الانتخابات التركية: حملات ساخنة وفرص متقاربة

بلغ الاستقطاب في الانتخابات التركية بين أردوغان وخصومه درجة عالية وهو ما يؤثر على التوجهات المستقبلية في مختلف المجالات. وفرضت حالة الاستقطاب هذه على كل الأحزاب الكبيرة والمعروفة في البلاد الانضواء في منظومة تحالفات مختلفة هذه المرة، مما يجعلها عاملًا محدِّدًا في النتائج المتوقعة. تبحث الورقة في اختلاف المحطة الانتخابية المقبلة عن سابقاتها، وأسباب ذلك، وأهم ما تضمنته البرامج الانتخابية للمتنافسين فيها، ومنظومة التحالفات القائمة، بما في ذلك أداء التحالفَيْن الرئيسيين في الحملات الانتخابية.
أنصار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشاركون في تجمع حاشد قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إسطنبول ( رويترز)

مقدمة

تختلف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقبلة عن سابقاتها بأنها غير محسومة النتيجة؛ إذ لا يُتوقع أن يحصل أي من المتنافسين على فوز مريح وكبير وفق القراءة السياسية والميدانية وفي ظل توقعات واستطلاعات رأي متباينة. هذه الضبابية في التوقعات نتيجة لعدة أسباب في مقدمتها منظومة تحالفات مختلفة عن السابق تكاد تشمل كل الأحزاب الكبيرة والمعروفة في الساحة السياسية التركية حيث سعى التحالفان الرئيسان لضم أحزاب جديدة وضمان دعم أحزاب أخرى، فضلًا عن نشوء تحالفات جديدة في سياق الانتخابات الحالية(1).

كما أنها الانتخابات الأولى بعد بدء تطبيق النظام الرئاسي في 2018؛ ما يجعلها استفتاء مباشرًا عليه؛ إذ هو سبب الاستقطاب الرئيس المعلن بين الحكومة والمعارضة والمحور الرئيس الذي توافقت حوله الأخيرة بالإعلان عن سعيها لإعادة البلاد للنظام البرلماني بعد تحسينه وتطويره في حال فوزها بالانتخابات(2).

كما أن الانتخابات تُنظَّم في ظل ظروف غير مسبوقة، معظمها يصب في صالح المعارضة ويخصم من رصيد حزب العدالة والتنمية الحاكم. فالاقتصاد يعاني من تراجع ملحوظ في قيمة الليرة وارتفاع كبير في الأسعار نتيجة نسبة التضخم المرتفعة وأسباب أخرى؛ ما سبَّب سخطًا كبيرًا في الشارع. وقد دفع ذلك الحكومة لانتهاج ما يطلق عليه "اقتصاد الانتخابات" أي تقليل الجباية الحكومية مثل إلغاء بعض الديون وجدولة القروض وإعفاءات وخصومات في بعض الخدمات الحكومية، وزيادة الإنفاق الحكومي مثل رفع الحد الأدنى للأجور ورواتب الموظفين والمتقاعدين ومشاريع الإسكان ودعم بعض الفئات مثل الطلاب والمزارعين(3).

كما ضرب البلاد قبل الانتخابات بثلاثة أشهر زلزال كبير تسبب بوفاة أكثر من خمسين ألف شخص(4)، ونزوح ملايين المواطنين، فضلًا عن خسائر اقتصادية قُدِّرت بما يربو على 100 مليار دولار أميركي(5). وقد سادت تقديرات بأن تؤثر تبعات الزلزال سلبًا على فرص الرئيس والحزب الحاكم في الانتخابات لاسيما مع تحميل المعارضة لهما مسؤولية ما حصل(6)، وما شهدته أعمال الإغاثة في مناطق الزلزال من تعثر في بداياتها(7).

وأخيرًا، فقد نجحت المعارضة التركية بأن تحول قضية الأجانب المقيمين في تركيا، وفي مقدمتهم السوريون، إلى ملف انتخابي، منتقدة أداء حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة في إدارة ملفهم وواعدة بإعادتهم لبلادهم خلال سنتين من تسلمها السلطة(8). كما أن بعض الأحزاب المناهضة للاجئين، مثل حزب النصر، تبنَّت هذه الأجندة بالكامل من خلال خطاب تحريضي ملموس(9). تقدير حزب العدالة والتنمية بأن ملف السوريين كان ضمن عوامل خسارته لبلدية إسطنبول الكبرى، في 2019، دفعه أولًا لإجراءات تقييدية لإقامة الأجانب في بعض المدن وأحيائها الكبرى(10)، ثم لإطلاق مشروع عودة/إعادة مليون سوري لشمال سوريا(11)، سعيًا لسحب هذا الملف من يد المعارضة(12).

خريطة التحالفات

يتنافس في الانتخابات المقبلة 22 حزبًا سياسيًّا ينتظم معظمها في خمسة تحالفات، أولها: تحالف "الجمهور" الحاكم الذي يضم أحزاب "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" و"الاتحاد الكبير" و"الرفاه مجددًا"، إضافة لحصوله على دعم حزبَيْ "الدعوة الحرة" و"اليسار الديمقراطي". وهو بذلك تحالف يميني-محافظ في عمومه، وقد حرص على كسب أحزاب لها رمزيتها في المعادلة السياسية القائمة وخصوصًا تناقضها مع بعض أحزاب المعارضة الرئيسة. فالرفاه مجددًا منافس لحزب السعادة المعارض، واليسار الديمقراطي منشق بالأساس عن الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، بينما الدعوة الحرة حزب كردي ينشط في مواجهة حزب الشعوب الديمقراطي في مناطق الأغلبية الكردية.

1
تجمع لأنصار كمال كيليتشدار أوغلو ، المرشح الرئاسي لتحالف المعارضة الرئيسي في تركيا (رويترز)

في المقابل، يضم تحالف الشعب المعارض طيفًا من الأحزاب السياسية متباينة الخلفيات السياسية والأيديولوجية، مثل "الشعب الجمهوري" الكمالي و"الجيد" القومي و"السعادة" الإسلامي و"المستقبل" المحافظ و"الديمقراطية والتقدم" المحافظ-الليبرالي و"الديمقراطي" الليبرالي. وهو بذلك تحالف عابر للأيديولوجيات يخاطب شرائح متنوعة في الشارع التركي، ويضم حزبين انشقا عن حزب العدالة والتنمية (المستقبل والديمقراطية والتقدم) برئاسة قياديين وازنين سابقًا في الأخير فضلًا عن حزب السعادة حامل إرث مؤسس تيار الإسلام السياسي في تركيا ورئيس الوزراء الأسبق، نجم الدين أربكان، بما يخفف من المواقف السلبية للمحافظين.

وهناك تحالف العمل والحرية الذي يتكون من عدة أحزاب يسارية أكبرها حزب الشعوب الديمقراطي (القومي الكردي) الذي يخوض هذه الانتخابات تحت اسم حزب اليسار الأخضر تحسبًا لقرار من المحكمة الدستورية بحظره(13)، إضافة لحزب "العمال التركي" وهو حزب يساري شيوعي. ويضم تحالف "أتا" أو الأجداد عددًا من الأحزاب اليمينية أكبرها حزب "النصر" المناهض للاجئين، بينما يضم تحالف اتحاد القوى الاشتراكية بعض الأحزاب اليسارية/الاشتراكية الصغيرة. فيما بقي خارج هذه التحالفات بضعة أحزاب صغيرة، أهمها حزب البلد المنشق عن حزب الشعب الجمهوري.

ينبثق عن هذه التحالفات أربعة مرشحين رئاسيين هم رئيس حزب العدالة والتنمية ومرشح تحالف الجمهور، رجب طيب أردوغان، ورئيس حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الشعب، كمال كليتشدار أوغلو، ومرشح حزب البلد ورئيسه، محرم إينجه، ومرشح تحالف "أتا"، سنان أوغان.

عمليًّا، تدور المنافسة بشكل أساسي بين تحالفي الجمهور والشعب ومرشحيهما للرئاسة، أردوغان وكليتشدار أوغلو، ويشكِّل النظام السياسي في البلاد عامل الاستقطاب الرئيس بينهما. وبسبب حدة الاستقطاب وشدة المنافسة وتقارب الفرص، يتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات مرتفعة وقد بدأت ملامح ذلك في تصويت الأتراك في الخارج(14).

الحملات الانتخابية 

تتواجه في الحملات الانتخابية سرديات التحالفين الرئيسين، الجمهور والشعب. فيبني الأول خطابه الانتخابي على سردية "تركيا القوية" مقابل سردية "الديمقراطية" للثاني، وينعكس ذلك في فكرة الاستقرار والاستمرار مقابل مبدأ التغيير، ويتبلور عمليًّا في النظام الرئاسي مقابل البرلماني.

يتضح ذلك في البرنامج الانتخابي للتحالفين؛ فقد ركَّز البرنامج الانتخابي للرئيس التركي على إنجازات حزب العدالة والتنمية خلال سنوات حكمه الـ 21 مع ذكر المشاريع الضخمة والصناعات المحلية ولاسيما الصناعات الدفاعية واكتشافات الغاز والنفط. وفيما يتعلق بالاقتصاد، فقد شملت الوعود الانتخابية الوصول لنسبة 5.5% نموًّا سنويًّا للاقتصاد وإيصال حجم التجارة الخارجية لتريليون دولار أميركي والدخل القومي إلى تريليوني دولار أميركي، والاستمرار في تخفيض نسبتي الفائدة والتضخم (15)وبرنامج ودائع الليرة التركية المحمية وفق الدولار(16).

في المقابل، تضمن برنامج كليتشدار أوغلو الانتخابي انتقادات لسياسات أردوغان وحكوماته واعدًا بإدارة أفضل، ولذلك شمل بنودًا مثل "القانون والعدالة والقضاء" و"الإدارة العامة" و"مكافحة الفساد والشفافية والتدقيق" وغيرها. كما شملت الوعود الانتخابية بيع بعض الطائرات الرئاسية وغلق صندوق الثروة التركي (17) وإنهاء نظام إيداع الليرة التركية المحمية وفق الدولار(18).

وفي حين غلب على الحملة الانتخابية لتحالف الجمهور الطابع التقليدي الذي يركز على المهرجانات الانتخابية الحاشدة ومهارات أردوغان في الخطابة والزيارات المنزلية، ركز كليتشدار أوغلو وتحالفه، إضافة للمهرجانات الانتخابية، على اللقاءات الإعلامية التقليدية وكذلك الفيديوهات القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة الشباب تحديدًا.

سيناريوهات النتائج المتوقعة

جدول رقم 1: توقعات شركات استطلاع الرأي للانتخابات الرئاسية(19)

شركة الاستطلاع

التاريخ

أردوغان

كليتشدار أوغلو

إينجه

أوغان

AKSOY

مارس/آذار

43.2

56.8

؟

؟

AREDA SURVEY

28 مارس/آذار–1 أبريل/نيسان

50.6

41.8

5.5

2.1

AVRASYA

أبريل/نيسان

42.3

50.9

4.8

2

METROPOLL

أبريل/نيسان

41.1

42.6

5.0

2.2

GEZİCİ

1-2 أبريل/نيسان

43.2

53.4

2.1

1.3

OPTİMAR

1-7 أبريل/نيسان

45.9

43.9

8.3

1.7

ORC

7-11 أبريل/نيسان

41.5

48.9

7.2

2.4

SONAR

10-16 أبريل/نيسان

46.1

44.1

7.7

2.1

YÖNEYLEM

14-16 أبريل/نيسان

43.0

48.6

5.6

2.8

KONDA

15-16 أبريل/نيسان

43.0

42.0

7.0

2.0

AREDA SURVEY

15-20 أبريل/نيسان

51.4

41.8

4.6

2.2

TEAM

مايو/أيار

44.4

47.4

6.1

2.1

AVRASYA

مايو/أيار

43.6

50.9

2.5

3.0

MAK

مايو/أيار

45.4

50.9

1.7

2.0

ORC

مايو/أيار

44.6

48.0

4.3

3.1

 

جدول رقم 2: توقعات شركات استطلاع الرأي للانتخابات البرلمانية(20)

شركة الاستطلاع

تاريخ الاستطلاع

العدالة والتنمية

الشعب الجمهوري

الشعوب الديمقراطي(21)

الجيد

الحركة القومية

البلد

GENAR

مارس/آذار

40.7

23.1

10.8

7

7.6

4.7

SAROS

مارس/آذار

36.7

26.5

12.3

10.5

6.1

3

AKSOY

مارس/آذار

31.9

27.8

10.1

11.4

6.9

?

AVRASYA

أبريل/نيسان

34.4

33.3

9.5

9.2

6.8

3.6

METROPOLL

أبريل/نيسان

40.1

24.9

12.8

9.6

5.1

2.7

ARG

أبريل/نيسان

31.1

29.8

10.7

13.6

6.7

2.1

ORC

7-11 أبريل/نيسان

31.6

28.5

8.8

14.3

6.2

4.1

SONAR

10-16 أبريل/نيسان

36.2

24.2

10.1

13.4

7.1

4.1

YÖNEYLEM

14-16 أبريل/نيسان

35.8

30.4

10.3

9.2

7.4

2.6

KONDA

15-16 أبريل/نيسان

36.2

24.0

10.3

13.7

7.4

 

AREDA SURVEY

15-20 أبريل/نيسان

41.1

25.4

10.1

6.9

8.8

3.3

TEAM

أبريل/نيسان

35.9

27.6

11.2

11.5

7.5

3.0

AVRASYA

مايو/أيار

35.1

33.0

9.7

8.6

7.9

1.1

MAK

أيار

36.9

30.1

10.4

12.6

6.6

0.9

ORC

مايو/أيار

33.2

28.0

9.6

15.5

5.7

1.9

تعاني شركات استطلاع الرأي في تركيا من مشكلة عميقة تتعلق بمصداقيتها ومدى دقة توقعاتها، لأسباب كثيرة في مقدمتها علاقات الكثير منها مع الأحزاب السياسية وتأثير ذلك على عملها بما يحوِّلها لأداة سياسية في يد الأحزاب للتأثير على توجهات الناخبين، وقلة إمكانات البعض الآخر بما يحول دون استيفاء الشروط المهنية في العمل، فضلًا عن أسباب تتجاوز الشركات نفسها وتتعلق بتعامل الشعب التركي المتحفظ مع استطلاعات الرأي في العموم(22).

في الجدولين أعلاه نتائج استطلاعات رأي لعدة شركات من مختلف التوجهات السياسية وفي تواريخ متقاربة جدًّا، ورغم ذلك تظهر تباينات واضحة تصل حدَّ التناقض في النتائج. وفي ظل عدم وجود شركات بعينها معروفة بدقة توقعاتها، تؤكد هذه النتائج صعوبة الوثوق بها أكثر من حد الاستئناس ببعض سياقاتها العامة لا أكثر.

في قراءة المشهد الانتخابي، فإن عوامل مثل طول فترة حكم أردوغان والعدالة والتنمية والاقتصاد والزلزال واللاجئين ومنظومة التحالفات، تصب في صالح تحالف الشعب المعارض من حيث المبدأ، لكنها في التطبيق العملي لا تحسم الموقف لصالحه بعد إجراءات الحكومة بخصوص الاقتصاد والزلزال على وجه التحديد. وتصب طريقة إعداد قوائم المرشحين للبرلمان في صالح تحالف الشعب المعارض نسبيًّا، بيد أنها في نفس الوقت تُفقده أصوات شرائح كانت أقرب للأحزاب المنشقة عن العدالة والتنمية(23).

ولذلك، وإضافة لعدم إمكانية الجزم بنتائج الانتخابات، لا يُتوقع تحقيق أي طرف فوزًا سهلًا وكبيرًا على الآخر؛ إذ ما زالت الفرص متقاربة على بعد أيام فقط من يوم الاقتراع. وعليه، ستكون الحملات الانتخابية عاملًا محددًا للنتائج إذ تسعى لإقناع شريحة المترددين والمقدرة بزهاء 10% من الناخبين وهي نسبة كبيرة في ظل التقارب الحاصل. كما يمكن لعوامل أخرى التأثير في توجهات التصويت والنتائج مثل التسجيلات المحتملة لمرشح تحالف الشعب المعارض، كليتشدار أوغلو، وفق تصريحات لأردوغان ووزير الداخلية(24).

في الانتخابات الرئاسية، تكمن عناصر قوة الرئيس التركي في الخبرة والكاريزما وإنجازات العقدين الماضيين وما أكسبه تركيا من نقاط قوة ومكانة في المنطقة والعالم، بينما يخدم منافسه، كليتشدار أوغلو، رغبة الكثيرين في التغيير وسخطهم على الأوضاع الاقتصادية إضافة لحصوله على دعم سبعة أحزاب سياسية بعدما أعلن الشعوب الديمقراطي عن دعمه له. في المقابل، ثمة عقبات أمام اختيار كليتشدار أوغلو، بالنسبة للكثيرين، تتمثل في ضعف الكاريزما لديه وسجل هزائمه أمام أردوغان وعمره المتقدم وقد يكون مذهبه حاجزًا أمام تصويت بعض الإسلاميين له(25).

أربعة سيناريوهات

ثمة أربعة سيناريوهات محتملة لنتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة:

السيناريو الأول: فوز أردوغان بالرئاسة وتحالف الجمهور الحاكم بأغلبية البرلمان: وهو احتمال ضعيف، في ظل التوقعات بتراجع قوة حزب الحركة القومية الحليف الأبرز للعدالة والتنمية ودخول أحزاب التحالف الحاكم الانتخابات البرلمانية بشكل منفصل ما يقلِّل قليلًا من فرصها.

السيناريو الثاني: فوز كليتشدار أوغلو بالرئاسة والمعارضة بأغلبية البرلمان: وهو احتمال ممكن، لاسيما حين نجمع نواب تحالفَيْ الشعب والعمل والحرية المعارضيْن. ولكن من غير المرجح أن تكون أغلبية كبيرة تصل نسبة 60% من مقاعد البرلمان فضلًا عن نسبة الثلثين المطلوبة لتمرير التعديلات الدستورية بشكل مباشر ودون الحاجة لاستفتاء شعبي.  

السيناريو الثالث: فوز كليتشدار أوغلو بالرئاسة وتحالف الجمهور الحاكم بأغلبية البرلمان: وهو احتمال ضعيف كذلك للأسباب سالفة الذكر.

السيناريو الرابع: فوز أردوغان بالرئاسة والمعارضة بأغلبية البرلمان: وهو احتمال وارد جدًّا، وهو الراجح وفق المعطيات الحالية، ومن بينها زخم الحملة الانتخابية التي يقودها أردوغان والحشود التي جمعها لاسيما في المحافظة الكبرى، إسطنبول، والتي عظَّمت من حظوظه مقارنة بما كانت عليه قبل بدء الحملة الانتخابية.

فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، ليس من المرجح حصول أي من المرشحين الأربعة على نسبة 50% من الأصوات؛ إذ من المتوقع تشتت الأصوات في ظل وجود مرشحَيْن يمينيين (أردوغان وأوغان) وآخرَيْن يساريين (كليتشدار أوغلو وإينجه) من جهة، وتنافس ثلاثة مرشحين من المعارضة من جهة أخرى. ولذلك فإن حسم السباق الرئاسي سيحتاج على الأغلب لجولة إعادة ستُجرى في الـ28 من الشهر الجاري، وستعتمد نتيجتها على عدة عوامل أهمها نتيجة المتنافسَيْن الرئيسيين، ونتيجة كل من إينجه وأوغان، وإمكانية دعوة أي منهما أنصاره لدعم مرشح بعينه، وتركيبة البرلمان الجديد، وأي تغيرات يمكن أن تطرأ على منظومة التحالفات.

وبسبب التقارب في النتائج المتوقعة في الجولة الأولى، ومع احتمال عزوف بعض أنصار الأحزاب الصغيرة المنضوية تحت تحالف الشعب (بعد ضمان دخول مرشحيها للبرلمان)، وفي ظل أداء أردوغان المتفوق نسبيًّا في الحملات الانتخابية لمهاراته الخطابية والقيادية، ومع أسبوعين إضافيين بين الجولة الأولى وجولة الإعادة تكون فرص الرئيس التركي أكبر نسبيًّا في الفوز بالرئاسة، ولذلك كان الترجيح بفوزه بالرئاسة -في جولة الإعادة- وفوز المعارضة بأغلبية البرلمان.

خاتمة

يخوض الرئيس التركي وحزبه العدالة والتنمية الاستحقاق الانتخابي الأصعب عليهما منذ استلام السلطة عام 2002. يركز المرشحون والأحزاب المتنافسة بشكل أساسي على الانتخابات الرئاسية بسبب تطبيق النظام الرئاسي في البلاد والذي يمنح الرئيس صلاحيات واسعة.

ورغم ذلك، يبقى للانتخابات البرلمانية أهميتها من باب أن المعارضة تعد بإعادة النظام البرلماني، وتحتاج لذلك للحصول على أغلبية 60% من أعضاء البرلمان المقبل على أقل تقدير. مصدر الاستقطاب الشديد ومنظومة التحالفات التي لم تبق أيًّا من الأحزاب المعروفة خارجها والمنافسة الشديدة بين مختلف الأطراف تصعِّب إمكانية الفوز بأغلبية كبيرة في البرلمان لأي طرف، كما أنها ستحول على الأغلب دون حسم الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، ما يعني أن البلاد ستبقى في أجواء الانتخابات وحملاتها لأسبوعين إضافيين.

ABOUT THE AUTHOR

References
  1. 5 تحالفات في الانتخابات التركية: أي حسابات ومبادئ تجمعها؟، العربي الجديد، 2 مايو/أيار 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3nMJgkQ
  2. ما خصائص النظام البرلماني الذي وعدت المعارضة التركية بإعادته؟، الميادين، 7 مايو/أيار 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3LSUxba
  3. 13 maddede Erdoğan’ın seçim ekonomisi hamleleri, medyaskope, 11 Ekim 2023, (9 May 2023): https://bit.ly/3mwT1Df
  4. ارتفاع حصيلة ضحايا الزلازل في تركيا إلى 50500 شخص، ديلي صباح، 14 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3ojNbpj 
  5. الحكومة التركية تقدر قيمة الأضرار المادية جراء الزلزال.. مبلغ هائل، عربي 21، 17 مارس/آذار 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3og8FmM
  6. زلزال تركيا وسوريا: أردوغان "يواجه غضب شعبه" بسبب طريقة التعامل مع الكارثة – إندبندنت، BBC  عربي، 10 فبراير/شباط 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bbc.in/3LRr8y9
  7. زلزال تركيا وسوريا: أردوغان يطلب الصفح عن التأخر في إغاثة المنكوبين، BBC عربي، 27 فبراير/شباط 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bbc.in/3A3LaQz
  8. زعيم المعارضة التركية: سنرحل السوريين في غضون عامين، وكالة أنباء الأناضول، 8 مايو/أيار 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3Bam6I8 
  9. سعيد الحاج، عن ظاهرة أوميت أوزداغ وحزب "الظفر" في تركيا، عربي 21، 15 مايو/أيار 2022، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/42nlxH0
  10.  لا إقامات للسوريين.. تضييق إضافي يلاحقهم في تركيا، العربي الجديد، 10 أغسطس/آب 2022، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/42ohSIR 
  11. أردوغان: نحضر لمشروع يتيح العودة الطوعية لمليون سوري، وكالة الأناضول للأنباء، 3 مايو/أيار 2022، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3UI5EYx
  12. سعيد الحاج، أردوغان وسياسة سحب البساط من تحت المعارضة، عربي 21، 17 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/44OoOk4
  13. نيابة تركيا تطلب حظر حزب الشعوب الديمقراطي، سكاي نيوز عربية، 11 يناير/كانون الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/44Pwa6T
  14. مشاركة كبيرة للمغتربين قد تحسم نتائج الانتخابات التركية، عربي 21، 2 مايو/أيار 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3LQCPoL
  15. خلال مؤتمر جماهيري.. أردوغان يستعرض أهم ملامح برنامجه الانتخابي، الجزيرة نت، 11 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3LIqOBO  
  16. للمزيد: البيان الانتخابي لحزب العدالة والتنمية لانتخابات عام 2023، موقع حزب العدالة والتنمية، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3Hv1f5T
  17. في برنامج أردوغان ومعارضته، العربي الجديد، 17 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/44KkNxa
  18. للمزيد: نص اتفاق السياسات المشتركة للأحزاب الستة المشاركة في "الطاولة السداسية"، موقع حزب الشعب الجمهوري، 30 يناير/كانون الثاني 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3HvbRlb
  19. الجدول من إعداد الباحث اعتمادًا على مصادر متنوعة، مع مراعاة تنوع شركات استطلاع الرأي من حيث الخلفية السياسية والعلاقات مع الأحزاب.
  20. الجدول من إعداد الباحث اعتمادًا على مصادر متنوعة، مع مراعاة تنوع شركات استطلاع الرأي من حيث الخلفية السياسية والعلاقات مع الأحزاب.
  21. يخوض حزب الشعوب الديمقراطي الانتخابات المقبلة تحت اسم حزب اليسار الأخضر.
  22. سعيد الحاج، بها ثغرات تقدح في مصداقيتها.. لماذا لا يجب أن نثق باستطلاعات الرأي التركية، عربي بوست، 9 مايو/أيار 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3MeIW7C
  23. سعيد الحاج، تركيا: ما الذي تقوله قوائم مرشحي البرلمان؟، الجزيرة نت، 16 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3nPE5As 
  24. وزير الداخلية التركي يتحدث عن تسجيل صوتي للمعارضة مع سفير أوروبي.. ماذا فيه؟، عربي 21، 4 مايو/أيار 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://bit.ly/3VP0ieA
  25. "للمرة الأولى في تاريخ تركيا".. منافس أردوغان: أنا علوي، الحرة، 20 أبريل/نيسان 2023، (تاريخ الدخول: 9 مايو/أيار 2023): https://arbne.ws/41hXact