نقطة التحول بالنسبة لحكومة تحالف الأمل في ماليزيا كانت في اجتماع قادة الأحزاب الأربعة، مساء الجمعة 21 فبراير/شباط 2020، حيث خرج رئيس الوزراء، مهاتير محمد، بعد الاجتماع ليعلن أن القادة أجمعوا على تخويله تحديد موعد ترك السلطة دون ضغوط، وعلَّق أنور إبراهيم بأنه غير متعجِّل.
لكن ما تسرب من الاجتماع أظهر عمق الأزمة بين أركان التحالف، وهي: حزب أبناء الأرض الموحد (برساتو) الذي أسسه ويترأسه مهاتير محمد، وحزب عدالة الشعب (بي كي آر) بزعامة أنور إبراهيم، وحزب العمل الديمقراطي (دي آي بي) الذي يهيمن عليه ذوو الأصول الصينية، وحزب الأمانة الوطنية المنشق عن الحزب الإسلامي الماليزي.
أزمة تسليم السلطة
ترجع المشكلة إلى أزمة ثقة بين أركان التحالف، وفجرها استحقاق تسليم السلطة من مهاتير محمد إلى أنور إبراهيم، وذلك مع اقتراب الموعد بعد عامين من الانتخابات، بحسب اتفاق تشكيل تحالف الأمل الذي توصلت إليه الأحزاب الأربعة، في 7 يناير/كانون الثاني 2018، أي قبل خمسة أشهر من الانتخابات التي فاز فيها التحالف.
ومع تقدير أركان تحالف الأمل أن مهاتير محمد لا يرغب بتسليم السلطة إلى أنور إبراهيم، زاد ضغط حلفاء أنور على مهاتير لتحديد موعد لتسليم السلطة، ووجَّه القسم الشبابي لحزب عدالة الشعب إنذارًا نهائيًّا لمهاتير قبل أيام من آخر اجتماع لقادة التحالف، وفي الاجتماع تردد أن رئيس حزب الأمانة الوطنية، وزير الدفاع، محمد سابو، وجَّه تهديدًا بالتحول إلى المعارضة؛ ما يعني تهديدًا بفرط عقد التحالف الحكم.
لا تتوقف أزمة الثقة على موعد تسليم السلطة، فاختلاف برامج وأفكار أحزاب التحالف الحاكم يصل إلى التناقض، فما جمعها قبل الانتخابات أجندة من نقطة واحدة، هي: إسقاط حكومة نجيب عبد الرزاق، ووضعت لذلك برنامجًا انتخابيًّا اعترف مهاتير فيما بعد بأنه كان شعبويًّا لا يمكن تنفيذه.
لم يجد التحالف صعوبة في تشكيل الحكومة بعد إسقاط حكومة الجبهة الوطنية (نجيب) في انتخابات مايو/أيار 2018، لكن أول تحدٍّ أمام الحكومة الجديدة ظهر في نقص الخبرة بإدارة الدولة، ثم تبعها تناقض في كيفية التعامل مع الملفات الاقتصادية، علاوة على أن شبهات فساد أضرَّت بالمكانة الشعبية للتحالف الحاكم.
أرقام متبدلة
من مفارقات الحكومة السابقة أن قوة حزب رئيس الوزراء في البرلمان غداة الانتخابات لم تكن تتجاوز 5 في المئة، بواقع 13 مقعدًا من بين 222 مقعدًا، بينما يملك حزب أنور إبراهيم 47 مقعدًا وحليفه التقليدي حزب العمل الديمقراطي 43 مقعدًا، وحزب الأمانة الوطنية 11 مقعدًا.
مفارقة أخرى تكمن في أن نسبة غير المسلمين في الحكومة من الوزراء ونوابهم وصلت إلى 55%، وبعد استقطاب مجموعة أعضاء من حزب المنظمة القومية الملايوية المتحدة (أمنو) حزبًا ماليزيًّا ممثِّلًا للملايويين المسلمين لفائدة حزب أبناء الأرض (مهاتير) وصل عدد أعضاء كتلة تحالف الأمل في البرلمان 125 عضوًا تقريبًا منهم 75 عضوًا غير مسلم.
وتسببت هذه المعادلة في كتلة تحالف الأمل في البرلمان والحكومة بمشاعر سخط متنامية بين الغالبية الملايوية المسلمة التي تقترب نسبتها من 70%، وعززها استعجال التحالف الحاكم تنفيذ أجندة اعتُبرت تهديدًا لمصالح الأغلبية في البلاد، مثل التوجه إلى التوقيع على الاتفاقية الدولية لحظر جميع أنواع التمييز، والانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية دون التوصل إلى إجماع وطني.
وزاد استفزاز مشاعر الغالبية الملايوية إثارة قضايا عرقية ودينية حساسة، وهي كثيرة نذكر ثلاثًا منها:
إعادة رماد رئيس الحزب الاشتراكي المحظور، تشين بينغ، من تايلاند؛ حيث مات في منفاه، عام 2013، ونثره في غابات وعلى شواطئ ولاية بيراك، في سبتمبر/أيلول 2019، وهو من قاد التمرد على مدى عدة عقود ضد الدولة ومن قبلها الاستعمار البريطاني، وكان يُصنَّف رسميًّا على أنه إرهابي.
رفْض المنظمات الصينية والهندية المقربة من تحالف الحكومة قرار وزارة التعليم تدريس الخط الجاوي (الحرف العربي) في مدارس الأقليات، وتمترست المنظمات الصينية والهندية في رفضها للحرف الجاوي بدعوى أنه يدخل في مجال الأسلمة، بينما ترى مؤسسات الدولة والغالبية الملايوية أن الخط الجاوي جزء من ثقافة البلاد ومكتوب به شعار الدولة وعملتها.
وفي المقابل، وُزِّع كتابُ رسوم كاريكاتورية تمجد الاشتراكية الصينية في ولاية بينانغ التي يحكمها حزب العمل الديمقراطي (قاعدته من أصول صينية)، وهو ما أثار مشاعر كثير من الملايويين واعتُبر إثارة للفتنة واستدعى تحقيق الشرطة.
تنقلات حزبية
لجأ مهاتير محمد إلى استقطاب أعضاء من حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو) بهدف تحسين وضعه في البرلمان، وذلك خلافًا للتفاهم الذي توصلت إليه أحزاب التحالف برفض استقبال أي عضو من (أمنو)، الحزب الحاكم سابقًا الذي يقود المعارضة، نظرًا لقضايا الفساد المرتبطة به، وتجنبًا للإخلال بتركيبة التحالف السياسية والفكرية والعرقية.
وفتح انتقال أعضاء البرلمان من المعارضة إلى الحكومة المجال أمام الاستقطاب بين أحزاب التحالف الحاكم، وظهر جليًّا في الصراع بين وزير الاقتصاد، أزمين علي، ورئيسه في حزب عدالة الشعب، أنور إبراهيم، حيث أصبح أزمين علي معروفًا بولائه لمهاتير محمد طمعًا في خلافته، ومنافسًا لأنور على رئاسة الحزب والحكومة.
وبمجرد تعرض تحالف الأمل إلى زلزال يوم 23 فبراير/شباط 2020، تحول أزمين ومعه 11 عضوًا برلمانيًّا من حزب عدالة الشعب إلى حزب محيي الدين ياسين رئيس أبناء الأرض الموحَّد، ليشكلا تكتلًا جديدًا، يقدم محيي الدين لرئاسة الحكومة المقبلة ويستثني مهاتير وأنور.
وبعد مرور قرابة أسبوعين على انهيار حكومة تحالف الأمل ما زالت تحركات النواب للانتقال من حزب لآخر على أشدها، بما يجعل الساحة السياسية الماليزية تموج في رمال متحركة يصعب التنبؤ باتجاهاتها لاسيما أن الاستقطاب لم يتوقف على الحكومة والبرلمان المركزيين، بل شمل كذلك حكومات ومجالس تشريعية في الولايات الثلاثة عشرة التي تتشكل منها البلاد، وقد حصل تغيير في ثلاث حكومات محلية، ولا يُستبعد أن يمتد لحكومات محلية أخرى.
أما على نطاق حزب أنور إبراهيم عدالة الشعب، فإن انشقاق مجموعة وزير الاقتصاد السابق، أزمين علي، من شأنه أن يُفقد الحزب جزءًا من هويته القائمة على التنوع الثقافي والعرقي والديني؛ حيث إن تشكيلة الحزب كانت تضم 28 عضوًا غير مسلم من مجموع 47 عضوًا.
وبخروج 11 عضوًا برلمانيًّا مسلمًّا ينحسر الأعضاء المسلمون إلى 8 فقط من بين 36 عضوًا هي كتلة الحزب في البرلمان، وهذا قد يعني اعتماد أنور على الأقليات وصعوبة حصوله على تأييد الغالبية الملايوية.
حسابات الاستقالة
فاجأ رئيس الوزراء السابق، مهاتير محمد، الجميع باستقالته، يوم الاثنين 24 فبراير/شباط 2020، وأعقبها بالاستقالة من زعامة حزب أبناء الأرض، وذلك بعد أقل من ثلاثة أيام من رفضه القاطع تحديد موعد لتنازله عن السلطة لصالح أنور إبراهيم.
أراد مهاتير باستقالته مواجهة الضغوط التي يتعرض لها من التحالف الحاكم، وحتى من حزبه، كما أشار إلى ذلك لاحقًا نجله مخرز، رئيس الحكومة المحلية في ولاية قدح. ويبدو أن مهاتير كان يعول على عريضة تدعم استمراره في السلطة أعلن عنها سابقًا حزبا (أمنو) والحزب الإسلامي (باس) المعارضان، وذلك في سياق منع أنور إبراهيم من الوصول للسلطة.
لكن بمجرد استقالته من الحكومة تغيرت استراتيجية حزبي أمنو وباس، من دعم متنافس ضد آخر على رئاسة الوزراء إلى إسقاط تحالف الأمل من السلطة، ووجدا في محيي الدين ياسين المدخل لذلك.
لقد استشعر مهاتير خطأ الحسابات الذي ارتكبه بالاستقالة، وهو ما عبَّر عنه في خطابه للأمة بعد إعادة تعيينه رئيسًا مؤقتًا للحكومة لعدة أيام؛ حيث فقد تحالف الأمل ولم يستطع تشكيل تحالف بديل، وزاد من إحباطه تخلي معظم أعضاء حزبه عنه.
وبسرعة، أصبح يلوح في الأفق تحالف حزبي جديد، عماده الثلاثي: أمنو وباس وبرساتو، (أُطلق عليه العقد الوطني)، وحاول مهاتير وأنور استعادة المبادرة دون جدوى، فقد كلف الملك محيي الدين ياسين، وزير الداخلية السابق، بتشكيل الحكومة.
مرجعية الملك
اتجهت الأنظار إلى القصر الملكي في كوالالمبور بمجرد ظهور بوادر أزمة؛ حيث إن الماليزيين لاسيما الملايويون منهم يعتبرون أن الملك يملك القدرة للتعامل مع الأزمات السياسية في البلاد.
وفي ظل ظهور برلمان موزع على ثلاث كتل حزبية لا يستطيع أي منها ضمان ثقة الغالبية، لجأ الملك، عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله أحمد شاه، إلى استجواب جميع أعضاء البرلمان بنفسه لمعرفة من يمكنه الحصول على ثقة البرلمان من بينهم.
فالدستور الماليزي المستمد من النظام البرلماني البريطاني يخوِّل الملك اختيار من يعتقد أنه قادر على كسب ثقة الأغلبية في البرلمان، ولا يتعلق الأمر بالأحزاب أو الكتل السياسية.
وحسم الخيار اجتماع حكام الولايات "السلاطين" بالملك، نهاية فبراير/شباط، بالاتفاق على تقديم أي بديل لأنور ومهاتير، ومنح الفرصة للكتلة التي تشكَّلت على عجل لإثبات قدرتها على تشكيل الحكومة والحصول على ثقة الأغلبية البرلمانية.
وكان واضحًا ترحيب الماليزيين بخيار الملك، بل إن من السياسيين الملايويين من اعتبر أن دعوة سحب الثقة من رئيس الوزراء المكلف تحدٍّ لسلطة الملك وإهانة لإرادته.
بينما ساد جدل واسع في الأوساط السياسية بشأن قدرات رئيس الوزراء الجديد السياسية والصحية، من حيث إمكانية الحصول على ثقة الأغلبية وتعافيه من مرض السرطان الذي يعاني منه منذ أكثر من عامين.
حاول مهاتير محمد استباق اجتماع السلاطين بدعوة البرلمان لعقد جلسة خاصة لاختيار رئيس الوزراء في الثاني من مارس/آذار 2020، لكن هذه الدعوة أُحبطت وأثارت جدلًا دستوريًّا؛ حيث رأى خبراء في مجال القانون الدستوري أن دعوة البرلمان للانعقاد ليست من صلاحيات رئيس الوزراء المؤقت بل من صلاحيات الملك ورئيس البرلمان.
وأُرجئ افتتاح الدورة المقبلة للبرلمان حتى 18 من مايو/ أيار المقبل (2020)، بدلًا من 9 مارس/آذار، وهو ما كان مقررًا، ومن شأن هذا التأجيل منح رئيس الوزراء الجديد اختيار أعضاء حكومته بتروٍّ، وتأمين حصولها على ثقة البرلمان قبل انعقاده.
تبعات الفساد
بانضمام حزب (أمنو) الحاكم سابقًا للتحالف الجديد، بدأ التوجس بشأن مستقبل قضايا الفساد التي تنظر فيها المحاكم ضد أركان السلطة السابقة، وظهرت تصريحات من قادة (أمنو) المتهمين بالفساد تشير إلى رغبتهم في إنهاء ملفاتهم قضائيًّا وليس من خلال صفقات سياسية.
لكن استقالة أرفع مسؤوليْن يتعقبان قضايا الفساد –وهما: المدعي العام، تومي توماس، ورئيسة هيئة مكافحة الفساد، لطيفة كويا- أثارت مخاوف من إمكانية تمييع قضايا الفساد، بل احتمال تبرئة جميع المتهمين وإغلاق ملفاتهم.
وزاد من هذا التوجس مغادرة السويسري، أنريه خافير جوسو، ماليزيا، وهو أبرز الشهود في قضية الصندوق السيادي (وان إم دي بي)؛ حيث كان أحد كبار المسؤولين في شركة البترول السعودية العالمية المتهمة بتبييض أموال الفساد في شركة SRC International وهي فرع عن الصندوق السيادي الماليزي الغارق بالفساد.
لعل ما يعزز احتمالات إسقاط تهم الفساد لدواع سياسية هو إسقاط المدعي العام المستقيل تهمًا مماثلة عن وزير المالية، ليم غوان إنغ، رئيس حزب العمل الديمقراطي، بعد وصوله للسلطة، وإسقاط تهم الإرهاب عن 12 عضوًا في الحزب نفسه بعد اتهامهم بالعلاقة مع تنظيم نمور التاميل السريلانكي.
لقد أقرت وزارة العدل الأميركية لماليزيا بمبلغ 1.7 مليار دولار، ووافقت على إعادتها على دفعات، من بين ما مجموعه 4.5 مليارات دولار أُهدرت من الصندوق السيادي (شركة ماليزيا واحدة للتنمية-وان إم دي بي) لكن بعد انهيار حكومة الأمل أعلنت وزارة العدل الأميركية عن تأجيل تسليم دفعة مستحقة تقدر بنحو 240 مليون دولار.
تغيُّر العقد السياسي
تبدو العقبة الكؤود أمام أي تحالف جديد لتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة هي التناقضات التاريخية والعرقية التي تعيشها الأحزاب التقليدية؛ فقد حكم ماليزيا على مدى أكثر من ستة عقود توافق عرقي متماسك ومهم جدًّا تشكَّل في إطار تحالف (الجبهة الوطنية) والذي ضم ثلاثة أحزاب أسَّست لما يُعرف بالعقد الاجتماعي، وهي: أمنو ممثِّلًا للملايويين، والجمعية الصينية الماليزية ممثِّلة لذوي الأصول الصينية، وحزب المؤتمر الهندي الماليزي ممثلًا لذوي الأصول الهندية.
وتغيرت المعادلة في انتخابات 2018؛ حيث فازت أحزاب العرقيات الثلاثة المعارضة، وهي: حزب العمل الديمقراطي ممثِّلًا للصينيين، وحزبا الأمانة وبرساتو ممثليْن للملايويين، وحزب عدالة الشعب الذي يضم ممثلين عن العرقيات الثلاثة.
ويصعب إعادة تشكيل التحالفات نظرًا للتناقضات السياسية والعرقية؛ فالحزب الإسلامي يضع فيتو كبيرًا على حزب الأمانة الوطنية الذي انشق عنه عام 2016، وحزب (أمنو) لا يمكنه التضحية بحليفيه التاريخيين، الجمعية الصينية والمؤتمر الهندي، على الرغم من أنهما لا يملكان سوى عضو برلماني واحد، من أجل التحالف مع حزب العمل الديمقراطي.
وبذلك، فإن هدف (أمنو) و(باس) هو إقناع الصينيين والهنود بأن خياراتهما في انتخابات 2018 كانت خاطئة، وعليهم العودة لأحزابهم التقليدية، وهذه مشاعر تبدو في تنام واضح بين الأقليتين، الصينية والهندية، وتؤكده إخفاقات التحالف الحاكم في جميع الانتخابات التكميلية التي أُجريت العام الماضي لاسيما وسط الصينيين.
أما أنور إبراهيم الذي يقود حزبًا متنوعًا عرقيًّا ودينيًّا، فيقف أمام مفترق طرق صعب بعد انسحاب مجموعة أزمين علي، فبحسب تصريحات أنور لا يستطيع التحالف مع (أمنو)، لأنه بذلك يضحي بحليفه التقليدي، حزب العمل الديمقراطي، ولا يستطيع أن يحقق تقدمًا في ظل تحالف الأمل المشرذم.
وإجمالًا، فإنه على الرغم من تكليف رئيس وزراء جديد إلا أن الأزمة مستمرة لأسباب كثيرة، أبرزها أن التحالف الجديد (العقد الوطني) تشكَّل على عجل، ولم يتمكن من بناء استراتيجية واضحة بعد، ثم إنه يواجه تحدي الحصول على الغالبية.
وزادت الأزمة السياسية من المشاكل الاقتصادية التي تسبَّبَ بها مرض كورونا حيث تراجعت أعداد السياح إلى حدٍّ كبير، وحتى لو أعاد تحالف الأمل بناء نفسه فإنه يُشَكُّ في قدرته على ضمان الغالبية في مجلس النواب.
توافقات هشَّة
تعيش ماليزيا حالة سيولة سياسية حيث تتبدل المواقف بسرعة، وبذلك يصعب التكهن بنتيجة الأزمة الحالية، لكن استقراء الواقع والأبعاد الدستورية يقدم بعض التصورات، منها:
تمكُّن محيي الدين ياسين من تشكيل الحكومة وتأمين ثقة الغالبية البرلمانية اعتمادًا على أعضاء التحالف الجديد من أمنو وباس وبرساتو، يضاف إليهم أعضاء ولايتي ساراواك وصباح.
يشير مؤيدو هذا التوجه إلى عرض منصب نائب رئيس الوزراء لولايتي ساراواك وصباح ليشكِّل بذلك سابقة تاريخية، إضافة إلى الموافقة على مطالب الولايتين بزيادة حصتيهما من عائدات البترول والغاز، لكن هذا الأمر يتطلب تعديلات دستورية.
في حال إخفاق رئيس الوزراء الجديد في الحصول على الغالبية فإن احتمال حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة يصبح واردًا، وقد كان مستبعدًا لأن الملك لا يملك صلاحيات دستورية تخوله حل البرلمان قبل الإخفاق في الحصول على الثقة.
لا يُستبعد اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية، لكنها ستكون ضعيفة ومهددة بالسقوط مع أية هزة تتعرض لها، لكن ما يدفع بهذا الخيار هو عدم جاهزية غالبية الأحزاب للتوجه إلى الانتخابات في الوقت الحالي.
لكن ليس مستبعدًا أن الرأي العام قد لا يرغب في انتظار الانتخابات المقبلة في عام 2023، ويفضِّل انتخابات مبكرة، وأيًّا كان خيار الخروج من المأزق الحالي سيبقى الوضع السياسي هشًّا ويعمُّه الغموض، وقد لا يصلحه إلا العودة للناخب الماليزي ليقول كلمته. لذلك، فإن جميع التوافقات التي يمكن التوصل إليها تبقى مؤقتة لحين حلول موعد انتخابات جديدة.