مستقبل المجتمع الإيراني: إشكاليات وقضايا

وصل تراكم القضايا في إيران إلى حدٍّ يجعل من الصعب تصور آفاق واضحة للسياسة والاقتصاد في البلاد خلال العقد أو العقدين القادمين. لقد وقعت إيران في حفرة عميقة (انخفاض قابلية العيش البيئي، والعقوبات، ومشكلات الحكم، والتخلف الاقتصادي مقارنة بالمنافسين الإقليميين، والإقصاء النسبي من العلاقات التجارية العالمية، وغيرها...)؛ مما يجعل الخروج منها ليس بالأمر السهل. يمكن القول: إن إيران أصبحت مجتمعًا مليئًا بالقضايا غير المحلولة. وتواجه على الأقل عقدين أو ثلاثة عقود صعبة، مليئة بعدم اليقين، مع إمكانية ظهور مسارات غير مرضية للغاية.
من احتفالات الإيرانيين بعيد ال"نوروز" لهذا العام (الأناضول)

على الرغم من أن المستقبل لا يمكن التنبؤ به بدقة، إلا أن البشر دائمًا ما حاولوا أن يكون لديهم تصور نسبي عنه، واستغلوا كل جهدهم وقدراتهم في هذا الطريق. كما يوضح دانيال فرانكلين: التاريخ مليء بالتنبؤات التي ثبت أنها خاطئة، ومع ذلك، فإن التخمين لا يزال له قيمة(1) وقد تغيرت الاتصالات العالمية اليوم من أربع جهات مهمة على الأقل:

 أولًا: أن سرعة أدائها مقارنة بالماضي أصبحت أسرع بكثير.

 ثانيًا: أن عملية العولمة تعمل على نطاق أوسع بكثير مما نظنه؛ حيث تؤثر تقريبًا على جميع الأفراد، وتستشعر آثارها في أبعد النقاط.

ثالثًا: أن نطاق الاتصالات العالمية أوسع جدًّا وله أبعاد مختلفة: اقتصادية، وتكنولوجية، وسياسية، وقانونية، واجتماعية، وثقافية، حيث يمتلك كل منها جوانب خاصة به.

 ورابعًا: أنها تخلق مستوى جديدًا من التعقيد في العلاقات بين السياسة والعمل(2).

بكل تأكيد، فإن إيران اليوم مختلفة تمامًا عن الماضي؛ حيث أدت التغيرات العالمية الكبرى إلى جانب الاتجاهات والظواهر الداخلية المؤثرة والعميقة لأن يصبح مستقبل إيران أكثر غموضًا من أي وقت مضى؛ مما يجعل من الصعب التنبؤ به.

إن الاتجاهات العالمية الكبرى لظاهرة العولمة، وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وثورة التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو، قد غيرت حتى الآن ليس فقط المجتمع الإيراني ولكن جميع المجتمعات المعاصرة. ومع ذلك، فإن المجتمع الإيراني، بالإضافة إلى هذه الاتجاهات العالمية الكبرى، تأثر أيضًا باتجاهات وظواهر وطنية خاصة. تشمل هذه الظواهر الحركات الطلابية، والتحول الثقافي والاجتماعي، والحركات الاجتماعية، والأزمات الاقتصادية والعقوبات، وتوسع الحضرية، ونموذج الحكم الخاص، والانقطاع بين الأجيال، والحضور الواسع للنساء المتعلمات في المجتمع، وهي من بين الظواهر الوطنية التي غيَّرت المجتمع الإيراني مقارنة بالماضي.

بالطبع، لا ينبغي تجاهل تأثير الظواهر غير القابلة للتنبؤ مثل جائحة كورونا، والتوترات العسكرية الإقليمية، وغيرها. في هذه الكتابة، سيتم السعي لفهم نسبي من خلال دراسة الاتجاهات والظواهر المؤثرة على المجتمع الإيراني.

يمر البشر في فترة خاصة، وهي وضعية خطيرة للغاية؛ حيث قد تتغير أساليب الحياة والحكم، وحتى السلوكيات الشخصية للناس بشكل جذري. يبدو أننا وصلنا إلى نهاية حقبة تاريخية، ونعيش في بداية عصر جديد. إن المستقبل الذي يدعونا إليه أكثر غموضًا وتعقيدًا من أي وقت مضى، ويبدو أنه لا خيار لدينا سوى التكيف معه، إلا أنه يمكننا من خلال التحليل والفهم النسبي له، وإعداد الآليات المناسبة، أن نهيئ أنفسنا لمواجهته وإدارته والاستفادة من فرصه. كما يشير ماتياس هوركس، الباحث في دراسات المستقبل: هناك بعض الفترات التاريخية التي تغير مسار المستقبل، ونحن الآن في هذه اللحظة الحاسمة(3). على الرغم من أن دراسة المستقبل والتنبؤ به هي بطبيعتها مسألة تحدِّية وصعبة، إلا أنه من خلال دراسة بعض الأدلة والقرائن الموجودة التي أحدثت بالفعل تغييرات في المجتمع، يمكن إلى حدٍّ ما التعرف على هذه العملية والتنبؤ بها.

أوضاع إيران اليوم

تعد إيران، التي تمتد عبر عشرة آلاف عام من التاريخ والحضارة وكانت موطنًا لعدة حضارات قديمة مثل حضارة عيلام في الألفية الرابعة قبل الميلاد، الدولة الثامنة عشرة في العالم من حيث المساحة. وتتمتع بموقع إستراتيجي خاص في منطقة الشرق الأوسط ومنطقة أوراسيا، وقد كانت دائمًا جسرًا للتواصل بين الشرق والغرب؛ حيث كانت جزءًا مهمًّا من طريق الحرير التاريخي والتجاري في العصور القديمة. هذه البلاد الواسعة والعريقة هي وارثة لثقافة وحضارة شاملة؛ حيث تحتل إيران المرتبة العاشرة عالميًّا من حيث التنوع العرقي، وتحتوي على خمسين لغة ولهجة وثماني قوميات رسمية(4). وفقًا للدستور، تأسست الجمهورية الإسلامية الإيرانية على ركنين، هما: الجمهورية والإسلام، ومن ثم فإن حكومة إيران هي حكومة دينية قائمة على نظام ولاية الفقيه(5). ومن الناحية الاقتصادية، فإن اقتصاد إيران هو اقتصاد مختلط، يتضمن قطاعًا حكوميًّا كبيرًا يُدار حوالي 60% منه بطريقة مركزية وتوجيهية.

من حيث الناتج المحلي الإجمالي بناءً على تعادل القوة الشرائية، يحتل اقتصاد إيران المرتبة الثانية والعشرين بين أكبر اقتصادات العالم، ولكن بناءً على الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لقائمة البنك الدولي، يحتل اقتصاد إيران المرتبة الخمسين بين دول العالم(6). ومن حيث القدرات والموارد الطبيعية، تتمتع إيران بمكانة خاصة ومتميزة.

إن مجموع احتياطيات النفط والغاز يضع إيران في المرتبة الأولى بين حاملي الموارد الهيدروكربونية. تمتلك إيران 160.12 مليار برميل من النفط و32.5 تريليون متر مكعب من الغاز؛ مما يجعلها في المرتبة الرابعة والثانية على التوالي من حيث احتياطي النفط والغاز(7). ووفقًا لأحدث إحصائيات الفاو، احتلت إيران المرتبة السابعة عالميًّا في إنتاج 22 منتجًا زراعيًّا مهمًّا، كما أنها جاءت ضمن العشرين دولة الأولى في إنتاج 29 منتجًا زراعيًّا مهمًّا آخر(8).

إيران، وبفضل امتلاكها 7% من الموارد المعدنية الغنية في العالم، تُعد واحدة من أفضل 15 دولة معدنية في العالم(9). من حيث المعالم الطبيعية والتراث الثقافي، تحتل إيران المرتبة الخامسة والثانية عشرة على التوالي(10). في مجال الصناعات اليدوية، وفقًا لما ذكرته مريم جلالي، نائب رئيس الصناعات اليدوية والفنون التقليدية، واستنادًا إلى بيانات المجلس العالمي للصناعات اليدوية، تم تسجيل 59 مدينة عالمية للصناعات اليدوية في دول مختلفة حتى الآن. ومن بين هذه المدن، تمتلك إيران 11 مدينة و3 قرى؛ مما يشكِّل 24% من الإحصائيات العالمية و32% من الإحصائيات الإقليمية. ووفقًا لها، تم تسجيل 600 عنصر من الأعمال اليدوية في اليونسكو حتى اليوم، ومن بين هذه العناصر، ينتمي 450 عملًا إلى إيران؛ مما يشكِّل نسبة ملحوظة تبلغ 75% من الأعمال العالمية في الصناعات اليدوية. ولهذا السبب، تحتل إيران المرتبة الأولى في مجال الصناعات اليدوية على مستوى العالم(11).

قارب عدد سكان إيران، وفقًا لأحدث إحصاء رسمي تم في عام 1395 (الموافق 2016)، الـ80 مليون نسمة، وبناءً على ذلك، يُقدَّر عدد سكان إيران الحالي بأكثر من 86 مليون نسمة استنادًا إلى بيانات نفس المركز(12). على الرغم من أن بيانات البنك الدولي تشير إلى أن عدد سكان إيران يتجاوز 90 مليون نسمة(13)، وموقع الويب worldometers قدَّر أكثر من 91 مليون شخص(14). على الرغم من هذه القدرات الواسعة، فإن الحديث عن واقع إيران اليوم سهل وصعب في آن واحد معًا؛ سهل لأنه يمكن أن تقدم المؤشرات الكمية والنوعية صورة نسبية مفهومة، لكنه صعب لأنه، أولًا، لا يمكن التعبير عن جميع الظروف في إطار المؤشرات، وثانيًا: لا يمكن الجزم بشأن حالة هذه المؤشرات نفسها. لذلك، من أجل التعرف على الوضع المستقبلي للمجتمع الإيراني، يجب أن يكون لدينا فهم صحيح للقوى المؤثرة على المجتمع الإيراني. بشكل عام، لفهم خصائص المجتمع الإيراني، يجب دراسة الموضوع على مستويين عامين، لأن كلا المستويين لهما تأثيرات عميقة على المجتمع وسيؤديان إلى تحولات أساسية. هذان المستويان هما: المستوى العالمي والمستوى الوطني؛ حيث يتضمن كل منهما عدة عوامل رئيسية.

تتضمن الاتجاهات العالمية التي ستغير إيران ثلاث ظواهر أساسية، وهي: العولمة، وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وثورة التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو. الظاهرة الأولى الكبرى التي لا شك فيها قد غيَّرت العالم وإيران هي العولمة. على الرغم من وجود اختلافات جدية بين المفكرين وكذلك بين عامة الناس حول هذه الظاهرة، إلا أنه بغضِّ النظر عن التعريفات واختلاف وجهات النظر حول العولمة، ما هو واضح هو أن هذه الظاهرة قد غيَّرت عالمنا حتى الآن. لقد فرضت العولمة نفسها على عالمنا في ثلاثة أبعاد:

أ) البعد الاجتماعي-الثقافي: لقد أثَّرت القوى الدافعة للعولمة في العقود الأخيرة بسرعة مضاعفة على جوانب مختلفة من الحياة الاجتماعية والثقافية في المجتمعات. إن الميل نحو توحيد مظاهر الثقافة، بدءًا من الملابس والموسيقى والطعام وصولًا إلى اللغة والعادات والتقاليد، من جهة، ومن جهة أخرى، تشكيل القيم والمعايير العالمية مثل حقوق الأقليات والنساء، وحق التعبير وحرية الرأي وغيرها من المعايير الشاملة، لم يؤثر فقط على معتقدات الثقافة الشعبية، بل أيضًا على أنماط حياتهم. ويمكن القول: إنه قد تم خلق خطاب جديد وأسلوب حياة جديد في الأبعاد الفردية والجماعية.

إن ظهور الحركات النسوية، والأسر الفردية، وانخفاض الزواج الرسمي، وفقدان أو تراجع المرجعية الدينية، والفردية المفرطة، وزعزعة دور المؤسسات الرسمية التقليدية، وغيرها، هي من نتائج هذا البُعد من العولمة.

ب) الجانب الاقتصادي-التجاري: بعد انهيار النظام الاشتراكي وضعف الرؤى المركزية في المجالات الاقتصادية، أصبح دور السوق والليبرالية بارزًا؛ حيث يسود النظام الاقتصادي القائم على السوق في جزء كبير من العالم. من جهة أخرى، أدت الاعتمادية المتزايدة للاقتصادات الوطنية على الاقتصاد العالمي وعلاقاتها المتبادلة إلى وصول النمو التجاري على المستوى العالمي إلى مستويات غير مسبوقة، بحيث كان نمو التجارة الدولية حوالي ثلاثة أضعاف نمو الاقتصادات الوطنية. ودور الاقتصاد قد زاد تأثيره حتى أصبح له تأثير مباشر على المعادلات السياسية للدول، وأحيانًا يجبر النظام السياسي على إجراء تغييرات في نظام الحكم. إنتاج المنتجات الضخمة والمتجانسة للسوق العالمية، ونمو الشركات الدولية والعالمية التي لا تعترف بالحدود، وسيطرة قواعد السوق على العلاقات الاقتصادية والسياسية للدول، وتنوع وزيادة عرض المنتجات المتنوعة، كلها من القوى الدافعة للعولمة في البعد الاقتصادي.

هذه القوى أدت إلى زيادة الاستهلاكية والرغبة في التنوع على المستوى الفردي؛ مما زاد من التركيز على المؤشرات الاقتصادية في البعد الاجتماعي. زيادة ساعات العمل، والرغبة في التنوع والاستهلاكية، وظهور المؤشرات الاقتصادية بدلًا من المؤشرات الاجتماعية والثقافية في التقييمات، كلها من نتائج العولمة في البعد الاقتصادي.

ج) البعد السياسي-القانوني: حتى قبل القرن التاسع عشر، يمكن القول: إن الحكومات كانت تتمتع بسلطة كاملة على أراضيها، وكانت تنفذ إجراءاتها دون خوف، لكن الأمر لم يعد بهذه السهولة الآن. لقد أدى نمو الحركات والمنظمات القانونية، وقبول القيم والمعايير العالمية في المجالين، القانوني والسياسي، إلى تقليل القوة الفعلية للدول؛ مما أدى إلى تغيير نظرة الأفراد تجاه المجتمع والحكومة. هناك ميل نحو التوافق مع النظام العالمي، وقبول نظام الحكم الديمقراطي، وحقوق المواطن، وزيادة دور الأفراد في المجتمع، وأحيانًا القيام ببعض المهام التقليدية للدولة من خلال المنظمات غير الحكومية. إن زيادة الوعي والرؤية السياسية على المستوى العالمي هي من القوى الدافعة للعولمة في البعد السياسي والقانوني. هذه القوى أدت إلى أن يصبح الناس أكثر مطالبة ووعيًا بحقوقهم وواجباتهم، ونمو الديمقراطية، وزيادة الحركات الشعبية في مواضيع مختلفة، وتوسع المنظمات البيئية والداعمة للبيئة، والسعي نحو الحرية والتنوع، وغيرها من النتائج الناتجة عن العولمة في البعد السياسي والقانوني(15) (16) (17) (18).

الظاهرة الكبرى الثانية في العالم هي ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. لقد حوَّلت هذه الثورة عالمنا التقليدي بشكل جعل العالم أقرب بكثير إلى بعضه البعض، وقلَّلت من المسافات المكانية. إن زيادة سرعة نقل المعلومات، والوصول المُفْرِط إلى المعلومات؛ فبينما كانت المشكلة في الماضي عدم الوصول إلى المعلومات، أصبحت اليوم ضخامة البيانات وتراكم المعلومات بشكل مفرط. إن نمو الاتصالات والتبادلات وسرعة النقل والتنقل هي من نتائج ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. هذه الثورة، في المجال الاقتصادي، أدَّت إلى انخفاض كبير في تكاليف إنتاج وتوزيع المنتجات، وتغير جذري في عملية إنتاج وتوزيع المنتجات. الوصول الشامل إلى المنتجات وإمكانية الشراء والوصول إلى بعض المنتجات بنقرات قليلة، هي من النتائج الاقتصادية لذلك. في البعد الثقافي والاجتماعي، أدت إلى تقارب ثقافي واجتماعي بين المجتمعات، ووفرت إمكانية تنظيم تجمعات افتراضية من أي مكان وفي أي وقت، كما أتاح تبادل الآراء على نطاق واسع والتفاعلات والاتصالات بدون قيود مع مجتمعات ودول أخرى.

هذه الثورة قد وفرت بيئة للمجتمع ليتمكن من التعبير بحرية، بعيدًا عن القيم والمعايير السائدة؛ حيث يمكن لكل شخص أن يعرض ما يرغب به للجمهور، وبأقل تكلفة ووقت، ليصل إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور. وفي الجانب السياسي، فقد جعلت الجدران زجاجية وزادت من الشفافية، وكشفت العديد من الأمور السرية والمصنَّفة للحكومات أمام العامة.

إن الاحتجاجات والتعبير عن الآراء المعارضة في الفضاءات الافتراضية والإنترنت، التي تُعتبر مساحة آمنة نسبيًّا للفرد، قد أوجدت مشاكل للأنظمة الحاكمة. إن الظاهرتين الكبيرتين، العولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، قد حققتا فكرة القرية العالمية التي طرحها السيد ماك لوهان. لقد حولت هاتان الظاهرتان العالم إلى قرية حيث الوصول وسرعة نقل المعلومات أصبحا سريعين وسهلين؛ مما جعل التنقل سريعًا وسهلًا، وأدى إلى تغييرات واسعة وعميقة في المعتقدات والقيم والمواقف والسلوكيات الفردية، وكذلك في الهياكل والقواعد والقيم والمعايير الجماعية للمجتمعات(19).

الظاهرة الكبرى الثالثة عالميًّا هي ثورة التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو. على الرغم من أن عواقب هذه الظاهرة لم تتضح بالكامل بعد، إلا أنها حتى الآن تركت آثارًا عميقة على الحياة الفردية والجماعية للبشر.

إذا كانت الظاهرة الثانية عالميًّا قد تمكنت من ربط البشر والمجتمعات الإنسانية ببعضها البعض وتقليل الفجوة بين الأفراد والمجتمعات، فإن الظاهرة الثالثة عالميًّا قد تمكنت، من خلال الثورة الصناعية الرابعة، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، من ربط جميع الأشياء ببعضها البعض؛ مما أتاح الذكاء في جميع جوانب الحياة، وأدى إلى زرع رقائق صغيرة في جسم الإنسان، وكذلك منح المشاعر للروبوتات، مما يوجه أحلام البشر القديمة نحو التحقيق. على الرغم من أن هناك إنجازات كبيرة وهائلة قد تحققت حتى الآن في مجال تكنولوجيا النانو، إلا أن العديد من الخبراء يعتبرون هذه التكنولوجيا تكنولوجيا مستقبلية(20). صناعة المواد على مقياس النانو أدت إلى ظهور منتجات جديدة ومتنوعة في مجالات تكنولوجية مختلفة(21). من جهة أخرى، وبالنظر إلى ظروف الحياة في العصر الحالي، يبدو أن البشرية مضطرة لاستخدام التكنولوجيا الحيوية. لقد وفرت التقدمات الأخيرة في الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية إمكانيات جديدة للبشر ليتسنى لهم التلاعب الجيني وتغيير أي شكل من أشكال الحياة وخلق كائنات بصفات جديدة تمامًا. هذه التكنولوجيا لها تطبيقات مفيدة جدًّا في الطب، والصيدلة، والزراعة، والصناعات(22).

يمكن القول: إن هذه الظواهر الرئيسية الثلاث لم تغير فقط الحياة الفردية، بل غيَّرت أيضًا الحياة الجماعية للبشر، وأثَّرت بشكل ملحوظ على نمط الحياة والقيم والمعايير والمعتقدات في المجتمع، وخاصة على الجيل الجديد؛ حيث جلبت أساليب وعادات مختلفة من حيث النظرة والسلوك والكلام للجيل الجديد؛ مما أدى إلى حدوث انقطاع أو فجوة جيلية ملحوظة. وقد أدى ذلك إلى خلق العديد من القضايا والمشكلات ليس فقط للمجتمعات، بل أيضًا للحكومات.

إن تشكيل ونمو الحركات الاجتماعية والثقافية مثل حركة النسوية، والمثليين، وغيرها، وانتشار مفاهيم مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحرية، وغيرها، التي نتجت عن هذه الظواهر، قد غيَّرت بشكل كبير وجه المجتمع وأدت إلى ظهور توقعات ومطالب رئيسية من جانب شريحة كبيرة من المجتمع، وخاصة النساء والشباب. بالطبع، بجانب هذه الاتجاهات الكبرى، لا ينبغي تجاهل التحولات الإقليمية.

إن الحرب في غزة والهجوم الوحشي الإسرائيلي على غزة ولبنان والتوتر الشديد الناتج عن ذلك، الذي أدى إلى تبادل الهجمات بين إيران واسرائيل، قد زاد من تعقيد الأوضاع. كما أن سقوط نظام حزب البعث في سوريا، والذي كان يُعد الحليف الرئيسي لإيران في المنطقة، قد أدى إلى تضييق دائرة نفوذ إيران في المنطقة. هذه الأحداث أدت أيضًا إلى أن يعبِّر قطاع من الشعب الإيراني عن احتجاجهم على التكاليف الباهظة التي تُصرف في محور المقاومة ومعارضتهم له، كما بدؤوا في التعبير عن شكواهم بشأن فشل هذه الإستراتيجية. لا شك أن الأحداث الأخيرة في المنطقة، بالإضافة إلى إضعاف المكانة السياسية والاجتماعية لإيران، قد أدت إلى تفاقم الفجوة بين المجتمع والحكومة.

بالإضافة إلى هذه الاتجاهات العالمية والإقليمية التي تم الإشارة إليها، تواجه المجتمع الإيراني تحديات ومشكلات خاصة به يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. ولهذا السبب، ستتم محاولة دراسة الوضع المستقبلي لإيران من منظور مؤشرات متعددة اقتصادية واجتماعية وثقافية وديمغرافية وسياسية.

المستقبل الاقتصادي لإيران

إذا اعتبرنا أن عالم اليوم هو عالم الاقتصاد، فلن نكون قد أخطأنا، لأن الوضع العام في العالم اليوم يتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بالظواهر الاقتصادية، أو أن الاقتصاد كان أحد الأسس الرئيسية لتشكيله، بحيث يمكن القول: إن أسس العمارة في القرن العشرين قد وضعها الاقتصاد. لذلك، فإن أي تغيير أو تحول في هذا البعد من المجتمع البشري يمكن أن يترك تأثيرات عميقة على المجتمع. ولكن، كيف يبدو الأفق الاقتصادي لإيران؟

إن اقتصاد إيران من منظور الملكية، يعمل في ثلاثة أقسام رئيسية: القسم الحكومي، والقسم العام، والقسم الخاص. القسم العام لديه أقل عائد، والقسم الحكومي أيضًا لديه عائد قليل، وبسبب هيمنة هذين القسمين في الاقتصاد وضعف وركود النقابات والحرف، فإن عائد القسم الخاص أيضًا تأثر وأصبح ضئيلًا(23) بشكلٍ لم يُبْقِ أثرًا من القطاع الخاص، وأصبح المجتمع في مسار الانحطاط الاقتصادي. كما قال السيد فرشاد مؤمني، الخبیر الاقتصادي: "نحن نشهد كل يوم عملية الانحطاط الاقتصادي وبيع المستقبل في البلاد، و75% من سكان إيران بحاجة إلى الدعم للبقاء على قيد الحياة(24).

لذا، لقد شهد القطاع غير المنتج في اقتصاد إيران نموًّا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وعدم نجاح جميع الحكومات من جميع الأطياف في تقييد هذا القطاع يمكن أن يكون مؤشرًا على وجود خلل في النظام الاقتصادي للحكومة. على الرغم من أن البعض يعتقد أن الأزمة الاقتصادية في البلاد تعود إلى العداء الخارجي، إلا أنه يجب الاعتراف بأن الجزء الأكبر من المشاكل يتعلق بالنظام غير المنتج للاقتصاد وأيضًا بالدبلوماسية الاقتصادية غير الفعالة التي أضعفت كلًّا من الاقتصاد الداخلي والتفاعل الخارجي(25). وعلى الرغم من أن عدد سكان إيران يشكل حوالي واحد في المئة من سكان العالم، إلا أنها تنتج أقل من واحد في المئة من قيمة اقتصاد العالم(26).

إن اقتصاد إيران، بسبب اعتماده على النفط، والعقوبات الدولية، والنمو السلبي للاقتصاد، وارتفاع التضخم، وغيرها من العوامل، شهد أضرارًا كبيرة. ومن الطبيعي أن تكون الأرقام والإحصائيات أكثر تعبيرًا عن أي شيء، ولهذا سنقوم بدراسة عدة متغيرات اقتصادية كبرى تشمل النمو الاقتصادي، ونمو المعروض النقدي، ونمو سعر الدولار، والتضخم، وعدد من المؤشرات الكبرى الأخرى خلال العقد الماضي، لتقديم صورة شاملة نسبيًّا عن حالة الاقتصاد الإيراني على المستوى الكلي. ويمكن أن تُظهر مقارنة هذه المؤشرات واستعراض العوامل المؤثرة عليها إلى أي مدى ستستمر الاتجاهات الحالية في الأجلين، المتوسط والطويل.

لقد أدى ازدهار النفط في الثمانينات وفق السنة الفارسية (العقد الأول من الألفية الثانية ميلاديًّا) إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي في إيران؛ حيث وصل معدل النمو الاقتصادي في عام 1382 (2003) إلى 10.2٪، وفي عام 1386 (2007) ارتفع إلى ما يقرب من 12٪. ولكن مع فرض العقوبات الدولية، بدأ النمو الاقتصادي في التراجع؛ حيث تم الإبلاغ عن معدل نمو اقتصادي سالب قدره 9.4٪ في عام 1390 (2011). ومع الاتفاق النووي (2015)، تحسن النمو الاقتصادي مرة أخرى، ووصل في عام 1395 (2016) إلى أعلى مستوى له في 13 عامًا. ولكن مرة أخرى، مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 1397 (2018)، انخفض النمو الاقتصادي مرة أخرى إلى سالب %6.6. بالإضافة إلى ذلك، أدت جائحة كورونا إلى تفاقم الظروف الصعبة للاقتصاد الإيراني؛ حيث شهدت البلاد معدلات نمو اقتصادي سلبية في عامي 1398 و1399 (2019 و2020)(27).

يمكن القول بشكل عام: إن النمو الاقتصادي في العقد الأخير قد شهد انخفاضًا حادًّا، وقد أدى هذا الأمر إلى أن يكون النمو الاقتصادي في العقد الأخیر تقريبًا صفرًا؛ مما يدل على انخفاض مفرط في الإنتاج وتراجع في التوظيف والصناعة. بعبارة أخرى، تم تقدير الحجم الحقيقي للاقتصاد الإيراني في عام 2021م بحوالي 756 ألف مليار تومان، في حين أن هذا الرقم في عام 90 كان حوالي 686 ألف مليار تومان؛ مما يعني أنه على مدار 11 عامًا، زاد الحجم الحقيقي للاقتصاد الإيراني بمقدار 70 ألف مليار تومان فقط(28).

.

تشير إحصائيات السنة الحالية إلى انخفاض نمو قطاع الصناعة منذ عام 2023م، مما يدل على خطر الدخول في ركود في هذا القطاع في عام 2024م. تشير النتائج إلى أن نمط الركود في قطاع الصناعة يتماشى بشكل أكبر مع ركود الطلب. يبدو أنه مع استمرار الوضع الحالي في الأشهر المقبلة، سيصبح ركود الطلب في هذا القطاع أكثر انتشارًا(29).

للأسف، لم يحقق اقتصاد إيران خلال العقد الماضي (العقد  الهجري الشمسي 90) أي نجاح في مجال التحكم في السيولة النقدية؛ حيث ارتفع حجم السيولة النقدية من 354 ألف مليار تومان إلى 3 ملايين و476 ألف مليار تومان، وهو ما يعد سابقة منذ عام 1979 وحتى الآن، مع نمو يقارب 1000% في السيولة النقدية خلال عقد واحد؛ مما يعد رقمًا قياسيًّا. بناءً على ذلك، تُظهر الإحصائيات أن نمو السيولة النقدية في العقد الماضی كان دائمًا فوق 20%، وفي عام 2020، وصل إلى مستوى 40%. بعبارة أخرى، زاد حجم السيولة النقدية في الاقتصاد الإيراني خلال العقد الأخیر تقريبًا 10 مرات، في حين أن النمو الاقتصادي في هذا العقد لم يكن بهذا القدر. كان حجم القاعدة النقدية، في بداية 2010، عند 68 ألف مليار تومان، وبلغ هذا الرقم، في نهاية فبراير/شباط من عام 2020، إلى 436 ألف مليار تومان. على مدى حوالي 10 سنوات، زادت القاعدة النقدية بمقدار 6.4 مرات؛ مما يعني أنها شهدت نموًّا يعادل 540% خلال عشر سنوات(30).

.

تُظهر أحدث الإحصائيات من البنك المركزي حول حجم السيولة ونمو السيولة أن نمو السيولة، الذي انخفض، في شهر مارس/آذار من هذا العام، إلى مستوى 24.1 بالمئة، قد زاد مرة أخرى هذا العام وبلغ مستوى 28.4 بالمئة، في شهر أغسطس/آب من هذا العام(31). كما هو موضح في الرسم البياني ووفقًا لهذه الإحصائيات، فإن كمية السيولة في عام 2016 كانت تبلغ 12.534 ألف مليار ريال، بينما وصلت في عام 2023م إلى 78.775 ألف مليار ريال.

تشير إحصائيات كمية السيولة في إيران إلى أن زيادة السيولة يمكن أن تساعد في النمو الاقتصادي على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل، وبدون رقابة مناسبة، يمكن أن تؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة(32).

تظهر بيانات البنك المركزي ومخطط سعر الدولار في السوق الحرة أن سعر الصرف في السوق الحرة شهد زيادة بنسبة 40% في السنوات الأولى بعد الثورة. خلال الفترة من 1982 إلى 1989، ارتفع سعر الصرف الحر بمعدل 4.8 مرات من 27 تومان إلى 96 تومان، وفي عام 1994 زاد بنسبة 46% ليصل إلى 263 تومان، وفي عام 1995م زاد بنسبة 53% ليصل إلى 403 تومان. ففي عام 2015م، وصل إلى 3673 تومان، وفي عام 2016 إلى 3772 تومان. كما هو موضح في المخطط، منذ عام 2017م، بسبب الأحداث السياسية، شهد الدولار نموًّا غير مسبوق بحيث تجاوز سعر الدولار في فترة زمنية قصيرة جدًّا ضعف قيمته. في نهاية عام 2017م، كان سعر الدولار في السوق الحرة حوالي 4899 تومان، وفي نهاية عام 2018 وصل إلى 12894 تومان، وفي نهاية عام 2020م إلى 23963 تومان، بحيث ارتفع سعر الدولار الحر بمعدل 7.8 مرات خلال الفترة من 2011م إلى 2020م. وفي نهاية عام 2021م، ارتفع سعر الدولار إلى 27.735 تومان، وفي نهاية عام 2022م وصل إلى 49.000 تومان(33).

.

ووصل الدولار، في نهاية عام 2023م، إلى رقم ملحوظ قدره 61 ألف تومان، ومع استمرار ارتفاع السعر في نهاية شهر ینایر/كانون الثاني من عام 2024م، ارتفع إلى 85 ألف تومان. تشير الاتجاهات الحالية إلى زيادة يومية في سعر الدولار؛ حيث تشير معظم التوقعات إلى أن سعر الدولار سيتجاوز 100 ألف تومان بحلول نهاية العام، وهو ما سيظهر قريبًا تأثيراته على الأسعار، والتضخم، والاقتصاد بشكل عام.

إن إحصائيات التضخم في إيران تم تسجيلها منذ عام 1935. ففي هذه الإحصائيات، تم تسجيل التضخم السنوي في إيران في عام 1935 بنسبة 21.2%. في سنوات 1945 و1946 و1950 كان التضخم سالبًا. ولكن في السنوات الأخيرة، شهدت إيران دائمًا تضخمًا مرتفعًا؛ حيث لم ينخفض التضخم في إيران من عام 2018م إلى 2022م عن 40%(34).

إن مخطط التضخم في إيران خلال عقد من الزمن، والذي تم استخدام بياناته من البنك المركزي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، يعكس الوضع المضطرب لنمو التضخم المتسارع في هذه الفترة، وخاصة بعد عام 2018م. كما هو موضح في المخطط، فإن متوسط التضخم في السنوات الأربع المنتهية في عام 2022م يعادل 44 في المئة، وهو رقم يُعد بعد أوائل العقد العشرين ركودًا تاريخيًّا لمتوسط التضخم على مدى أربع سنوات(35). ومن حيث مؤشر البطالة، تشير الإحصائيات إلى أنه في جميع سنوات العقد الماضی، كان متوسط البطالة العالمية حوالي 5.5 في المئة، وكانت البطالة في إيران حوالي ضعف المتوسط العالمي، أي بمتوسط 11.2 في المئة(36).

على الرغم من أن هذا المعدل، وفقًا لبيانات مركز الإحصاء الإيراني لعام 2022م، قد تحسَّن قليلًا وبلغ أكثر من 8.1 في المئة، إلا أنه لا يزال أعلى من المتوسط العالمي. كما تشير الإحصائيات المنشورة إلى أن معدل المشاركة الاقتصادية انخفض من أكثر من 44 في المئة في عام 2019 إلى أقل من 41 في المئة في عام 2023م، كما انخفض معدل التوظيف بنحو 2.5 في المئة. يبدو أن جزءًا من تحسن معدل البطالة في السنوات القليلة الماضية ناتج عن الإحباط من سوق العمل(37).

.

أما وضعية البلاد من حيث تصنيف الفساد المالي فهي ليست جيدة أيضًا. وفقًا لبيانات موقع "تريدينغ إيكونوميكس" الإحصائي، التي تظهر في الرسم البياني أدناه، كان تصنيف إيران على مدار جميع هذه السنوات دائمًا فوق 130، ولكن منذ عام 2018، بدأ الاتجاه النزولي في تصنيف الفساد المالي يتزايد، وفي عام 2021 انخفض إلى المرتبة 150. تعكس هذه التغيرات أنه على الرغم من أنه تم ملاحظة بعض التقدم في مكافحة الفساد المالي في بعض السنوات، إلا أنه بشكل عام، خلال هذه الفترة، تدهور تصنيف الفساد المالي لإيران على مستوى العالم(38).

وضعية البلاد من حيث مؤشر البؤس، وفقًا لإحصائيات موقع ستاتيستا، كانت في عام 2021 تساوي 62.5، مما يجعلها وفقًا لهذه الإحصائيات عاشر أسوأ دولة في العالم(39). تشير الدراسات أيضًا إلى أن مستوى الدخل الفردي منذ بداية 2016 قد شهد اتجاهًا تنازليًّا؛ حيث تم محو أكثر من ثلث دخل الإيرانيين الفردي خلال 10 سنوات. هذه المسألة تعكس نوعًا ما تراجع رفاه الأسر الإيرانية(40).

نظرًا لما تم ذكره، فإن الإحصاءات الاقتصادية، من عام 2010 إلى يومنا هذا، ليست في حالة جيدة، ولا يمكن العثور تقريبًا على أي إحصائية اقتصادية تُظهر وضعًا أفضل في نهاية هذه العقد مقارنة ببدايته. يبدو أن غياب بيئة اقتصادية مستقرة، وعدم وجود آفاق مناسبة للاستثمار، وخروج رأس المال بشكل ملحوظ، والعقوبات الاقتصادية، وقطع العلاقات المالية عبر الحدود، وغياب الانضباط النقدي، والعجز الهيكلي في الميزانية، وعوامل أخرى جعلت هذه العقد واحدًا من أضعف العقود في تاريخ الاقتصاد الإيراني من حيث السجل الإحصائي(41). وتشير هذه الإحصائيات إلى أن الحكم الاقتصادي في إيران لم يحصل على درجة مقبولة، وتُظهر الاتجاهات أن الأوضاع في المستقبل لن تكون مشجعة كثيرًا.

المستقبل الاجتماعي-الثقافي لإيران  

في العقود القليلة الماضية، حدثت تغييرات ثقافية واجتماعية واسعة في إيران؛ مما جعل وجه هذا البلد مختلفًا تمامًا عما كان عليه في الماضي. كما يشير عالم الاجتماع الشهير، آلان تورين، بعد زيارة له إلى إيران، فإن أول شيء يلفت الانتباه في هذا البلد هو أنك لست على هامش الحداثة، بل أنت بالضبط في صميمها(42). هذه التغييرات ليست فقط ملحوظة في المدن الكبرى، بل أيضًا في المدن الصغيرة، وقد أدت إلى خلق توقعات على مستوى عالمي بين المواطنين الإيرانيين. كما أن تطوير وسائل الاتصال ووسائل الإعلام قد وفر ظروفًا مناسبة لتشكيل الحركات. يمكن ملاحظة هذه التحولات من خلال النظر إلى شباب السكان، ومعدل التحضر، ومعدل التصنيع، ومعدل الوصول إلى وسائل الإعلام، ومعدل السفر الداخلي والخارجي، ومعدل التواصل مع الخارج(43). الهيكل المذكور من الناحية النظرية، قابل لتشكيل حركات اجتماعية جديدة(44). لذا في العقود القليلة الماضية شهدنا ظهور حركات واعتراضات متعددة اجتماعية وسياسية في إيران.

إذا أردنا أن نعرض صورة عن المجتمع الإيراني من منظور اجتماعي، يجب أن نرجع إلى المؤشرات الاجتماعية. تُظهر نتائج أبحاث محمد پناهی وزملائه أن الأمل الاجتماعي في إيران قد شهد تراجعًا(45).

وفي تقرير مؤشر التقدم الاجتماعي لعام 2020، حصلت إيران على درجة 67.49، واحتلت المرتبة 93 من بين أكثر من 160 دولة. كما يتضح من الرسم البياني، فإن حالة المؤشرات الفرعية للتقدم الاجتماعي في إيران لعام 2020 مقارنة بالنرويج، الدولة الرائدة في هذا المؤشر، تُظهر أن إيران تعاني من أكبر فجوة في مجال مؤشر شمولية الفرص؛ مما يعني أن حالة التمييز في توزيع الفرص بين السكان في إيران مقارنة بأفضل دولة في العالم من حيث مؤشر التقدم الاجتماعي، هي حالة سيئة للغاية، حيث تبلغ الفجوة بين البلدين 63.8%.

إن أكبر توافق في حالة التقدم الاجتماعي لإيران مع النرويج هو في مجالات المؤشرات الفرعية للمياه والصحة، والمأوى، والتغذية، والرعاية الصحية الأولية. ومن بين المؤشرات المهمة الأخرى يمكن الإشارة إلى الوصول إلى المعلومات؛ حيث تبلغ الفجوة بين إيران والنرويج في هذا المجال حوالي 37%. كما أن إيران تعاني من فجوة كبيرة في الحقوق الفردية مقارنة بالنرويج؛ حيث تتوافق درجة مؤشرها مع مؤشر الحقوق الفردية في النرويج بنسبة 39.5%(46).

إن إيران خلال اثني عشر عامًا من الدراسة لم تكن في وضع جيد من حيث مؤشر التقدم الاجتماعي. ففي عام 2011، كانت مرتبة إيران 166، ولم تكن هناك سوى دول جنوب السودان، والصومال، وبوروندي، وتشاد في وضع أسوأ من إيران. الفجوة التي تبلغ حوالي 40% بين إيران والمتوسط العالمي في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير، والفجوة التي تبلغ حوالي 25% بين إيران والمتوسط العالمي في مجال الحرية وحق الاختيار، هي تجليات للوضع غير المناسب للمواطنين الإيرانيين في الحصول على الفرص للنمو والتقدم الاجتماعي.

لقد انخفض معدل زيادة مؤشر التقدم الاجتماعي منذ عام 2019 تدريجيًّا، وفي النهاية أصبح سالبًا في عام 2023. تشير دراسة مكانة إيران إلى وضعها غير المناسب على مدى العقد الماضي.

إيران في عام 2023 احتلت المرتبة 105. على الرغم من أن معدل مؤشر التقدم الاجتماعي في إيران في عام 2023 قد زاد مقارنة بعام 2011، إلا أن هذا الارتفاع كان أقل من الزيادة في المتوسط العالمي لهذا المؤشر.

في هذا المؤشر، تم تصنيف الدول إلى ستة مستويات؛ حيث تمثل المستوى الأول الدول ذات الحالة الأفضل، والمستوى السادس الدول ذات المستوى الأسوأ. وقد كانت إيران على مدار السنوات المعنية في المستوى الرابع. وفي عام 2023، تساوت إيران مع دول مثل غينيا ولبنان وغانا وتركمانستان وناميبيا ونيبال والعراق. بشكل عام، تشير بيانات التقدم الاجتماعي في عام 2023 إلى أن وضع إيران قد أصبح أسوأ مما كان عليه سابقًا. تشير حالة إيران إلى أن هناك ظروفًا أفضل في الاحتياجات الأساسية والاحتياجات التعليمية، ولكن فيما يتعلق بالفرص، التي ترتبط عمومًا بالحرية والحقوق وشمولية المجتمع وحق الاختيار وغيرها، فإن وضع إيران خطير(47).

من حيث مؤشر نجاح مؤسسة لوجاتيوم الذي يقيس ثروة ورفاه المجتمع، كانت حالة التنمية الاجتماعية في إيران، في عام 2019، بر  score 48.3 من 100، مما يجعلها في المرتبة 119 من بين 167 دولة تمت دراستها، وهو وضع غير مناسب. وفي تقرير السعادة العالمي لعام 2020، كانت مرتبة إيران بر score  4.672 في نطاق (0-10) من بين 157 دولة؛ مما يجعلها في المرتبة 118. يشير هذا المؤشر إلى أن البلاد في حالة ضعف نسبي(48).

ففي أحدث إحصائيات هذه المؤسسة، احتلت إيران المرتبة 101 عالميًّا من بين 122 دولة تمت دراستها، وفي المرتبة 11 من بين 11 دولة موجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا(49). وعلى الرغم من أنه قد شهد تحسنًا نسبيًّا مقارنة بالماضي، إلا أنه لا يزال في وضع غير مناسب مقارنةً بالمعدل العالمي والإقليمي.

نتائج المسح الوطني للقيم والمواقف لدى الإيرانيين تظهر أيضًا أن تقييم الشعب الإيراني لوجود الوحدة والتضامن في المجتمع ورؤيتهم لمستقبل التماسك الاجتماعي هو على النحو التالي: 40% من الناس يرون أن حالة الوحدة والتضامن ستسوء في المستقبل، و44% يرون أن الوضع الحالي سيبقى ثابتًا، بينما فقط 16% يعتبرون مستقبل المجتمع من هذه الناحية مقبولًا. كما تُظهر الأبحاث أن وضع مؤشر التماسك الاجتماعي بين الطلاب الذين تمت دراستهم هو الأسوأ من بين خمسة مؤشرات للصحة الاجتماعية. هذه الحالة تكون بشكل أسوأ للأطفال؛ حيث أظهرت نتائج دراسة مرادي وزملائه في عام 1393 (2014) أن مؤشر التماسك الاجتماعي للأطفال في طهران حصل على درجة 16 من 85؛ مما يعكس الوضع السيء للتماسك الاجتماعي لهذه الفئة من الأطفال(50).

تواجه المجتمع الإيراني مشاكل اجتماعية متعددة؛ حيث تشير نتائج دراسة رفيعي وزملائه إلى أن هناك خمس عشرة مشكلة تُعد من أولويات المشاكل الاجتماعية في إيران، وهي: الإدمان، والبطالة، والعنف، وانعدام الثقة الاجتماعية، والفقر الاقتصادي، والفساد، والتمييز الاجتماعي، وعدم العدالة في التمتع بالسلطة، وتراجع القيم، وزيادة معدلات الجرائم، والسياسات الاقتصادية، ومشكلة المرور، وقضايا التعليم والتربية، وعدم احترام حقوق المواطنين، وعدم المساواة في تطبيق القانون. ومن بين هذه المشاكل، يُعد الإدمان، والبطالة، والعنف، وانعدام الثقة، والفقر، والفساد من الأولويات الأعلى مقارنةً بالمشاكل الأخرى(51).

لهذا، أصبحت مُثُل الشباب الحاليين، الذين يشكِّلون غالبية سكان إيران، مختلفة تمامًا عن جيل الثورة الأول الذي كان فكريًّا شديد الأيديولوجية وغالبًا ما كان مرتبطًا بمجموعات فكرية وسياسية معينة(52).

يمكن القول: إن المجتمع الإيراني قد شهد تحولًا عميقًا. إن ضعف وتآكل العديد من القيم والمعايير السائدة في المجتمع قد أدى إلى مواجهتنا بمجتمع مختلف تمامًا عن الماضي، بحيث يكون أحيانًا في تناقض كامل مع البنية الثقافية والاجتماعية للمجتمع التقليدي الإيراني. إن سيولة المعتقدات والقيم في المجتمع والتركيز على إيران القديمة وإبراز التاريخ الماضي بهدف التشكيك في وتجاهل التاريخ الإسلامي لإيران، وعدم القدرة على تقبل الآخر، وزيادة انتشار المدارس والأفكار الإلحادية وقبولها من قبل جزء من المجتمع، وعدم تحمل المسؤولية الاجتماعية وعدم المبالاة تجاه القضايا الوطنية والمحلية، وضعف المكانة التقليدية للأسرة، والانقسام بين الأجيال، وغيرها من العوامل، قد أدت إلى مواجهة مجتمع يعاني من عدم الهوية، ومجزأ، ومحبَط، ومتشائم؛ مما أدى إلى حدوث انقطاع ثقافي واجتماعي.

مستقبل السكان في إيران

يعد السكان أحد العوامل المهمة في التنمية البشرية، وقد كان له دور ومكانة خاصة على مرِّ التاريخ؛ حيث إن الاهتمام بالسكان ونموهم كان دائمًا من المواضيع المهمة في المجتمعات، وقد شغل دائمًا عقول الأوساط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كتب جون باركر في مقال بعنوان "ليس كل شيء مقدَّر" في الإيكونوميست: في الظروف الحالية، يشهد عدد سكان العالم أسرع زيادة في تاريخ البشرية. استغرق الأمر 250 ألف سنة حتى وصل عدد البشر الأحياء على كوكب الأرض إلى مليار نسمة، واستغرق أكثر من قرن حتى وصل عدد سكان العالم، في عام 1926، إلى 2 مليار نسمة، ولكن في 33 عامًا فقط بعد ذلك، وصل عدد سكان الكرة الارضية إلى 3 مليارات نسمة. ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم بحلول عام 2050 إلى أكثر من 9 مليارات نسمة، وستستمر هذه الأرقام في الزيادة(53).

لكن فيما يتعلق بإيران، وفقًا لما ذكره مدير عام مكتب السكان في مركز الإحصاء الإيراني: وصل معدل نمو السكان في إيران مع آخر إحصاء تم في عام 1395 هجري شمسي (2016 ميلادي) وصل إلى 1.24 بالمئة، ومنذ ذلك الحين، كان الاتجاه تنازليًّا؛ حيث وصل الآن إلى حوالي 0.77 بالمئة. من حيث التركيبة الداخلية للسكان، فإن حوالي 24 بالمئة من سكان البلاد هم أطفال ومراهقون تحت سن 15 عامًا، و25 بالمئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا، و44 بالمئة من البالغين، والبقية هم كبار السن فوق 65 عامًا؛ مما يدل على أن التركيبة السكانية السائدة في البلاد تتكون من فئة البالغين. كما أن متوسط العمر المتوقع في إيران وصل حاليًّا إلى 74 عامًا، ومعدل محو الأمية بلغ 87.6 بالمئة(54).

على الرغم من أن الثقافة الإيرانية تقليديًّا كانت تؤيد تعدد الأطفال، إلا أنه حتى أوائل العقد 1330 (1950) كانت نسبة نمو السكان في إيران منخفضة. مع تحسن الأوضاع الصحية والعلاجية خلال فترة عشر سنوات بدءًا من عام 1335 (1956)، بلغ عدد سكان البلاد معدل نمو سنوي متوسط قدره %3.2، ليصل إلى 7.25 ملايين نسمة في عام 1345 (1966). ومع قيام الثورة الإسلامية وتغير السياق الثقافي والاجتماعي في البلاد، بالإضافة إلى توقف برامج تنظيم الأسرة، تسارعت وتيرة زيادة السكان مرة أخرى، وفي أول إحصاء رسمي بعد الثورة في عام 1365 (1986م)، تم الإبلاغ عن معدل نمو سنوي متوسط قدره 4.3% وبلغ عدد سكان البلاد 49 مليون نسمة. تُظهر إحصاءات السكان والمساكن في عام 1390 (2011م) أن معدل نمو السكان في البلاد قد انخفض إلى 3.1%. لكن بشكل عام، بين سنوات 1956 و 2016، أضيف إلى سكان إيران في المتوسط مليون شخص سنويًّا، بحيث تُظهر إحصائيات عام 1398 أن عدد سكان إيران قد تضاعف حوالي 8 مرات خلال قرن. على الرغم من أن معدلات الخصوبة في البلاد قد انخفضت في العقود الأخيرة، فإن حركة السكان تتجه نحو الشيخوخة، ومعدل الخصوبة الإجمالي في البلاد قريب من 2.1، ومن المتوقع أنه مع استمرار هذا الاتجاه حتى عام 2030م، سيصل النمو السنوي لسكان إيران إلى 1%(55).

نتائج أبحاث ساعي أرسى(56) ومرادنژاد وبردي(57) فيما يتعلق بالتغيرات في الهيكل العمري للبلاد خلال الفترة الزمنية من 1956م إلى 2006م، يُظهر أن فترة 1956 إلى 1965 كانت فيها حالة الشباب في السكان مناسبة، وفي الفترة من 1975 إلى 1985 كانت الحالة في أقصى درجاتها، وبعد عام 1985م بدأت هذه الحالة في التراجع، وفي الفترة من 1995 إلى 2005 زادت سرعة هذا التراجع بشكل ملحوظ. كما تظهر نتائج دراسة مسجدي وفتح زاده(58) التي تتشابه مع نتائج بحث تركاشوند وحسيني، أن الفترة الزمنية قبل عام 2000 هي فترة الشباب، والفترة التي تلي عام 2035م هي فترة الشيخوخة في سكان البلاد(59).

تُظهر الأبحاث التي أجراها مشفق وحسيني أن سكان إيران قد مروا بمراحل الطفولة والمراهقة والشباب، ومنذ عام 2010 دخلوا مرحلة منتصف العمر، ومن عام 2030 سيدخلون مرحلة الشيخوخة(60). تشير البيانات أيضًا إلى أن معدل الخصوبة الكلي بين سنوات 1985 و1999 قد انخفض من 6.5 طفل إلى 2.2 طفل لكل امرأة، وحتى عام 2005 وصل هذا المعدل إلى 1.9 طفل لكل امرأة؛ مما يدل على انخفاض سرعة الإنجاب في عقد 2000م. معدل الخصوبة في عام 2010م يعكس انحدارًا طفيفًا جدًّا في الخصوبة؛ حيث وصل هذا المعدل إلى طفل واحد في هذا العام(61).

وتشير دراسة عباسي شوازي وزملائه إلى أنه خلال الفترة الزمنية من 2010 إلى 2015، توقفت الاتجاهات التنازلية للخصوبة في البلاد، وأصبح مخطط الخصوبة مستويًا. في الفترة الزمنية من 2016 إلى 2021، زادت معدلات الخصوبة في عام 2016 وبلغت 2.7 طفلًا لكل امرأة، ثم بعد ذلك، شهدت الخصوبة مرة أخرى اتجاهًا تنازليًّا؛ حيث انخفضت إلى 1.74 طفلًا لكل امرأة في عام 2020م(62). لذا تشير التقديرات إلى أن نمو السكان في البلاد في المستقبل لن يكون كبيرًا؛ حيث من المتوقع أن يصل عدد سكان إيران، في عام 2050م، وفقًا للسيناريو المحتمل لاستمرار انخفاض معدل الخصوبة إلى 1.6 طفل، حوالي 93.632.000 نسمة، وفي أسوأ السيناريوهات، انخفاض معدل الخصوبة الكلي إلى 1.3 طفل، حوالي 90.220.000 نسمة، وفي أفضل الحالات، زيادة معدل الخصوبة الكلي إلى 2.5 طفل، حوالي 102.189.000 نسمة(63). هذا في حين أن سكان البلاد يسيرون جنبًا إلى جنب سكان العالم نحو الشيخوخة.

المستقبل السياسي لإيران

.

 يعتقد رومر أن السياسة، وليس الاقتصاد، هي أهم مجهول في القرن المقبل(64). لذا فإن التنبؤ بالأوضاع السياسية في الدول أمرٌ صعبٌ وربما مستحيل. ولهذا السبب، تشير الاتجاهات العامة إلى أنه في السنوات التي تسبق عام 2050، ستشهد الديمقراطية قصة متناقضة ومعقدة. الدول التي لم تختبر الديمقراطية ستختبرها بشكل أكبر، بينما الدول التي تمتلك الديمقراطية ستشهد تآكلها. وستتقدم الديمقراطية في الدول الاستبدادية الحالية، بينما ستشهد الدول الحرة الحالية تراجعًا(65). لكن المسألة هي: كيف ستكون الحالة السياسية في إيران؟ لقد كانت إيران على مرِّ تاريخها دولة ومجتمعًا استبداديًّا، بمعنى أن السلطة والهيمنة لم تكن قائمة على الحقوق والقوانين، وكانت الحكومة والمجتمع عمليًّا مستقلين عن بعضهما البعض، وبالتالي كان بينهما عداء(66)، وكان المجتمع دائمًا حاملًا للأحداث السياسية، ولهذا السبب شهدنا على مدار القرن الماضي تشكيل حركات وثورات متعددة، بما في ذلك الثورة الدستورية والثورة الإسلامية.

بعد الثورة الإسلامية عام 1979م، بدأت القوى السياسية النشطة في البلاد تدريجيًّا بتوضيح صفوفها، وظهرت أحزاب صغيرة وكبيرة. وفقًا للإحصاءات الرسمية لوزارة الداخلية، هناك 74 حزبًا وطنيًّا، و31 حزبًا إقليميًّا، و21 جبهة وتحالفًا سياسيًّا في إيران مرخصًا لها بالنشاط(67) يمكن تصنيفها بشكل عام إلى فئتين سياسيتين واسعتين تحت عنوان الأصوليين والإصلاحيين.

من أجل فهم الوضع السياسي الحالي والمستقبلي في إيران، من الضروري الإشارة إلى الدراسات التي أُجريت في هذا الصدد.

وفقًا للنتائج البحثية، كان مؤشر إدارة الحكومة السياسية في إيران خلال سنوات 1998 إلى 2003 يساوي 2.8 من إجمالي مؤشر 10، ومن هذا المنطلق، تحتل المرتبة 84 عالميًّا من بين 116 دولة(68). أيضًا، متوسط درجة إيران في مؤشر القوة الناعمة لعام 2015 يساوي 28.00، وهو بعيد جدًّا عن آخر دولة في تصنيف عام 2015 للمؤسسة (البرازيل بـ41.9)(69).

تحليل التغيرات في مؤشر الحوكمة في إيران، كما هو موضح في الرسم البياني، يُظهر أن الاتجاه العام للحوكمة على مدار السنوات الماضية كان في تراجع مستمر؛ حيث انخفضت درجة إيران من -0.78 في عام 1996 إلى -1.14 في عام 2019.

 إن كون مؤشر الحوكمة في إيران سلبي طوال هذه الفترة، مع الأخذ في الاعتبار أن المتوسط العالمي لمؤشر الحوكمة كان رقمًا إيجابيًّا خلال هذه السنوات، يُظهر أن وضع الحوكمة في البلاد غير مناسب. ومع ذلك، حتى في الظروف السلبية، فإن وضع الحوكمة في تراجع. إذا تم تصنيف الدول الأعضاء في مشروع الحوكمة حسب أدائها في الحوكمة إلى خمس مجموعات، فإن إيران تقع في المجموعة الخامسة، أي أضعف مجموعة. كما أن درجة إيران في جميع المؤشرات الفرعية الستة للحوكمة أقل من الحد الأدنى المطلوب للحوكمة المثلى. يبدو أن عدم ثقة الأفراد في وجود حقوق المواطن، والاستقرار السياسي، وقدرة الحكومة على التشريع هي الأسباب الرئيسية لدرجة إيران الضعيفة في المؤشرات الفرعية للحوكمة. في آخر سنة تم فيها نشر تقرير مؤشر الحوكمة، وهي عام 2020م، كانت مرتبة إيران بين 202 دولة هي 181(70)، الذي يدل على الوضع غير المناسب لإيران مقارنة بالدول الأخرى.

وفقًا لتقييم معهد دراسات صندوق السلام، في عام 2017م، فإن وضع إيران في قائمة الدول المتعثرة وفي مؤشر الدول الهشة والضعيفة يقع بين البرتقالي والأحمر(71). ووفقًا لتقرير حرية الصحافة الذي قدمته منظمة "مراسلون بلا حدود"، في عام 2024م، تحتل إيران المرتبة 176 من بين 180 دولة في العالم(72). بالإضافة إلى ذلك، في تقرير آخر قدمته منظمة الشفافية الدولية في عام 2023م، حصلت إيران على المرتبة 149 من بين 180 دولة في العالم من حيث الفساد المالي وانتشاره(73).

تشير الأدلة إلى أن إيران واحدة من أكثر الاقتصاديات انغلاقًا في العالم؛ حيث يُظهر أحد المؤشرات أن ترتيب إيران بين 175 دولة من حيث الحرية الاقتصادية هو 169، ومن حيث تحويل الموارد إلى تنمية، فإن ترتيبها بين 147 دولة هو 143؛ مما يعني أن موارد البلاد تُهدر ولا يمكن استخدامها لتحقيق التنمية(74). تشير مؤشرات البنك الدولي أيضًا إلى أن جودة الحوكمة في إيران قد تراجعت خلال الـ25 عامًا الماضية(75).

تشير نتائج البحث أيضًا إلى أن الغالبية العظمى من المستجيبين قد أعربوا عن تقييم سلبي لجودة الحكم في إيران. وفيما يتعلق بأبعادها، فإن مكافحة الفساد، والمساءلة أمام المواطنين، وحق التعبير، والشفافية هي الأكثر تقييمًا سلبيًّا(76). من الواضح أن أسلوب الحكم في أكثر من عشرين عامًا مضت لم يكن يتمتع بالاستقرار والثبات اللازمين، وقد كانت جودة الحكم في تراجع؛ مما يعني عجز الحكومة عن تقديم الخدمات وتنظيم الآليات الموجودة في المجتمع. كما أن التوقعات تشير إلى أن استمرار الظروف الحالية سيؤدي إلى استمرار تراجع الحكم في إيران(77). من البديهي أن هذه الحالة تعني زيادة استياء الناس، لأن تراجع مؤشر جودة الحكم يعني انخفاض جودة الحياة.

سيمين كاظمي، عالمة الاجتماع الإيرانية، تشير استنادًا إلى أحدث مسح للقيم والمواقف الإيرانية الذي أُجري في عام 2023م، إلى أن 8.2% فقط من الإيرانيين يعتبرون الوضع الحالي مقبولًا، وأن الغالبية العظمى من المجتمع غير راضية عن الوضع الراهن؛ حيث إن 30% منهم لا يأملون حتى في إصلاح الوضع الحالي. من وجهة نظرها، فإن هذه الإحباطات من إصلاح وضع البلاد ظهرت عندما لم يشارك %60 في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة لعام 2024م، وهذه الحالة تمثل في الواقع جرس إنذار للحكومة، وإلا فإن تفاقم الاستياء والإحباط قد يؤدي إلى أزمات سياسية واجتماعية بأبعاد أكبر من السابق(78).

تشير نتائج دراسة وطنية إلى أن الرأي العام بشأن الوضع السياسي في البلاد يشير إلى أن أكثر من نصف المجتمع (55.5 في المئة)، في عام 2023م، يعتقدون أن الوضع سيكون أسوأ في السنوات الخمس المقبلة، بينما كانت هذه التوقعات في عام 2015م أقل بكثير (22.2 في المئة). من ناحية أخرى، بينما يعتقد 28.4 في المئة أن الظروف ستتحسن، يعتقد 16 في المئة أيضًا أن الظروف لن تتغير(79).

يمكن القول بشكل عام: إن مستوى تراكم القضايا في إيران قد وصل إلى حد يجعل من الصعب تصور آفاق واضحة للسياسة والاقتصاد في البلاد خلال العقد أو العقدين القادمين. لقد وقعت إيران في حفرة عميقة (انخفاض قابلية العيش البيئي، والعقوبات، ومشكلات الحكم، والتخلف الاقتصادي مقارنة بالمنافسين الإقليميين، والإقصاء النسبي من العلاقات التجارية العالمية، وغيرها...)، مما يجعل الخروج منها ليس بالأمر السهل. يمكن القول: إن إيران أصبحت مجتمعًا مليئًا بالقضايا غير المحلولة. وتواجه على الأقل عقدين أو ثلاثة عقود صعبة، مليئة بعدم اليقين، مع إمكانية ظهور مسارات غير مرضية للغاية(80).

الاستنتاج 

على الرغم من أن بعض التوقعات تعتبر مستقبل العالم مشرقًا وإيجابيًّا، وترى عالمًا أكثر ثراءً وصحةً وترابطًا واستدامةً وإنتاجيةً وابتكارًا؛ حيث تقل الفجوة بين الفقراء والأغنياء والنساء والرجال، ويتاح المزيد من الفرص لمليارات البشر(81). لكن عجم أوغلو يعتبر ظروف الشرق الأوسط مختلفة، ويعتقد أنه على الرغم من أن توسيع الحقوق السياسية والمدنية بشكل غير رسمي للأفراد والنساء والأقليات أمر محتمل، إلا أنه من السذاجة أن يُعتقد أن أحضان المزيد من دول المنطقة ستتجه نحو الانفتاح في العقود القادمة(82). وبطبيعة الحال، فإن إيران أيضًا تقع في هذه المنطقة وتكون إلى حدٍّ ما خاضعة لظروفها.

على الرغم من أن إيران من بين الدول العشر الأولى في العالم من حيث الاستفادة من النعم الإلهية، إلا أن السياسات الخاطئة، وسوء الإدارة، وهيمنة النظرة الأيديولوجية على الاقتصاد، وغيرها من العوامل، قد أدت إلى عدم قدرة البلاد على الاستفادة من هذه النعم؛ مما تسبب في وضع غير مناسب. إن العدد الكبير من العاطلين عن العمل من ذوي التعليم العالي، وتفشي الفقر والبطالة، والتضخم، وانخفاض القدرة الشرائية، والوضع المعيشي للناس، وغيرها، قد جعلت الكثير من الناس يغيرون أولوياتهم في الحياة. من بين نتائج هذه الحالة، انخفاض معدلات الزواج والولادة، وتقلص عدد أفراد الأسرة، وعمل كل من الرجل والمرأة في نفس الوقت، والعيش في الهوامش، وغيرها.

لقد أوجدت هذه الحالة ظروفًا جعلت الحكومة تواجه في العقود الأخيرة موجات من عدم رضا الناس؛ مما أدى إلى ظهور احتجاجات جماهيرية متفرقة. كانت احتجاجات عام 2009م، وعام 2017م، وعام 2019، واحتجاجات عام 2022م أمثلة على ذلك خلال أقل من عقدين من الزمن. وهو ما تؤكده نتائج الموجة الرابعة من المسح الوطني للقيم والمواقف الإيرانية الذي أجراه مكتب المشاريع الوطنية في معهد الثقافة والفن والاتصالات في إيران. في هذا المسح، أجاب المستجيبون على سؤال: "ما هي برأيك أهم قضية في البلاد في الظروف الحالية؟" على التوالي؛ حيث اعتبروا أن الغلاء والتضخم هما الأهم بنسبة %81.9، ثم البطالة بنسبة 47.9%، ثم الإدمان بنسبة 26.9%، ثم الفساد الاقتصادي والإداري بنسبة 13.1%، ثم قضية الإسكان بنسبة 12.1%، ثم قضية الحجاب بنسبة 11.9%، ثم قضية زواج الشباب بنسبة 10.7%، ثم قضية الطلاق بنسبة 7.1%، ثم نقص المياه بنسبة 7.5%، وأخيرًا عدم الالتزام بالقانون بنسبة 7.4% كأهم القضايا الحالية في إيران. وفي هذا السياق، اعتبر 4.2% أيضًا أن قيود حرية التعبير والصحافة و2.6% أن تلوث الهواء والغبار والعواصف الرملية هي من أهم القضايا في إيران(83). هذا الأمر يأتي في وقت تشير فيه الأدلة إلى أن الجسم التنفيذي للحكومة، على الرغم مما يقترب من خمسة عقود من تجربة برامج التحديث والتنمية، لأسباب متعددة مثل حجم الحكومة، وضعف العاملين فيها وعدم كونهم من النخبة، وعدم احترام مبدأ الكفاءة، واللوائح والقوانين غير المناسبة وغير المسؤولة، وأسباب متعددة أخرى، ليس فقط لا يمكنه أن يجد حلًّا صحيحًا لهذه المشاكل، بل أصبح هو نفسه عاملًا مسببًا للأزمات.

ABOUT THE AUTHOR

References
  1. فرانكلين، دانيال، اندروزفلزي، وجون. 20 تغييرًا كبيرًا في العالم في عام 2050، مجلة الإيكونوميست، غرفة تجارة طهران، الطبعة الخامسة 2016م، ص 22.
  2. بور خردمند، رضا؛ جیلانی، نرجس، تشيدري، حسن ، لعل آبادي، بيمان، مركز مستوطنات البشرية التابع للأمم المتحدة. المدن في عملية العولمة: التقرير العالمي لمستوطنات البشرية.. مركز الدراسات والتخطيط لمدينة طهران، 2009م. ص 8.
  3.  هوركس، ماتياس، بیست سال بحران فراگیر در راه است ( هورکس: عشرون سنة من الأزمة الشاملة في الطريق) دويتشه فيله، 2مهر 1402، (تاریخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2023)، https://www.dw.com/fa-ir/،
  4. چرا هگل امپراطوری هخامنشی را اولین امپراتوری تاریخ می داند( لماذا يعتبر هيجل الإمبراطورية الأخمينية أول إمبراطورية في التاريخ؟)، مركز دائرة المعارف الكبرى الإسلامية، 1 اسفند 1404،(تاریخ الدخول: 9 فبرایر/شباط 2025)،  https://www.cgie.org.ir/fa/news/،
  5. الدستور الأساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
  6. البنك الدولي، ناظر اقتصادی ایران، بهره¬گیری از فرصت¬ها (المراقب الاقتصادي لإيران، الاستفادة من الفرص)، 15 مهر 1395 (تاریخ الدخول: 6 أكتوبر/تشرين الأول 2016)،   https://documents1.worldbank.org/curated/en/413411481911682611/pdf/105714-FARSI-PUBLIC-Iran-Economic-Monitor-Seizing-The-Opportunity-Spring-2016.pdf
  7. ایران رتبه اول ذخایر نفت و گاز جهان.خبرگزاری دانشجو (إيران تحتل المرتبة الأولى في احتياطات النفط والغاز في العالم)، وكالة دانشجو (الطلبة للأنباء)، 20 مهر 1403 (تاریخ الدخول: 11 أکتوبر/تشرين الأول 2024)،  https://snn.ir/fa/ne/
  8. روزنامه ایران. رتبه اول تا هفتم ایران در تولید 22 محصول کشاورزی در جهان (المرتبة الأولى إلى السابعة لإيران في إنتاج 22 منتجًا زراعيًّا في العالم)، صحيفة إيران، 5 خرداد1389 (تاریخ الدخول: 21 سبتمبر/أيلول 2010)، https://www.magiran.com/article//،
  9. ایران در میان ۱۰ رتبه نخست معادن جهان، (إيران في قائمة العشر الأوائل في مجال المعادن في العالم)، صحيفة آرمان اليوم، 7 آبان 1402، (تاریخ الدخول: 7 نوفمبر/تشرين الأول 2022)، https://armandaily.ir/،
  10. مرکز پژوهش های مجلس.زیر و بم رتبه ایران در حوزه گردشگری، (تفاصيل ترتيب إيران في مجال السياحة)، مركز بحوث مجلس الشوری الإسلامي، 6شهریور 1398، (تاریخ الدخول:  7 سبتمبر/أيلول 2019)، https://rc.majlis.ir/fa/news/show///
  11. ایران رتبه اول تنوع صنایع دستی جهان را دارد، (إيران تحتل المرتبة الأولى في تنوع الصناعات اليدوية في العالم)، وكالة إيرنا للأنباء، 6 تیر 1403، (تاریخ الدخول: 26 يونيو/حزيران 2024)، https://www.irna.ir/news،
  12. مرکز آمار ایران (مركز الإحصاء الإيراني). https://amar.org.ir//،
  13. بانک جهانی گزارش برآورد جمعیت ایران (تقرير البنك الدولي حول تقدير سكان إيران) https://data.worldbank.org/indicator/SP.POP.TOTL?locations=IR،
  14. موقع وادومترز، تقدير آني لعدد سكان إيرانسایت وادومترز، برآورد لحظه ای جمعیت ایران )https://www.worldometers.info/world-population/iran-population/) /،
  15. هيلد، ديفيد، مكغرو، أنتوني، "نظريات العولمة"، ترجمة: كرباسيان، مسعود، نشر ني، 2008م، ص 30.
  16. ألبرو، مارتن، عصر العالم: علم الاجتماع لظاهرة العولمة، ترجمة، سالارزاده أميري، نادر، ناشر آزاداندیشان، 2001م، ص 25.
  17. توماس، لارسون، إكسيرمور، ديفيد، الاقتصاد السياسي الدولي: السعي للحصول على القوة والثروة، ترجمة: أحمد ساعي، وتقوي مهدي، نشر قومس 1999م، ص 357.
  18. روبيرتسون، ونالد، العولمة: النظريات الاجتماعية والثقافية العالمية، ترجمة: كمال بولادي، نشر ثالث، 2023م، ص327.
  19. نيتز، فريدريك، توكلي، غلامرضا، صفدري رنجبر، مصطفى، سلامتي، علي، غفوري، سيد محمد حسين، إدارة الابتكارات التكنولوجية (تحقيق ميزة تنافسية من خلال التغيير) منشورات منظمة الإدارة الصناعية، الطبعة الأولى، 2016م، ص 126.
  20. هفت کاربرد جالب نانو در زندگی روزمره / نانو؛ فناوری آینده‌نگر، (سبعة تطبيقات مثيرة للاهتمام للنانو في الحياة اليومية/نانو؛ تكنولوجيا المستقبل)، وكالة أنباء الطلبة، 12 مرداد 1399، (تاریخ الدخول: 2 أغسطس/آب 2020)،  https://snn.ir/fa/news/،
  21. باشگاه نانو. فناوری نانو برای زندگی بهتر، (تكنولوجيا النانو من أجل حياة أفضل)، نادي النانو، 17 مرداد 1400، (تاریخ الدخول: 8 أغسطس/آب 2021)، https://nanoclub.ir/articles،
  22. شجاعیان علي، علي زاده، أكرم، مراجعة لأهم تطبيقات التكنولوجيا الحيوية والمناقشات الأخلاقية المتعلقة بها، مجلة جامعة علوم الطب بمدينة شهر كرد، 2018م. المجلد: 20، عدد 1، ص 79-88.
  23. نهاد عمومی غیردولتی، با اقتصاد ایران چه کرد؟، (ما الذي فعله القطاع العام غير الحكومي باقتصاد إيران؟)، إنصاف نيوز، 5 مهر 1399، (تاریخ الدخول: 26 سبتمبر/أيلول 2020)، https://ensafnews.com/،
  24. مصاحبه با فرشاد مومنی (مقابلة مع فرشاد مومني)، رصد إيران، 5 شهریور 1399، (تاریخ الدخول: 26 أغسطس/آب 2020)، https://www.didbaniran.ir/،
  25. مظاهري، ليلى، "تأثيرات العقوبات المالية على الاقتصاد الإيراني"، المجلة العلمية، أبحاث اقتصادية (النمو والتنمية المستدامة)، جامعة تربيت مدرس، العدد الرابع، السنة (2022)، ص 4.
  26. بيانات البنك الدولي: https://data.worldbank.org/country/iran-islamic-rep?view=chart/،
  27. رشد اقتصادی ایران کاهش خواهد یافت، (سيشهد النمو الاقتصادي في إيران تراجعًا)، إيكو إيران، 24 دی 1403، (تاریخ الدخول:  13 يناير/كانون الثاني 2025)،  https://ecoiran.com/،
  28.  بازخوانی «دهه سیاه اقتصاد ایران»/ به دهه 2010 عقبگرد کنیم؟، ( إعادة قراءة "العقد الأسود للاقتصاد الإيراني"/هل نعود إلى عقد 2010؟)، وكالة تسنیم للأنباء، 30 خرداد 1403، (تاریخ الدخول: 19 يونيو/حزيران 2024)، https://www.tasnimnews.com/fa/news،
  29. رصد شاخص های بخش صنعت منتهی به شش ماهه اول، (رصد مؤشرات قطاع الصناعة حتى نهاية النصف الأول)، مركز بحوث مجلس الشورى الإسلامي، 24 آذر 1403، (تاریخ الدخول: 14 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://rc.majlis.ir/fa/report/show/،
  30. بازخوانی «دهه سیاه اقتصاد ایران»/ به دهه 2010 عقبگرد کنیم؟، (إعادة قراءة "العقد الأسود للاقتصاد الإيراني"/هل نعود إلى عقد 2010؟، وكالة تسنیم للأنباء، 30 خرداد 1403، (تاریخ الدخول: 19 يونيو/حزيران 2024)، https://www.tasnimnews.com/fa/news،
  31. سمت و سوی نقدینگی در سال 1403 (اتجاه السيولة في عام 1403، 2024)، صحيفة عالم الاقتصاد، 19 مهر 1403، (تاریخ الدخول: 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://donya-e-eqtesad.com/، رقم الخبر: 4114965
  32. آمار میزان نقدینگی ایران (سال 1395-1402)، (إحصائيات مستوى السيولة في إيران من عام 1395 إلى 1402)، 18 آبان 1403، (تاریخ الدخول: 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، https://amarfact.com/statistics/statistics-of-irans-liquidity/،
  33. نمودار قیمت دلار در 10 سال گذشته، (مؤشر سعر الدولار في السنوات العشر الماضية)، إيرومارت، 2 تیر 1403، (تاریخ الدخول: 22 يونيو/حزيران 2024)، https://iromart.comhttps://iromart.com/blog/dollar-price-chart-in-last-10-years/،
  34. آمار تورم در ایران از سال (1316ه.ش) تاکنون، رتبه عجیب ایران در تورم جهانی (إحصائيات التضخم في إيران منذ عام 1938 حتى الآن)، المرتبة الغريبة لإيران في التضخم العالمي، آمارفکت  https://amarfact.com/note/inflation-statistics/
  35. إ آمار تورم در ایران از سال (1316ه.ش) تاکنون، رتبه عجیب ایران در تورم جهانی، (إحصائيات التضخم في إيران منذ عام 1938م حتى الآن، المرتبة الغريبة لإيران في التضخم العالمي)، آمارفکت،  https://amarfact.com/note/inflation-statistics/،
  36. شریف کیان، نرخ بیکاری در کف 27 سال اخیر، (شریف کیان، سیدمازیار: معدل البطالة في أدنى مستوى له منذ 27 عامًا)، صحيفة إيران، 2 دی 1402، (تاریخ الدخول: 23 دیسمبر/كانون الأول 2023)، https://irannewspaper.ir//،  
  37. صادقی، شهریار: جمعیت شاغل ایران؛ عقب‌ماندگی در احیای اشتغال (صادقي، شهريار: عدد العاملين في إيران؛ تأخر في إحياء التوظيف)، إكو إيران، 10 اردیبهشت 1402، (تاریخ الدخول: 30 أبريل/نيسان 2023)، https://ecoiran.com/،
  38. آمار رتبه فساد مالی ایران در دنیا (سال 2014-2023)، (إحصائيات ترتيب فساد المال في إيران على مستوى العالم (من 2014 إلى 2023))، آمارفکت، 20 مهر 1403، (تاریخ الدخول: 11 أکتوبر/تشرين الأول 2024)،

  https://amarfact.com/statistics/irans-financial-corruption-ranking/

  1. گزارش شاخص فلاکت کشورها در سال 2021، (تقرير مؤشر البؤس للدول في عام 2021)، استاتیستا، 7بهمن 1402، (تاریخ الدخول: 27 ینایر/كانون الثاني 2024)،  www.statista.com/،
  2. تصویر آماری از دهه 2010، (صورة إحصائية من العقد الماضي) عالم الاقتصاد، 11 بهمن 1400، (تاريخ الدخول: 31 ینایر/كانون الثاني 2022)، https://donya-e-eqtesad.com
  3. المرجع السابق.
  4. تورن، آلن، تصوير من از ايران: (تورن، آلن، صورة لي من إيران: مقابلة)، صحيفة إيران، 26 فروردین 1381، (تاریخ الدخول: 15 أبريل/نيسان 2002م)، ص 79-106.
  5. جريبي هزار، أمين صارمي جعفر، الحركات الاجتماعية كقوة ناعمة، مجلة دراسات الإدارة الأمنية، خريف 2010م، 5 (3). الصفحات 486-503.
  6. شفيعي، جمال، الحركات الاجتماعية في إيران، مجلة الدراسات الإستراتيجية، خريف 2003م، العدد 21، الصفحات، 660-664.
  7. پناهی، محمد، مالمیر، مهدی، شکریاني، محسن، تقييم حالة الأمل الاجتماعي في إيران، مجلة بحوث الخدمة الاجتماعية، السنة الثانية، العدد 9، 2016م، ص 89-110.
  8. مؤشر التقدم الاجتماعي، مرکز رصد للتنمية، بدون تاريخ، (تاريخ الدخول: 17 مارس/آذار 2025)، https://rasadkhane.pooyeshfekri.com/، https://rasadkhane.pooyeshfekri.com/indexes/%D8%B4%D8%A7%D8%AE%D8%B5-%D9%BE%DB%8C%D8%B4%D8%B1%D9%81%D8%AA-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%DB%8C/
  9. محمدي، نريمان، حالة مؤشر التقدم الاجتماعي في العالم وإيران، موقع تطویر فكري للتنمية. https://pooyeshfekri.com/%D9%82%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D9%86%DB%8C%D8%B4%D8%AF%D9%86%D9%90-%D9%BE%DB%8C%D8%B4%D8%B1%D9%81%D8%AA-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%90-%D8%B3//،
  10. شیرعلي، ابراهیم، شاخص‌های جهانی چه تصویری از وضعیت توسعه اجتماعی ایران ارائه می‌دهند؟ ما هي المؤشرات العالمية التي تقدم صورة عن حالة التنمية الاجتماعية في إيران؟، صحيفة فرهيختگان، 1 أغسطس/آب 2020، (تاریخ الدخول: 11 أکتوبر/تشرين الأول 2024)، fdn.ir/47132
  11. فاضلي، محمد، فتاحي، سجاد، زنجان رفيعي، نسترن، التنمية الاجتماعية، المؤشرات ومكانة إيران في العالم، مجلة دراسات التنمية الاجتماعية-الثقافية، المجلد الثاني، العدد 1، صيف 29، ص 119-152.
  12. حسيني، سيدجواد، انسجام اجتماعي در جامعه ايران ، (حسيني، سيدجواد، الانسجام الاجتماعي في المجتمع الإيراني)، صحيفة اعتماد، 17 مهر 1403، (تاریخ الدخول: 8 أكتوبر/تشرين الأول 2024)، https://www.etemadnewspaper.ir/fa/main/detail/223366/%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AC%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%DB%8C-%D8%AF%D8%B1-%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D9%87-%D8%A7%DB%8C%D8%B1%D8%A7%D9%86/، 
  13. رفیعي، حسن، مدني قهفرخي ، سعيد، وامقي مروءة، المشاكل الاجتماعية في أولوية إيران، مجلة علم الاجتماع الإيراني، المجلد 9، العدد 1، فروردين 2008م، ص 151-160.
  14. ربيعي، علي، الأزمات الاجتماعية في إيران اليوم، مجلة علم الاجتماع الإيراني، مهر 2007م، الدورة 8، العدد 3، صص120-140
  15. فرانكلين، دانيال، أندروز، جون، 20 تغييرًا كبيرًا في العالم في عام 2050م، مجلة الإيكونوميست، غرفة تجارة طهران، الطبعة الخامسة 2016م، ص 27-28.
  16. اعلام جمعیت جدید ایران/ سن امید به زندگی چند سال شد؟، (إعلان السكان الجدد في إيران/كم أصبح متوسط العمر المتوقع؟)، صحيفة عالم  الاقتصاد، 26 اردیبهشت 1402، (تاریخ الدخول: 16 مايو/أيار 2023)، https://donya-e-eqtesad.com/؛
  17. کاهش نرخ رشد جمعیت در ایران، (انخفاض معدل نمو السكان في إيران)، موقع تابناک للأنباء، 2 خرداد 1398، (تاریخ الدخول: 10 يونيو/حزيران 2019)، https://www.tabnak.ir/fa/news/
  18. ساعي أرسى، إيرج، شباب جمعية الأصدقاء، مجلة العلوم السلوكية، 2009م، المجلد 1، العدد 1، ص 115-130.
  19. مرادنژاد بردي رحيم، آنا، تسونامي السكان في إيران وآثاره (من 1976 إلى 1986م) ، المؤتمر السادس لجمعية علم السكان الإيرانية: تحولات الهيكل العمري والسكان في إيران وآثارها، كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران، 2012م.
  20. مسجدی، فرح، فتح‌زاده، حیدر، دراسة حالة التركيب العمري للسكان في إيران خلال السنوات 1956-2011م وأهمية إعادة النظر في نظرية الانتقال السكاني، المؤتمر السادس لجمعية علم السكان الإيرانية: التحولات في التركيب العمري والسكان في إيران وآثارها، كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران، 2012م.
  21. ترکاشوند، محمد، آبادی، مراد، حسینی، حاتم، انتقال الهيكل العمري في إيران (1972-2017م). المؤتمر السادس لجمعية علم السكان الإيرانية: التحولات الهيكلية السكانية والعمريَّة في إيران وآثارها، كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران، 2012م.
  22. مشفق، محمود، ميرزايي قربان، مقارنة انتقال الهيكل العمري في إيران مع الدول المختارة المتقدمة والنامية، مؤتمر تحليل الاتجاهات السكانية في البلاد، جامعة تربيت مدرس، 2011م.
  23. تركاشوند، محمد، آبادي مراد، ايران¬نژاد، کلثوم، تحولات الماضي وآفاق المستقبل لحجم وتركيب الفئة العمرية للسكان في إيران حتى أفق 1420، مجلة الاستمرارية والتغيير الاجتماعي، السنة الثالثة، العدد الأول، الربيع والصيف، 2024م، ص 7-33.
  24. شوازي، عباس، جلال، محمد، چاووشي حسيني، ميمنت، معدل الخصوبة في إيران على مدى أربعة عقود، تطبيق وتقييم طريقة إنجاب الأطفال باستخدام بيانات التعدادات لعام 1986، 1996، 2006م و2011، مركز الإحصاء الإيراني، 2011، ص 8-25.
  25. فتحي، إلهام، مسار الماضي، الوضع الحالي ورؤية المستقبل لسكان إيران، مركز أبحاث التنمية ورؤية المستقبل في منظمة التخطيط والميزانية الوطنية، 2019م.
  26. رومر، جان إي،  التقدم العالمي في القرن الحادي والعشرين: 100 عام أخرى، الاقتصاديون الرائدون يتنبؤون بالمستقبل. جمع: بالاثيوس، إغناسيو هويرتا. ترجمة: آرش بورابراهيمي، جامعة إم آي تي، غرفة تجارة طهران، الطبعة الأولى، صيف 2016م، ص 176.
  27. لوكاس، إدوارد، الطريق الوعر نحو الحرية: 20 تغييرًا كبيرًا في العالم بحلول عام 2050، المحررون: فرانكلين دانيال، أندروزفيلزي، جون، منشورات الإيكونوميست، غرفة تجارة طهران، الطبعة الخامسة 2016م، ص 136.
  28. كاتوزيان، محمد علي، تضاد الدولة والأمة، نظرية التاريخ والسياسة في إيران، ترجمة: طيب عليرضا، نشر ني، الطبعة الثامنة، 2011م، ص 262.
  29. فهرست جبهه ها، احزاب و گروههای سیاسی دارای پروانه فعالیت معتبر، (قائمة الجبهات والأحزاب والمجموعات السياسية الحاصلة على ترخيص نشاط ساري)، موقع وزارة الداخلية، 1 اسفند 1402، (تاریخ الدخول: 1 مارس/آذار 2023)، https://www.moi.ir/،
  30. ايران از لحاظ شاخص مديريت سياسي دولت در رتبه 84 جهان قرار گرفت، (إيران تحتل المرتبة 84 عالميًّا من حيث مؤشر إدارة الحكومة السياسية)، وكالة مهر للأنباء، 19 تیر 1384، (تاریخ الدخول: 1 يونيو/حزيران 2005)، https://www.mehrnews.com/news/،
  31. جلیلي، محدثة، وضعیت ایران بر اساس شاخص قدرت نرم.مرکز بررسی¬های استراتژیک ریاست جمهوری، (وضع إيران بناءً على مؤشر القوة الناعمة، مركز الدراسات الإستراتيجية لرئاسة الجمهورية)، مجمع مراكز الأبحاث، 8 بهمن 1399، (27 يناير/كانون الثاني 2021)، https://iranthinktanks.com/the-situation-in-iran-based-on-the-soft-power-index/،
  32. مؤشر الحوكمة العالمية، مرصد التنمية.

https://rasadkhane.pooyeshfekri.com/indexes/%D8%B4%D8%A7%D8%AE%D8%B5-%D8%AC%D9%87%D8%A7%D9%86%DB%8C-%D8%AD%DA%A9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86%DB%8C/،

  1. گزارشی از وضعیت جهانی صلح؛ در کدام شاخص وضعیت ایران «قرمز» است؟، (تقرير عن حالة السلام العالمي؛ في أي مؤشر وضع إيران "أحمر")  موقع زیتون الإخباري والتحليلي، 9 تیر 1401، (تاریخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2022)، https://www.zeitoons.com/،
  2. سایت گزارشگران بدون مرز، گزارش آزادی مطبوعات در جهان، (موقع "مراسلون بلا حدود": تقرير عن حرية الصحافة في العالم)، 16 اردیبهشت 1403 (تاریخ الدخول: 5 مایو/أيار 2024)، https://rsf.org/en/2024-world-press-freedom-index-journalism-under-political-pressure/
  3. سایت سازمان شفافیت بین المللی، گزارش فساد ادراکی، (موقع منظمة الشفافية الدولية، تقرير الفساد الإداري)، 10بهمن 1402، (تاریخ الدخول: 20 فبرایر/شباط 2024)، https://www.transparency.org/en/countries/iran/
  4. رتبه ایران در شاخص حکمرانی 181 از میان 202 کشور است، (تحتل إيران المرتبة 181 من بين 202 دولة في مؤشر الحوكمة)، موقع اقتصاد 24،  2 بهمن 1402، (تاریخ الدخول: 2 يناير/كانون الثاني 2024)، https://eghtesaad24.ir/fa/news/
  5. شاخص¬های حکمرانی ایران در 25 سال گذشته چه تغییری کرده است.مصاحبه با اسفندیاری، (كيف تغيرت مؤشرات الحوكمة في إيران خلال الـ25 عامًا الماضية؟: مقابلة مع إسفنديارى)، اقتصاد الغد، 21 خرداد 1402، (تاریخ الدخول: 11 يونيو/حزيران 2023)، https://www.fardayeeghtesad.com/news/،
  6. ساعي، علي ، روشني تينا، تحليل فهم جودة الحكم في إيران، مجلة إنومن الإيرانية للدراسات الثقافية والاتصالات، السنة السادسة، العدد 21، شتاء 2009م، ص 65.
  7. منشادى، مرتضى ، شهيارى، أبو القاسم، نظيف، سارة، قياس السلاسل الزمنية لجودة الحكم في إيران بين سنوات 1374-1400، مجلة العلوم السياسية، العدد 2، ربيع 2023م، ص 199-231.
  8. محمدی، الناز، نارضایتی 92 درصدی، (محمدي، الناز، عدم رضا بنسبة 92%). هم ميهن، 18 شهریور 1403، (تاریخ الدخول: 8 سبتمبر/أيلول 2024م)،  https://hammihanonline.ir/،
  9. مكتب المشاريع الوطنية في معهد الثقافة والفنون والاتصالات الإيراني كشف في شتاء العام الماضي عن الموجة الرابعة من المسح الوطني للقيم والمواقف لدى الإيرانيين، عصر ایران (تاریخ الدخول: 14 فبراير/ شباط 2025): https://www.instagram.com/asriran_official/p/C_piTnxOYBH/
  10. روزنامه اعتماد مصاحبه با محمد فاضلی جامعه‌شناس، (فاضلي، محمد عالم الاجتماع)، صحيفة اعتماد، 25 بهمن 1402، (تاریخ الدخول: 14 فبراير/شباط 2024)، https://www.etemadnewspaper.ir/fa/،
  11. فرانكلين دانيال، أندروزفلزي، جون، 20 تغييرًا كبيرًا في العالم في عام 2050، مجلة الإيكونوميست، طباعة غرفة التجارة في طهران، الطبعة الخامسة، 2016م، ص 23.
  12. بالاسيوس هويرتا، إغناسيو، ترجمة: بورابراهيمي آرش، سنة أخرى... الاقتصاديون الرائدون يتنبؤون بالمستقبل، جامعة إم آي تي، غرفة تجارة طهران، الطبعة الأولى، صيف 2016م، العالم الذي سيرثه أحفادنا، دارون عجم أوغلو، ص 74.
  13. دفتر طرح‌های ملی وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامی، موج چهارم پیمایش ملی ارزش‌ها و نگرش‌های ایرانیان، زمستان 1402، (مكتب المشاريع الوطنية بوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي. الموجة الرابعة من المسح الوطني للقيم والمواقف الإيرانية)، 11 بهمن 1402 (تاریخ الدخول: 27 فبرایر/شباط 2024)،  https://ircud.ir/Media/PDF/1400