التنافس الخليجي في مضمار الدبلوماسية الرياضية

انتقل التوتر السياسي بين دول الحصار و قطر إلى الساحة الرياضية، فأحدث عددا من الأزمات للترابط بين الاستثمارات المحلية والدولية للرياضة. ولن تعالج هذه الأزمات إلا بحوار رياضي جاد في إطار مبادئ الحوكمة وقواعد التجارة الدولية، لحماية مصالح مختلف الأطراف بالمنطقة على المدى المتوسط والطويل..
قطر تحصد ثمار رهانها على المنظمات الدولية (الجزيرة)

لا شك في أن قطاع الرياضة بات مجالًا شديد الأهمية في منطقة شبه الجزيرة العربية. تبرز تلك الأهمية التجارية في وجود حجم ضخم من الاستثمارات غير المباشرة خُصِّص لاستضافة أحداث رياضية دولية وبناء منشآت رياضية ضخمة، في حين ذهبت الاستثمارات المباشرة لشراء حقوق ملكية الأندية الرياضية، مثل نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم PSG  ( قطر) ونادي مانشستر سيتي ( أبو ظبي)، كما تم تخصيص استثمارات أخرى في مجال سباق الخيلـ وتُعد شركة "غودلفين"، المملوكة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم- حاكم دبي، واحدة من أكبر الشركات في العالم، حيث توظف 1500 شخص لرعاية 4500 حصان. وتقع تلك الإسطبلات ومضامير السباق على مساحة تبلغ 10 آلاف فدان من الأراضي الموجودة في محيط نيو ماركت في مدينة سوفولك الواقعة على بعد حوالي 100 كيلومتر شمالي لندن (1).

لم تتوقف الاستثمارات الخليجية عند هذا الحد، فعلاوة على ما تقدم، هناك عقود حقوق رعاية وحقوق تسمية منشآت رياضية (مثل ملعبي الاتحاد والإمارات)، هذا بالإضافة إلى الحصول على حقوق البث التليفزيوني الحصري لأبرز البطولات الأوروبية الكبرى وللأحداث الرياضية العالمية البارزة، وهي مجالات تفوقت فيها في السنوات الأخيرة شركة "بي إن سبورتس" beIN SPORTS المملوكة لدولة قطر، وهي صاحبة حضور قوي في القارات الخمسة. كما أن الشركة القطرية هي صاحبة الحق الحصري للبث التليفزيوني للمسابقات الرياضية ولأكبر بطولات دوريات كرة القدم.

أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، التي أدركت بدورها أهمية دور الرياضة في الترويج للمملكة ولمشروعها الضخم "نيوم"NEOM – ، وهو عبارة عن مدينة مستقبلية متطورة وذكية عابرة للحدود تقع على طول ساحل البحر الأحمر(2) وخُصِّص لها استثمار بلغت قيمته 500 مليار دولار، فقد انضمت إلى سباق الاستثمار المباشر في قطاع الرياضة. وتشمل الاستثمارات السعودية استضافة رالي باريس-داكار على أراضيها بداية العام (يناير/كانون الثاني 2020)، واستضافة نزال "القرن" في الوزن الثقيل للملاكمة "نزال فوق الكثبان الرملية"، وكذلك إقامة بطولتي كأسي السوبر الإيطالي والإسباني (من المثير للاهتمام أن شركة "بي إن سبورتس" هي صاحبة الحق الحصري لبث البطولتين).

لربط الأحداث الرياضية بالترويج السياحي للمملكة العربية السعودية، كوجهة سياحية جديدة لم يتم استكشافها بعد من قبل السياح، فقد بيعت تذاكر مباريات كأسي السوبر الإيطالي والإسباني على موقع يدعو إلى زيارة السعودية https://www.visitsaudi.com/en. ، وعلى نفس المنوال، نظمت المملكة أيضًا بطولات رياضية أخرى رفيعة المستوى مثل بطولة المصارعة النسائية العالمية، وإقامة افتتاح موسم الجائزة الكبرى "للفورمولا -إي"، وكذلك بطولتي الرجال والسيدات السعوديتين الدوليتين للغولف(3).

وفي نفس السياق، أعلنت الهيئة العامة للرياضة في المملكة العربية السعودية أيضًا عن استثمار 650 مليون دولار لتطوير القطاع الرياضي واستقطاب تنظيم الأحداث الرياضية الدولية على أراضيها. وعلى غرار الجارتين، دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة، عملت المملكة العربية السعودية على تأسيس وإطلاق صندوقها الوطني الخاص بالتنمية الرياضية. ومن أجل مناقشة فرص التعاون مع السلطات السعودية، تم تنظيم اجتماعات ومحادثات تجارية مع الممثلين المفوضين عن الدوريات الاحترافية الرئيسة في الولايات المتحدة الأميركية، ومؤسسة المصارعة الترفيهية العالمية (WWE) واللجنة الأولمبية الأميركية. وقد أدت مخرجات تلك الاجتماعات، التي قادتها الأميرة ريما بنت بندر، سفيرة المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة -وهي الشخصية الجديدة للدبلوماسية الرياضية في المملكة العربية السعودية- إلى تعزيز التنمية الرياضية في المملكة باعتبارها جزءًا من مشروع رؤيتها 2030(4).

الرياضة بين التبييض والسمعة الحسنة

وُظِّفت الرياضة الحديثة من أجل تعزيز مختلف مصالح الدول، سواء أكانت أيديولوجية أم سياسية؛ حيث أصبحت الرياضة مادة لبناء الدولة-القومية ولتشكيل منظومة دولية أيضًا مهما اختلفت الأنظمة السياسية. ففي حقبة تاريخية سابقة وظَّفت ألمانيا النازية دورة الألعاب الأولمبية للعام 1936؛ وكذلك فعلت إيطاليا الفاشية بتنظيمها كأس العالم لكرة القدم في نسخة عام 1934، لتأكيد عظمتهما وتفوقهما (على الأمم والأجناس الأخرى).

وفي الوقت الذي ننزع فيه إلى اعتبار توظيف هذه الألعاب غير أخلاقي، فإننا نتناسى أن هذه المسابقات لم تكن لتُجرى من دون مشاركة دول أخرى، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تزال آنذاك تنتهج الفصل العنصري، وكذلك الشأن بالنسبة للبلدين الاستعماريين/الإمبرياليين: المملكة المتحدة وفرنسا.

أما في الحقبة الزمنية القريبة الماضية، وتحديدًا في حقبة ما بعد الحرب الباردة، فقد لعبت الرياضة دورًا أكثر إيجابية، ومثَّلت الأحداث الرياضية الكبرى مناسبة لذلك. فقد كانت الرياضة مناسبة لأستراليا من أجل التصالح مع ماضيها ومع سكانها الأصليين، وبالنسبة لألمانيا شكَّلت الرياضة فرصة لتعزيز مجتمع يُراد له أن يكون أكثر تنوعًا ثقافيًّا وأكثر تسامحًا، كما كانت الرياضة أيضًا فرصة لدولة جنوب إفريقيا لتجاوز حقبة نظام الفصل العنصري والتطلع إلى الأمام. أما بالنسبة للصين، فقد أسهمت الرياضة في انتهاج سياسة منفتحة واقتصاد أكثر جدوى، كما كانت الرياضة في المملكة المتحدة فرصة للاحتفال بالتنوع الثقافي لمدينة لندن كرد على تفجير السابع من يوليو/تموز 2005.

أما بالنسبة لدولة قطر، فقد لاقت استراتيجيتها الرياضية الدولية اهتمامًا عالميًّا منذ العام 2006 (أي منذ تنظيم قطر لدورة الألعاب الآسيوية في الدوحة عام 2006). ويرى البعض في قطر شريكًا مهمًّا في مجال الرياضة الدولية؛ حيث خصصت الدولة استثمارات مهمة في كبرى أندية كرة القدم وفي أحداث رياضية بارزة أخرى. ومن الأمثلة البارزة في هذا السياق، يمكن الإشارة إلى شراكة الخطوط الجوية القطرية مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكونها أيضًا الناقل الجوي الرسمي للاتحاد الدولي حتى العام 2022. أما بالنسبة لمن هم أقل حماسة لرؤية توهج البروز القطري على الساحة العالمية، فيرون أن الدافع خلف الاستثمار القطري في الرياضة ليس مبنيًّا على المصلحة التجارة المحضة وطلب المكاسب المادية، بل تحركه، بشكل رئيس، أجندة قطر السياسية، وكأن هذين الأمرين منفصلان بالنسبة للمستثمرين الآخرين في الرياضة.

تنافس على الصعيدين السياسي والرياضي

وجدت مؤسسة "بي إن سبورتس" نفسها في قلب التوتر السياسي المستمر بين دول مجلس التعاون الخليجي. فبعد قرارها قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر في صيف العام 2017، بزعم دعم الدوحة للجماعات الإرهابية وبسبب علاقاتها مع إيران، كانت الخطوة التالية التي اتخذتها ثلاث دول خليجية (هي: المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين)، وبدعم من مصر، هي حظر أجهزة استقبال بث قنوات "بي إن سبورتس"، بما في ذلك حظر تصفح موقع الويب (الإلكتروني) الرسمي لشبكة القنوات الرياضية القطرية ووقف الاشتراك في الشبكة داخل أراضي دول الحصار. وقد أدت تلك الخطوة، بالتالي، إلى منع المواطنين والمقيمين في تلك الدول من الوصول إلى أي بديل قانوني في المنطقة لمشاهدة كبريات دوريات كرة القدم والمسابقات الدولية للأندية المحلية والوطنية، أما البديل الوحيد الذي بقي متاحًا أمامهم فكان اللجوء إلى متابعة المباريات عبر مواقع قرصنة -غير قانونية- لبث محتوى قنوات شبكة "بي إن سبورتس". كما شمل الحظر أيضًا، منع المسؤولين الرياضيين (في دول الحصار) من التحدث والظهور على محطات البث الرياضية المملوكة لدولة قطر (قنوات "بي إن سبورتس" وقنوات الكأس الرياضية). وعلاوة على ذلك، فقد اضطر الصحفيون والمعلقون والمحللون الرياضيون من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي الثلاثة إلى مغادرة قطر بعد تلقيهم إخطارات من دولهم بضرورة مغادرة قطر في مدة لا تتجاوز 14 يومًا.

على الرغم من امتلاك شبكة "بي إن سبورتس" لحقوق بث مباريات التصفيات المؤهلة لدوري أبطال آسيا والتصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات منعتا مراسلي الشبكة القطرية من إظهار شعارها خلال تغطيتهم للمباريات التي تقام على أراضيهما. في المقابل، كان رد "بي إن سبورتس"، في نفس تلك الفترة، متمثلًا، من جهة، في نجاحها في تمديد فترة حقوق البث الخاصة بدوري أبطال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) UEFA، حتى موسم 2021، وهي مسابقة مربحة تجاريًّا وتجلب متابعة جماهيرية عالية، ومن جهة ثانية في نجاح نادي باريس سان جيرمان الفرنسي (PSG  المملوك لشركة قطر للاستثمارات الرياضية Qatar Sport Investment)  في إتمام صفقة انتقال النجم البرازيلي "نيمار" من برشلونة إلى النادي الباريسي. من جانبه، أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA وفرعه في آسيا، الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بقيادة الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، ممثل البحرين، وكذلك الاتحاد الإفريقي، توجيهاتهما لحماية حقوق "بي إن سبورتس". وبعد حجب "بي إن سبورتس" لمدة ستة أسابيع، وبسبب تنامي الضغوط الجماهيرية في مصر والإمارات والسعودية والبحرين، أعادت سلطات هذه البلدان فتح بث قنوات الشبكة الرياضية القطرية.

بي آوت كيو ومبادئ الحوكمة الرياضية الرشيدة

بعد ثلاثة أشهر من إعلان الحصار على قطر، ظهرت قناة سعودية تبث أنشطة رياضية بشكل غير قانوني، تسمى "بي آوت كيو" beoutQ (يشير حرف "كيو" Q في التسمية إلى قطر)(5) وقد كان عمل قناة beoutQ في بداياته بسيطًا للغاية، وذلك عن طريق استخدام أجهزة استقبال بث قناة "بي إن سبورتس" الحالية المعتمدة أصلًا داخل المملكة، والموصولة بغرفة التحكم الرئيسة في دولة قطر ومن ثم قيام فنيي "بي آوت كيو" بإعادة بث شارة الإرسال الفضائي. إلا أن ما يجعل عمل القرصنة لقناة "بي آوت كيو" beoutQ  مختلفًا عن أشكال القرصنة الأخرى هو أنها لم تُعِد تشغيل وإرسال شارة البث الفضائي وحسب، بل بدأت البث عبر خدمة الأقمار الصناعية التي توفرها الشركة العربية للاتصالات الفضائية (عربسات)، ومقرها في العاصمة السعودية، الرياض. ثم بعد ذلك أصبحت أجهزة فك التشفير متاحة للشراء عبر مختلف مدن المملكة العربية السعودية، وفي دول عربية أخرى، بتكلفة 100 دولار للاشتراك الواحد لمدة عام(6). وهكذا باتت خدمة "بي آوت كيو" وقنواتها العشرة المشفرة، متاحة في أكثر من 20 دولة في الشرق الأوسط، وتُقدم لمشاهديها جميع الأحداث الرياضية الكبرى والدولية، بما في ذلك بطولات الاتحاد الدولي لكرة القدم، ومباريات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ومسابقات "الفورمولا 1" للسيارات، والدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، والرابطة الوطنية لكرة السلة وغيرها من كبريات الأحداث الرياضية العالمية(7). وبالإضافة إلى بث الأحداث الرياضية بشكل غير قانوني، عرضت قناة "بي آوت كيو" على مشاهديها إمكانية وصولهم إلى مشاهدة باقات أخرى للترقية توفر أكثر من 10 آلاف فيلم، وما يصل إلى 35 ألف برنامج تليفزيوني (8).

لقد دشنت قناة "بي آوت كيو" حقبة جديدة للقرصنة الرقمية وبث المحتوى الرقمي بشكل غير قانوني، وهو ما يعني سرقة المحتوى القانوني لشركة تبلغ قيمة محفظتها المالية 15 مليار دولار. وللرد على ذلك، اتخذت "بي إن سبورت" إجراءات قانونية ضد "بي آوت كيو" بهدف تأمين محتواها واستثماراتها.إلى جانب اتهامها المملكة العربية السعودية بارتكابها هذا السلوك غير القانوني، أعلنت الدوحة أن مجموعة "بي إن للإعلام" beIN Media المملوكة لها، طالبت الرياض بدفع تعويض مالي قدره مليار دولار عن الخسائر التي تسببت فيها للمجموعة(9). وعلاوة على ذلك، قدمت "بي إن سبورتس"، للممثل التجاري الأميركي للتحالف السمعي البصري لمكافحة القرصنة وتحالف الملكية الفكرية، أدلة على دعم المملكة العربية السعودية لـقناة "بي آوت كيو" (10).

وفي العام 2018، اتهم الاتحاد الدولي لكرة القدم موقع "بي آوت كيو" ببث مباريات كأس العالم بشكل غير قانوني؛ حيث كانت شبكة "بي إن سبورتس" هي المالك الرسمي والحصري لحقوق البث في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا(11). ومع استمرار المملكة العربية السعودية في إنكار وقوفها الداعم خلف قناة "بي آوت كيو"، فقد تم تصميم موقع https://beoutq.tv لعرض مشاهد التسلسل الزمني لـ"سرقة الرياضة العالمية والترفيه"، بما في ذلك الحقوق التجارية التفصيلية التي سرقتها "بي آوت كيو" منذ ظهورها.

لا تؤثر عملية القرصنة التي تمارسها قناة "بي آوت كيو" على الإيرادات الاقتصادية لشبكة "بي إن سبورتس" فقط، ولكنها تؤثر أيضًا على صناعة الرياضة العالمية ككل. وقد جاء في تصريح للمديرة العامة لقناة "بي إن" الرياضية الفرنسية، صوفي جوردان، ما يلي:

"إذا لم تتوقف القرصنة سريعًا، فإن نشاط "بي آوت كيو" (كيان القرصنة السعودي) سيخرج عن السيطرة وسيمحو مليارات من اليورو من قيمة الرياضة العالمية وقطاع الترفيه. لن يشعر أصحاب الحقوق (مثل اتحادات البطولات والفيدراليات الرياضية) وحدهم بالنتائج المدمرة لانخفاض التمويل، ولكن سيكون هناك أيضًا انخفاض في الاستثمار في مختلف الأحداث الرياضية وكذلك في النوادي وفي المباريات الجماهيرية. وفي الحقيقة، فإن النظام البيئي للرياضة الدولية بأكمله هو الذي تأثر" (12).

وقد قضت منظمة التجارة العالمية، في 16 يونيو/حزيران 2020، بوجود أدلة متضافرة على تقديم حكومة المملكة العربية السعودية دعمها لقناة القرصنة "بي آوت كيو"، التي تستخدم بطرق غير قانونية، قنوات مشفرة لبث المسابقات الرياضات الممتازة وكذلك بث محتوى "هوليوود" لمشتركيها في كامل منطقة الشرق الأوسط، بل وخارجها أيضًا(13).

الطموح السعودي والالتزامات الدولية

من المقرر شراء المملكة العربية السعودية، عبر صندوق الاستثمار العام السعودي، نادي "نيوكاسل إف سي" لكرة القدم من مالكه الحالي، مايك أشلي، مقابل 300 مليون جنيه إسترليني (وهي في منافسة مع مستثمر أميركي يُدعى هنري موريس). ومن المقرر أن يستحوذ السعوديون، في هذه الصفقة، على حصة 80٪ من أصول نادي نيوكاسل، في حين يتقاسم كل من أماندا ستافيلي والأخوين روبن بقية الأصول بواقع 10٪ من أصول النادي لكل منهما(14). يجري هذا وسط ورود تقارير تفيد بأن حكومة المملكة المتحدة تدعم "جهود صندوق الاستثمار العام السعودي " (PIF)، أي صندوق الثروة السيادية للبلاد الذي يشرف عليه ولي العهد، محمد بن سلمان، للاستحواذ على حصة 80 % من أصول نادي نيوكاسل" (15).

على الصعيد الفردي، يرتبط الملياردير السعودي، الوليد بن طلال، بشراء فريق منافس لفريق باريس سان جيرمان في فرنسا، وهو نادي مرسيليا لكرة القدم. من جهة أخرى، وفي منافسة مع قطر، تسعى المملكة العربية السعودية لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية لعام 2030. وفي ذات السياق، يبدو جليًّا أن سعي المملكة العربية السعودية للنأي بنفسها عن دعم موقع "بي آوت كيو" -الذي يوفر الوصول غير القانوني إلى مشاهدة المسابقات الرياضية الممتازة في إنجلترا، بما في ذلك كرة القدم الإنجليزية، وويمبلدون ومنافسة الدول الستة للرغبي- سيكون له أهمية قصوى لتأمين وتوسيع استثمارها في الرياضة، بالإضافة إلى فرض نفسها منافسًا شرعيًّا في مجال الرياضة على المستويين الإقليمي والدولي. ولا شك في أن استثمار المملكة العربية السعودية في الرياضة، سيلقى ترحيبًا خاصة في ظل الأزمة المالية التي تفاقمت بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).

في المرحلة الراهنة، تعمل المملكة العربية السعودية على إحداث عدد من الإصلاحات بهدف تعزيز قطاع الرياضة واستخدام الرياضة لتنويع إيراداتها. لكن هذه الجهود يجب أن يرفدها التزام واضح بمبادئ الحكم الرشيد في مجال الرياضة، بما في ذلك المساءلة وانتهاج الشفافية. وحتى يكون حضور المملكة العربية السعودية أكثر وضوحًا على الساحة الرياضية الدولية، فإن ذلك يعني بالضرورة تعرضها للمزيد من التدقيق من قبل مختلف المنظمات الرياضية والتجارية الدولية، وكذلك وسائل الإعلام الأجنبية وغيرها من المنظمات والشخصيات من المدافعين عن حقوق الإنسان والمنادين بالمساواة بين الجنسين.

بإمكان المملكة العربية السعودية أن تكون منافسًا جادًّا في قطاع الأعمال الرياضية، حيث تبدو فرص الاستثمار داخل الدولة وعلى الصعيد الدولي مفتوحة على نطاق واسع. ولا شك في أن الحصار والتنافس بين الدول الخليجية الجارة يؤثر سلبيًّا على صورة المنطقة على الصعيد الدولي، أما داخليًّا فيؤثر على الجوانب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية. لذلك، فإن ثمة حاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لإجراء حوار رياضي بين دول مجلس التعاون الخليجي للاتفاق على حماية الدول والاستثمار الفردي في قطاع الأعمال الرياضية؛ إذ في ذلك وحده تكمن مصلحة الجميع.

أُعد النص في الأصل لمركز الجزيرة للدراسات باللغة الإنجليزية وترجمه إلى العربية د. كريم الماجري

ABOUT THE AUTHOR

References

 (1) Arabianbusiness (Sun 17 Jun 2018) How Dubai's Godolphin became a world leader in horse racing. Retrieved from  https://www.arabianbusiness.com/sport/398875-how-dubais-godolphin-becam… (accessed 5 June 2020)

 (2) aAlaa Shahine, Glen Carey, and Vivian Nereim (Bloomberg,  October 24, 2017) Saudi Arabia Just Announced Plans to Build a Mega City That Will Cost $500 Billion. Retrieved from https://www.bloomberg.com/news/articles/2017-10-24/saudi-arabia-to-buil… (accessed 16 June 2020).

 (3) Golf Saudi official web page https://www.golfsaudi.com/en-us/saudi-international/

 (4) a Karim Zidan (The Guardian, 2 September 2019) Sportswashing: how Saudi Arabia lobbies the US's largest sports bodies. Retrieved from https://www.theguardian.com/sport/2019/sep/02/sportswashing-saudi-arabi…; (accessed 1 June 2020)

 (5) Gulf Times (16 January 2019) beIN exposes beoutQ with ‘reveal all’ website. Retrieved from https://www.gulf-times.com/story/619446/beIN-exposes-beoutQ-with-reveal…; (accessed 1 June 2020)

 (6) Tariq Panja (The NewYork Times 9 May 2018) The Brazen Bootlegging of a Multibillion-Dollar Sports Network. Retrieved from https://www.nytimes.com/2018/05/09/sports/bein-sports-qatar-beoutq.html (accessed 10 June 2020)

 (7) Nick Vivarelli (Variety, 15 February 2019) Qatar’s beIN Rallies Support From U.S. Companies Against Pirate Broadcaster beoutQ. Retrieved from  https://variety.com/2019/digital/news/qatar-bein-media-support-against-…(accessed 1 June 2020)

  (8) Ali Chughtai (Aljazeera 05 June 2020) Understanding the blockade against Qatar https://www.aljazeera.com/indepth/interactive/2018/05/understanding-blo… (accessed 06 June 2020).

 (9) InsideSport (10 March 2018) BeoutQ Piracy row: beIN Media files $1 bn lawsuit against Saudi Arabia https://www.insidesport.co/beoutq-piracy-row-bein-media-files-1-bn-laws… (accessed 10 June 2020)

 (10) Nick Vivarelli, ibid.p4

 (11)SportMedia (17 July 2018) BeoutQ saga rolls on as Arabsat denies piracy involvement. Retrieved from   https://www.sportspromedia.com/news/world-cup-piracy-beoutq-arabsat-den… (accessed 2 June 2020)

 (12) News Tank Football (15 February 2029) Accédez à tous nos contenus

Email Piracy: "beoutQ impacts the entire ecosystem of international sport" (Sophie Jordan, beIN). Retrieved from https://football.newstank.eu/fr/tour/news/140155/piracy-beoutq-impacts-… (accessed 2 June 2020)

 (13) Aljazeera (16 June 2020) Saudi state behind beoutQ piracy TV operation: WTO ruling. Retrieved from  https://www.aljazeera.com/ajimpact/saudi-state-beoutq-piracy-tv-operati… )accessed 16 June 2020)

 (14) Deutsche Welle (22 May 2020) Saudi Arabia and Newcastle United: Would a takeover be possible in the Bundesliga? Retrieved from https://www.dw.com/en/saudi-arabia-and-newcastle-united-would-a-takeove… (accessed 15 June 2020)

 (15)  The Mag (15 June 2020) Leaked letter shows UK Government made supportive noises on Saudi PIF Newcastle United takeover. Retrieved from https://www.themag.co.uk/2020/06/leaked-letter-shows-uk-government-made… (accessed 18 June 2020)