبًا، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وله 9 نواب، وحزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض وله 14 نائبًا، وحزب العمال وله 11 نائبًا، وجبهة المستقبل ولها 14 نائبًا، والتحالف الوطني الجمهوري بنوابه الأربعة وهو الحزب الوحيد من الموالاة الذي قاطع هذه الجلسة.
ولا يخفى أنه توجد سوابق كثيرة تشبه الحادثة التي وقعت لبوحجة؛ ففي سنة 2014 اضطر كريم يونس، رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان الجزائري)، إلى الاستقالة بعد أن خسر مرشحه علي بن فليس، أمين عام جبهة التحرير، في انتخابات الرئاسة أمام بوتفليقة. وقبل ذلك، في سنة 1999، حدث نفس السيناريو مع الراحل بشير بومعزة الذي ضغط عليه أعضاء البرلمان من أجل تنحيته من رئاسته لخلافات سياسية وشخصية كبيرة مع بوتفليقة ومع أركان النظام السياسي آنذاك. ومن جهتها، وصفت الحكومة الجزائرية عملية انتخاب الرئيس الجديد للبرلمان معاذ بوشارب، بـ"العملية الديمقراطية"، في أول رد رسمي على تشكيك المعارضة في قانونية الإطاحة بسلفه، سعيد بوحجة.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية، عن محجوب بدة، وزير العلاقات مع البرلمان، قوله: "إن انتخاب معاذ بوشارب، على رأس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) عملية ديمقراطية تمثل خيار أغلبية أعضاء المؤسسة". وفي نفس الوقت، قاطعت الكتل المعارضة في البرلمان الجلسة، واعتبرت خطوة إزاحة بوحجة "غير دستورية"، كونه يتمسك إلى الآن بمنصبه، ولا يتيح القانون تغييره سوى في حالة الاستقالة أو الوفاة أو العجز الصحي. وقد نشر عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، ذات الاتجاه الإسلامي، وهي الحزب الذي له أكبر كتلة نيابية معارضة في البرلمان، بيانًا جاء فيه "ليس لنا مشكل شخصية مع بوشارب، لكنه رئيس مجلس شعبي وطني غير شرعي، وتعامُلنا مع المجلس برئيس غير شرعي هو تعامُل أمر واقع". وفور انتخابه، وجَّه "بوشارب"، خطابًا تصالحيًّا مع كتل المعارضة، قائلًا: "سأسهر، بمساعدتكم، على اعتماد منهجية الإنصات والتشاور مع مختلف مكونات المجلس، أغلبية ومعارضة."..
وبذلك، تم طي أزمة اعتُبرت أطول أزمة في تاريخ البرلمان الجزائري إذ قاربت الشهر، وقد تم بموجبها شل المؤسسة التشريعية وإدخالها في مماحكات سياسية مما أثَّر على سمعتها ودورها المستقبلي، لكنها بالمقابل رَجَّحَتْ كفة تيارات متصارعة داخل المؤسسة حيث باشر المجلس الشعبي أعماله في ظروف عادية وتم عرض قانون الموازنة لعام 2019(5). وفي نفس الوقت، اجتمع نواب الرئيس من الموالاة ورؤساء اللجان التابعة لبحث الطريقة المثلى لاستئناف المجلس أشغاله من دون بوحجة رغم أن هذا التجاوز سيكون الأخطر -وفق كثير من خبراء القانون الدستوري- لكونه يخرق الدستور والقانون العضوي المنظِّم لعلاقات الحكومة بالبرلمان، فضلًا عن النظام الداخلي للمجلس. كما أنه يكرس شرعية الأمر الواقع التي لا تجد لها ظلالٍا في النصوص التنظيمية لعمل المؤسسة البرلمانية الجزائرية.
وبرأي خبراء القانون الدستوري، فإن هذا الإجراء يتناقض مع الدستور والنظام الداخلي للمجلس ومع القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة؛ إذ إن رئاسة اجتماعات مكتب المجلس واجتماعات هيئة الرؤساء التي تضم نواب الرئيس ورؤساء اللجان الدائمة والكتل البرلمانية وكذا اجتماعات هيئة التنسيق المكونة من رؤساء الكتل، تقع تحت إشراف بوحجة ولا يمكن استدعاؤها للانعقاد إلا بطلب منه أو موافقته.
في السياق نفسه، ينص النظام الداخلي على أنه "في حالة شغور منصب رئاسة المجلس الشعبي الوطني بسبب الاستقالة أو العجز أو التنافي أو الوفاة يتم انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني بنفس الطرق المحددة في هذا النظام الداخلي في أَجَل أقصاه 15 يومًا اعتبارًا من تاريخ إعلان الشغور"، ويتولى مكتب المجلس، الذي يجتمع وجوبًا لهذا الغرض، تحضير ملف حالة الشغور وإحالته على اللجنة القانونية(6).
وبالمرور على تاريخ الاستقالات من البرلمان على مدى ست وخمسين السنة الماضية، فإننا سنجد أن أسبابها كانت سياسية، وتتمثل في احتجاج رئيس المجلس التأسيسي، الراحل فرحات عباس، برسالة استقالة وقَّعها بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول 1963، تضمنت عريضة من 20 صفحة شرح فيها الأسباب الداعية لاستقالته، ووضَّح ملابسات احتجاجه على الانتهاك الصارخ من طرف رئيس الجمهورية آنذاك، أحمد بن بلة، لمَّا عمد إلى ترؤس اجتماع في قاعة الأطلس بالعاصمة، قال فيه إنه اجتماع حضره المناضلون وعرض أمامهم مشروع دستور الجمهورية الجزائرية الناشئة واعتبر التصويت اعتمادًا له. وقد ردَّ فرحات عباس على خطوة بن بلة بالقول بأن إعداد الدستور من صلاحيات المجلس التأسيسي الذي يرأسه وهو منتخب من طرف الشعب الجزائري عبر الاقتراع المباشر ومهمته الحصرية هي إعداد دستور للبلاد، ولهذا السبب قدَّم استقالته دون ضغط أو إكراه ودون توقيع عريضة سحب الثقة منه.
كما جاءت استقالة بشير بومعزة من رئاسة مجلس الأمة، وهو العضو غير المنتخب شعبيًّا بل كان معينًا في كتلة الثلث الرئاسي من طرف رئيس الجمهورية، اليامين زروال، ووضعيته الدستورية غير شبيهة بوضعية بوحجة، إذ غادر المنصب دون أن يتعرض للإكراه كما لم توقَّع عريضة لسحب الثقة منه، وإنما استقال طواعية بسبب خلاف مع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
أما كريم يونس، فإنه سار بمناسبة رئاسيات 2004 في تيار علي بن فليس ضد بوتفليقة، ولما استقرت نتائج الانتخابات على هزيمة المرشح الذي دعمه، اختار طواعية -دون إكراه أو ضغط أو توقيع عريضة سحب الثقة منه- أن يستقيل ويدخل منزله ويلزم الصمت.
أما قضية السعيد بوحجة، فهي غير مسبوقة، لأنه ينتمي سياسيًّا للأفلان الذي يدعم رئيس الجمهورية، وكان من القيادات التي قادت الحركة التصحيحية ضد علي بن فليس في 2003، ومن أعضاء المكتب السياسي، في وقت لم يكن أحد يسمع حسيسًا لأمين عام الأفلان جمال ولد عباس، أو يُلحظ له حراك، كما ظل بوحجة وفيًّا لبوتفليقة بتأكيداته المتكررة في كل تصريحاته أنه سيبقى داعمًا له مهما كانت الظروف والأحوال.
للإشارة، فإنه منذ إنشاء المجالس البلدية والولائية في 1967 و1969 على التوالي، كانت قضية سحب الثقة من رئيس البلدية قائمة وثابتة، لكن في قانون البلدية الأخير حُذفت هذه الإمكانية من القانون بذريعة أنها كثيرًا ما مسَّت باستقرار البلديات وأضرت بحسن سيرها؛ الأمر الذي يطرح السؤال على ولاة الجمهورية باعتبارهم الممارسين للوصاية على المجالس المحلية، وكذا على وزير الداخلية، كيف سيكون موقفهم لو سحب أعضاء مجلس بلدي ما الثقة من رئيسه، وهل سيصادقون على المداولة رغم حذف القانون هذه الإمكانية(7).أي مستقبل للمشهد السياسي الجزائري؟
يغرق المشهد السياسي الجزائري في مزيد من الترقب بفعل ما مس المؤسسة التشريعية من ارتدادات وأيضًا بفعل التسونامي الذي تم بموجبه إقالة العديد من الضباط السامين والألوية وقادة النواحي العسكرية المتهمين بالضلوع في قضايا تتعلق بالثراء غير المشروع، والفساد والتربح وذلك كله يأتي ضمن سياق زمني دقيق ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. ويرى متابعون للشأن الجزائري أن الدائرة المحيطة بالرئيس بدأت حملة تطهير داخلي للخصوم حتى وإن كانوا من أعضاء الحزب الحاكم أو من قادة الجيش والأمن، في خطوات تمهد لتعبيد طريق الرئاسة لبوتفليقة أو لمن سيتم اختياره خلفًا له(8).
لم يبق سوى أشهر قليلة تفصل بين الجزائريين وبين الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، ومع اقتراب هذا الموعد تشهد الساحة حراكًا سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا صاخبًا لا يمكن أن يُقرأ خارج سياق مشهد مُعَقد لأطراف تسعى لتثبيت أقدامها في سياق لم يكشف بعد كل أوراقه؛ حيث ضربت العاصفة الأولى سواحل الجزائر المحروسة عندما تم اكتشاف شحنة ضخمة من مادة الكوكايين قدرها 701 كلغ في ميناء وهران (غرب الجزائر)، ووُجِّهت التهمة إلى رجل الأعمال كمال شيخي الشهير بـ"البوشي" (كما عُرف بكونه يمارس تجارة استيراد اللحوم المجمدة من الخارج) وعصفت القضية/الفضيحة بعدد من المسؤولين بمن فيهم قضاة وذلك بتهمة تقديم تسهيلات للمتهم الرئيسي، وأُودعت شخصيات نافذة السجن على خلفية هذه القضية. وبعدها مباشرة بدأت قيادة أركان الجيش بغطاء رئاسي عزل كبار في الجيش والشرطة(9).
وللخروج من التصدع والاستعداد للقادم، بدأ الحزب الحاكم الذي يرأسه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، جهودًا للملمة شتاته تحسبًا لانتخابات الرئاسة المتوقع تنظيمها في ربيع العام المقبل، كما باشر الأمين العام الجديد للحزب المنتخب حديثًا سلسلة لقاءات مع قياديين سابقين في الجبهة التي تمثل الأغلبية في البرلمان ويشغل وزراؤها العدد الأكبر من الحقائب في الحكومة.
والتقى بوشارب في مقر الحزب بالعاصمة بعبد العزيز بلخادم، الأمين العام الأسبق للحزب ووزير الخارجية في بداية حكم بوتفليقة. وقد أُعلن سلفًا أن اللقاء يتعلق بأوضاع الحزب في فترة قيادة جمال ولد عباس (2016 -2018) وإمكانية عودة القياديين المبعدين إلى صفوفه تحسبًا لانتخابات الرئاسة. وحسب ما نُقل عن بوشارب فإن جبهة التحرير ستدعم مرشح السلطة سواء كان بوتفليقة أو شخصًا آخر. وقد عُدَّ اللقاء الذي جرى بين بوشارب والقيادات السابقة المغضوب عليها بمثابة مؤشر رضى عن بلخادم من جانب الرئيس بعد حالات من الارتباك عرفها حزب الأفلان تحت القيادة السابقة للأمين العام السابق، جمال ولد عباس، وقد عرفت قيادته، التي استمرت أكثر من سنتين، انتقادات كبيرة بلغت حالات التندر من طرف الشارع السياسي الجزائري. ونقل قياديو الحزب عن بلخادم أنه سينخرط بقوة في حملة الدعاية لولاية خامسة إذا طُلب منه ذلك في إشارة إلى رغبته في العودة إلى جماعة الرئيس بعد أكثر من 4 سنوات من ابتعاده عنها(10).
مؤشرات لفهم وتحديد ملامح السيناريو المستقبلي للانتخابات
أمام هذه المعطيات الجديدة، ينبغي الإشارة إلى ما يلي:
- أولًا: تؤكد الوقائع أن بنية النظام السياسي الجزائري تتمتع بكاريزما كبيرة، وأنها قادرة على تجديد نفسها منعًا لأي تصدعات مستقبلية، ويمكن التدليل على ذلك بمحورية السلطة التنفيذية وقدرة الرئيس ومحيطه على التحكم في السلطة وصناعة القرار. وعليه، فإن مترشح النظام السياسي سيكون الأوفر حظًّا سواء أكان بوتفليقة أو من يتم تزكيته لاعتبارات كثيرة لعل أهمها سيطرة حزب الأغلبية على أغلب الدوائر والمحافظات في الانتخابات المحلية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017. وهذه الهياكل المحلية هي من سيقع عليها متابعة العملية الانتخابية الرئاسية باعتبارها تشكل جهازًا بيروقراطيًّا وإداريًّا ضخمًا وموثوقًا يمكنه مواكبة العملية أولًا بأول.
- ثانيًا: تجنح السلطة الرسمية في الجزائر إلى تبني خطاب تصالحي مع القيادات الغاضبة والمعزولة من حزب جبهة التحرير الوطني والتي سعت قبل أكثر من أربع سنوات لبناء مسار تصحيحي لحزب الأفلان، وهو ما قرئ آنذاك باعتباره خطًّا مناوئًا للرئيس رغم أن زعماء هذا التيار أكدوا مرارًا وتكرارًا كونهم ضد القيادة الحالية للأفلان والتي تزعمها الأمين العام المطاح به، جمال ولد عباس، لأسباب صحية، وقد جاء تعيين بوشارب لإعطاء هذا التوجه ديناميكية أكبر وذلك من خلال خطابه الهادئ والرصين والداعي إلى لملمة حزب جبهة التحرير الوطني والالتفاف حول المشروع المستقبلي الذي يهدف إلى الاستعداد للمستقبل بجبهة موحدة. ويبدو أن هذا الخطاب التصالحي من شأنه أن يواجه خطابات المعارضة التي رأت في بوشارب شخصية بلا شرعية وأن المكان الأفضل لحزب جبهة التحرير هو المتحف.
- ثالثا: يبدو أن الوضعية السياسية في الجزائر لن تكون بمعزل عن الوضع الاقتصادي الجزائري؛ فمع تهاوي أسعار البترول واستمرار انخفاضها من المتوقع أن وضعًا اقتصاديًّا لن يكون سهلًا في الجزائر خصوصًا وسط تنامي خطاب ترويعي يمارسه الوزير الأول، أحمد أويحيى، زعيم حزب التجمع الوطني الديمقراطي وهو حليف حزب الرئيس، والذي أشار في خرجاته الإعلامية الأخيرة إلى أن الجزائر مقبلة على سنوات عجاف بسبب الضائقة المالية الناجمة عن انخفاض أسعار البترول. ويرتبط بهذا المشهد الاحتجاجات الممتدة المرتبطة بملفات الشغل والسكن وهي الاحتجاجات التي تعرفها مختلف ولايات القُطر والتي كان من نتيجتها تغيير كثير من ولاة الجمهورية -محافظي الولايات- وإحالة بعضهم للتقاعد وهذه العملية ينتظر منها أن تخلفها عمليات جراحية سياسية عميقة من شانها تحسين أداء المحافظات والإدارات المحلية وهو ما تبنته وزارة الداخلية في الدعوة إلى ما سُمي لقاء -الحكومة الولاة- والحديث عن التنمية والحكامة وتطوير المناطق الحدودية وما ينتج عن ذلك من دواعي الاستقرار.
- رابعًا: يشير الدستور الجزائري المعدل في مارس/آذار 2016 إلى صلاحيات مهمة للسلطة الرئاسية وهو ما يؤكد غلبة السلطة التنفيذية، وهذا التعديل جاء نتيجة لمسار طويل لحكم بوتفليقة الممتد من 1999 وعند قراءة دقيقة لحجم صلاحيات السلطة التنفيذية سنجد أننا أمام نظام رئاسي مشدد بحيث إن السلطة الرئاسية تعد مفتاحًا لقبة النظام السياسي. وعليه، فإن الرئيس المقبل من شأنه أن يستكمل مسارًا لا يمكن أن يتم الحياد عنه كما أن الصلاحيات الممنوحة للرئيس تجعله يمارس عمله بأريحية تامة بعيدًا عن ضغوط المعارضة السياسية.
- خامسًا: أن الانتخابات الرئاسية ستكون في اتجاه واحد ويعود ذلك إلى تشرذم المعارضة وعدم توافقها على قطب يمكِّنها من خوض غمار المعركة بأريحية في الوقت الذي تشكلت جبهة من أحزاب الموالاة تطلق على نفسها جبهة الاستمرارية من شأنها دعم المسار الحالي التي تعيشه الساحة السياسية في ظل حالة كبيرة من اللاتسيس التي يعرفها المجتمع الجزائري وحالات كبيرة من الامتناع عن ممارسة العملية السياسة الانتخابية بدعوى عدم جدوى العملية برمتها وهو ما أظهرته الانتخابات السابقة في العدد الضخم من الأوراق البيضاء الملغاة؛ الرقم الذي يضاف إلى العدد الكبير الممتنع عن ممارسة الفعل الانتخابي أصلًا.
- سادسًا: رغم تشرذم المعارضة وضعفها إلا أن هناك جبهة رافضة لترشح الرئيس؛ فقد طالبت 14 شخصية من سياسيين ومثقفين وجامعيين عبر رسالة نشروها السبت 26 مايو/أيار 2018، الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، بـ"التخلي عن العهدة الخامسة" وعدم الترشح في الانتخابات المقررة في 2019، في مقابل دعوات الحزبين الحاكمين لاستمراره في الحكم. وجاء في رسالة موجهة للرئيس الجزائري وتم توزيعها على الصحافة "نحن الموقعين ندعوكم لاتخاذ القرار الوحيد الذي يمكنه أن يفتح حقبة جديدة للبلاد؛ حيث توضع المصلحة العامة فوق مصلحة الأشخاص: ألا وهو تخليكم عن العهدة الخامسة". وأضافت الرسالة أن "نتائج السياسات المنتهجة تحت وصايتكم كانت بعيدة كل البعد عن تلبية الطموحات المشروعة للجزائريين. حكمكم الطويل للبلاد أنشأ في نهاية الأمر نظامًا سياسيًّا لا يستجيب للمعايير الحديثة لدولة القانون". ومن بين الموقِّعين على الرسالة رئيس الحكومة الأسبق والمعارض البارز، أحمد بن بيتور، ورئيس حزب جيل جديد، سفيان جيلالي، الذي كان في طليعة الرافضين للولاية الرابعة مع الناشطة السياسية الطبيبة، أميرة بوراوي، صاحبة شعار "بركات". ومن الموقعين أيضًا الروائي المشهور باسمه المستعار، يسمينة خضرة (اسمه الحقيقي، محمد مولسهول)، والأكاديمية المتخصصة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، والأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع، ناصر جابي، وكلهم شاركوا في حملة معارضة الولاية الرابعة(11). غير أن هذه الصرخة لا تُقارَن بحجم التعبئة التي تمارسها جبهة الاستمرارية التي استطاعت -حسب أمينها السابق- تجنيد ثلاثين تشكيلة سياسية لتقديم حصيلة الرئيس وإنجازاته منذ 1999 داعية اياه لقيادة البلاد لولاية جديدة(12).
- سابعًا: تمت الإشارة في توطئة هذه الدراسة إلى أن التأثير الدولي مهم جدًّا في الهندسة الانتخابية في الجزائر لاعتبارات تاريخية واقتصادية من جهة ولاعتبارات براغماتية صرفة، ويمكن بهذا الصدد أن نرى عدم ممانعة فرنسا في ترشح الرئيس لعهدة خامسة في ضوء ما اعتبرته معطيات داخلية وخارجية. وفي هذا الصدد، نشر مجلس الشيوخ الفرنسي تقريرًا برلمانيًّا باسم لجنة الشؤون الأوروبية، عن الأوضاع في الجزائر، ويأتي التقرير في حوالي 40 صفحة يتطرق فيها للعلاقات الجزائرية-الأوروبية في المجال الاقتصادي والسياسي والتحديات التي تعيق الشراكة بين الطرفين. أعد التقرير السيناتور الفرنسي، سيمون سيتور، بعد زيارته للجزائر وإقامته فيها لعدة أيام، قصد فيها لقاء قيادات رسمية في الحكومة الجزائرية. ويكتسب التقرير أهمية معتبرة؛ كونه يأتي في توقيت حساس مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية 2019 التي تتسم لحد الآن بالغموض وأزمة اقتصادية تمر بها البلاد جرَّاء السقوط المدوي لأسعار البترول، وهي أزمة أعادت الحديث عن مراجعة اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، كما أن ثقل الأسماء التي حاورها معدُّو التقرير تجعله ذا مصداقية معتبرة، من بين هذه الأسماء: الرجل الثاني في النظام الجزائري، رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، سعيد بوحجة، وجون ويت، القنصل الفرنسي بالجزائر، وعدة شخصيات رفيعة في النظام الجزائري وفي هذا التقرير.
وقد أشار التقرير إلى أن هناك استقرارًا نسبيًّا تعيشه الجزائر، كما لا يوجد ضغط شعبي حقيقي من أجل إحداث تغييرات في النظام السياسي تحت قيادة الرئيس بوتفليقة ذي الثمانين عامًا، فالرئيس يحظى -حسب التقرير- بشعبية حقيقية نابعة من معالجته لأزمة العشرية السوداء التي كانت تعصف بالبلاد، وإيقافه نزيف الدم والعنف خلال الحرب الأهلية، التي شهدتها البلاد في سنوات التسعينات، وتبقى احتمالية ترشح الرئيس الحالي (في السلطة منذ 1999) لعهدة خامسة -حسب التقرير- قائمة. ويقول معد التقرير: إن الانطباع الذي حصل عليه من خلال محاورة مسؤولين كبار في الدولة أن الرئيس ليس معزولًا أو وحيدًا، بل يحيط به رجال أكفاء يديرون مؤسسات الدولة. وتطرَّق التقرير أيضًا إلى تاريخ الاتفاقيات الاقتصادية التي وُقِّعت بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وذكر عدَّة إحصائيات ومعطيات في هذا الصدد وكيف يمكن توسيع هذه الشراكة. تبقى الجزائر شريكًا اقتصاديًّا مهمًّا للاتحاد خصوصًا أنها ثالث مصدِّر لغاز الاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج. وتتخوف الحكومة الجزائرية من أن إلغاء قانون كهذا سيفتح الباب أمام المنافسة الأجنبية وبالتالي التوقيع على شهادة وفاة الصناعة المحلية. وينتقد التقرير الحجم الكبير للسوق السوداء التي يقدِّرها بـ30%-40%، كما أن البيروقراطية والفساد المالي المعتبر وغياب الشفافية والشكوك في استقلال القضاء أيضًا أثَّرت على قوة جذب الجزائر للاستثمار الأوروبي، فقد احتلت الجزائر المرتبة 156 من بين 190 دولة في مؤشر مناخ الأعمال الصادر عن البنك الدولي(13).
وبناء على ما سبق، وبناء على تقارير إضافية عن الوضع الاقتصادي الجزائري، فإن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي هبطت بمقدار 7.3 مليارات دولار في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، ومن المتوقع أن تتراجع بمقدار خمسة، حيث بلغت الاحتياطيات 90 مليار دولار بنهاية مايو /أيار 2018، ومن المنتظر أن تنخفض إلى حدود 85 مليارًا بحلول نهاية 2018(14).
من جهة ثانية، حذَّر مركز "إنترناشيونال كرايزس غروب" في تقرير صدر في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، من أنَّ الجزائر قد تُواجه أزمة اقتصادية مع حلول 2019 في حال لم يُجر هذا البلد، الذي تراجعت مداخيله النفطية منذ 2014، إصلاحات اقتصادية فورية. وجاء في التقرير أنه "في غياب إصلاحات، فإن أزمة اقتصادية يمكن أن تضرب البلاد مع حلول سنة 2019، لتغذي التوتر المحيط بالانتخابات الرئاسية القادمة". إلا أن تراجع المداخيل بسبب انهيار أسعار النفط الذي يُمثل المورد الأساسي للاقتصاد دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات تقشفية.
وبحسب التقرير، فإن "السلطات الجزائرية تعترف بأن النموذج الاقتصادي الحالي لم يعد صالحًا، لكنها تجد صعوبة في تصحيحه". وعبَّر المركز عن الأسف لأن "الحكومة تهدف فقط إلى ربح مزيد من الوقت بسلسلة الإجراءات التي طبقتها لتقليص النفقات في الميزانية، التي لن ترى نتائجها فورًا، وسياسة مصرفية تغذي التضخم". ودعا المركز المذكور الذي مقره بروكسل، الحكومة الجزائرية إلى "وضع خارطة طريق للإصلاح الاقتصادي" تفاديًا لأزمة جديدة. وبحسب المركز، فإن الحل يكمن في "تحسين الشفافية فيما يخص المالية العمومية"(15).
خاتمة
وبحكم ما سبقت الإشارة إليه، تبدو مؤسسة الرئاسة وبحكم مكانتها الدستورية، المتحكم الأساسي في بوصلة ملامح المستقبل ناهيك عن الدور المحوري للمؤسسة العسكرية التي تشكل ركيزة توافقية بين مختلف التشكيلات السياسية ومكونات المجتمع المدني.
وصفوة القول: إنه وبموجب قانون الانتخابات 16/10، الصادر في 25 أغسطس/آب 2016، وتحديدًا المادة 136 سيتم استدعاء الهيئة من طرف رئيس الجمهورية 90 يومًا قبل يوم الاقتراع أي في يناير/كانون الثاني المقبل (2019). كما تنص المادة 135 من القانون أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في ظرف 30 يومًا السابقة لانقضاء عهدة رئيس الجمهورية. وعليه، سيتم ضبط عقارب ساعة الانتخابات الرئاسية قبل منتصف أبريل/نيسان 2019، وإن غدًا لناظره قريب.
لكنَّ معطى جديدا برز في الأفق تبنته بعض أحزاب الاستمرارية يقضي بتأجيل الانتخابات الرئاسية لفترة تحددها لاحقا ندوة التوافق الوطني التي ستعقد قبل 14 يناير/كانون الثاني 2019 غير أن هذا الإجراء تقف دونه عقبه قانونية وهي ضرورة إجراء تعديل دستوري بشكل استعجالي يمرر للمصادقة عليه من طرف غرفتي البرلمان، وتبقى مؤسسة الرئاسة أولا وخيرا هي وحدها مفتاح هذه الآلية وبوصلتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*- أد. بوحنية قوي: أكاديمي جزائري متخصص في تحولات الدولة.
3 – انظر: النظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، المؤرخ في 22 يوليو/تموز 1997، المعدل، المادة 10.