الفقر في العراق والتحول من ظاهرة اقتصادية إلى مأزق اجتماعي وسياسي

تستقصي الدراسة تأثيرات ظاهرة الفقر في بلد غني جدًّا كالعراق بثرواته البشرية وإمكانياته الطبيعية المتنوعة، وتبحث مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2019. وترى أن هذه الظاهرة لم تعد مشكلة اقتصادية وقتية أو اجتماعية عابرة، بل تحوَّلت إلى مأزق يواجه صانع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
عدد العاطلين وفقًا لتقديرات البنك الدولي يزيد عن 5 ملايين عاطل، وأكثر من ثلث سكان العراق هم من الفقراء (رويترز)

كان الفقر، ولا يزال، ظاهرة سرمدية، لها وجود في غالبية مجتمعات العالم، ويتباين تأثيرها بين مجتمع وآخر وفقًا للتقاليد الاجتماعية والأعراف الدينية والقوانين الوضعية السائدة. وقد تميزت المجتمعات الإسلامية، ومنها المجتمع العراقي، وفي مختلف العصور التاريخية، بإيلائها اهتمامًا استثنائيًّا لمعالجة التبعات السلبية لهذه الظاهرة، انطلاقًا من منظومة قيم دينية ودنيوية سامية وراسخة، أُرْسِيَ بموجبها العديد من المنطلقات النظرية، والمفاهيم والتطبيقات العملية لمعالجة هذه الظاهرة السلبية.

لقد عرف العراق عبر تاريخه الطويل مراحلَ من الرفاه والتقدم والازدهار الاقتصادي والاجتماعي، ومراحل أخرى من التراجع وانتشار الظواهر السلبية في المجتمع ومنها ظاهرة الفقر، وقد ألقت العقوبات الاقتصادية الدولية بعد احتلال العراق للكويت عام 1990، وتداعيات الاحتلال العسكري الأميركي للعراق عام 2003، بظلالها القاتمة على مجمل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العراقي، وكان من نتائجها السلبية انتشار ظاهرة الفقر، وبخاصة في العقد الثاني من القرن 21.

ولعل من المفارقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية النادرة أَنْ تنتشر ظاهرة الفقر في العراق، وتتحوَّل إلى إشكالية بكل أبعادها السلبية في بلد غني جدًّا بثرواته البشرية الهائلة، وإمكانياته الطبيعية المتنوعة من اتساع الأراضي الخصبة، وتوفر المياه العذبة، فضلًا عن الثروات المعدنية المتعددة، وبالذات النفط الخام والغاز الطبيعي.

ومما زاد من إشكالية ظاهرة الفقر في العراق انتشار فيروس كورونا، منذ 24 فبراير/شباط 2020، وإغلاق الحدود لغالبية دول العالم، وتقليص الأنشطة الاقتصادية، مما أدى إلى انهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية، ومن ثم إحداث شلل تام لكل أنشطة الاقتصاد العراقي، فضلًا عن الافتقار إلى تطبيقات عملية ناجعة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة طيلة السنوات العشرين الماضية، والتي من شأنها وضع مرتكزات أساسية لتطويق التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة التي تحولت إلى مأزق يواجه صنَّاع القرار السياسي والاقتصادي في العراق.

1. الإجراءات المنهجية والنظرية للدراسة

أ- إشكالية الدراسة وفرضيتها

تتأثر أنشطة المستثمرين والعاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة في العراق بالظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بهذه الأنشطة، لاسيما في ظل عدم وجود بيئة استثمارية جاذبة لمجمل أنشطة القطاع الخاص بشكل عام، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة المرتبطة به على وجه التحديد، لوجود صعوبات ومعوقات متراكمة أمْلتها التطورات في مختلف ميادين الحياة، خاصة السياسية والاقتصادية منها، والتي مرَّ بها العراق في السنوات الأخيرة، لذا يسعى البحث إلى محاولة الإجابة على التساؤلات الآتية: 

1. ما أبرز مؤشرات ظاهرة الفقر في العراق خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2019؟

2. ما أسباب ظاهرة الفقر في العراق؟

3. ما أبرز التطورات الاقتصادية في العراق بين عامي 2015 و2019؟ وما صلتها بظاهرة الفقر في البلاد؟

في سياق هذه الإشكالية وأبعادها المختلفة، تحاول الدراسة استقصاء فرضية عكست علاقة عكسية قوامها: كلما استفحلت ظاهرة الفقر في العراق، أدى ذلك إلى انخفاض مستوى الأجور، ومن ثمَّ تراجع القدرة المالية لأعداد كبيرة من أفراد المجتمع وانخفاض مستوى المعيشة، مع تراجع الخدمات في كافة المجالات وبالذات في التعليم والصحة والخدمات، مما يؤدي إلى تفاقم وانتشار المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع العراقي، فيما يؤدي تراجع ظاهرة الفقر في المجتمع العراقي إلى نتائج إيجابية معكوسة في كل المجالات.   

ب- أهمية الدراسة وأهدافها

تتجلى أهمية دراسة ظاهرة الفقر في العراق بالنظر إلى سياقاتها؛ حيث ظهرت في ظل نظام اقتصادي في طريقه نحو التطبيق الرأسمالي، وبخاصة بعد الاحتلال الأميركي في عام 2003؛ إذ تفاقمت تأثيرات هذه الظاهرة الغريبة في بلد ثري جدًّا كالعراق، والتي انتشرت جغرافيًّا في كل مدنه، وأدت تداعياتها السلبية إلى استفحال مشاكل اقتصادية واجتماعية مركَّبة، وتحوَّلت إلى عقبة كأْداء في ظل إخفاق المعالجات المطروحة.

وتتلخص أهداف الدراسة في:

- تحديد المفاهيم الرئيسة والثانوية المتعلقة بموضوع الفقر في العراق.

- كشف مؤشرات الفقر في التركيبة السكانية بالعراق.

- تحديد أسباب الفقر في العراق.

- دراسة السياسات الاقتصادية والتطورات الاقتصادية الأساسية في العراق بين عامي 2015 و2019.

- تقديم مقترحات وتوصيات لمعالجة ظاهرة الفقر في العراق.

ج- منهج الدراسة

لتحقيق أهداف الدراسة، لجأ الباحث إلى المزاوجة بين المنهجين: الاستنباطي الذي ينطلق من العام للخاص، والاستقرائي الذي ينطلق من الوقائع المحددة إلى صياغة استنتاجات كلية من مقدمات جزئية؛ وذلك من خلال الشروع من نقطة بداية واقعية وحقيقية، تاريخية ووصفية، لدراسة ظاهرة الفقر في العراق، والاستعانة بالحقائق التاريخية والمعلومات والمعطيات الإحصائية المتاحة بقدر المستطاع وتوصيفها ومقارنتها وتفسيرها لإثراء مادة البحث.   

د- حدود الدراسة

- المجال المكاني: جمهورية العراق -وفقًا للتسمية الرسمية المُعترف بها دوليًّا- وهو الكيان الجغرافي والسياسي والثقافي، بمعنى المنطقة الموحدة من حيث جذورها التاريخية وانتماؤها الثقافي والقومي، والمجزأة إداريًّا إلى 18 محافظة في الوقت الحاضر.

- المجال الزماني: ويغطي الفترة الممتدة بين عامي 2015 و2019 إلا ما اقتضى التنويه لأحداث مرتبطة بسنوات سابقة؛ إذ شكَّل عام 2015 بداية مرحلة مهمة في تاريخ العراق المعاصر، عقب سيطرة ما يُسمَّى بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" على محافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار وأجزاء من محافظات كركوك وديالى في النصف الثاني من عام 2014، وما أعقبها من مشاركة القوات العراقية، بداية عام 2015، في قوات التحالف الدولي فيما أطلق عليه "الحرب العالمية على الإرهاب".

ه- الإطار النظري والمرجعي 

أولًا: المفاهيم الأساسية

- الفقر، خط الفقر، والفقر متعدد الأبعاد: الفقر ظاهرة عالمية مركَّبة ذات أبعاد متداخلة: اقتصادية، واجتماعية، وصحية، ولأهميتها تعددت وجهات النظر بشأن تعريفها من قبل العديد من العلماء والمختصين والمنظمات الدولية. وقد حاولت الأمم المتحدة وضع تعريف شامل للفقر باعتباره أكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام؛ حيث إن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة إلى التمييز الاجتماعي والاستبعاد من المجتمع وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات(1).

ويمكن الإشارة إلى مفهوم الفقر المبسط بأنه تدني مستوى المعيشة للأفراد أو الأسر، أو بعبارة أخرى هو الحرمان المادي الذي تتجلى أهم مظاهره في انخفاض استهلاك الغذاء كمًّا ونوعًا، وتدني المستوى الصحي والتعليمي والوضع السكني، وكذلك الحرمان من امتلاك السلع المعمرة (أو الدائمة) والأصول المادية الأخرى، وفقدان القدرة على مواجهة الحالات الصعبة كالمرض والإعاقة والبطالة والكوارث والأزمات. كما يُعرَّف الفقر بالافتقار لما هو ضروري، ولاسيما الغذاء والسكن والأرض والموجودات الأخرى (بمعنى توافر الحد الأدنى من المستلزمات الضرورية للحياة). والفقر أيضًا هو الافتقار إلى الموارد المتعددة، مما يقود إلى الحرمان المادي؛ وبذلك يتجلى الفقر في عدم القدرة على تحقيق مستوى معين من المعيشة المادية يُمثِّل الحد الأدنى المعقول والمقبول في مجتمع ما من المجتمعات في مدة زمنية محددة. ويركز هذا الوصف على مستوى المعيشة المادي القابل للقياس، والذي يرتبط بالظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل مجتمع من المجتمعات على حدة وخلال مدة زمنية معينة. فيما يحدد البنك الدولي الفقرَ بعدم القدرة على توفير الحد الأدنى من مستوى المعيشة في مجتمع من المجتمعات في مدة زمنية محددة(2).

ويُعرَّف خط الفقر بقيمة الإنفاق التي يجب الوصول إليها حتى لا يُعدَّ الفرد فقيرًا. وقد ناقشت كثير من الأدبيات القياس المطلق أو النسبي للفقر ومدى فائدة مفهوم الفقر المطلق؛ حيث إن ما يشكِّل فقرًا في مجتمع ما وفي زمن ما قد لا يُعتبر فقرًا في مجتمع آخر؛ إذ تتوقف طبيعة الفقر على الزمن والمجتمع والمعتقدات السائدة وقت إجراء الدراسة. ومن ثم فقد يُعدُّ الفقر مفهومًا نسبيًّا وليس مطلقًا، وتتعلق أكثر مقاييس الفقر انتشارًا بأولئك الذين يعيشون في فقر مطلق(3). ويُعرَّف خط الفقر المطلق بـ"إجمالي تكلفة السلع المطلوبة لسد الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية"(4).

وقد ظهر في السنوات الأخيرة مفهوم الفقر متعدد الأبعاد باعتماد ثلاثة مؤشرات، هي: الصحة، والتعليم، ومستوى المعيشة، بعشرة أبعاد(5). وهناك "مكوِّنان مهمان لابد من أن يبرزا في أي تعريف لمفهوم الفقر، وهما: مستوى المعيشة، والحق في الحصول على حد أدنى من الموارد. ويمكن التعبير عن مستوى المعيشة بالاستهلاك لسلع محددة، مثل: الغذاء والملابس أو السكن، التي تمثِّل الحاجات الأساسية للإنسان وتسمح بتصنيف أي فرد لا يحققها ضمن دائرة الفقر. أما الحق في الحصول على الحد الأدنى من الموارد فهو لا يركز على الاستهلاك بقدر تركيزه على الدخل، أي الحق في الحصول على هذه الحاجات أو القدرة على الحصول عليها(6).

وبشكل عام، قام البنك الدولي، في أكتوبر/تشرين الأول 2015، بتحديد خط الفقر الدولي بـ1.9 دولار في اليوم لكل شخص، أي إن الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر ليس لديهم ما يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وعادة ما تحدد البلدان خطوط الفقر الوطنية، وتستخدم خطوط مجموعة من أفقر البلدان لتحديد خط الفقر المدقع الدولي البالغ 1.9 دولار في اليوم(7). أما خط الفقر النسبي، فيُحدَّد تبعًا للموقع النسبي للفرد والأسرة ضمن المجتمع المعني، وطبقًا لذلك يُحدَّد خط الفقر النسبي بنسبة معينة من الدخل المتوسط، كأن يُحدَّد بنصف الدخل المتوسط أو بالحد الأعلى لدخل 10% من السكان الأدنى دخلًا. وبهذا، فإن خط الفقر النسبي يتغيَّر بتغيُّر الدخل من بلد لآخر أو من وقت لآخر بالنسبة للبلد ذاته. وإذا كان خط الفقر المطلق هو الأكثر مناسبة للدول العربية منخفضة الدخل، فإن خط الفقر النسبي سيكون ملائمًا للدول العربية مرتفعة الدخل(8).

وحددت معظم بلدان العالم الفقر باعتباره نقصًا في المال (فقر الدخل)، غير أن الفقراء أنفسهم اعتبروا أن تجربتهم في مجال الفقر أكثر اتساعًا. فالشخص الفقير يمكن أن يعاني من مشاكل متعددة في نفس الوقت، ومنها على سبيل المثال، قد يواجه سوء التغذية وتراجع الخدمات الصحية، أو نقص المياه الصالحة للشرب أو الكهرباء، وضعف نوعية العمل أو التعليم. فالتركيز على عامل واحد فقط هو الدخل، ليس كافيًا للاعتراف بالواقع الحقيقي للفقر.

وفي عام 2010، اعتمدت مؤسسة أوكسفورد للتنمية الدولية مفهومًا جديدًا للفقر أطلقت علية الفقر متعدد الأبعاد العالمي، وقد شرعت بإصدار دليل الفقر متعدد الأبعاد العالمي في عام 2010، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واعتماد المعطيات الإحصائية في تقارير التنمية البشرية السنوية، لتحليل المعطيات الإحصائية المتاحة، ومواءمة دليل الفقر متعدد الأبعاد العالمي مع أهداف التنمية المستدامة. وقد غطى تقرير الفقر متعدد الأبعاد العالمي السنوي لعام 2019 نحو 7.5 مليارات نسمة، أو ما يعادل 77% من سكان العالم، يعيشون في 105 بلدان، وضمنها دول تعيش في حالة الفقر المدقع باعتماد المؤشرات الثلاثة التي ذكرناها آنفًا، وهي: الصحة، والتعليم، ومستوى المعيشة، بعشرة أبعاد(9) كما هو موضح في الشكل رقم (1). وفي عام 2019، أضافت المؤسسة المذكورة تصنيفًا رقميًّا لمؤشر الفقر متعدد الأبعاد يتراوح ما بين (0 إلى 1)، ووفقًا لهذا التصنيف احتل العراق درجة (0.032)(10)، مما يعكس مستوى متدنيًا من مستويات الفقر متعدد الأبعاد.

الشكل رقم (1) يوضح دليل الفقر متعدد الأبعاد(11)

شكل 1

- الأجور: مفهوم اقتصادي يُشير إلى القيمة التي تُدفع مقابل أداء عمل ما، وتُحسب عادة على أساس الساعة أو اليوم أو الأسبوع، وتُعدُّ الأجور المصدر الرئيس للدخل لمعظم الناس، وتُصنَّف إلى أجور نقدية وأجور حقيقية(12). ويُعرَّف الأجر النقدي بالأجر الذي يُعبَّر عنه بمقدار معين من النقود بغضِّ النظر عن قوتها الشرائية، ويُطلق على هذا النوع من الأجور أيضًا الأجور الاسمية. أما الأجر الحقيقي، فيتمثَّل بكمية البضائع والخدمات التي يمكن شراؤها بذلك المبلغ من النقود في أي وقت معين، أو بعبارة أخرى، هو: مقدار القوة الشرائية التي يُمثِّلها ذلك الأجر في وقت معين. ويُصنَّف الأجر بحسب الوقت إلى صنفين، أولهما: الأجر بحسب الوقت، وهو الأجر المرتبط بوحدة زمنية، كالساعة، أو اليوم، أو الأسبوع. وثانيهما: الأجر بحسب القطعة، وبمقتضاه تُعطى المكافأة تبعًا للإنتاج المادي والعمل المُنجز(13).   

- القطاعات الاقتصادية: يتوزع النشاط الاقتصادي في غالبية دول العالم، ومنها العراق، بين ثلاثة قطاعات اقتصادية، وهي: القطاع العام الذي يرتبط بالدولة، والقطاع المُختلط الذي يُدار بصيغة مشتركة من قبل الدولة والقطاع الخاص، والقطاع الخاص الذي يُديره المستثمرون والمشتغلون فيه بالاعتماد على إمكانياتهم الذاتية، والذي ترتبط به المشروعات الصغيرة والمتوسطة في العراق. ولا يوجد لدى الحكومة العراقية تعريف محدد للقطاع الخاص، لكن قانون الشركات رقم (21) لعام 1997 يُحدِّد في (المادة 8- أولًا)، أن الشركة الخاصة تتكون باتفاق بين شخصين أو أكثر من غير قطاع الدولة برأس مال خاص"، لكنه يُجيز، في (المادة 8- ثانيًا)، "أن تكون مساهمة قطاع الدولة في الشركة الخاصة المساهمة أو المحدودة بنسبة تقل عن 25% من رأس المال". وثمة تعريف آخر مقبول على الصعيد الدولي نصَّ على أن "القطاع الخاص هو ذلك الجزء من الاقتصاد الوطني غير الخاضع لسيطرة الدولة المباشرة ويُدار من أجل الربح"(14).   

ثانيًا: السياسة الاقتصادية في العراق  

حدد علماء اللغة كلمة "سياسة" بإرجاع أصلها إلى كلمة "السوس" بمعنى الرئاسة، والسوس هو أيضًا الطبع، والخلق، والسجية. والسياسة هي القيام بأمر الناس، والسياسة فعل السائس، ويقال: هو يسوس الدواب إذا قام عليها وروَّضها، والوالي يسوس رعيته(15)، فيما تُعرَّف السياسة العامة بـ"مجموعة من البرامج والقواعد الحكومية التي تُشكِّل قرارات أو مخرجات النظام السياسي بصدد مجال معين، ويتم التعبير عن السياسة العامة في عدة صور وأشكال منها القوانين واللوائح والقرارات الإدارية والأحكام القضائية"(16)، والتي تُعالج مختلف ميادين الحياة، ومنها الميدان الاقتصادي. ويمكن تعريف السياسة الاقتصادية بكونها مجموعة من القواعد والإجراءات والتدابير التي تُقررها السلطات التشريعية في الدولة، وتقوم السلطات التنفيذية بتطبيقها في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتحكم قراراتها لتحقيق الأهداف الاقتصادية للبلد خلال مدة زمنية محددة؛ لذا "فإن أفضل سياسة اقتصادية هي التزام الحكومة بتهيئة الظروف التي تسمح للأفراد بمتابعة أعمالهم والعيش بسلام، مع التزام الحكومة بحماية الحياة والممتلكات والسماح للناس للاستمتاع بفرص حرية العمل التجاري"(17).

وتعتمد الأطر النظرية للتطبيقات الاقتصادية على مجموعة من المرتكزات التشريعية والسياسية والاقتصادية والتي تم تثبيت دعائمها عقب تغيير النظام السياسي في العراق بعد الاحتلال الأميركي في أبريل/نيسان 2003، والشروع في تغيير شامل للقوانين والمؤسسات والتطبيقات القائمة في كافة الميادين، ولاسيما الاقتصادية منها وصياغتها بمضامين وسياقات جديدة(18). ويمكن إيجاز هذه المرتكزات في الآتي:

- الدستور العراقي لعام 2005: يُمثِّل الدستور الدائم باعتباره القانون الأعلى في العراق، والذي جرى الاستفتاء عليه في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2005، وثيقة رئيسة للمبادئ الأساسية في كافة ميادين الحياة للدولة العراقية، وبخاصة الاقتصادية منها، وذلك من خلال تأكيده على جملة من المعايير والمبادئ الاقتصادية والاجتماعية التي تناولها العديد من مواده، ومنها على سبيل المثال (المادة 22) التي تخص العمل والعمال والنقابات والاتحادات المهنية. وركزت (المادة 23) على حماية الملكية الخاصة وحق العراقي في التملُّك في أي مكان في العراق، بينما كفلت (المادة 24) حرية انتقال الأيدي العاملة والبضائع ورؤوس الأموال العراقية بين الأقاليم والمحافظات، ونصَّت (المادة 25) على أن تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره وتشجيع القطاع الخاص وتنميته، وتكفل الدولة أيضًا بحسب (المادة 26) تشجيع الاستثمارات في القطاعات المختلفة ويُنَظَّم ذلك بقانون.

وشدَّدت (المادة 27) على حرمة وحماية الأموال العامة وأملاك الدولة، وعالجت (المادة 28) موضوع الضرائب، وركزت الفقرة ثالثًا من (المادة 110) على اختصاصات السلطات الاتحادية برسم السياسة المالية والجمركية وإصدار العملة وتنظيم السياسة التجارية ووضع الميزانية العامة للدولة ورسم السياسة النقدية لها. ونصَّت الفقرة (ثامنًا من نفس المادة) على تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق، وضمان مناسيب تدفق المياه إليه وتوزيعها العادل داخل العراق وفقًا للقوانين والأعراف الدولية، فيما عالجت (المادة 114) مواضيع إدارة الجمارك ورسم سياسات البيئة ورسم سياسة التنمية والتخطيط العام. ولخصوصية وأهمية قطاع النفط والغاز، فقد أفرد له الدستور العراقي ثلاث مواد، وهي: (المادة 111) و(112) و(115) وتنص على أن النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات(19). ويتضح مما تقدم، أن الدستور الدائم لجمهورية العراق لم ينص صراحة على طبيعة وفلسفة النظام الاقتصادي المنشود للبلاد بكونه رأسماليًّا أم مختلطًا أم اشتراكيًّا، بل وضع آليات ومبادئ عمل أقرب في جوهرها للنظام الاقتصادي الرأسمالي ولخطوات الحرية الاقتصادية مع المحافظة على دور مركزي محدود للدولة في بعض الاختصاصات.

- مشروع تطوير السياسة الاقتصادية في العراق: استهدف مشروع تطوير السياسة الاقتصادية في العراق والممول من قبل وكالة التنمية الدولية الأميركية، إصلاح نظام تمويل ما أُطلق عليه "الحكومات المحلية" في العراق لتطبيق نظام عدم المركزية، والذي قُدِّم للسلطات العراقية المختصة عام 2006. وقد ركزت مقدمة هذا المشروع على أهمية الإصلاحات غير المركزية في الميدان السياسي، وتوفير القدرات الضرورية لإقامة نظام لا مركزي مؤثر عبر هيكلية مؤسساتية وإدارية لنظام تحديد الروابط المالية بين المستويات المختلفة "للحكومات المحلية" في العراق. وقد تناولت وثيقة المشروع صلاحيات الإنفاق وتأمين الخدمات وكذلك تخفيض العوائد ودراسة آليات تحويل مبالغ الإعانات المالية بين المستويات المختلفة للحكومات المحلية في العراق(20). ويفضي هذا المشروع إلى إرساء وتطبيق نظام اقتصادي لا مركزي للمحافظات العراقية، والتي أُطلِق عليها تسمية "الحكومات المحلية"، وتنظيم آليات العمل الاقتصادي والإداري والمالي لها وبشكل متوازن بين الإدارات المحلية للمحافظات والحكومة المركزية في بغداد. ولتجسيد هذا التوجه صدر قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم بموجب القانون رقم (21) لسنة 2008، والذي منح صلاحيات واسعة للمحافظات وبما يتوافق مع مبدأ عدم المركزية وفي كافة الميادين، وبخاصة الاقتصادية منها(21).

- خطط التنمية الوطنية: شهد العراق خلال الفترة الممتدة بين 2011 و2019 انطلاق خطتين تنمويتين: كانت الأولى خطة التنمية الوطنية للأعوام (2010-2014) التي تأثرت بمجموعة عوامل داخلية وأخرى خارجية، بعضها كان بمنزلة عوامل دفع وأخرى عوامل شد، وكان لها تداعيات متداخلة إيجابية وسلبية على أداء الاقتصاد العراقي. وكانت الخطة الثانية بين عامي 2015 و2019. ورغم أهمية الخطتين وصياغتهما النموذجية، فإنهما لم يأخذا طريقهما للتطبيق الصحيح في العراق.

- استراتيجيات الحد من الفقر في العراق: تبنَّت الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 استراتيجيتين للحد من الفقر في العراق. وقد ركزت الاستراتيجية الأولى للحد من الفقر في العراق 2010-2014 على وجوب التعامل مع أربعة تحديات أساسية، وهي: ضمان الأمن والاستقرار، وضمان الحكم الرشيد، وضمان عدالة التوزيع وتنويع مصادر الدخل في اقتصاد السوق، والتخفيف من الآثار السلبية للإصلاح. فيما أكدت الاستراتيجية الثانية للحد من الفقر في العراق (2018-2022) أن هذه التحديات لا تزال ماثلة، وينبغي على الحكومة استمرار الالتزام بالتعامل معها عبر السياسات والإجراءات الكفيلة بمواجهتها بوصفها شرطًا ضروريًّا لتحقيق الأهداف المنشودة للاستراتيجية، وإن كانت هذه التحديات قد اتخذت أبعادًا أكثر عمقًا وتأثيرًا في الاقتصاد والمجتمع العراقي(22).

2. مؤشرات الفقر في التركيبة السكانية في العراق

1.2. مؤشرات التنمية البشرية

استنادًا إلى المعطيات الإحصائية لأحدث تقرير للتنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2019 (انظر الجدول رقم 1)، يتضح انقسام الدول العربية إلى أربع مراتب تنموية كالآتي:

- المرتبة الأولى: تشير إلى تنمية بشرية "مرتفعة جدًّا"، وتضم دول الخليج العربي المصدِّرة للنفط، وهي: الإمارات، والسعودية، وقطر، والبحرين، والكويت. ويلاحظ أن نصيب الفرد في هذه المجموعة مرتفع جدًّا.

- المرتبة الثانية: تكون فيها التنمية البشرية "مرتفعة"، وتشمل الجزائر، وتونس، ولبنان، والأردن، وليبيا، ومصر.

- المرتبة الثالثة: وتشير إلى تنمية بشرية "متوسطة"، وتضم فلسطين، والعراق، والمغرب، ويأتي العراق في المرتبة 14 عربيًّا، ويحتل المرتبة 120 على المستوى العالمي، فيما بلغ نصيب الفرد من الدخل الإجمالي في العراق (15.355) دولارًا بمستوى تنمية بشرية "متوسط" رغم أن البلد يُعَدُّ ثاني أكبر دولة عربية مصدِّرة للنفط بعد السعودية.

- المرتبة الرابعة: تكون فيها التنمية البشرية "منخفضة"، وتشمل سوريا، وجزر القمر، وموريتانيا، والسودان، وجيبوتي، فيما لم يضع برنامج الأمم المتحدة اليمن والصومال ضمن الفئات الأربع المشار إليها آنفًا. 

جدول رقم (1) يبرز ترتيب الدول العربية على مستوى التنمية البشريةحسب دليل التنمية البشرية لعام 2019(23)

م

الدولة

مرتبة الدولة عربيًّا

مرتبة الدولة عالميًّا

نصيب الفرد من الدخل القومي

الإجمالي (بالدولار)

مستوى التنمية البشرية

1

الإمارات

1

35

66.912

مرتفعة جدًّا

2

السعودية

2

36

49.338

مرتفعة جدًّا

3

قطر

3

41

110.489

مرتفعة جدًّا

4

البحرين

4

45

40.399

مرتفعة جدًّا

5

عُمَان

5

47

37.039

مرتفعة جدًّا

6

الكويت

6

57

71.164

مرتفعة جدًّا

7

الجزائر

7

82

31.634

مرتفعة

8

تونس

8

91

10.677

مرتفعة

9

لبنان

9

93

11.136

مرتفعة

10

الأردن

10

102

8.268

مرتفعة

11

ليبيا

11

110

11.685

مرتفعة

12

مصر

12

116

10.744

مرتفعة

13

فلسطين

13

119

5.314

متوسطة

14

العراق

14

120

15.355

متوسطة

15

المغرب

15

121

7.480

متوسطة

16

سوريا

16

154

2.725

منخفضة

17

جزر القمر

17

156

2.426

منخفضة

18

موريتانيا

18

161

3.746

منخفضة

19

السودان

19

168

3.962

منخفضة

20

جيبوتي

20

171

3.601

منخفضة

21

اليمن

21

177

1.433

---

22

الصومال

22

---

---

---

2.2. مؤشرات السكان 

بلغ عدد سكان العراق نحو (39.309.078) نسمة في عام 2019 استنادًا إلى إحصاءات البنك الدولي(24)، فيما تزايد إجمالي القوى العاملة من إجمالي سكان العراق خلال العام ذاته ليصل إلى (10.475.072) نسمة(25). ويشمل إجمالي القوى العاملة من عمر 15 عامًا فأكثر، والذين يستوفون تعريف منظمة العمل الدولية للسكان النشطين اقتصاديًّا، جميع الأشخاص الذين يمثلون الأيدي العاملة المشاركة في إنتاج السلع والخدمات خلال فترة محددة. بينما تتفاوت معالجة الممارسات الوطنية لفئات مثل القوات المسلحة والعمال الموسميين أو الذين يعملون لبعض الوقت. وتشمل القوى العاملة بوجه عام كلًّا من أفراد القوات المسلحة، والعاطلين عن العمل، والباحثين عن العمل لأول مرة، ولكن يُستثنى منها ربَّات البيوت ومقدمو الرعاية غير مدفوعة الأجر للآخرين، وعمالة القطاع غير الرسمي(26)

واستنادًا إلى أحدث الإحصاءات الرسمية المثبتة بالقانون رقم (1) للموازنة العامة الاتحادية للعراق للسنة المالية 2019، بلغ العدد الإجمالي لموظفي الدولة نحو (5.883.780) موظفًا بنهاية عام 2019، وضمنهم أعداد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية(27). وبطرح عدد موظفي الدولة من إجمالي القوى العاملة في العراق ينتج نحو (4.591.940) نسمة من السكان عاطلين عن العمل في العراق، مع الأخذ بنظر الاعتبار وجود أعداد محدودة تعمل لدى القطاع الخاص. وما يؤكد هذه النتيجة السلبية أن إحصاءات البنك الدولي ذكرت أن نسبة البطالة في العراق وصلت 12.8% في نهاية عام 2019(28)، أي إن عدد العاطلين -وفقًا لتقديرات البنك الدولي- يزيد عن 5 ملايين عاطل في العراق، خاصة أن نسبة نمو السكان في العراق مرتفعة، وقد سجلت بنهاية عام 2018 نحو 2.3%(29). وإزاء عدم وجود إحصاء سكاني في العراق منذ عام 1997، وتدمير غالبية البنى التحتية من منشآت ومعامل عقب الاحتلال الأميركي للعراق، وعدم وجود قطاع خاص نشط يستوعب أعداد العاطلين، واستشراء الفساد الإداري والمالي في البلاد، فإن تقديرات عدد العاطلين في العراق أضعاف الأرقام التي تعلنها المؤسسات الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة. 

3.2. مؤشرات الدخل

يُقصَد بالناتج المحلي الإجمالي مجموع قيم السلع والخدمات النهائية التي تُنتَج ضمن الحدود السياسية للدولة خلال مدة زمنية محددة مقدارها سنة واحدة مقوَّمة بالعملة الوطنية أو بالدولار. وبمراجعة المعطيات الإحصائية المثبتة -كما هو مبين في الجدول رقم (2)- يتضح أن الناتج المحلي الإجمالي في العراق للسنوات (2014-2019) وخلافًا للمنطق، تراجع منذ عام 2014 بشكل تدريجي من 234.65 مليار دولار ليصل في عام 2019 إلى 234.09 مليار دولار.

ويُلاحَظ أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في العراق منخفض جدًّا؛ إذ كان 4989.80 دولارًا في عام 2015، فيما تراجع هذا الرقم إلى 4776.76 دولارًا عام 2016، ثم عاود الارتفاع البطيء إلى 5955.11 دولارًا عام 2019(30). ومما لا شك فيه أن لهذه الظاهرة انعكاسات سلبية على كافة قطاعات الاقتصاد الوطني، فضلًا عن تداعياتها الاجتماعية، ومن ضمنها تراجع فرص العمل وارتفاع نسب البطالة في البلاد مما يزيد من نسبة الفقر في المجتمع.

الجدول رقم (2) يظهر مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي في العراق للسنوات 2012-2016(31)

السنة

الناتج المحلي الإجمالي (مليار دولار سنويًّا)

2014

234.65

2015

177.50

2016

174.88

2017

195.47

2018

224.23

2019

234.09

وإذا نظرنا من منظور الفقر متعدد الأبعاد للتعرف على ما يعانيه الفقراء في العراق من حرمان في جوانب مختلفة لا تقتصر على الدخل (أو الإنفاق الاستهلاكي)، نجد أن الفقراء يعانون من حرمان في جوانب الصحة والتعليم والخدمات الأساسية. وتُشير الفجوات بين مؤشري فقر الإنفاق والفقر متعدد الأبعاد إلى أن الزيادة في الاستهلاك لا تسير جنبًا إلى جنب تحسُّن مؤشرات التنمية البشرية؛ إذ نجد أن 10.4% من الأسر أو العوائل هي فقيرة بالمقياسين، وهناك 55.3% من الأسر ليست فقيرة بالمقياسين، وهناك 24.9% من الأسر فقيرة بحسب مقياس الفقر متعدد الأبعاد، لكنها ليست فقيرة بحسب مقياس الإنفاق الاستهلاكي. وهناك فقط 9.4% من الأسر ليست فقيرة بأي من المقياسين، وتعاني 63% من الأسر من الحرمان في مجالين أو ثلاثة مجالات التي يتكون منها دليل الفقر متعدد الأبعاد، في حين أن 11% من الأسر تعاني من أربعة مجالات أو أكثر. وهذه البيانات تعزز التفكير في محصلات الاستراتيجية التي تركز على خمسة أبعاد يمكن أن تسهم في معالجة أسباب الفقر، سواء المرتبطة بالإنفاق والدخل، أو المرتبطة بالحرمان والوصول إلى الخدمات والأصول. بالمقابل، تتمتع محافظات إقليم كردستان بمستويات أقل من الفقر متعدد الأبعاد، بينما تعاني المحافظات الجنوبية بمعدل فقر أعلى في كلا المقياسين. وعلى الرغم من أن فقر الاستهلاك يصل إلى حوالي 20% في عموم البلاد، فإن الفقر متعدد الأبعاد ارتفع إلى 35%(32).

واستنادًا إلى أحدث المعطيات الإحصائية في تقرير التنمية البشرية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة(33)، يمكن لمؤشرات الفقر متعدد الأبعاد أن تسلِّط مزيدًا من الضوء على الفئات الأكثر تعرضًا للإهمال من الشرائح الاجتماعية في العراق، باستعراض الأبعاد الثلاث الأساسية لمؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، وهي:

- الصحة: تغطي خدمات الصحة ما نسبته 33% من سكان العراق البالغ عددهم نحو 39 مليون نسمة، أي إن 67% من السكان هم بدون خدمات صحية، بمعنى آخر هناك 26 مليون عراقي بدون رعاية صحية.

- التعليم: يستفيد من خدمات هذا القطاع ما نسبته 60% من سكان العراق، أي إن 40% من السكان هم بدون خدمات تعليمية، وتشكِّل هذه النسبة نحو 16 مليون عراقي يفتقر للخدمات التعليمية.

- مستوى المعيشة: لا يشمل مستوى المعيشة في العراق وفقًا للمعايير الدولية سوى 6% من السكان، فيما يعاني 94% من السكان بصورة أو بأخرى من اختلال في مستوى المعيشة في البلاد. مما يشكِّل مأزقًا قد يطول أمده؛ لأن المعالجات المطروحة تمثِّل هي الأخرى إشكالية يصعب تجاوزها في المدى المنظور.

3. أسباب الفقر في العراق

منذ ثلاثة عقود خلت، وتحديدًا منذ عام 1990، شهد العراق تحولات واسعة في مؤسسات وضوابط المجتمع كافة، وقد أسهمت عوامل ذاتية وموضوعية في إدامة واستمرارية هذه التحولات في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكان نصيب الميدان الاجتماعي القسط الأكثر سلبية من هذه التحولات جرَّاء انتشار ظاهرة الفقر بين مختلف طبقات المجتمع العراقي. وقد تضافرت مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية لتحويله من "حالة" وقتية إلى "ظاهرة". وتعود أسباب تكريس ظاهرة الفقر في العراق لأسباب عديدة، لعل أهمها:  

- العقوبات الاقتصادية الدولية: عقب احتلال العراق للكويت، في 2 أغسطس/آب 1990، فُرِض على العراق أطول حصار اقتصادي في تاريخه المعاصر، استمر لمدة 12 سنة و9 أشهر و16 يومًا، وهي المدة المحصورة بين تاريخ فرض الحصار على العراق بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 661، في 6 أغسطس/آب 1990، وتاريخ رفع الحصار عنه بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1483، في 22 مايو/أيار 2003، بعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية. وطيلة هذه المدة لم يُسمح للعراق باستيراد أو تصدير أية بضاعة، باستثناء المواد الغذائية والطبية وفقًا لصيغة "النفط مقابل الغذاء والدواء"، والتي صدرت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 986، في 4 أبريل/نيسان 1995(34)، وبإشراف مباشر من منظمة الأمم المتحدة، مما أدى إلى شلل تام لكل قطاعات الاقتصاد العراقي. وعلى سبيل المثال، أدت هذه الإجراءات إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في العراق من 179.89 مليار دولار في عام 1990 إلى 36.63 مليار دولار في عام 2004، وفقًا لإحصاءات البنك الدولي(35)، كما ارتفعت نسبة التضخم النقدي في العراق من 180% عام 1991 لتصل إلى 488% في عام 1995 ولتستقر في عام 2003 عند 33%(36). كما أدى استمرار الحصار الاقتصادي إلى انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 10326.9 دولارًا في عام 1990 إلى 1391.4 دولار في العام 2004(37)، مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطن وانتشار ظاهرة الفقر في العراق.

- تداعيات الاحتلال الأميركي للعراق: إن حجم الدمار والتخريب الذي تعرضت له البنية التحتية للاقتصاد العراقي على مدى السنوات الأربعين الماضية واسع وكبير جدًّا، بدءًا من الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)، ومرورًا بحرب الخليج الثانية، عام 1991، وما تبعها من عقوبات اقتصادية متعاقبة ألحقت المزيد من التخريب والدمار في اقتصاد العراق، وانتهاء بالاحتلال الأميركي للعراق في أبريل/نيسان 2003؛ ومن ثم استمرار العمليات العسكرية وبخاصة بعد بدء الحملة العسكرية على الإرهاب بقيادة تحالف دولي بقيادة القوات الأميركية عقب سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" على محافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار وأجزاء من محافظات كركوك وديالى؛ إذ لم تدمر الحرب البنى التحية للاقتصاد العراقي ابتداء من طرق المواصلات ومراكز الاتصالات والمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء والسدود والمطارات وأبنية الوزارات والدوائر فحسب بل امتد تأثيرها نحو تدمير البنى الفوقية المتمثلة في التشريعات والأنظمة والقوانين لعموم مؤسسات ووزارات الدولة العراقية، والتي كانت تحكم عمل البنية التحتية، باستثناء "وزارة النفط التي حافظت عليها قوات التحالف دون غيرها من الوزارات العراقية"(38)، والأكثر من ذلك، أن ما لم تدمره الحرب دمرته قوى عابثة عبر عمليات النهب والسلب والحرق لدوائر الدولة، فضلًا عن شروع عمليات منظمة لتهريب  الثروات الوطنية من العملات والذهب وموجودات المتاحف إلى خارج البلاد. ورغم صعوبة الحصول على الأرقام والمعطيات الإحصائية لفقدان الوزارات قاعدة بياناتها ووثائقها بسبب الحرب وتداعياتها مما يصعِّب الاستدلال على الأرقام الحقيقية، إلا أن آثار التخريب والدمار لا تزال شاخصة على كثير من مؤسسات الدولة العراقية حتى الوقت الحاضر.

- الفساد المالي والإداري: بدأت عملية تحوُّل الفساد من ظاهرة سلوكية إلى بنية مؤسسية خلال الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2003؛ حيث بدأت بحلول العام 1991 عملية تحوُّل الفساد في العراق من "ظاهرة" إدارية-سلوكية، إلى "بنية قيمية-مؤسسية". كظاهرة، كان هذا الفساد قبل فرض العقوبات الدولية على العراق بسبب غزوه للكويت محصورًا في دائرة ضيقة من المجتمع العراقي(39)، وسرعان ما تحوَّلت هذه الظاهرة إلى بنية مؤسسية، تُدار من أطراف داخل الدولة العميقة في مؤسسات الدولة والقطاع العام في ظل ظروف الحروب والحصار الاقتصادي. وجاءت أحداث الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 وما أعقبها من تدمير البنى التحتية لمؤسسات الدولة العراقية لتزيد الطين بلة بانتشار واسع لهذه الظاهرة في غالبية مؤسسات الدولة العراقية.

وخلال الفترة الممتدة بين عامي 2003 و2020، استمرت معاناة البلاد من تفاقم ظاهرة الفساد الإداري والمالي في غالبية مؤسسات الدولة. وفي هذا الصدد، ذكرت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي لعام 2019 أن مستوى الفساد في العراق واسع جدًّا؛ إذ حصل العراق بموجب مؤشر مدركات الفساد الذي يصدر عن المنظمة على درجة 18 من 100 وجاء ترتيبه 166 على المستوى العالمي (انظر الجدول رقم 3)، مما يعكس مستوى متدنيًا من النزاهة بسبب انتشار ظاهرة الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة والقطاع العام في العراق. وما يؤكد استمرار ذات التوجه ما ذكرته دراسة حديثة كتبها الأميركي، روبرت وورث (Robert Worth)، ونشرتها مجلة نيويورك تايمز الأميركية (The New York Times)، في 29 يوليو/تموز 2020، ذكر فيها أن الفساد في العراق تقوده طبقة سياسية احترفت تحقيق الثراء بممارسة الابتزاز والاختلاس والرشوة، والاستحواذ على الصفقات التجارية والنفطية، وتسجيل آلاف الموظفين الفضائيين واستلام رواتبهم من قبل مافيات الفساد، والاحتيال المصرفي. وقد وصفت هذه الدراسة مزاد الدولار الذي يقوم به البنك المركزي العراقي بكونه "نظام الصرف الصحي للفساد في العراق"، خاصة أن ما بين 125-150 مليار دولار، وتشير تقديرات أخرى إلى 300 مليار دولار، يمتلكها عراقيون في الخارج معظمها تم الاستحواذ عليه بطرق غير قانونية(40).

الجدول رقم (3) يبرز ترتيب الدول العربية في مؤشر مدركات الفساد لعام 2019(41)

م

الدولة

المرتبة عربيًّا

المرتبة دوليًّا

الدرجة لعام 2019 (0- 100)

1

الإمارات

1

23

70

2

قطر

2

33

62

3

عُمان

3

53

52

4

الأردن

4

53

52

5

السعودية

5

58

49

6

المغرب

6

73

43

7

تونس

7

73

43

8

الكويت

8

78

41

9

البحرين

9

99

36

10

الجزائر

10

105

35

11

مصر

11

105

35

12

جيبوتي

12

124

31

13

لبنان

13

138

28

14

جزر القمر

14

138

27

15

موريتانيا

15

144

27

16

العراق

16

168

18

17

ليبيا

17

170

17

18

السودان

18

172

16

19

اليمن

19

176

14

20

سوريا

20

178

13

21

الصومال

21

180

10

22

فلسطين

22

---

---

 ورغم وجود هيئة للنزاهة التي تعمل في العراق منذ عام 2003، فإن ما تبذله من جهود لا ترتقي لمستوى تحديات الفساد. وعلى سبيل المثال، وطبقًا لمعلومات رسمية موثقة في التقرير السنوي لهيئة النزاهة الاتحادية لعام 2019، فقد تلقت الهيئة خلال نفس العام نحو 4572 بلاغًا عن وجود حالة فساد، لم يُفعَّل منها سوى 1653 بلاغًا، أي بنسبة 36% منها. وفي ضوء القضايا المعروضة على الهيئة، استردت خلال عام 2019 ما مجموعه (2.848.053.153.892) (تريليونين وثمانمئة وثمانية وأربعين مليارًا وثلاثة وخمسين مليونًا ومئة وثلاثة وخمسين ألفًا وثمانمئة واثنين وتسعين دينارًا)، أي ما يعادل 2.4 مليار دولار(42)

- ظاهرة الهجرة والتهجير في العراق: ازداد عدد اللاجئين في العراق بسبب استمرار الأعمال الحربية جرَّاء الاحتلال الأميركي وما تبعها من أعمال إرهابية، وتهجير طائفي، ليبلغ عدد اللاجئين العراقيين المسجلين رسميًّا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العام 2005 نحو 262.299 لاجئًا، وازداد هذا العدد في العام 2007 ليصل إلى أكثر من مليوني لاجئ (2.309.245)، ثم تناقص هذا الرقم تدريجيًّا ليصل في عام 2018 إلى 372.342 لاجئًا(43).  كما أقرَّت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق والمرتبطة بمجلس النواب العراقي في تقريرها السنوي لعام 2018 الصادر في عام 2019، بحرمان المواطنين العراقيين من أبسط الخدمات الأساسية، وضمنها الغذاء والمياه الصالحة للشرب والضمان الصحي والسكن وانخفاض مستوى الدخل وارتفاع مستوى البطالة بين كافة شرائح المجتمع العراقي وخاصة الفئات محدودة الدخل، فضلًا عن استمرار ظاهرة الفقر والبطالة في العراق، وما نتج عن أزمة التهجير ونزوح 5 ملايين عراقي من المناطق التي سيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" في العام 2014، وعاد منهم 3 ملايين نازح لغاية 2018؛ الأمر الذي أثَّر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للنازحين والمناطق التي نزحوا منها. كما أضحت ظاهرة الإدمان على المخدرات وانتشارها وتعاطيها في العراق، تشكِّل خطرًا يوازي خطر التهجير والإرهاب، وبخاصة عقب انتشارها بين الشباب في الفئة العمرية بين (29 و39 عامًا)؛ حيث بلغ العدد الكلي للموقوفين والمحكومين بسبب التعاطي والمتاجرة بالمخدرات نحو 7385 مواطنًا -عدا إقليم كردستان- وذلك للعامين 2017 و2018(44).

في ضوء ما تقدم، فقد تضافرت العوامل الدافعة لانتشار ظاهرة الفقر في العراق، ابتداء من العقوبات الاقتصادية الدولية منذ عام 1990، والاحتلال العسكري الأميركي للبلاد في العام 2003، وانتشار ظاهرة الفساد المالي والإداري، وانتهاء بالتداعيات الكارثية لعمليات التهجير القسري التي طالت أكثر من 5 ملايين مواطن، مما انعكس سلبًا على جُلِّ طبقات المجتمع العراقي. وأدت سياسة تدمير الاقتصاد العراقي وتكبيله بمشاكل اقتصادية ومالية مزمنة إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية جرَّاء انخفاض مستويات الأداء في كافة القطاعات الاقتصادية وزيادة أعداد الفقراء في المجتمع.

4. القطاعات الأساسية في الاقتصاد العراقي

1.4. القطاع النفطي

تطوَّر الاحتياطي النفطي المؤكد في العراق من 34 مليار برميل من النفط الخام عام 1960 إلى 112 مليار برميل في عام 1990 نتيجة النشاط الاستكشافي وعمليات تطوير الحقول. وفي عام 2001، وصل الاحتياطي النفطي إلى 115 مليار برميل نتيجة لدراسات إعادة تقييم المعلومات الجيولوجية والمكمنية بالوسائل الحديثة(45).

ومع بداية عام 2020، وصل الاحتياطي النفطي المؤكد في العراق إلى 145 مليار برميل(46)؛ وبذلك أصبح العراق يحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث الاحتياطي النفطي المؤكد بعد السعودية (انظر الشكل رقم 2) والخامسة عالميًّا بعد كل من فنزويلا والسعودية وكندا وإيران وفقًا لأحدث الإحصاءات المتاحة في يونيو/حزيران 2020 (انظر الشكل رقم 3). 

الشكل رقم (2) يبيِّن ترتيب الدول العربية حسب امتلاكها للاحتياطيات النفطية في نهاية 2019(47)

شكل 2

الشكل رقم (3) يبرز الدول التي تمتلك أعلى احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في نهاية عام 2019 (مليار برميل)(48)

شكل 3

وبمراجعة المعطيات الإحصائية في (الجدول رقم 4)، يتضح أن معدل الإنتاج النفطي العراقي تطور من 3.101 ملايين برميل يوميًّا، عام 2014، ليصل إلى 4.779 ملايين برميل يوميًّا في نهاية عام 2019. كما ازدادت صادرات العراق النفطية من 2.515 مليون برميل يوميًّا لتصل إلى 3.390 ملايين برميل يوميًّا بنهاية عام 2019.

ورغم زيادة الصادرات النفطية في عام 2019، والتي بلغت 3.390 ملايين برميل يوميًّا، أي بزيادة قدرها نحو 0.875 مليون برميل يوميًّا عن عام 2014، فإن العائدات المالية من بيع النفط الخام العراقي تراجعت من 84.303 مليار دولار، في عام 2014، لتصل إلى 68 مليار دولار، عام 2019، بسبب انخفاض أسعار النفط في الأسواق الدولية، مما أثَّر سلبًا على الاقتصاد العراقي (انظر الجدول رقم 4). 

الجدول رقم (4) يوضح مؤشرات القطاع النفطي في العراق للسنوات (2014-2019((49)

السنة

الإنتاج النفطي

(مليون برميل يوميًّا)

الصادرات النفطية

(مليون برميل يوميًّا)

العائدات المالية (مليار دولار سنويًّا)

2014

3.101

2.515

84.303

2015

3.239

3.004

49.211

2016

3.986

3.803

43.684

2017

4.538

3.802

59.730

2018

4.632

3.862

68.192

2019

4.779

3.390

68

2.4. القطاع المالي

تمثِّل الموازنة العامة في أي بلد وثيقة رسمية تتضمن الموارد المالية المتوقع تحصيلها خلال سنة، وأوجه الإنفاق لهذه الموارد في تلك السنة(50). وتعكس أرقام المبالغ المالية المثبتة في الموازنة الاتحادية لجمهورية العراق صورة واضحة للتطورات المالية في البلاد، وتُعدَّ من أهم المؤشرات المالية التي توضح مديات التطور الاقتصادي في العراق.

وبمراجعة المعطيات الإحصائية المثبتة في (الجدول رقم 5)، يتضح الآتي:

- سجلت الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق لعام 2013 أعلى الأرقام، والتي كانت (106.041.478.2) مليار دولار بسبب ارتفاع أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية.

- لم يتم إقرار موازنة عام 2014 بسبب الخلافات السياسية بين أقطاب السلطة.

- تراجعت الموازنة الحكومية إلى أدنى مستوى لها في عام 2017 وكانت نحو (66.845.533.84) مليار دولار.

- عادت أرقام الموازنة للارتفاع في عام 2019، وكانت (89.314.455.89) مليار دولار.

ويمكن تفسير التذبذب في أرقام الموازنات الحكومية في العراق بين عامي 2013 و2019 لاعتمادها، وبنسبة تتجاوز 90%، على واردات بيع النفط الخام في الأسواق الدولية، والذي شهد هو الآخر تذبذبًا في الأسعار بين مدة وأخرى، مما انعكس ذلك سلبيًّا على أرقام الموازنات الحكومية، وزاد من اتساع المشاكل الاقتصادية في البلاد، وخاصة مشكلة الفقر.

الجدول رقم (5) يبرز الموازنة العامة في العراق للسنوات (2012-2019)(51)

 

السنة

الموازنة العامة

(تريليون دينار)

سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار

الموازنة العامة

(مليار دولار)

2012

102.326.898.000

1176

87.458.887.18

2013

119.296.663.096

1125

106.041.478.2

2014

---

---

---

2015

94.048.364.139

1166

80.658.974.38

2016

81.700.803.138

1166

70.069.299.43

2017

79.001.142.100

1182

66.845.533.84

2018

90.981.840.893

1182

76.972.792.63

2019

105.569.686.870

1182

89.314.455.89

3.4. التجارة الخارجية

تعكس أرقام التجارة الخارجية حركة السلع والخدمات بين دولةٍ ما وبقية دول العالم خلال مدة زمنية عادة ما تكون لمدة سنة، فيما يبيِّن الميزان التجاري في أحد جانبيه قيمة واردات البلد من العالم الخارجي من سلع وخدمات، وفي الجانب الآخر يبين هذا الميزان قيمة السلع والخدمات التي يصدِّرها البلد. ويُعدُّ الميزان التجاري أحد المؤشرات التي يقاس بموجبها مدى تطور البلد اقتصاديًّا.

وفي ضوء ما تقدم، تُظهر مؤشرات القيم المالية للصادرات والواردات في العراق للسنوات (2014-2019) ارتفاع أرقام الصادرات عن أرقام الواردات (انظر الجدول رقم 6). وقد أفضت هذه الحالة إلى تسجيل فائض في الميزان التجاري طيلة السنوات الخمسة الماضية مع ملاحظة تراجع أرقام الفائض التجاري طبقًا لتراجع قيم الصادرات والواردات، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن صادرات النفط تشكِّل العصب الأساس في الصادرات العراقية.

الجدول رقم (6) يبيِّن التجارة الخارجية للعراق للسنوات 2014-2019 (مليار دولار)(52)

السنة

إجمالي الصادرات

إجمالي الواردات

الميزان التجاري (الصادرات-الواردات)

2014

88.949

68.618

20.331

2015

57.577

58.517

-0.940

2016

46.830

44.116

2714

2017

63.604

48.506

15.098

2018

95.256

53.191

42.065

2019

76.572

46.262

30.310

وكما هو معروف، فإن تطور أي بلد اقتصاديًّا ينعكس إيجابيًّا على المجتمع، ثراء ورخاء وتقدمًا، فيما يؤدي تراجع التطور الاقتصادي إلى مشاكل سياسية واجتماعية عديدة، وفي مقدمتها زيادة ظاهرة الفقر في البلد. وقد أظهرت المعطيات الإحصائية أن تطورات الاقتصاد العراقي خلال السنوات الأخيرة اتسمت بعدم الاستقرار وتزايد عناصر الوهن والضعف والإفقار في غالبية قطاعات الاقتصاد الكلي، والتأثر بتقلبات الأسعار في الأسواق العالمية، خاصة أن الاقتصاد العراقي لا يزال في المرحلة الأولى (المرحلة القديمة) للنمو الاقتصادي، وهي مرحلة الاقتصاد الريعي المعتمد كليًّا على الموارد الطبيعية، وتحديدًا الموارد المتأتية من تصدير النفط الخام للأسواق الدولية. ولضمان تطور هذه المرحلة، أي مرحلة الاقتصاد الريعي، تمهيدًا لانتقال الاقتصاد إلى مرحلة الكفاءة ثم الفعالية، لابد من توفر بنية تحتية قوية ومتماسكة ومستقرة لضمان ممارسة الأعمال الاقتصادية لتقود حركة الاقتصاد الكلي نحو إثراء وتطوير قطاعاته، لا إفقارها كما حصل في المرحلة السابقة، والتي تفترض التنسيق والتعاون مع قطاعات التعليم والصحة والتي تعتبر من أهم أسس التنمية الاقتصادية.

وعلى سبيل المثال، شهدت السنوات الخمسة الأخيرة، تراجع أرقام العائدات المالية لتصدير النفط، وعدم إقرار الموازنة السنوية للدولة في عام 2014، بسبب الخلافات السياسية وتراجع أرقام الموازنة الحكومية للسنوات اللاحقة، وأفرزت هذه التداعيات تزايد المشاكل الاجتماعية وفي مقدمتها ظاهرة الفقر التي تحولت إلى "مأزق" دائم يؤرِّق صنَّاع القرار السياسي والاقتصادي في العراق.  

خاتمة

أولًا: استنتاجات

- تنتشر ظاهرة الفقر في أية دولة من دول العالم، من حيث المبدأ لسببين رئيسين: الأول: هو ندرة الموارد، خاصة الطبيعية منها، والثاني: سوء إدارة الموارد الطبيعية المتاحة. وتنطبق الحالة الثانية على ظاهرة الفقر في العراق، والذي يمتلك إمكانيات بشرية كبيرة وثروات طبيعية هائلة، كالمياه والأراضي الزراعية والنفط الخام والغاز الطبيعي والفوسفات والكبريت واليورانيوم، وغيرها من الموارد الطبيعية. وبذلك، فإن وجود ظاهرة الفقر في العراق يُفترض أن يكون ظاهرة وقتية يتم تجاوزها تدريجيًّا حال تجاوز الظروف الاستثنائية، وشروع الدولة في إعادة الإعمار وعلى كافة الأصعدة، واستكمال إدارة الموارد الطبيعية بما يعزز الازدهار الاقتصادي في البلاد.

- على الرغم من كون غالبية المرتكزات النظرية المعلنة للسياسات الاقتصادية في العراق عكست بصورة عامة توجهات إيجابية وصحيحة، وإن لم تكن مثالية، فإن مضامينها لم تُعتمَد بصورة نموذجية لتطبيق برامج وخطط اقتصادية للنهوض بالاقتصاد الوطني لمرحلة جديدة، أي إن هناك فوارق كبيرة بين ما تضمنته هذه الأسس، وما جرى تطبيقه على الصعيد العملي.

- أظهرت المعطيات الإحصائية الرسمية والدولية انتشار ظاهرة الفقر في العراق، سواء أكان ذلك بتدني مستوى التنمية البشرية في العراق إلى مرتبة (متوسط) وبما يُعادل مستوى التنمية في دولة المغرب غير النفطية، مع أن العراق ثاني أكبر مصدِّر للنفط بعد السعودية، فضلًا عن ارتفاع أعداد العاطلين إلى أكثر من 5 ملايين عاطل، وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 5955.11 دولارًا سنويًّا، لذلك ارتفعت نسبة فقر الدخل 20%، والفقر متعدد الأبعاد بنسبة وصلت إلى 35%؛ مما يعني أن أكثر من ثلث سكان العراق هم من الفقراء، أي 13 مليون فقير في العراق خلال الوقت الحاضر.

ثانيًا: المعالجات المقترحة

- تعكس المؤشرات الاقتصادية التي تم استعراض معطياتها الإحصائية، والتي تخص القطاع النفطي، والقطاع المالي والقطاع التجاري، طبيعة الاقتصاد العراقي الريعي الذي يعتمد بشكل مطلق على الإنتاج النفطي؛ مما يؤدي إلى ارتباط الاقتصاد العراقي بمتغيرات خارجية ترتبط بأسواق النفط الدولية، والتي تتحكم بأسعاره، وهو ما يتطلب إعادة النظر بالبرامج الاقتصادية اللاحقة لتنويع مصادر الدخل بتشجيع القطاعات الفاعلة الأخرى في الاقتصاد العراقي، خاصة قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات.

- إن الظروف الذاتية والموضوعية التي يمر بها الاقتصاد العراقي تحتاج إلى ترابط وثيق جدًّا بين الدولة والقطاع الخاص وأطراف العمل من حيث التخطيط والتمويل والتنفيذ والمتابعة، مع استمرار الأولوية لدور الدولة عدة سنوات لاحقة، ولحين تحقيق تطور ملموس بالاقتصاد الوطني لتجاوز التداعيات السلبية لهذه المرحلة.

- يتطلب تنشيط قطاع التجارة الخارجية والاستفادة من قدرات العراق الاقتصادية، وبالذات النفطية منها، تطبيق سياسة اقتصادية مرنة تتجاوز تأثيرات الأيديولوجيات، وتعطي الأولوية للمصلحة الوطنية عبر إقامة علاقات اقتصادية مع الدول المجاورة كافة، وبما يحقق المصلحة الاقتصادية بالدرجة الأساس.

- وفي ضوء التطبيقات العملية التي يشهدها العراق في الميدان الاقتصادي، وبخاصة منذ سنة 2003 وحتى 2020، فإن ظاهرة الفقر في العراق لم تعد مشكلة اقتصادية وقتية أو اجتماعية  عابرة، بل تحولت إلى مأزق دائم يواجه صانع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وعندئذ لابد من التفكير مليًّا في إعادة النظر بكل المؤسسات والضوابط التي هيمنت على دوائر صنع القرار في العراق تمهيدًا لإقرار معالجات ذات جدوى اقتصادية مثمرة لإشكالية ظاهرة الفقر في العراق، سواء أكان ذلك في المدى المنظور أم على الصعيد الاستراتيجي.

نُشِرت هذه الدراسة في العدد الثامن من مجلة لباب، للاطلاع على العدد كاملًا (اضغط هنا)

ABOUT THE AUTHOR

References

(1) عبد الرزاق الفارس، الفقر وتوزيع الدخل في الوطن العربي، ط 1 (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2001)، ص 19.

(2) حلا زيدان المعاضيدي، أحمد إبراهيم عبد منصور، "الفقر: المفهوم والأسباب العراق أنموذجًا"، مجلة تنمية الرافدين (المجلد 35، العدد 114، 2013)، ص 102.

(3) "الخلفية النظرية لمفهوم الفقر"، المعهد العربي للتخطيط، (دون تاريخ)، (تاريخ الدخول: 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019): shorturl.at/bcRY1

(4) إيريك جنسن، الفقر والتعليم، ترجمة صفاء الأعسر، ط 1 (القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2015)، ص 16.

(5) Oxford International Development, Global Multidimensional Poverty, (2018), x.

(6) Ibid.

(7) "القضاء على الفقر"، الموقع الرسمي للأمم المتحدة، (دون تاريخ)، (تاريخ الدخول: 18 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/agkpS.

(8) محمد حسين باقر، "قياس الفقر في دول اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا"، سلسلة دراسات مكافحة الفقر (العدد 3، 1996)، ص 6.

(9) الفارس، الفقر وتوزيع الدخل في الوطن العربي، مرجع سابق، ص27.

(10) “Global MPI Data Tables 2020,” Oxford Poverty and Human Development Initiative, 2020, “accessed August 18, 2020”. shorturl.at/cwzSZ.

(11) “The Global Multidimensional Poverty Index (MPI) 2019,” Global MPI Methodological Note, (July 2019), 7.

(12) الموسوعة العربية العالمية، الأجر والساعات، ط 2 (الرياض، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، 1999)، ج 1، ص 236.

(13) حسن النجفي، القاموس الاقتصادي (بغداد، مديرية مطابع الإدارة المحلية، 1977)، ص 335.

(14) جمهورية العراق، مجلس الوزراء، هيئة المستشارين، "استراتيجية تطوير القطاع الخاص 2014-2030"، (بغداد، أبريل/نيسان 2014)، ص 8.

(15) ابن منظور، لسان العرب، (القاهرة، دار المعارف، 1998)، ج 3، ص 2149.

(16) علي الدين هلال وآخرون، معجم المصطلحات السياسية، (القاهرة، مطبعة أطلس، 1994)، ص 212.

(17) Ludwig von Mises, Economic policy, 3 ed. (Chicago: 2006), 5.

(18) عبد علي المعموري، خضير عباس النداوي، "السياسات الاقتصادية في العراق بعد الاحتلال الأميركي"، مجلة الإدارة والاقتصاد (جامعة بابل، العدد 4، 2011)، ص 8.

(19) لمزيد من التفاصيل، انظر: جمهورية العراق، دستور جمهورية العراق، ط 2 (بغداد، 2006)، ص 21-56

(20) لتفاصيل أكثر، انظر: جمهورية العراق، "قانون المحافظات غير المرتبطة بإقليم"، الوقائع، العدد 4070، 31 مارس/آذار 2008.  

(21) لتفاصيل أكثر، انظر: "قانون المحافظات غير المرتبطة بإقليم"، الوقائع، العدد 4070، 31 مارس/آذار 2008.

(22) جمهورية العراق، وزارة التخطيط، "استراتيجية التخفيف من الفقر في العراق: 2018-2022"، ص 22.

(23) برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "تقرير التنمية البشرية لعام 2019"، (نيويورك، 2019)، ص 300.

(24) "تعداد السكان الإجمالي- Iraq"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (دون تاريخ)، (تاريخ الدخول: 15 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/vyDH6.

(25) "القوى العاملة، إجمالي- Iraq"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (دون تاريخ)، (تاريخ الدخول: 15 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/jsA39.

(26) المرجع السابق.

(27) جمهورية العراق، وزارة العدل، الوقائع، العدد 4529، 11 فبراير/شباط 2019.

(28) "بطالة، إجمالي (% من إجمالي القوى العاملة)- Iraq"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (تاريخ الدخول: 18 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/alpV7.

(29) "الزيادة السكانية (% سنويًّا)- Iraq"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (تاريخ الدخول: 18 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/qvFI9.

(30) "نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية للدولار- Iraq"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (تاريخ الدخول: 25 أغسطس/آب 2020): st.ly/YSSK.

- "نمو إجمالي الناتج المحلي (%سنويًّا)- Iraq"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (تاريخ الدخول: 18 أغسطس/آب2020): shorturl.at/boA25.

(31) جمهورية العراق، وزارة التخطيط، "استراتيجية التخفيف من الفقر في العراق: 2018-2022"، مرجع سابق، ص 22.

(32) المرجع السابق، ص 48.

(33) برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، "تقرير التنمية البشرية لعام 2019"، مرجع سابق، ص 320.

(34) "قرارات مجلس الأمن الدولي"، الموقع الرسمي للأمم المتحدة، (تاريخ الدخول: 15 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/sKQY0.

(35) "إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بالقيمة الحالية بالدولار"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (تاريخ الدخول: 15 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/fmFR7.

(36) المرجع السابق.

(37) "نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية للدولار- Iraq"، مرجع سابق.  

(38) بول بريمر، عام قضيته في العراق، ترجمة عمر الأيوبي، (بيروت، دار الكتاب العربي، 2006)، ص 29.

(39) عماد عبد اللطيف سالم، "الفساد في العراق من البنية إلى الظاهرة: محاولة للخروج من الحلقة المفرغة"، مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والإدارية (جامعة الكوفة، كلية الإدارة والاقتصاد، العدد 3، 2017)، ص 469.

(40) Robert F. Worth, Inside the Iraqi Kleptocracy, The New York Time Magazine, July 29, 2020.

(41) Transparency International, “Corruption Perceptions Index 2018,”: 2.

(42) مجلس النواب العراقي، هيئة النزاهة الاتحادية، التقرير السنوي، (2019)، ص 25-35.

(43) "عدد اللاجئين حسب بلد أو إقليم المنشأ/العراق"، الموقع الرسمي للبنك الدولي، (تاريخ الدخول: 17 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/wPYZ4.

(44) مجلس النواب العراقي، "المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، التقرير السنوي لعام 2018"، (بغداد، 2019)، ص 20.

(45) “BP Statistical Review of World Energy,” (June 2020): 14.

(46) خضير عباس النداوي، "الاستثمار الأجنبي في القطاع النفطي في العراق بعد 2003"، مجلة كلية التربية للبنات (جامعة بغداد، المجلد 25، العدد 3، 2014)، ص 668.

(47) “BP Statistical Review of World Energy,”: 12

(48) Ibid, 14

(49) الإنتاج النفطي للسنوات (2014- 2019):

“BP Statistical Review of World Energy,”: 16.

- الصادرات النفطية للسنوات (2014-2018):

OPEC, “Annual Statistical Bulletin,” (2020): 220-60.

- العائدات المالية للسنوات (2014-2018):

OPEC, “Annual Statistical Bulletin,”: 20.

- الصادرات النفطية للعراق في عام 2019:

“Iraq’s crude oil exports exceed 98 mln barrels in February,” hellenicshippingnews, March 3, 2020. “accessed April 3, 2020”. shorturl.at/fqyH2.

- العائدات المالية لعام 2019، تقديرات الباحث.

(50) جمهورية العراق، وزارة التخطيط، "دليل المصطلحات الاقتصادية والتخطيطية"، (1988)، ص 59.

(51) لعام 2012، جمهورية العراق، الوقائع، العدد 4233، 12 مارس/آذار 2012.

- لعام 2013، جمهورية العراق، الوقائع، العدد 4272، 25 مارس/آذار 2013.

- عام 2014، لم تقر الموازنة الاتحادية لجمهورية العراق.

- لعام 2015، جمهورية العراق، الوقائع، العدد 4352، 16 فبراير/شباط 2015.   

- لعام 2016، جمهورية العراق، الوقائع، العدد 4394، 18 يناير/كانون الثاني 2016.  

- لعام 2017، جمهورية العراق، الوقائع، العدد 4430، 9 يناير/كانون الثاني 2017.

- لعام 2018، الموقع الرسمي للبرلمان العراقي، "القراءة الأولى لقانون الموازنة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية 2018، (تاريخ الدخول: 20 أغسطس/آب 2020): shorturl.at/bfx24.

- لعام 2019، جمهورية العراق، الوقائع، العدد 4529، 11 فبراير/شباط 2019.  

- سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي، للسنوات 2012-2016، استنادًا للتقرير الاقتصادي العربي الموحد، (أبو ظبي، 2016)، ص530. أما لعام 2017، فسعر الصرف مثبت بقانون الموازنة المنشور في جريدة الوقائع، العدد 4430، 9 يناير/كانون الثاني 2017، وكذلك لعامي 2018 و2019 مثبت بقانون الموازنة الاتحادية.

- تم تحويل أرقام الموازنة من الدينار العراقي إلى الدولار الأميركي من قبل الباحث.

 (52) للسنوات (2014- 2018):  OPEC, “Annual Statistical Bulletin 2020,”: 19-21.

- لسنة 2019: Economist Intelligence Unit, “Country report, Iraq,” May 25, 2020: 10.