حزب "باستيف" السنغال وتشريعيات 2024: وعود القطيعة وإكراهات الواقع

ترصد هذه الورقة سياق هذا الاستحقاق الحاسم، وتحاول استشراف تداعياته الداخلية على المستوى السياسي والاقتصادي، والخارجية خاصة تأثيره المحتمل على علاقات السنغال بجواره الإقليمي وبفرنسا؛ القوة الاستعمارية التاريخية التي حكمت البلاد نحو خمسة قرون وظلت علاقاتها به وطيدة طيلة ستة عقود من الاستقلال.

منحت الانتخابات التشريعية، التي جرت في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حزب الرئيس الحالي، باصيرو ديوماي فاي، (باستيف) أغلبية كاسحة في مجلس النواب الجديد (132 مقعدًا من أصل 165) يُفترض أن تحرره من أي قيود تشريعية أو سياسية في سعيه لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي قدمه مرشحه، الرئيس ديوماي فاي، في الانتخابات الرئاسية التي جرت شهر مارس/آذار الماضي وفاز بها من جولتها الأولى. وهو برنامج يبشر بإحداث "قطيعة شاملة" مع أشكال الحكامة السياسية والاقتصادية والتنموية التي ظلت تحكم السنغال منذ استقلاله عن فرنسا، عام 1960(1).

ترصد هذه الورقة سياق هذا الاستحقاق الحاسم، وتحاول استشراف تداعياته الداخلية على المستوى السياسي والاقتصادي، والخارجية خاصة تأثيره المحتمل على علاقات السنغال بجواره الإقليمي وبفرنسا؛ القوة الاستعمارية التاريخية التي حكمت البلاد نحو خمسة قرون وظلت علاقاتها به وطيدة طيلة ستة عقود من الاستقلال.

رهان سونكو الناجح وفشل ماكي صال

منذ انتخاب باصيرو ديوماي فاي، في 24 مارس/آذار 2024، برز غياب أغلبية برلمانية مريحة عائقًا جديًّا أمام تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس الشاب والذي يعكس، في الواقع، القناعات السياسية والرؤى الاقتصادية والتنموية لرئيس وزرائه وعرَّابه السياسي القوي، عثمان سونكو، الذي كان يفترض أن يكون مرشح الحزب للرئاسيات لولا تعذر ذلك بسبب متابعات قضائية ظلت تلاحق الرجل منذ 2021 ويؤكد هو وأنصاره أن دوافعها كانت سياسية بحتة(2).

كانت الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة الخيار الأكثر بداهة وقابلية للتنفيذ في سبيل تمكين الحزب الصاعد إلى السلطة من خارج المنظومة السياسية التقليدية من تنفيذ برنامجه السياسي القائم في جوهره على وعد بالقطيعة التامة مع أساليب الحكم التي تبنَّتها الأنظمة السابقة(3).

كانت زعامة حزب باستيف واعية بحتمية حشد أغلبية برلمانية كبيرة لضمان إجازة ما تحتاجه من تعديلات قانونية، وربما دستورية، لتنفيذ برنامجها الانتخابي الذي يبشر بخلخلة البنيات الأساسية للنموذج الاقتصادي والتنموي للبلاد، وفحص الخيارات الاقتصادية والمالية في فترة حكم الرئيس السابق، ماكي صال، ومراجعة الاتفاقيات المتصلة باستغلال الغاز. يلمِّح برنامج باستيف كذلك إلى النظر في علاقات السنغال ببيئتها الاقتصادية والنقدية الإقليمية، ممثلة في منظمة الإيكواس ومنطقة الفرنك الغرب إفريقي، وهو أمر يمر حتمًا بمراجعة العلاقات مع فرنسا ذات النفوذ السياسي القوي في المنطقة ومهندسة السياسة النقدية لمنطقة الفرنك الغرب إفريقي، الذي تعد السنغال ثاني قوة اقتصادية فيه(4).

لكن هذا الخيار لم يكن سهلًا، فمن الناحية الدستورية كان متعذرًا حل مجلس الشعب قبل مضي سنتين من الولاية التشريعية. وانتظار هذا الأجل كان يعني ستة أشهر من شلل العمل الحكومي، ومن تجليات ذلك عجز حكومة سونكو عن تقديم قانون المالية للعام المقبل، بل إن كتلًا برلمانية لوَّحت بتقديم عريضة حجب الثقة عن حكومة سونكو، وهو ما حدا به إلى تأجيل تقديم برنامجه الحكومي، وسرَّع باتخاذ قرار حل الجمعية الوطنية(5).

خلال الأشهر اللاحقة على انتخاب ديوماي فاي، كانت المعارضة السنغالية تحشد استعدادًا لاحتمال إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، في مسعى لقطع الطريق أمام سيطرة باستيف على الجمعية الوطنية وضمان مستوى من التوازن في المشهد السياسي والمؤسسي. تصدر المعارضة السنغالية، والمؤلَّفة من أحزاب وتحالفات محسوبة على الأنظمة السابقة، مما تراه "مخاوف مشروعة" من "الخطاب الوطني السيادي والإفريقي التحرري" لحزب باستيف وزعيمه، عثمان سونكو، وما قد يجره من أخطار على علاقات السنغال بمحيطه الإقليمي. كما أن التوجهات السياسية والاقتصادية للحزب تشكِّل مصدر خشية لدى المعارضة لما قد تؤدي إليه من توتر سياسي داخلي، خاصة مع حديث سونكو المتكرر عن حتمية القطيعة مع البنى الاقتصادية التقليدية، وفي مقدمتها ما يُعرف في الحوليات السنغالية بـ"اقتصاد الفول السوداني" الذي يعود للحقبة الاستعمارية والذي يوفر ريعًا ماليًّا مهمًّا لمشايخ الطرق الصوفية التي تعد ركيزة من ركائز التعايش والاستقرار في مجتمع متعدد الملل والنحل(6).

تدرك المعارضة السنغالية جيدًا، في ضوء نتائج الرئاسيات الأخيرة، استحالة هزيمة باستيف، لكنها كانت تأمل كبح جماحه من خلال حرمانه من أغلبية مريحة في مجلس الشعب، وإجباره على الركون إلى تسيير شؤون البلاد وفق حدود دنيا من التفاهمات السياسية، خاصة حين يتعلق الأمر بالمواضيع ذات الأهمية الإستراتيجية مثل قطاعي الطاقة والزراعة، والملف النقدي، والعلاقة بالإيكواس ومنطقة الفرنك الإفريقي، واتفاقيات التعاون العسكري والدفاع مع فرنسا(7). من الوعود الانتخابية لحزب باستيف التي تشكل مصدر قلق بالنسبة لطيف مهم من المعارضة، خاصة معسكر الرئيس السابق، ماكي صال، إلغاء قوانين العفو المتصلة بالاضطرابات التي شهدتها البلاد بين 2020 و2024، والتي قُتل فيها ما بين 70 و120 شخصًا، أغلبهم من أنصار حزب باستيف.

وفضلًا عن ذلك، تنظر المعارضة بتوجس كبير إلى قرار الوزير الأول، عثمان سونكو، فتح تحقيقات في شبهات فساد تتعلق بتسيير بعض المؤسسات الحكومية والبرامج التنموية. كما أن حديث قيادات باستيف المتواتر عن تشكيل محكمة العدل السامية ينذر بنية متابعة قيادات سياسية من الصف الأول في عهد الرئيس السابق، ماكي صال، قضائيًّا.

في ضوء حالة التوجس هذه، ألقت المعارضة بثقلها في الانتخابات، حتى إن الرئيس السابق، ماكي صال -وهو في منفاه الاختياري- استقال من منصبه مبعوثًا خاصًّا لمبادرة ميثاق باريس من أجل الشعوب والكوكب، ليتولى بنفسه قيادة اللائحة الوطنية للتحالف الداعم له. كما أن وزيره الأول ومرشحه الخاسر لرئاسيات مارس/آذار 2024، أمادو باه، قاد هو الآخر بنفسه لائحة تحالفه السياسي. وبالحافز نفسه، خاض عمدة داكار، برتيليمي دياس، المعركة الانتخابية(8).

لكن هذه التعبئة كلها لم تسعف في لجم المد المتواصل لحزب باستيف؛ فقد ظفر الحزب بأغلبية برلمانية هي الأوسع التي يفوز بها حزب سياسي في تاريخ مجلس الشعب السنغالي منذ عام 1988، لتجد المعارضة نفسها أمام حقيقة مزعجة بالنسبة لها، وهي هيمنة باستيف على السلطتين، التنفيذية والتشريعية. وهو سيناريو حصل مرات عدة في السابق، لكن خصوصية الحزب الذي نشأ وتقوَّى خارج المنظومة السياسية التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بالقرارات التي ستتخذها الحكومة القادمة والخيارات السياسية والإستراتيجية التي ستتبعها.

ظلال الشعبوية ومخاطر الانقسام

يأخذ خصوم عثمان سونكو عليه اندفاعه السياسي الشديد، وتعلقه بالأضواء، وحرصه الشديد على تصدر الأخبار ولو كان بتصريحات مثيرة للجدل، كقوله في أحد التجمعات الانتخابية بضرورة إعدام كل المسؤولين الذين سبق وتولوا مناصب عليا في السنغال(9). يؤخذ على الرجل كذلك تناوله لقضايا بالغة التعقيد على نحو تبسيطي يكاد يلامس الشعبوية. ومن أمثلة ذلك تلويحه، في انتخابات 2019 الرئاسية، بالخروج من منطقة الفرنك الغرب إفريقي دون شرح كيفية هذا الخروج ولا البديل، وخفض الدَّيْن العام بواسطة خفض النفقات العمومية. وعد سونكو أيضًا، خلال تلك الرئاسيات، بإحياء مشروع الأحواض الناضبة على ضفاف نهر السنغال، وهو أمر يبدو مستحيلًا بسبب نوبات الجفاف المتلاحقة التي أدت إلى انخفاض منسوب نهر السنغال بشكل مطرد طيلة العقود الماضية، وضآلة الفائدة الاقتصادية والاجتماعية للمشروع. يرد سونكو على هذه المآخذ بأن خطابه ليس شعبويًّا لكنه شعبي؛ أي إنه موجه لعامة الشعب(10)، خاصة الفئات الأقل حظًّا في التعليم والتوظيف والفرص، وللشباب العاطل عن العمل، والذي لم يستفد من مقدرات بلده طيلة عقود من حكم طبقة سياسية لا يتردد هو وأنصاره في وصفها بأنها "باعت ذممها للغرب".

وبين الرأيين، يرى متابعون للشأن السنغالي أن سونكو، وهو مفتش ضرائب سابق لا مراء في كفاءته، وخريج أعرق مؤسسات التعليم في بلاده، لا يمكن أن يكون طرحه للأمور على هذا النحو صادرًا عن جهل بتعقيد المشاكل التنموية وإشكالات الحكامة السياسية والاقتصادية في السنغال، بل عن نهج براغماتي غايته استثمار الإخفاقات التنموية ضد خصومه من الطبقة السياسية التقليدية، وتشنيع الحصيلة السياسية والاقتصادية لكل الأنظمة السابقة التي تبني عليها هذه الطبقة، بمختلف تشكيلاتها، شرعيتها السياسية(11).

ورغم التفاهم الظاهر بينه والرئيس، ديوماي فاي، فإن خصوم سونكو يرون في مبادراته السياسية وخرجاته الإعلامية المثيرة للجدل، في أحيان كثيرة، سعيًا دؤوبًا للخروج من تحت عباءة الرئيس والحفاظ على حضور إعلامي متواصل يضمن له البقاء في أذهان العامة زعيمًا أوحد لحزب باستيف ومنافحًا لا يلين عن خطه السياسي وخطابه ذي النزعة التحررية والسيادية. وهنا لابد من القول: إن سونكو يحتل حيزًا من المشهد السياسي والإعلامي أكبر بكثير من ذلك الذي يحتله الرئيس، حتى إن السجال السياسي يكاد يكون معركة شخصية بين سونكو وطبقة سياسية انتزع منها السلطة بعد معركة طويلة دفع ثمنًا لها حريته ومساره الوظيفي والمهني(12).

وهنا يرى خصوم سونكو أن حضوره الطاغي وخرجاته الإعلامية قد تكون عامل توتر بينه والرئيس، ديوماي فاي، الذي يبدو إلى الآن راضيًا عن أداء وزيره الأول، مقرًّا له بالزعامة السياسية لمشروع التغيير الذي يقوده حزب باستيف. فتقاليد الحكم في السنغال وإفريقيا عمومًا تؤكد أن السلطة لا تتجزأ. وقد عاش السنغال تجربة مريرة لتقاسم السلطة في بواكير استقلاله انتهت بمواجهة بين الرئيس سنغور ورئيس المجلس (رئيس الحكومة)، ممادو دياه، كادت تجر البلاد إلى حرب أهلية، في ديسمبر/كانون الأول سنة 1962. حُسمت تلك المعركة لصالح سنغور، وأُلقي برئيس الحكومة وثلاثة من أعضاء حكومته في السجن 11 سنة، وكان من نتائجها الفورية إلغاء النظام البرلماني واعتماد النظام شبه الرئاسي المختلط، كما أن تلك الأزمة دفعت لاحقًا الرئيس سنغور إلى إلغاء التعددية السياسية طيلة عقد من الزمن قبل العودة إليها بشكل تدريجي ومحدد بدءًا من سنة 1975(13).

أي علاقة مع الجوار وفرنسا؟

لا يمكن فصل وصول حزب باستيف إلى السلطة في السنغال عن السياق السياسي العام في إفريقيا الغربية، والذي اتسم في السنوات الأخيرة ببروز مزاج شعبي مناوئ للغرب، خاصة فرنسا بصفتها القوة الاستعمارية السابقة، ونظرًا لنفوذها السياسي والإستراتيجي والاقتصادي الذي ظل قويًّا طيلة العقود اللاحقة على الاستقلال. عبَّرت عن هذا السخط انقلابات عسكرية شهدتها ثلاثة بلدان في غرب إفريقيا، هي: مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وهي كلها مستعمرات فرنسية سابقة ارتبط تاريخها السياسي طيلة الحقبة الاستعمارية بالسنغال بحكم أن عاصمته، داكار، كانت هي عاصمة إفريقيا الغربية الفرنسية. وبعد الاستقلال، ظلت هذه الروابط قائمة من خلال الاتحاد النقدي لإفريقيا الغربية (منطقة الفرنك الغرب إفريقي، التي يوجد مقر مصرفها المركزي في داكار)، ثم من خلال المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية(14).

والواقع أن وجود هذا "المزاج الشعبي المناوئ لفرنسا" ظل القول به غير موضوعي، فالتجمعات الشعبية التي خرجت في هذه البلدان، بتأطير وتجييش من السلطات الانقلابية، لا يمكن الاستناد إليها في إطلاق حكم كهذا.

لكن الانتخابات الرئاسية السنغالية، في مارس/آذار الماضي، ثم تشريعيات 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أكدت بشكل موضوعي وجود هذا الشعور المعادي لسياسة فرنسا إزاء مستعمراتها السابقة(15). فالمشروع السياسي الذي انتخب عليه السنغاليون ديوماي فاي من الجولة الأولى، ومنحوا بموجبه حزب باستيف أغلبية ساحقة في الجمعية الوطنية، لا يختلف في خطوطه العريضة ومنطلقاته عن الخطاب الذي ظلت تروج له الحركات الانقلابية في البلدان الثلاثة المذكورة سابقًا، وهو خطاب جوهره السيادة الوطنية والتضامن الإفريقي والوحدة الترابية. صحيح أن هذا العنصر الثالث لا أثر له في خطاب باستيف، نظرًا لأن السنغال، عكس هذه البلدان، ليس في حرب مع حركات مسلحة "جهادية"، وإن كان في مواجهة "باردة" مع حركة استقلال إقليم كازامانس الانفصالية في الجنوب، التي فقدت كثيرًا من نشاطها بعد أن اختار عدد من قادتها السياسيين المصالحة مع داكار ضمن مسار دشنه الرئيس السابق، عبد الله واد.

لكن ميزة الحالة السنغالية في هذا الباب تكمن في اعتدال طرح وخطاب قادتها الجدد إزاء الغرب وعدم توجههم بشكل آلي تقريبًا إلى التقارب مع روسيا، وهذا أمر مفهوم. فالوضع الأمني والسياسي للسنغال يختلف عن بلدان الساحل الثلاثة الأخرى (مالي وبوركينا فاسو والنيجر)، التي تواجه تهديدًا عسكريًّا وجوديًّا وجدت في روسيا شريكًا مستعدًّا، بل متوثبًا، للاستجابة مقابل منافع تجارية فورية وموطئ قدم إستراتيجي في قارة واعدة تضعها موسكو في القلب من إستراتيجية عودتها إلى الساحة الدولية(16).

لقد حرص الرئيس، ديوماي فاي، وكذلك وزيره الأول سونكو، على تفادي أي توتر دبلوماسي مع فرنسا، بل إن الرئيس فاي أكد في مقابلة مع الإعلام السنغالي، شهر يوليو 2024، أنه لا يريد القطيعة مع فرنسا، وأنه يريد أن يتفاوض مع باريس بشأن الحضور العسكري الفرنسي في السنغال، وعقود أُبرمت مع السلطات السابقة(17).

وعكس قادة مالي وبوركينا والنيجر، التقى الرئيس، باصيرو فاي، نظيره الفرنسي، وأجريا مباحثات في باريس خلال مشاركة الرئيس السنغالي في مؤتمر دولي عُقد في باريس.

تتميز الحالة السنغالية كذلك عما شهدته بلدان الساحل في السنوات الماضية في علاقتها بمنظمة الإيكواس. فلم يدعُ أي من القادة الجدد إلى خروج بلاده من المنظمة، وإن كان عثمان سونكو لا ينفك يدعو إلى الخروج من منطقة الفرنك الغرب إفريقي. وعكس قادة مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي يصف الخطاب الرسمي للسلطات العسكرية فيها المنظمة بأداة في يد فرنسا، أدى الرئيس السنغالي زيارات رسمية لأربع من دول المنظمة، بعضها في حالة قطيعة دبلوماسية شبه كاملة مع باماكو وواغادوغو ونيامي(18).

يبدو مشروع التغيير في السنغال، رغم خطابه الحاد، وفيًّا لطبيعة الذهنية السنغالية المشهود لها بالتسامح والانفتاح والعقلانية. وفي التاريخ السياسي لإفريقيا خلال الحقبة الاستعمارية وبعدها نماذج على هذا التميز. فقد كان سنغور المنظِّر الأشهر، مع أيمي سيزير، للزنجية، ومع ذلك كان منفتحًا على جواره العربي وواعيًا بعمق الصلات بين هذا الجوار وإفريقيا السوداء. كما ظلت علاقاته مع فرنسا وطيدة رغم نوبات التوتر. وما يُؤْثَر عن الرئيس الشاعر من أقوال عن فرنسا الاستعمارية يكشف أنه لم يكن يحبها، لكنه كان واعيًا لأهمية العلاقة معها. وكان رفيقاه، ممادو دياه وفولديوديو نجاي، مناوئين للإمبريالية والاستعمار. وقد ألقى هذا الأخير، في 26 أغسطس/آب 1958، كلمة أمام الجنرال ديغول خلال جولته في إفريقيا الغربية، أكد فيها مطلب الاستقلال عن فرنسا والوحدة الإفريقية في إطار كونفيدرالي دون أن ينزعج الزعيم الفرنسي(19). وبعد ذلك بيومين، سمع ديغول نفس المطالب في كوناكري، لكن لغة الزعيم أحمد سيكو توري كانت أكثر حدة وتحديًا، لينتهي الأمر بقطيعة تامة بين غينيا وفرنسا دامت نحو عقدين من الزمن.

ABOUT THE AUTHOR

References

1)- Le programme de la Coalition DIOMAYE PRÉSIDENT, non daté (vu le 23 Novembre 2024): https://diomayepresident.org/programme/

2)- Sénégal: la condamnation de l'opposant Sonko est "définitive", TV5 Monde du 30 Aout 2023 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/2xepzv4n

3)- Élections législatives au Sénégal: les électeurs ont voté dans le calme après une campagne tendue, RFI du 17 Novembre 2024 (vu le 23 Novembre 2024):https://tinyurl.com/psczyn9d

4)- Sortie ou non du franc CFA : ce qu'en disent les principaux candidats à la présidentielle au Senegal, BBC du 21 mars 2024 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/yc3m56u2

5)- Au Sénégal, le gouvernement, menacé d’une motion de censure, veut dissoudre le Parlement, Le Monde Afrque du 06 Septembre 2024) (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/mw38vv4b

6)- OUSMANE SONKO PROMET UNE AUGMENTATION DU PRIX DE L’ARACHIDE EN SOUTIEN AUX PAYSANS, RTS.sn du 31 Octobre 2024 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/y69e9y6m

7)- Au Sénégal, le gouvernement, menacé d’une motion de censure, veut dissoudre le Parlement, Le Monde Afrique du 06 Septembre 2024 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/mw38vv4b

8)- L’atteinte aux bonnes mœurs, un nouvel outil de répression politique en Tunisie, Le Courrier International du 25 Novembre 2024 (vu le 26 Novembre 2024): https://tinyurl.com/44hy7m9k

9)- Présidentielle au Sénégal: Ousmane Sonko, un candidat antisystème pas si rebelle que ça, Le Monde Afrique du  Février 2019 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/37jx4565

10)- Ousmane Sonko un populiste ? : La réponse sèche du Premier ministre à ses détracteurs, Dakaract du 6 Juillet 2024 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/93e2ab6

11)- SONKO ET LE CLICHÉ DU POPULSIME, SenePlus du 14 Juillet 2023 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/34rj6t24

12)- Le Sénégal, entre populisme et État de droit, Jeune Afrique du 14 mars 2023 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/4wf25y3r

13)- Sortie ou non du franc CFA : ce qu'en disent les principaux candidats à la présidentielle au Senegal, BBC du 21 mars 2024,(vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/yc3m56u2

14)- Pourquoi le triomphe de Sonko et Diomaye Faye est une défaite pour les juntes de l’AES, Jeune Afrique du 22 Novembre 2024 (vu le 23 Novembre 2024): https://tinyurl.com/2kyxu4uf

15)- La fièvre contre la France a-t-elle aussi saisi le Sénégal? Courrier International du 05 Octobre 2023 (vu le 23 Novembre 2024) https://tinyurl.com/ysa5cdtr

16)- Pourquoi le triomphe de Sonko et Diomaye Faye est une défaite pour les juntes de l’AES, Jeune Afrique Op. Cit.

17)- Ce que l'on sait de la mort de dizaines d'anciens mercenaires de la compagnie "Wagner" au Mali, BBC du 29 Juillet 2024 (vu le 23 Novembre 2024): https://www.bbc.com/afrique/articles/cyx5z4997wxo

18)- Le président sénégalais Diomaye Faye en visite en Côte d’Ivoire, VOA Afrique, Youtube du Mai 2024 (vu le 23 Novembre 2024) https://www.youtube.com/watch?v=zA4zZ5CefEo

19)- Discours de Valdiodio N'diaye face au Général De Gaulle, le 26 août 1958 à Dakar, Wikipedia, (vu le 2 Novembre 2024): https://tinyurl.com/hkzbzk42