إيران ومرتكزات القوة

لدى إيران طموحات لتكون قوة إقليمية فاعلة؛ الأمر الذي يؤثر في بنية نظامها وفي سياساتها الداخلية والخارجية. من هذا المنطلق يستهدف هذا الملف مراجعة مرتكزات القوة لدى إيران؛ آخذًا بعين الاعتبار السياق الراهن التي تشهد فيه عزلة إقليمية وتتعرض لعقوبات غربية، تستهدف إضعافها وإثارة التناقضات داخلها.
16 April 2013
2013416103434486734_20.jpg

 

(الجزيرة)

محرر الملف: شفيق شقير
باحث في شؤون المشرق العربي والحركات الاسلامية

لدى إيران طموحات لتكون قوة إقليمية فاعلة؛ الأمر الذي يؤثر في بنية نظامها وفي سياساتها الداخلية والخارجية. من هذا المنطلق يستهدف هذا الملف مراجعة مرتكزات القوة لدى إيران؛ آخذًا بعين الاعتبار السياق الراهن التي تشهد فيه عزلة إقليمية وتتعرض لعقوبات غربية، تستهدف إضعافها وإثارة التناقضات داخلها.

هناك رؤى كثيرة حول المكونات التي تؤهل الدول لأن تكون قوة إقليمية. وقد كانت الحالة الإيرانية موضوعًا لعديد البحوث نظرًا لكثرة تعارض سياساتها مع سياسات قوى إقليمية ودولية أخرى. وفي الآونة الأخيرة، وخاصة بعد الحركة الخضراء وبعد أن اعترفت إيران نفسها بتأثير العقوبات عليها، يبدو أنه قد آن الأوان للتركيز على مقومات قدرة إيران على التماسك في الإقليم أو كقوة إقليمية وعدم انحسار نفوذها، من خلال إعادة اختبار قوتها الصلبة والناعمة، ومراجعة سياساتها المتبعة في التعامل مع الملفات الداخلية والخارجية، فضلاً عن إعادة قراءة المشهد السياسي الإيراني الداخلي وتبدلات القوة والأيديولوجيات الفرعية فيه، لاسيما وهي مقبلة على انتخابات رئاسية في بداية هذا الصيف.

في هذا السياق، قسم الملف إلى ستة محاور ساهم في إعدادها نخبة من الباحثين من أصحاب الخبرة والمعرفة بالشأن الإيراني. وقد شكّلت هذه المحاور في تكاملها صورة شاملة عن مرتكزات القوة لدى إيران، نأمل أن تكون دقيقة ما أمكن وتقدم للقارئ معرفة جديدة بواقع هذا البلد المهم في إقليم يموج بالتحولات.

تناول الدكتور عبد الحي في ورقته "بنية القوة الإيرانية وآفاقها"، محاولاً قياس قوة إيران الشاملة وفق المعايير العلمية المعتمدة منوهًا بقدرة إيران على امتصاص الضغوط والضربات التي واجهتها خلال الفترة من 1979-2012، ملاحظًا أن تركز "الشحنة الدينية" في النظام السياسي أقوى منها في المجتمع، وهو أمر يمهّد لتباعد تدريجي بين الطرفين.

وعلى صعيد القوة الناعمة تتبع علي حسين باكير في ورقته "اكتشاف القوة الناعمة الإيرانية.. مقاربة أولية للقدرات وحدود التأثير" مصادر القوة الناعمة الإيرانية في الثقافة والقيم السياسية والسياسة الخارجية، واصفًا هذه الأخيرة بأنها رخوة وتعتمد على أخطاء الآخرين والفراغ الذي يتركونه، محذرًا من أن اعتماد التشيع في القوة الناعمة "يضعها في موضع العدو" باعتبار أنها في محيط سني واسع.

وقد خصصت ورقة الدكتور صادق زيبا كلام للحديث عن العنصر الشيعي دون بقية عناصر القوة الناعمة الأخرى، لأهميتها في الحالة الإيرانية، واعتمد التحليل التاريخي ليصل بورقته "الصحوة الشيعية بوصفها قوة إيران الناعمة: تحليل تاريخي" إلى نتيجة مفادها: أن الصحوة الشيعية لم تُفلح، كعقيدة سياسية، في استقطاب الشيعة الآخرين في المنطقة خارج إيران؛ لأن الشيعة خارج إيران "لا يستحقون الدعم الإيراني إلا إذا كانوا معادين للولايات المتحدة، وإلا فإن النظام الإسلامي في طهران سيتجاهلهم".

ويحلل الباحث حسن العمري في ورقته التي جاءت تحت عنوان "القرار السياسي في إيران بين الثورة والدولة" الخريطة السياسية والدينية في إيران والتبدلات التي طرأت عليها مؤخرًا للوقوف على مراكز القوة في صناعة القرار الإيراني. ويركز بوجه خاص على دور المرشد الذي يسمى بيت القائد، والحرس الثوري الذي تزايد دوره ونفوذه ليشمل مصالح اقتصادية خاصة به.

ولمعرفة تفاعلات إيران مع التحديات التي تواجهها، لاسيما المزمنة، أعدت الدكتورة روكسان فَرمانفرمايان ورقة بهذا الخصوص حملت عنوان: "مناعة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران"، بينت فيها كيف تدفع إيران بتحدياتها الداخلية والخارجية لخلق ظروف مواتية لتحصين الدولة، لكنها تقرر أن النظام الإيراني حاليًا "أقل أمنًا" في مواجهة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات.

ويقرأ الدكتور محجوب الزويري في مساهمته "حدود الدور الإقليمي الإيراني: الطموحات والمخاطر" الدور الإقليمي الراهن لإيران، ويرى أنه في تراجع نتيجة التطورات التي دفع بها الربيع العربي. وبوجه خاص نتيجة الموقف الإيراني من الحالة السورية ووقوفه إلى جانب النظام السوري في مناقضة للقيم التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية، من نصرة المظلومين والمستضعفين.

ونظرًا لاقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، فقد أضفنا إلى الملف دراسة من إعداد الدكتورة فاطمة الصمادي بعنوان "الانتخابات الرئاسية: إيران تحاول الخروج من خريفها السياسي"، أعادت فيها قراءة المشهد السياسي الإيراني والمرشحين المحتملين للرئاسة سواء من التيار الإصلاحي أو الأصولي، مع التنويه برغبة التيار الإصلاحي في العودة مجددًا إلى اللعبة السياسية وغرق التيار الأصولي في إعادة تعريف نفسه لاسيما بعد بروز تيار الرئيس أحمدي نجاد.

وفي الخلاصة، ستبقى قدرة إيران على احتلال مكانة إقليمية متقدمة، موضع تشكيك لأن الاعتماد على الجيوبولتيك لوحده وعلى القوة الشاملة للتأثير في قضايا المنطقة لن يسمح لها بتجاوز العزلة والعقوبات الدولية... فكيف هو الحال وهي تطمح لأن تكون دولة إقليمية صاعدة.

نأمل أن يمثل هذا الملف إضافة نوعية فيكون مصدرًا للباحثين والمعنيين بالشأن الإيراني، يستخلصون منه ما قد يساهم في تعميق فهمهم لمكانة إيران ودورها في المنطقة، ويطلق حوارًا بنًاء يساعد الفاعلين وفي مقدمتهم إيران، على تحصين إقليمهم وتعزيز مكانة دولهم عبر انتهاج سياسات سلمية تلتقي مع رغبة الشعوب في حياة أفضل، قوامها الاستقرار والتفاهم والمصالح المشتركة.

أوراق الملف

م محاور الملف اسم الكاتب
1  د. وليد عبد الحي
 2  اكتشاف القوة الناعمة الإيرانية.. القدرات وحدود التأثير  علي حسين باكير
 3  الصحوة الشيعية بوصفها قوة إيران الناعمة: تحليل تاريخي  صادق زيباكلام
 4  القرار السياسي في إيران بين الثورة والدولة  حسن أحمد العمري
 5  مناعة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران  روكسان فَرمان
 6  حدود الدور الإقليمي الإيراني: الطموحات والمخاطر  محجوب الزويري
7 الانتخابات الرئاسية: إيران تحاول الخروج من خريفها السياسي  فاطمة الصمادي

ABOUT THE AUTHOR