المشكلات النظرية والتطبيقية لمناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال (ملف بحثي)

يشكِّل هذا الملف البحثي جهدًا معرفيًّا تفكُّريًّا في المشكلات التطبيقية والنظرية لمناهج البحث والعوائق التي تمثِّلها أمام تطور بحوث الإعلام والاتصال في المشهد البحثي والأكاديمي العربي، وقد شارك فيه نخبة من الأكاديميين والباحثين المختصين في حقل الإعلام والاتصال، وهو ثمرة لأعمال المؤتمر البحثي الذي نظَّمه مركز الجزيرة للدراسات، يومي 8 و9 ديسمبر/كانون الأول 2021.
28 May 2022
(الجزيرة)

تُعد المشكلات التطبيقية والنظرية لمناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال إحدى القضايا الأساسية التي تواجه تطور المعرفة الإعلامية ضمن المجال البحثي والدرس الأكاديمي العربي. وتمثِّل هذه المشكلات مجموعة من العوائق الإبستمولوجية التي تخلق حالة من الجمود في هذا الحقل المعرفي، بل وفي محتوى المعرفة الإعلامية ذاتها، من خلال ظاهرة "الترقيع والتلفيق المنهجي" الفوضوي، وسطحية عملية البحث الإعلامي، أو "السهولة البحثية"، التي تكشف مفارقات منهجية ونظرية في أُسُس العملية البحثية ومتطلباتها. ويُكرِّس هذا النمط من الممارسة البحثية -بغضِّ النظر عن أوصافه المختلفة- مقاربات منهجية تلفيقية، ومداخل نظرية اختزالية في دراسة الظواهر والقضايا الإعلامية عبر تدوير واستعادة تصورات فكرية موروثة، وأُطُر نظرية تقليدية تُسهِم في تعميق الفجوة بين نتائج البحث والشروط العلمية المُؤَسِّسَة لفهم وتفسير الظاهرة الإعلامية ودراستها في سياقاتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

وتُبيِّن دراسات نقدية كثيرة مظاهر الخلل في نتاج البحث الإعلامي/الأكاديمي العربي، والتي ترتبط أساسًا بسيرورة العملية البحثية نفسها في بحوث الإعلام والاتصال ومنطلقاتها المنهجية والنظرية، ثم مخرجاتها التي لم تُقدِّم -إلا فيما ندر من الدراسات- قيمة مضافة ذات جدوى علمية وأصيلة في بحوث الإعلام والاتصال. وتبرز العوائق الإبستمولوجية أمام تطور بحوث الإعلام والاتصال بدءًا بسوء الفهم لجوهر العملية البحثية ذاتها وقصور في الرؤية المنهجية لاستيعاب متطلباتها؛ إذ يفتقر الكثير من هذه البحوث لثقافة منهجية وعُدَّة فكرية ومداخل نظرية تساعد في فهم الظاهرة وتفسير متغيراتها وعلاقاتها.

وتمتد هذه العوائق إلى سوء ضبط الجهاز المفاهيمي للبحث، بل نجد بعض البحوث يخلو من تحديد المصطلحات والمفاهيم التي تمثِّل مرتكزًا أساسيًّا في النظر إلى الموضوع، وبلورة المشكلة البحثية التي تستند إلى بناء معجمي يتأسس انطلاقًا من المقولات والمفاهيم التي تعبِّر عن جوهر ومضمون الظاهرة المدروسة وتساعد في فهم وشرح أبعادها المختلفة. وتشمل هذه العوائق أيضًا مشكلة بناء الأدوات البحثية التي تمكِّن الباحث من استكشاف وملاحظة الظاهرة الإعلامية ومتابعتها، وجمع البيانات حولها وقياس عناصرها وتحليل وحدات المجتمع البحثي، فضلًا عن مشاكل هذا التحليل نفسه الذي تكون نتائجه ثمرة لسوء فهم جوهر العملية البحثية من الأصل، والاعتماد أيضًا على مراجع ثانوية مُتَجَاوَزَة، أو غير ذات مصداقية، بحثيًّا وعلميًّا، مثل المدونات الجماعية والمنصات التشاركية، وهو ما يثير مشكلة الأمانة العلمية وأخلاقيات البحث العلمي التي تتطلب الموضوعية وتجنب الأحكام والأفكار الجاهزة، وتوخِّي الدقة في نقل ومناقشة أفكار الباحثين الآخرين. وهنا، لا يمكن أيضًا إغفال مشكلة التحكيم العلمي لبحوث ودراسات الإعلام، التي تعكس في جزء منها أزمة المواثيق الأخلاقية للبحث العلمي، وكذلك حالة الجمود التي يعيشها المشهد البحثي والأكاديمي العربي. 

ويحاول هذا الملف البحثي أن يسلط الضوء على هذه القضايا، وهو يتضمن قسمًا من أوراق الأكاديميين والباحثين الذين شاركوا في المؤتمر الذي نظَّمه مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "المشكلات النظرية والتطبيقية لمناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال"، يومي 8 و9 ديسمبر/كانون الأول 2021. ويُقدِّم الملف رؤى تقييمية ونقدية لمشكلات مناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال، والظواهر السلبية التي تتنافى مع أخلاقيات البحث العلمي، ومتغيرات البيئة الإعلامية الرقمية وتأثيراتها في دراسات الإعلام، ثم آليات تطوير البحث العلمي ومساراته في حقل الإعلام والاتصال. 

ورقة تأطيرية

تراجم الباحثين

م

الباحث

عنوان الدراسة

ملخلص

1 مي العبد الله رؤية نقدية لمناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال تعتمد الورقة مقاربة نقدية لمناهج البحوث في علوم الإعلام والاتصال، وتركز على البعد الفكري ومقاربة السياق العام لإنتاج البحث العلمي في ظل الأسئلة الجديدة التي يثيرها الاتصال الرقمي. وترى أن تَعَقُّد الظاهرة الاتصالية يستدعي ابتكار أطر معرفية تقوم على أدوات علمية جديدة؛ إذ أحدثت الرقمنة الاجتماعية انقلابًا حقيقيًّا في هذا الحقل العلمي؛ حيث يفرض عالم الشبكات تجديدًا كليًّا في الأساليب والدراسات النوعية، ويُقدِّم عوالم جديدة كثيرة للاستكشاف، وموارد وحقولًا غير مستهلكة، تحتاج لجهد فكري كبير والمزيد من الاجتهادات والابتكارات المنهجية الإبداعية.
2 يوسف تمار التقليد والجمود في بحوث الإعلام و الاتصال في المجتمع الأكاديمي العربي  ترى الورقة أن تأثير التكنولوجيات الحديثة تجاوز الأفراد وسلوكياتهم الاتصالية، وامتد أيضًا إلى البحث العلمي؛ حيث ظهرت إشكاليات معرفية جديدة تحتاج إلى طرق منهجية ملائمة لتحليلها ومحاولة الإجابة عنها. ولم يكن المجتمع الأكاديمي العربي بمنأى عن هذا الانشغال العلمي؛ حيث حاول الكثير من الباحثين العرب البحث أيضًا عن الطرق الملائمة لدراسة مخرجات تكنولوجيات الاتصال الحديثة، سواء في طبيعة تفاعل الأفراد فيما بينهم، أو انعكاساتها على المجتمع بمختلف فئاته. لكن الأمر لم يكن بالسهولة التي انتشرت بها تلك التكنولوجيات، فالأمر ما زال محلَّ نقاش حاد في الأوساط العلمية العربية حول اعتماد الطرق المنهجية وآليات التحليل التقليدية التي "نجحت" إلى حدِّ الآن في تفسير مختلف الظواهر الإعلامية الناتجة عن وسائل الإعلام التقليدية، أو التخلي عنها ومحاولة إيجاد بدائل منهجية جديدة تتماشى وتلك الوسائل التي تُعد جديدة أيضًا.
3 سعد المشهداني مشكلات الدرس الأكاديمي في علوم الإعلام والاتصال: مقرر منهجية البحث الإعلامي في الجامعات العراقية أنموذجً تبحث الدراسة مشكلات الدرس الأكاديمي المرتبطة بمادة منهجية البحث الإعلامي في التجربة الأكاديمية العراقية بأقسام وكليات الإعلام في الجامعات العراقية، وترصد أهم الصعوبات التي تعيق تطوره على الوجه الأفضل. وانطلاقًا من ذلك تحاول الدراسة الإجابة على حقل استفهامي يمثِّل المشكلة البحثية للتجربة الأكاديمية العراقية: ما المشكلات التي يواجهها الأستاذ الجامعي في الدرس الأكاديمي في علوم الإعلام والاتصال؟ وما أهم المعوقات التي تعترض مسيرة البحث الإعلامي في الجامعات العراقية؟ وما انعكاسات الدرس الأكاديمي على مخرجات التعليم في علوم الإعلام والاتصال لتحقيق الجودة والكفاية في التدريس لدى الأستاذ والتحصيل الجيد لدى الطالب؟
4 محمد نجيب الصرايرة  بحوث الإعلام في الوطن العربي: مسارات التطوير تهدف الورقة إلى وضع تصور أولي يسعى إلى تطوير البحث العلمي في الوطن العربي من خلال مجموعة من الاقتراحات التي تساعد على تجاوز بعض الإشكاليات التي يواجهها البحث العلمي في المجال الإعلامي في الوطن العربي. ويُعد التجديد والتطوير سمة مميزة يجب أخذها بعين الاعتبار من أجل المراجعة والتقييم وبخاصة مع التحولات الكبيرة والعميقة التي يواجهها هذا المجال. وخلصت الدراسة الاستطلاعية الكشفية إلى أن التحليلية، والبينية، والتتبعية، والمنهجية، والمستقبلية، إلى جانب تطوير الحركة النقدية العلمية، يمكن أن تكون مسارات مناسبة لتطوير البحث العلمي في المجال الإعلامي.
5 منية عبيدي آليات توجيه الباحثين لاستخدام المنهج العلمي في بحوث الإعلام والاتصال

تفكِّر الورقة في كيفية توظيف ما يسمى "التسونامي الرقمي" في البحث العلمي عبر إدماج التكنولوجيات في برامج المؤسسات التي تُعنى بالإعلام بطريقة مختصة بهدف الوصول إلى تحويل الرقمي إلى ثقافة يتمكَّن منها الباحث ويتعود عليها بممارستها ومقاربتها يوميًّا. وتتحوَّل بذلك عملية البحث إلى القدرة على تحويل النصوص إلى بيانات، وتحويل البيانات وكل ما هو رقمي إلى نصوص، فيكتسب الباحث مهارات البحث والتقييم والفرز والمقارنة ثم الإنتاج في مرحلة أخيرة. وكي لا يكون هذا الكلام نظريًّا، تقدم الورقة مفاتيح وآليات لتوجيه الباحثين لاستخدام المنهج العلمي وضبط بعض المراحل التي يمكن للباحث أن يتبعها في العملية البحثية مع مراعاة خصوصية كل موضوع.

6 نصر الدين لعياضي مناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال في السياق الرقمي: خلاف واختلاف  

تسعى الدراسة إلى وضع خريطة لمناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال في السياق الرقمي تتضمن أربعة اتجاهات كبرى في البحث، وهي: المناهج التوافقية أو التعاقدية، والكبرى، والافتراضية، والرقمية. ولتحقيق ذلك، سلَّطت الضوء على مختلف جوانب تعقُّد البحث في مجال الميديا الرقمية وخصوصيته. وقامت الدراسة بتحليل عينة قوامها 100 بحث أصدرتها مراكز بحث أكاديمية أجنبية ونُشِرت في مجلات علمية وفق منهج "ميتا التحليل الكيفي" مستخدمة مفهومين "دريديين" )نسبة إلى الفيلسوف جاك دريدا( أساسيين، وهما: الإرجاء والاختلاف.

7 عبد الكريم الدبيسي البحوث الجامعية والاعتبارات الأخلاقية في علوم الاتصال والإعلام في الوطن العربي 

هدفت الدراسة إلى التعرف على مستوى الالتزام بالمعايير الأخلاقية في بحوث علوم الإعلام والاتصال في الوطن العربي، وتأثيرات ضعف الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي، ومعرفة مستوى تطبيق آليات حوكمة الأخلاقيات. استُخدم المنهج المسحي لجمع البيانات من عيِّنة قصدية بلغ عدد مفرداتها 89 يمثلون أكاديميين من كليات الإعلام والاتصال في الجامعات العربية. كشفت نتائج الدراسة أن مستوى الالتزام بالمعايير الأخلاقية في بحوث علوم الإعلام والاتصال في الوطن العربي، كان بدرجة متوسطة، وأن ضعف الالتزام بالمعايير الأخلاقية في بحوث علوم الإعلام والاتصال أدى إلى بروز ظواهر سلبية تتنافى مع أخلاقيات البحث العلمي لها تأثيرات سلبية على جودته.

8 جورج صدقه مداخل تطوير البحث العلمي في بحوث الإعلام والاتصال

تحدد الورقة المعوقات التي يواجهها ميدان البحث في علوم الإعلام والاتصال في العالم العربي، وترى أن الدول المتقدمة لا تزال هي الأخرى في حالة سعي إلى تطوير البحث العلمي في هذا الميدان، لكن يمكن الاستفادة من تجاربها من أجل تفعيل الواقع العربي واستنباط الحلول، وهو ما يتطلب إرادة مشتركة لذلك. وتقترح الورقة عددًا من الخطوات للخروج من الأزمة وتثبيت البحث العلمي في هذا الميدان عبر مراكمة الأبحاث، وربط المختبرات المتخصصة في الجامعات العربية، وكليات الإعلام والتبادل المعرفي والبحثي، وربط الباحثين والمجموعات البحثية، وتشجيع المنشورات المتخصصة والتعريف بالمنشورات والمجلات المتخصصة في العالم العربي، والربط مع جامعات أجنبية وباحثين أجانب للاستفادة من خبراتهم ومواكبة التراكم العلمي الغربي في هذا الميدان.

9

معتصم بابكر مصطفى

بحوث الاتصال في العالم العربي وفاعليتها في إثراء المعرفة الإعلامية النظرية

تهدف الدراسة إلى رصد الإسهامات العربية في التنظير وإثراء المعرفة الإعلامية، والوقوف على أهم الإشكاليات المنهجية والنظرية التي تواجه باحثي الإعلام في المنطقة العربية وتحليل أسبابها، وبيان كيفية معالجتها أو التقليل منها. ومن ثم استشراف توجهات التيارات البحثية السائدة فيما يتعلق بمنحى بحوث الإعلام والاتصال في ضوء مستجدات ثورة الاتصال وتقانة المعلومات الحالية. وعبر توظیف منهج التقارير السردية خلصت الدراسة إلى أن المكتبة العربية تعاني قصورًا في مجال التنظير الإعلامي والاتصالي، باستثناء بعض الأعمال البحثية، وأرجعت الدراسة أسباب ذلك إلى العديد من الإشكاليات التي تتعلق باختيار الموضوعات والمناهج والأدوات البحثية، وقلَّة المبادرات التي تسعى إلى إثراء المجال الإبستمولوجي في مجال علوم الإعلام والاتصال.